القرن الأفريقي وأسلحة الدمار الشامل
بقلم / متكل أبيت نالاي
تبحث منطقة القرن الأفريقي عن مخرج من أزماتها الحادة منذ تتبع الأنظمة الدكتاتورية عليها واستمرار روابط القوى العظمى الخانق لديمقراطية, هذه الأوضاع جعلت شعوب المنطقة قاصرة تقبل بالقهر الذي يأتي به الحاكم , ولا يأتي الحاكم إلا إذا كان مرتبط بدوائر خارجية, لها اهتمامات في المنطقة.
على الرغم من نضال المرير لشعوب المنطقة ضد الإقطاعية والإمبراطورية والشيوعية ظلت غائبة فيها الهوية الوطنية , وأصبحت تتشكل فيها مقوماتها الوطنية بشخصية وهوية الحاكم, وهي دول غير مكتملة العناصر لافتقادها لقوانين التي تتأسس عليها الدولة, وأصبحت الخطورة تأتي من وجود حاكم له صلاحية لي 200 وظيفة في الدولة ولا يقدر أحد أن يحاسبه بما يملك من حواجز أمنية وقانونية يصعب كسرها, لهذا تراجعت دول المنطقة عما كانت وصلت إليه في أيام الاستعمار الأوربي . مثلاً كانت السودان معروفه في عهد الاستعمار البريطاني بالكرة القدم والتعليم والإدارة الحكومية, تخرجوا فقط من جامعة الخرطوم ومدرسة بخت الرضا عمالقة السودان وكانت إرتريا الإيطالية مستقرة تسودها بحبوحة اقتصادية, و مشهورة بأطباء العيون من أمثال تري ماركي ودا لماسو في مصوع , و كانت مشهورة في سياحة يزورها العرب واليهود والهنود والسودان من أجل طبيعتها ورخص معيشتها وإنسانها الذي يحترم الأجنبي احترام مبالغ فيه. كل ذلك اهتز وتهاوى ودخلت البلاد في مأزق حبشي أدخلها في أزمات دكتاتورية متكرراً.
أما إثيوبيا التي تتبجح بحضارة دامت3000 سنة للأسف تعاقبوا عليها أقل من 40 حاكم كل وحد منهم حكم البلاد 70 عام وكلهم كانوا من أنصار المسيحية وكانت وسيلتهم في ذلك البطش والفتك بالأخر والتآمر على المنطقة بشراكة خارجية ووعود سخية لقتل المسلمين كلما وسوست لهم أوهامهم الشريرة وظلت تحكم هذه العقلية 3000 سنة كما يقولون عبر تراثيهم الإرهابي التي ساعدها في تدمير هنا وهناك وتجويع وتشريد وتعطيل المشاريع الديمقراطية في المنطقة.
أن معظم الذين تم تهجيرهم كانوا من القبائل الإثيوبية البدوية وهم الذي يطبق عليه سياسة التوطين في القرى وتجمعات لا تصلح أن تكون سكنا للدواب وليس لبني البشر, وهي خطة سياسية لتفتيت قوى الشعب المعارض والقضاء على صمودهم وإيقاف دعمهم ومساعدتهم ضد حكم الطغاة المستبدين.
وارتريا التي ورثت مساءلة القبلي(وهي البوليس السياسي للأحياء الشعبية) وعسكرة الشعب من إثيوبيا تدعي كما تدعي إثيوبيا اليوم, بأنها لديها مشروع لجمع شتات العشائر المنتشرة في الأراضي الإرترية بالإضافة للاجئين, في قرى حديثة تستطيع الحكومة أن تقدم لهم الخدمات وتنشئ لهم المرافق الصحية اللازمة والمدارس التعليمية ويريدوا لذالك مساعدات من الأمم المتحدة.
هكذا يكذبون والعالم يصدق تلك المزاعم المزيفة المتناقضة مع أفعالهم في أرض الواقع. بينما يرى العلم بأن اللاجئون ما زالوا يفرون خوفاً من فظائعهم,لقد اكتظت إثيوبيا وكينيا باللاجئين الصوماليين الفارين من حروب سلاطين القبائل في الصومال, وكذلك السودان مكتظة باللاجئين الأثيوبيين والإرتريين, وتشاد باللاجئين السودانيون , ولا تبدو هناك أي إشارة من المجتمع الدولي تنبئ عن توقف هذه الممارسات التي لا تراعي أبسط قواعد حقوق الإنسان مما أدى إلى وفيات تعد بالملاين حتى الآن.
وللحقيقة نقول أن هذه المنطقة تعيش مأساة حقيقية تطال جميع السكان القاطنين فيها على الرغم من حجم المساعدات الدولية الضخمة التي تصب فيها, ألانه, مازالت تسوء فيها كافة الأمور, بالإضافة المنطقة غير قادرة الاستفادة من هذه المساعدات لأنه لا أحد يضمن وصولها إلى المحتاجين, ولا تحقق الأهداف التي من أجله أتت, وغير ممكن مراقبة هذه الدول, ولا أحد يمكن أن يجبر هذه الدول نحو حل نهائي لمسألة المجاعة فيها, بل العالم يفعل ما تريده هذه الدول وتتقيد بوعودها الكذابة وهم يعرفون إنهم أهدروا كل المساعدات المالية والفرص السياسية التي منحة لهم كحلول ناجعة للمنطقة.
إذاً المجاعة هي نتيجة مباشرة لتوالي الطغيان الحكم في المنطقة ومعانات الناس منه, ولكنها الدكتاتورية تسوقها بأكثر الأكاذيب إبداعاً ولها آلياتها التي تفتح بها عيون الدول المانحة كل سنة, وعلى توالي, محققة لنفسها الكثير من الفوائد حتى جعلتها رسمية تعالج بها عجز ميزانيتها القادمة وتحدد لها المواعيد التي يجب أن تكون عليها, و يعرفون الشهور التي تحل فيها في بلادهم, وهي احتكارات خاصة وحماية للأنظمة الدكتاتورية في المنطقة, كما تعني لدول المانحة بأن الأنظمة الصديقة لها والسيئة لشعبها بدأت تعاني أزمة حقيقية تستدعي إنقاذها ,أن هذا الأسلوب هو المتبع مع دول المنطقة المشوها والفاشلة, والناقصة السيادة.
أن منطقة القرن الأفريقي ليس بيئة صعبة للتنمية لكن أهلها فرضوا عليها أغلال اقتصادية, منها عدم التواصل فالمواصلات البرية بين دولها معدومة تماماً وخطوط اتصالاتها الهاتفية تتم عبر روما وخطوطها الجوية لا تسير بشكل مباشر وبقدرة محدودة, وأن كل فئة منقسمة على نفسها في إطار التناقضات السياسية التي جمدت مستقبل المنطقة منذ زمن طويل ويبدو لي أن هناك سياسة أمريكية أوروبية غريبة مركزة على مستوى المنطقة ,كما تسري فيها روح جديد يمكن تسميتها بالحرب على الإرهاب.أما إرهاب الدولة هي الحالات الوحيدة المحروسة من أمريكا في هذه المنطقة.
ومن جانب أخر الدكتاتورية الجديدة الحاكمة في القرن الأفريقي شرعت قانون تملك بموجبه الدولة الأرض التي كانت مملوكة للمواطنين تنزعها من بعضهم وتستأجرها للمولين لها, كما تحرم بيعها أو شراؤها, بهذا تكون قد تمكنت من حشر الفلاحون في معيشة صعبه للغاية, ويوجد فيها عسكرة الشعوب تقدر مليشيات كل دولة بنصف مليون عسكري وهذا يعتبر احدي أسلحة الدمار الشامل في المنطقة يعمل تماماً ما تفعلوه القنبلة الذرية الفرق بينهم إنها تعمل ببطيء وليس فورية,
هذا الجيش الكبير دمر كل المنشئات المدنية عبر مراحل زمنية متفاوتة وتسبب ومازال يتسبب في تشريد سكان المنطقة وخلف الملاين من المعاقين وقتل ما تعجز القنبلة الذرة قتله من البشر في كل من السودان وإرتريا وإثيوبيا والصومال, مزقت كل شيء جميل في بلادها وانحدرت بهم إلى الهاوية من جراء نفقاتهم العسكرية الكبير خدمتاً لمشاريع الحروب التي تنفخ فيها أمريكا ويراهن عليها حكام المنطقة التي على أيامهم سمعنا بالحرب الإثيوبية الإرترية والجنجويد ولأسود الأحمر وحروب القبائل المتنازعة في الصومال. كل هذه التصادمات لا تعود إلى رغبت الشعب بل أديرت بسيوف غير سيوفهم أو قبضتها ليست في يدهم ولكن في نهاية دفع ثمنها إنسان هذه المنطقة ومازال حكامها تفلسف هذه الجرائم على إنها انتصارات عظيمة يجب الإشادة بها والحقيقة قامت لسوء تقدير أفعال الدكتاتورية لشطارتها العمياء وانتهازها فرص في وقت الخطاء والتنافس الإقليمي للفوز برضا أمريكا, ونسوا ما حل على شعوبهم بل يستعدوا له الآن ليجروه مرة أخرى إلى جحيم كعادتهم القديمة ومألوفة في منطقة القرن الأفريقي.
وفي جريدة المستقبل الصادرة من بيروت بتاريخ الجمعة 11 شباط (فبراير) 2005يوجد مقال لصندوق النقد الدولي ينصح فيه إرتريا بالشروع بتسريح جيشها لإنقاذ الاقتصاد الذي وصل إلى مستوى غير مقبول, وجاء في تقرير نشره الصندوق حول إرتريا التي تعتبر من بين الدول الأكثر فقراً في العالم حيث تأتي في المرتبة 156 بين الدول 177 المصنفة حسب الناتج القومي الداخلي للفرد سنوياً والذي يصل في إرتريا إلى 130 دولار, حيث يعيش أكثر من نصف السكان بأقل من دولار يومياً للفرد ويعيش الثلث في حالة من الفقر المدقع.
نحن ننادي وسبق أن كررنا هذا نداء للمجتمع الدولي أن يبادر بوقف القتال المشتعل في كل المنطقة ويشجع الديمقراطيات الجديد الوليدة في السودان , بل يجب عليهم تعميمها على جميع سكان المنطقة وإسقاط الحكومات التي تؤجج نيران الحرب فيها أو تلك التي تضطهد شعوبها والتخلص منهم وطمسهم من الوجود. وأخراً نقول إذا لم يقوم المجتمع الدولي بمسؤولياته نحو هؤلاء عليه أن يضع في حسانه أن الملاين أخرى من اللاجئين والجياع سيفرون من ظلم حكامهم قريبا,ً لتجد الدول المانحة نفسها مضيفة لسكان منطقة القرن الأفريقي.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6416
أحدث النعليقات