اللغة العربية في إرتريا: بين المطالبة الشعبية والرفض الشعوبي
اسم الكتاب (مقتطفات): الحركة الإسلامية والعمل السياسي
تأليف الدكتور/ جلال الدين محمد صالح *ص. ( 263 – 296 )
الحركة الإسلامية واللغة العربية
ثمة مناقشات حادة وجادة مازالت تثار حول اللغة العربية ومنطلقات شرعيتها في إرتريا بين النظام بفلسفته الشعوبية[1] من ناحية، والمسلمين إلا من شذ برغباتهم وتطلعاتهم من ناحية أخرى، ومنذ أن كان النظام ثورة في الأدغال سعى إلى فرض واقع ثقافي مغاير لمعهود الساحة الإرترية؛ بذريعة أن ذلك هو المنهج العلمي المساير لواقع التركيبة اللغوية والثقافية في إرتريا، وما عدا ذلك ما هو في نظره إلا جمود وركود على السياسات التقليدية الموروثة- دون وعي لأهدافها- عن المستعمر الإنجليزي.
ومن هذا المنطلق يرفض نظام الجبهة الشعبية جعل اللغتين العربية والتجرنية لغتين رسميتين للشعب الإرتري، كما هو نص دستور البلاد في فترة تقرير المصير، وموضع اتفاق بقية فصائل الثورة الإرترية. ويصر على تطوير اللغات المحلية، واعتمادها لغة للتعليم الابتدائي، ويرى في كل الأطروحات المخالفة جنوحا إلى سياسات التجزئة التي مارسها الإنجليز.
وقد أكد رئيس النظام في أكثر من لقاء له هذه القناعة التي لخصها في اجتماع جماهيري كبير في أسمرا بقوله: ” اللغتان العربية والتجرنية تم استخدامهما في إرتريا إبان الانتداب البريطاني الذي استهدف من وراء ذلك شق المجتمع الإرتري إلى كتلتين… إلى منخفضات ومرتفعات، ومسلمين ومسيحيين، وإلى عرب وتجرنيا[2]“
بيد أن هذه القناعة الراسخة في عقلية النظام لم تجد قبولا حتى الآن بين أوساط كافة المسلمين من الشعب الإرتري، وقوبلت بكثير من التحليل والتشريح من قطاعاتهم المثقفة، وحامت حولها شبه وشكوك، ولم تحسم المسألة بشكل تحاوري إقناعي، وإنما فقط بقرار فوقي يمثل توجه النظام فحسب، الأمر الذي يحتم تناول القضية بموضوعية صادقة، تستحضر معها على الأقل أبرز المؤثرات الثقافية الدافعة إلى تبني هذه اللغة دون تلك.
وليس كافيا بأي حال من الأحوال الانحصار على المقاصد الاستعمارية في تحليل إرادة المجتمع وميله الثقافي، وإلا فإن المعيار الاستعماري قابل بالمقابل لأن يكون منطلق التحليل أيضا في تفسير سياسات النظام الثقافية، وعندها تبقى المسألة مجرد تبادل تهم تفضي في نهاية المطاف إلى اتخاذ مواقف متشنجة تلجأ إلى حلول ممقوتة.
ومن ثم لا مبرر للإعراض عن تساؤلات الشعب حول مسألة اللغة العربية بحجة أنها تساؤلات كما يقول أفورقي: ” ناجمة عن تراكم المفاهيم السياسية الندية التي عمل الإنجليز على تكريسها منذ خمسين سنة[3]“
والملاحظ في رئيس النظام أنه يجابه هذه التساؤلات بروح متشنجة ثائرة، هي إلى الزجر والاستفزاز أقرب منها للحوار، وفي حين أنه يحيل أمر إثارتها تارة إلى التأثر بسياسات الإنجليز التفتيتية، وتارة إلى عوامل
اللجوء وتأثر شعبنا على حد تعبيره “بثقافات أخرى[4]” نراه عندما يتحدث عن دوافع استخدام نظامه للغة العربية في جوانب محدودة من نشاطاته يقول: ” نحن ندرك من هم جيراننا، وندرك الروابط التاريخية والثقافية التي تربطنا بهم، ومن أجل ذلك نتبنى هذه السياسات، وظللنا نعتمد اللغتين في معظم الأوقات[5]“.
فإذا كنا ندرك ارتباطنا مع جيراننا العرب بروابط تاريخية وثقافية، فما المانع إذن من أن يكون هذا الإدراك هو دافع من يلح على تبني اللغة العربية، وتكرار المطالبة بها عند كل لقاء، وما المانع من اعتماد هذا الإدراك معيارا لتفسير هذا الإلحاح بدل المعيار الاستعماري؟ ثم كيف ينسجم عزو إسياس مطالب الشعب إلى التأثر كما يقول: “بثقافات أخرى” فرضها عامل اللجوء قبل التحرير، مع إقراره بهذا الارتباط التاريخي والثقافي مع الجيران!!
وهذا القول من رئيس النظام على ما فيه من تضاربات فإن الواقع العملي يؤكد فيما يخص استعمال اللغة العربية خلاف ما تضمنه، فالحيِّز المتاح لها لا يشغل إلا أضيق الأطر من دائرة التعامل الإداري مما جعل السلطة حكرا على رجل التجرنية[6]، وعزل عنها رجل اللغة العربية، ولقد حاول أفورقي تحميل اللوم في انكماش وتقلص دور اللغة العربية على غياب المؤهلين حيث قال: ” في واقع الأمر لا يوجد في هذا البلد معلمون مؤهلون للتدريس باللغة العربية، فعند الطلب لم نجد سوى شخصين مؤهلين باللغة العربية هذا هو الواقع[7]“.
بالتأكيد ليس هذا هو الواقع، وإنما الواقع هو موقف النظام من اللغة العربية، ولو فرضنا جدلا أن هنالك فقرا في المؤهلين لَمَا عجز النظام عن تأهيل غير المؤهلين، ولكن المشكلة أنه لم يؤهل ذاته للتخلص من رواسبها السلبية في الموقف من اللغة العربية، ثم إن إرتريا بارتباطها الثقافي والتاريخي مع العالم العربي، ودراسة أبنائها في العواصم العربية يصعب معه بل يستحيل تصور خلوها من مؤهلين ذوي كفاءة علمية.
إن عقدة المشكلة لا تكمن إلا في فلسفة النظام ومنهجية تعامله مع اللغة العربية، فمتى راجع النظام سياساته العامة في موقفه من اللغة العربية غير متأثر بمخاوف حضارية انحلت العقدة، واكتظت إرتريا بالمؤهلين من أبنائها في شتى فنون اللغة العربية، فكثيرون هم الذين طرقوا الأبواب، وكثيرون هم الذين ينتظرون الأدوار.
أما قضية انقسام المجتمع إلى كتلتين من جراء تبني اللغة العربية والتجرنية؛ فأخطر منها إن سلمنا بخطورتها تقسيمه إلى أكثر من كتلتين وفق فلسفة النظام في تطوير لغات القوميات، فإن ذلك أقرب إلى تباعده وتنافره بل ودخوله في مشادات عشائرية لا سيما مع جهله وتخلفه.
ثم إذا كانت اللغة العربية تهم ـ كما يشير أسياس في بعض مقابلاته[8] ـ كل المجتمع الإرتري بشقيه الإسلامي والمسيحي، فإن احتمال انقسامه إلى كتلتين متضادتين غير وارد، إذ لا يمكن تصور ذلك واعتباره ذريعة إلى عدم التنصيص دستوريا على رسمية اللغة العربية، ولا يمكن أن تكون العربية حكرا على المسلمين، ولا التجرنية حكرا على المسيحيين، بل إذا كان هنالك حقيقة لهذا الاحتمال فإنما هو وليد المواقف السلبية التي يتبناها أحد الطرفين من هذه اللغة أو تلك لأي سبب كان.
ومن التجني والتحامل أن يعتبر إسياس مطالبة المسلمين باللغة العربية نوعا من أزمة هوية ويقول:” من لديه أزمة هوية[9] ويقول: إن هذه اللغة أو تلك اللغة ليست لغتي، وليست لغة شعبي، ولا أرغب الحديث بها، أو سماعها، وأرغب في استعارة لغة أخرى، ويريد أن يكرس ذات المفاهيم التقسيمية التي حاول الإنجليز غرسها فعليه أن يدرك أن لا مكان له في هذا الوطن[10] “.
بهذا التعصب الحاد واللغة الجافة يواجه إسياس محاوريه في مسألة اللغة العربية، ولكن ما هكذا يا سعد تورد الإبل، فإن لهذه المسألة ارتباطا وثيقا بالسلطة، بمعنى إن إقصاء اللغة العربية عن دوائر السلطة يعني بالضرورة إقصاء حملتها والدارسين بها وما أكثرهم من المسلمين[11]. وتوجه المسلمين واندفاعهم نحو تبني اللغة العربية بجانب ما يحمله من إدراك لمعنى هذا الارتباط؛ له من جانب آخر اعتباراته العديدة، منها الحرص على حماية الهوية الثقافية من الطمس أو المسخ، ومن ثم ليس هذا التوجه نابعا بأي حال من الأحوال من الشعور بأزمة هوية، وإنما من الإحساس بتثبيت الهوية، ومن الشعور بتهديدها والاعتداء عليها من طرف النظام، ومحاولة تجريدها لحسابات حضارية من لغة ثقافتها. وهو توجه عبرت عنه الرابطة الإسلامية في مذكرتها المرفوعة في10/10/1951م إلى (ما تينـزو) مبعوث الأمم المتحدة التي قالت فيها: “يجب أن تكون اللغة الرسمية لإرتريا العربية والتجرنية[12]” وذلك ردا على وزير خارجية إثيوبيا (أكليلو هبتي) الذي قال بعد لقائه مع (ماتينـزو )في 28/5/1951م بشأن اللغة الرسمية: مما لا شك فيه أن اللغة هي عامل مهم لتوحيد الشعبين الإرتري والإثيوبي، وإنني أقترح أن تكون اللغة الرسمية في إرتريا هي اللغة الأمهرية، لأنها اللغة الأم بالنسبة لهم[13]“.
ومن المفترض أن تجعل قيادة الجبهة الشعبية من هذا التوجه عامل تعزيز للتلاحم الوطني، وأحد مكونات الوحدة الوطنية؛ بدل صبغه بما يلوثه ويشوهه، ولكن على العكس من ذلك بقي نظام الجبهة الشعبية متشبثا بفلسفته الشعوبية، وصار يحاكم إليها طرح مخالفيه، متهما إياهم بالانطلاق من “مفاهيم وتفكير سياسات تقسيم المجتمع إلى كتلتين[14]“على حد تعبير إسياس وحوارييه، وهذا في حد ذاته حاجز سميك يحول دون الاستماع إلى الرأي الآخر فضلا عن مناقشته ودراسته، ولهذا أغلق إسياس النقاش في هذه المسألة بقوله: “سياساتنا ثابتة، ولا مجال للمساومة فيها، أو التراجع عنها بأي حال من الأحوال[15]“.
وبهذه اللغة وضع حواجز محظورة التجاوز، وفرض الرغبة الفردية على الرغبة الجماعية، وإرادة مجموعة (سلف ناطنت) على إرادة المجتمع.
وليس من تفسير لهذه اللهجة الحادة المتطرفة التي تجعل من إرادة النظام سنة وطنية لا تبديل لها، ولا تحويل عنها (بأي حال من الأحوال) وكأنها وحي سماوي؛ سوى التعبير عما في النفس من طغيان وتطرف شعوبي، وتوجه استبدادي يختزل كل إرادة المجتمع في إرادته، ولا يقول إلا ما قال فرعون: (ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد).
ليس بالضرورة أن تكون لغة الثقافة سبيلا إلى التجرد من لغة الأم والقوم؛ فكم من شعوب اعتمدت الفرنسية أو الإنجليزية تركة المستعمر لغة ثقافة لها من غير أن تتنكر للغاتها الأصلية، فعلى سبيل المثال اختار الهند عام 1947م اللغة الإنجليزية وسيلة اتصال قومي [16] ، وإني لأذكر أن أسياس نفسه قال في مقابلة له نشرت في مجلة اليوم السابع: ” إذا أجمع الإرتريون في يوم ما أن تكون لغتهم الأم الإنجليزية فلماذا لا؟ علما أن الباب في هذا الحقل غير مغلق أبدا سواء في وجه العربية أو التجرنية، ولا أرى أي مبرر للحساسية”[17].
فإذا كان إسياس يرى في هذا الإجماع الوطني سندا شرعيا في إثبات لغة ما، أو نفيها فلا معنى إذن لحساسيته المفرطة من مناصري العربية وحملتها ورميهم ” بأزمة هوية واستعارة لغة” ولا نجد أي مبرر لأن تبلغ به تلك الحساسية إلى حد حرمان المواطن الإرتري حقه الطبيعي من التعبير في وطنه عن قناعاته وسد منافذ الحوار عليه بعبارة ” فعليه أن يدرك أن لا مكان له في هذا الوطن” لمجرد أنه من حاملي لواء العربية والتعريب، وعلى نقيض تنظيرات وقناعات (سلف ناطنت).
إن الأمر جد خطير حين يبلغ حد توعُّد قطاع كبير بالنفي من أرضه ووطنه بتهمة “تكريس المفاهيم التقسيمية”، ولا محالة إن إثم ذلك وضرره أكبر من نفعه، لأن تهديد الآخر بسلب المكانة الوطنية سيؤدي لا محالة إلى سلب الوطن من الجميع، وحوار كهذا لا يمكن أن يكون حوارا سويا، وربط كل نقاش حول هذه المسألة بالطائفية أشبه ما يكون بإرهاب اليهود كل منتقد يهم بمعاداة السامية.[18].
وهذه حالة غير طبيعية تستدعي وقفة مع الذات من قبل أن تذهب بالناس والأوطان. وقد ذكر إسياس أن الشعب الإرتري ” يمكن أن يصل بمرور الزمن إلى لغتين، ثلاثة [19]( كذا)، أو أربع لغات، بل ويمكنه أن يستفيد حتى من لغات أجنبية بين أفراده”[20].
وهنا نتسائل: مادام الشعب الإرتري وصل بطريقه الخاص في فترة تقرير المصير إلى الإقرار باللغتين العربية والتجرنية فما نوع هذا الوصول الذي يعنيه إسياس؟!! وما هي هذه اللغة الأجنبية التي يرشحها إسياس لتكون وسيط التفاهم بين الإرتريين ولماذا؟
طرح الجبهة الشعبية في مسألة اللغة من أين و إلى أين؟
تتلخص رؤية الجبهة الشعبية في موقفها السلبي من اللغة العربية فيما يلي:
أولا: لا توجد قومية تتحدث اللغة العربية إلا قومية الرشايدة[21].
ثانيا : العامل الديني هو الذي أدى إلى اختيار العربية لغة رسمية للشعب الإرتري[22].
ثالثا: اللغة العربية انتشرت في إرتريا بمساعدة عوامل خارجية، وعلى رأس هذه العوامل الإسلام، ووجود مدرسين سودانيين[23].
إن هذا الطرح المتشنج من اللغة العربية هو في الحقيقة امتداد لأطروحات مماثلة عبرت عنه من قبل بشكل وآخر عناصر ذات تأثير كنسي من الناطقين بالتجرنية في تبرير انحيازها ضد اللغة العربية، ولم يثر دائمًا عبر أطوار السياسة الإرترية إلا من الناطقين بالتجرنية، وإنه مهما تعددت ألوانه تارة باسم تطوير لغات القوميات، وتارة باسم اعتماد التجري إلى جانب التجرنية، وتارة باعتماد التجرنية، فإنه لا يرمي في النهاية إلا إلى محاصرة اللغة العربية، ومحاولة خنقها، وليس وراء هذا الهدف بشكله الصريح والملتوي سوى التأثير الكنسي، والبعد الثقافي، وإلا فماذا يعني هذا الموقف السلبي من اللغة العربية في كل مسيرة السياسة الإرترية مع أن مجموعة التجرنية لا تقل عروبة في أصولها عن غيرها إن لم تكن أكثر[24].
والتاريخ الإرتري سجل عليها أكثر من موقف في معارضة اللغة العربية حتى أن الزعيم إبراهيم سلطان سكرتير الرابطة الإسلامية قال – كما نقل عنه المناضل أحمد ناصر : “إننا ارتكبنا خطأ تكتيكيا في تسرعنا كمسلمين في مطالبتنا بأن تكون اللغة التجرنية لغة رسمية إلى جانب العربية[25]، لأن ذلك مثل موقف إجماع من البرلمان على التجرنية في وقت لم تحظ فيه اللغة العربية بتأييد وإجماع مماثل، إذ لم يبادلنا المسيحيون التقدير الذي منحناه إياهم إذ توقعنا أن يبادلونا نفس المشاعر عندما طالبنا باللغة العربية لتكون إحدى اللغتين الرسميتين [26]“.
ويظهر لي أيضا من كلام (الأمين محمد سعيد) أن موقفا شبيها لمثل هذا الموقف من اللغة العربية ظهر وأثير يوم جرى التحاور لتوحيد جانبي قوات التحرير الشعبية، مما أدى في النهاية إلى اتخاذ قرار حيالها ينص كما يورده الأمين محمد سعيد بأنه ” لا يمكن أن تكون مسألة اللغة عائقا أمام توحيد المقاتلين، وإن اللغة المشتركة يمكن أن تظهر من خلال الاحتكاك والممارسة المشتركة في الحياة اليومية، وبالتالي تفرض نفسها بشكل تلقائي في كل المجالات[27]“.
وهذا يكشف لنا مدى الحساسية التي كانت تملأ نفوس هذا الفريق من اللغة العربية الذي استطاع في الأخير من أول يوم قرر فيه التوحد مع قوات التحرير الشعبية تجريد اللغة العربية من أي سند وثائقي يمكنها من الانتشار، وبهذا الحل فرض التجرنية، وقلَّصَ دور العربية، إلى أن أوصله حد الغياب في قوات التحرير الشعبية التي حملت لاحقا اسم الجبهة الشعبية، ومازال هذا الحل قائما وماضيا في سياساته حتى هذه اللحظة على تغييب اللغة العربية عن المجتمع الإرتري وفرض التجرنية (كلغة مشتركة من خلال الاحتكاك والممارسة المشتركة في الحياة اليومية) لتتحقق بهذا، المرحلة الثانية والنهائية من مراحل تجرنة المجتمع التي يحملها رجال (سلف ناطنت) التنظيم الوحيد ” الذي كان يستخدم التجرنية ويتكون من عناصر ذات أصول ثقافية ودينية ولغوية واحدة[28]“، والذي تمكن من تطويع قوات التحرير الشعبية لصالح أهداف التجرنة.
ويذكر الأمين محمد سعيد ” أن أبناء هذه القومية – يقصد التجرنية – والذين شكلوا في النهاية الجانب الثاني لقوات التحرير الشعبية، ونتيجة لحالات الإرهاب التي كانت تواجههم في عهد القيادة العامة، وفي عهد المناطق، وخاصة في المنطقة الخامسة، تشكلت لديهم العديد من المخاوف والتشكيكات مما كان يعيق التعاون والتقارب بين جانبي قوات التحرير الشعبية” [29] وبغض النظر عما إذا كان هذا واقعا فعلا، أم اختلاقا أصلا؛ فإن التساؤل الذي يمكن أن يرد هنا: هل من الممكن أن تكون هذه المخاوف والشكوك نتيجة تلك الممارسات وحدها دون أي أثر ودور لعوامل أخرى ذاتية؛ تكونت لموروث تربوي ثقافي وديني، وهل من المعقول افتراض سلامة هذا الطرف في رسم سياساته من اللغة العربية، وكل مواقفه الحالية من تلك المؤثرات الذاتية، وما الضمان في أن سياسته الحالية ليست متأثرة بتلك المخاوف والشكوك؟.
إن اللهجة الحادة التي يتحدث بها أسياس سواء في الموقف من اللغة العربية، أو الإقرار بحق الآخر واختياراته الثقافية تحمل على الشك من خُلُوِّها من ضغوطات تلك المخاوف والشكوك التي تشبَّعت بها هذه المجموعة لسبب وآخر، وادعاء خلاف ذلك نوع من مجافاة الحقيقة لا يزعمه إلا أولئك الذين يتخيلون إسياس ورفاقه من مجموعة (سَلْفِ نَاطِنَّتْ) الإنسان المعجزة المتفرد عن بقية أفراد المجتمع الإرتري في نكران الذات، والمتغلب على كل مؤثرات بيئته الثقافية والدينية، وخلفية صراعاته السياسية؛ كأنه مبعوث العناية الربانية، ويطالبوننا أن ننظر إلى أفكاره وسياساته مفصولة عن كل هذه المؤثرات التي صاحبته، في حين أن تحليلاتهم لأطروحات الآخر تنهج عكس ذلك، بل تختزل كل مواقف المخالف في كلمة (الطائفية)، ومن ثم تغيب عنها الموضوعية، وتعجز عن
الوصول إلى الحد الذي يمكِّنها بشكل نزيه من معرفة (الطائفية) أين تكمن.
وتبني اتجاه إسياس فكرة مشروع تطوير لغات القوميات[30]من الصعب تجريده من البيئة الاجتماعية بمؤثراتها الثقافية، ثم من التنظيرات الغربية بفلسفاتها الفكرية والتفتيتية لوحدة الشعوب انطلاقا من أهداف استعمارية[31]، وهذا يظهر في التطابق التام بين رؤيته للمسألة وبين أصولها الفكرية، ومصادرها الاستعمارية، ومن المثالية
أن نرى في ذلك مجرد مصادفة وتوافق غير مقصود.
إنه تلاقح فكري تَكَّوَنَ عن قصد وعمد، وتنقيب في بطون الكتب، ثم ظهر على سطح الساحة الإرترية معروضا ومفروضا في قوالب وطنية إعاقة لتقدم اللغة العربية وانتشارها. وقد نحا هذا المنحى الفرنسيون في الجزائر إذ أصدر وزير داخليتهم قرارا في 8/3/1938م ادعى فيه أن اللغة العربية في الجزائر أجنبية، وأن الجزائر أمازيغية،” وفي يوم 7/1/2000م أصدرت وزارة التربية الفرنسية قرارا يطبق في امتحانات البكالوريا بحيث تمتحن فيه العربية لأول مرة في تاريخ فرنسا بالحروف الفرنسية، أي أن النصوص العربية التي تقدم في ورقة الامتحانات تكون مكتوبة بالحروف الفرنسية، وإن الجواب يكتب بتلك الحروف، ويشمل هذا القرار الغريب التوقف عن تدريس العربية الفصحى التي يعتبرها القرار لغة تعاهدية غير حية، واستبدالها باللهجات العربية… وحجة وزارة التربية الفرنسية أن الفصحى غير مستعملة في بيوت الطلبة المغاربة[32]، وأن العربية مفروضة أيدلوجيا من طرف القومية العربية التي انتهت وماتت[33]…”.
وكذلك فعل الروس باللغة العربية في الجمهوريات الإسلامية حيث أحلُّوا محلها إحدى عشرة لغة قومية[34]، وأيضا منع منيليك “استعمال اللغة العربية في هرر[35]“. وفي السودان فرض الإنجليزكل ما يمكنهم فعله في سبيل عزل الجنوب عن اللغة العربية، وكتب السكرتير الإداري في السودان مكميكل في مذكراته التي أعدها في 10 سبتمبر 1928م عن مسألة اللغة العربية قائلا: “إن نشر اللغة العربية بين زنوج الجنوب يعني نشر الثقافة العربية، والديانة الإسلامية[36]…”.
وبعد دراسة اللورد (ليود) المندوب السامي البريطاني في مصر لآراء حكومة الخرطوم حول اللغة العربية في الجنوب كتب الى لندن قائلا: “إنه من المرغوب فيه، ولاعتبارات سياسية، وادارية، ودينبة، وتعليمية اختفاء اللغة العربية من جنوب السودان، وان تحل اللغة الإنجليزية محلها في المناطق التي يكون التخاطب غير عملي باللهجات المحلية، وينبغي تشجيع الإداريين البريطانيين تعلمها[37]” وتنفيذا لهذه السياسة كتب مدير بحر الغزال إلى مفتش راجا من مركز المديرية التي انتشرت فيها اللغة العربية قائلا: أرجو أن تذكر دائما أنه ينبغي عمل كل شئ وإن كان صغيرا تافها يكون من شأنه المساعدة ولو بقدر ضئيل على محو اللغة العربية، وتشجيع اللهجات المحلية والوعي القبلي، واللغة الإنجليزية يدلا عنها، وإقاف الكلمات العربية مثل شيخ، وسلطان، واتخاذ العبارات المقابلة لها في اللهجات المحلية كلفظة (بنج) مثلا في مناطق الينكا، كما ينبغي حث زعماء العشائر، وعامة الناس على الحفاظ على أسمائهم القبلية منها فيجب أن يشجعوا على استعمالها[38]“.
وقامت القيادات التجرنياوية الإرترية المتحالفة مع الإمبراطور هيلي سلاس بتنفيذ السياسة الأثيوبية في محاربة اللغة العربية في إرتريا. فقد أوردت وثيقة لجنة القوى المعارضة للاقتتال الأهلي والانحرافات الوطنية الحاملة توقيع الشيخ إبراهيم سلطان والصادرة في 30/1/1973م محاربة (تدلا بايرو) للغة العربية من أهم العيوب التي تبرز مساوئ موقفه من المسألة الوطنية فقالت وهي تعدد سوء سياساته يوم كان رئيس الحكومة الإرترية في العهد الإمبراطوري: “ماذا ترك تدلا بايرو ليحارب اللغة العربية ويحد من نشاطها وانتشارها، ويضع العراقيل في وجه مدارسها حينما كان رئيسا لحكومة إرتريا[39]“.
وشهدت مصر نوعا من هذه النشاطات المشبوهة إذ تنادى فيها رسل الاستعمار وأعداء العربية بتطوير اللهجة المحلية بالحرف اللاتيني، وإبعاد العربية الفصحى عن الساحة، من أبرز هؤلاء (ولهيلم اسبيتا) الألماني الذي وضع كتابا أصدره عام 1880م وسماه (قواعد اللغة العربية في مصر)، والقاضي البريطاني( سيلدن ويلمور)¤ الذي أخرج كتابا سنة 1901م دعا فيه إلى إلغاء الحرف العربي وإحلال الحرف اللاتيني محله مع نبذ اللغة العربية الفصحى والاستغناء عنها بلغة أجنبية، والوزير البريطاني اللورد (ديفرين) الذي رفع بعد زيارة قام بها لمصر من أول سنوات الاحتلال برقية إلى وزارة الخارجية البريطانية نادى فيها بوضع برنامج تعليمي يشجع لهجة مصر العامية، ويعتبرها حجر الزاوية لبناء منهج الثقافة والتربية والتعليم.
وممن انشرح لهذا النهج وتجاوب معه “جماعة الأمة القبطية التي قادها المحنمي إبراهيم فهمي سنة 1952م والتي تبنت لأول مرة في تاريخ أقباط مصر مشروعا سياسيا طائفيا يدعو لإحياء اللغة القبطية بدلا من العربية، ولإعادة مصر قبطية وتحريرها من الإسلام والمسلمين [40]“.
وغير هؤلاء كثر من أمثال السويدي (كارل فورسن) الذي تسمى بعمر السويدي، والمهندس الإنجليزي ( وليام ولكوكس)، ومن تبعهم وتحمس لأفكارهم من نصارى العرب، أمثال ميخائيل الصباغ، وأنطوان مطر، ويعقوب صروف، والمبشر مارون غصن، والقبطي سلامة موسى…[41].
وكل هؤلاء نادوا بالتخلص من الحرف العربي، وتطوير اللهجات المحلية بالحرف اللاتيني، مدفوعين بدوافع حضارية لا ترى في اللغة العربية مجرد لغة محكية، وإنما وعاء إرث ثقافي مغاير لرسالة الغربي وانتمائه العقدي، وهكذا نرى أن الفكرة في إطارها العالمي ذات هدف استعماري انطلقت لتطويق اللغة العربية باعتبارها لغة عقيدة وثقافة وحضارة إسلامية، وانسجمت في الإطار الإرتري مع أهداف منظري (سلف ناطنت)، وخلفيتهم الثقافية، وانطلت على من ينخدعون عادة بشعارات الوحدة الوطنية، ويختصرون الأمور كلها في مصطلح ” الطائفية”، دون أن يكلفوا نفسهم عناء البحث والدراسة، وليست طرحا نابعا من الواقع الإرتري، ومنسجما مع رغباته ومصالحه الوطنية.
بعد هذا لا غرابة أن يشعر المسلمون بقلق كبير من سياسات النظام المعادية للغة العربية، والتي لا يرون فيها إلا فصلهم عن انتمائهم الحضاري، وسوقهم نحو (التجرنة)، ولا غرابة أيضا أن يتساءلوا: لماذا يقف معظم الناطقين بالتجرنية من غير المسلمين في إرتريا موقفا محايدا من اللغة العربية أو معاديا لها؟!!.
أيا كانت التحليلات فإن تباين موقفهم عن موقف المسلمين ليس إلا حالة من التمايز الثقافي لاعتبارات عدة أهمها المؤثر العقدي، وإلا فما الذي يجعلهم ينفتحون بكل انشراح على الإنجليزية مثلا، وينغلقون بكل تضايق واشمئـزاز عن اللغة العربية، إنها ارتباطات حضارية اقتضت حشر اللغة العربية في مجال ضيق، والنظر إليها فقط من زاوية كونها لغة الرشايدة والجيران !! وما عدا ذلك فمغالطات، لا تصلح مبررا كافيا ومقبولا.
لماذا نتمسك باللغة العربية؟
وإذا كانت الفكرة في جذورها الأصلية والمحلية ذات أبعاد حضارية فمن الطبيعي أن يقف منها المسلمون موقف الرفض، وتتصدر الحركة الإسلامية مسيرة مقاومتها، كشفا لأجندتها الخفية، وتعرية لمآربها الشعوبية.
وليس صحيحا أن الإنجليز هم الذين جعلوا من العربية واقعا ينحاز إليه المسلمون تقسيما للمجتمع الإرتري، فالتاريخ يؤكد أن المسلمين تعاملوا بها في مواثيقهم وعهودهم منذ وقت مبكر، وليس أدل على ذلك من الوثيقة التي حررت عام 1925م في العهد الإيطالي باللغة العربية من الساحل الشمالي إلى كرن والموقعة من الإيطالي غاسبرين[42]. بل كانت اللغة العربية أيسر وسيلة تفاهم وجدها المستعمر في الاتصال بالمسلمين، ليس بمثقفيهم فحسب، وإنما أيضا برعاتهم.
وهذا ما يحكيه لنا (نايدل) مؤلف كتاب (التركيب السكاني في إرتريا) بقوله: ” اضطر واضع هذا الكتاب – يعني نفسه – أن يقوم بدور ترجمان مزدوج، في لقاء جمعه في (أكلي غزاي) برعاة من التجري ومزارعين من التجرنية، فكان يتكلم بالعربية مع رعاة التجري، وبالإيطالية مع مزارعي التجرنية[43]” ويشير إلى أن اللغة العربية ” تستخدم كلغة ثانية، عند مجموعات وأفراد من القبائل التي اعتنقت الدين الإسلامي، وقد أخذوها عن
طريق بلاد العرب أو السودان. كما أنها أصبحت اللغة الشائعة الوسيطة في الأحياء الإسلامية في المدن الإرترية وخاصة تلك الواقعة على ساحل البحر الأحمر[44]“.
وكما يذكر المؤرخ ضرار صالح ضرار أن الحروف العربية كانت الأحرف المعتمدة في كتابة لغة التجري ” فكثيرا ما كان يكتب بها أهل مصوع لأهلهم وذويهم سواء أكانوا في إرتريا أيام الحكم العثماني، أو المصري الخديوي، أو الإيطالي، وكانت تصل هذه الرسائل إلى ذويهم في بور تسودان، وسواكن، وعقيق فيقرؤونها بسهولة… فعرفوا الأحرف العربية، وأخذوا يستعملونها في كتابة هذه اللغات السامية[45]“.
وما زالت لغة تدوينهم الوثائقي منذ قامت لهم صلات ثقافية وعقدية بمواطنها ومراكزها في الجزيرة العربية حيث زبيد في اليمن، والحرمين في بلاد الحجاز، والأزهر بمصر، وحديثا السودان بجامعاته ومعاهده المتعددة.
وصحيح أن السودانيين – كما يقول إسياس – كان لهم دور في نشر اللغة العربية في إرتريا، وأن الذين نشروا القرآن جاءوا من جزيرة العرب[46]. ولكن في النهاية صارت اللغة العربية جزءا من جسم هذا المجتمع بغض النظر عمن قام بنشرها، وصار الإرتريون يرتبطون بجزيرة العرب لغة وأصولا، يصلون أنسابهم بقبائل العرب وأفخاذها[47]، ولو لم يأت ناشرو القرآن من الجزيرة العربية، أو معلمو اللغة العربية من السودان، لذهب الإرتريون كما يفعلون الآن إلى السودان، وجزيرة العرب لدراسة الإسلام بلغته العربية.
من هنا فإن أهمية اللغة العربية بالنسبة للمسلم الإرتري لا تقارن أبدا بأهميتها بالنسبة للنصراني، أو الوثني إذا اعتبرنا هذه الأهمية واقعا ملموسا، وتهميشها يمثل تهميشا له وتضييقا على الثقافة الإسلامية، وتهديدا للمسلم في أخص خصائصه، ويشكل عقبة من عقبات التعايش الوطني.
وإن اللغة وإن كانت تنتشر بين شعب ما؛ لعوامل خارجية فبإمكانها أن تجعل من القوميات المتعددة قومية واحدة، إذا تم ذلك بمحض الإرادة والاختيار كما هو الحال في إسرائيل التي التف شعبها حول العبرية، والمسلمون في إرتريا بمختلف قبائلهم وتباين لغاتهم قد أجمعت مشيئتهم على اختيار اللغة العربية، وهي مشيئة أبدية غير قابلة للمساومة والتحول، على نحو أشد من تمسك (إسياس) بسياسات تطوير لغات القوميات التي جعلها من ثوابته، وأكَّد تشبثه بها من غير مساومة ولا تراجع[48]، وحتى لو قلنا جدلا: إنها ليست إلا لغة الرشايدة، فإنها في النهاية إحدى اللغات الوطنية باعتبار الرشايدة فئة من فئات المجتمع الإرتري، وأنها تتساوى مع سائر اللغات بموجب نص دستور الجبهة الشعبية الذي ينص على تساوي اللغات!!، وتتمتع كما يتمتع غيرها من اللغات الإرترية بحق التنافس في شتى الميادين الثقافية، والسياسية، ومن حقها أن تحظى بقبول غير الناطقين بها لغة لهم مثلها في ذلك مثل التجرنية، والتجري، والبلين، ومن حق الآخرين اختيارها لغة لهم لأي سبب كان، وقد اختارها المسلمون وأجمعوا عليها، ومن حقهم أن يجمعوا على لغة من اللغات الوطنية. ثم إن الطرح القومي ربما أشعل صراعا قوميا يفتت المجتمع إلى كتل قبلية متنازعة، وغير مترابطة، ولا متواصلة، لا تقرب بينها لغة واحدة، وإنما تشتتها أكثر من لغة، وسيجد الفرد منها في بركة، أو الساحل مثلا صعوبة في التفاهم مع من هو في دنكاليا، وفي هذا إضعاف لروح الانسجام الوطني، وروابط الوحدة الوطنية التي لا يمكن أن تتعزز بشكل أقوى وأعمق إلا باعتماد لغة واحدة، وهذا ما استخلصه الباحث الأمريكي فريدمان من دراسته للمسألة اللبنانية حيث لاحظ فيه عدم وجود لغة تعليم واحدة بين كل ابنائه “فنادى بضرورة تعزيز الاعتماد على الانجليزية لغة أساسية للتعليم في الوليت المتحدة، أما اللغات الأخرى فدعى إلى تلقينها لتكون مجرد جسر الى الثقافة الإنجليزية[49]“.
ومن الزاوية الاقتصادية قد ثبت علميا أن الشعوب التي توحد بينها لغة واحدة تكون أكثر انسجاما فيما بينها من تلك التي تتعدد لغاتها، وأن هذا الانسجام اللغوي ينعكس بدوره في نموها الاقتصادي بخلاف التباين اللغوي، ذلك أن الانتاج الصناعي – كما يقول (جلنر) في كتابه (الأمم الوطنية) –” يتطلب أساليب موحدة ومنظمة كما يحتاج الى سكان متحركين ومتجانسين وعلى درجة عالية من التعليم وهذه المتطلبات تعني استعمال لغة واحدة موحدة، عن طريقها يمكن أن يتوصل جميع أعضاء المجتمع الذين يشاركون في العملية الاقتصادية[50] “.
ويتحدث (فلوريا كولماس) عن مؤشرات التعدد اللغوي وارتباطها بمتوسط دخل الفرد أو نصيبه من الناتج القومي في بعض بلاد العالم، فيلاحظ تدني متوسط دخل الفرد في البلاد التي تتعدد فيها اللغات مقارنة باللاد يقل فيها هذا التعدد، ففي بريطانية التي يبلغ سكانها 57 مليون نسمة بلغ متوسط دخل الفرد سنة 1988م مايقارب 12810 دولار،بينما بلغ متوسط دخل الفرد في الفلبين ذات 59 مليونا من السكان الذين يتحدثون 164 لغة ما يقارب 630 دولار.
أما اليبان التي بلغ عدد سكانها سنة 1988م ما يقارب 122 مليون نسمة والتي يتحدث السكان فيها خمسة لغات فقد بلغ متوسط نصيب الفرد فيها من الناتج الإجمالي 21020 دولار، بينما بلغ نصيب الفرد من الناتج الإجمالي القومي في اندونيسيا البالغ عدد سكانها 174 مليون نسمة يتحدثون 659 لغة 440 دولارا فقط ، ويوجز المؤلف ما توصل اليه البحث العلمي في هذا المجال بعبارة (جونثان بول) وهي أن (البلاد المجزأة لغويا بشكل كبير بلاد فقيرة داءما) [51]“.
وفي هذا مؤشر واضح على أن “التجانس اللغوي على مستوى الواطن الوحد له أثر كبير في إحراز التقدم ونجاح التنمية، ويعزى النجاح الذي حظيت به التجربة اليابانية إلى التجانس اللغوي في البلاد، وسيادة لغة موحدة تنتشر على نطاق الوطن[52]“.
وبالطبع أن التجرنية وإن كانت لغة رسمية بجانب اللغة العربية في المجتمع الإرتري لا يمكن أن تبلغ منزلة اللغة العربية في تحديد أهداف اقتصادية عليا، لكونها محدودة التداول، لا يتجاوز نطاق استعمالها إقليميا حدود التجراي، ومحليا جبال الهضبة، الأمر الذي يفقدها القدرة على إحراز مكاسب اقتصادية للوطن بخلاف اللغة العربية التي تعد عالميا إحدى اللغات الحية، وتربط ارتريا بمحيطها العربي، حيث السودان برقعته الواسعة، وثقافته العربية، وسوقه العريض، وكذلك اليمن، والخليج العربي بمدخراته النفطية، وثرائه المميز من هنا لا بد أن تكون هي المؤهل الوحيد الذي يمكن أن يحقق التجانس اللغوي في المجتمع الإرترب، ومن ثم الرخاء الاقتصادي، والازدهار العمراني، والانفتاح على أوسع رقعة عربية غنية بإمكانات اقتصادية هائلة، تحتل فيها اللغة العربية من مساحات العمل والإنتاج ما يستحيل على التجرنية الاقتراب منه، تماما كاللغة الإنجليزية في كندا مقابل اللغة الفرنسية حيث فضل “ثلاثة ملايين ونصف مهاجر (الى كندا) بعد عام 1945م تعليم ابناءهم باللغة الإنجليزية التي تفتح آفاقا وظيفية قي شمال أمريكا أوسع بكثير مما تفعل اللغة الفرنسية[53]” مما يدل هذا الدور من أهم ما يحفز الآخرين على الإقبال عليها.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أن اللغة لا تكون لها منـزلتها السامية عند قوم ما، إلا إذا كانت وعاء مبادئ وقيم وعقائد مقدسة، ولا قيمة للغة إذا كانت مجرد أصوات مجموعة، وحروف مكتوبة فارغة من أي مضمون عقدي، وحيث إن غالب الشعب الإرتري ينحدر من أصول عربية، بجانب أن المسلمين يرتبطون عقديا بالحرف العربي الذي يصلهم برصيد ضخم من تراث الحضارة الإسلامية، وترتبط به مصالحهم الاقتصادية والثقافية والسياسية فلا غرابة إذن أن تكون اللغة العربية لغتهم الرسمية. ولا بد أن ندرك أن اختيار لغة ما لتكون اللغة الأم لا يكون إلا من وراء أهداف فكرية وحضارية، ودوافع سياسية، فالروس عندما قرروا ترويس الشعوب الإسلامية فيما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي إنما انطلقوا من سياسة إبعاد هذه الشعوب من إيران وتركيا وأفغانستان، لأن ترو يسهم سيجعلهم لا يحسون بأي ارتباط مع شعوب تلك الدول، بالإضافة إلى ذلك سيهيئهم لتقبل الثقافة الروسية، لذا أن طاجكستان التي تتكلم الفارسية تحولت الآن بعد البيروسترويكا من الأبجدية الروسية إلى الأبجدية العربية[54]، كما أن “الصرب من ناحية أخرى يسمون لغتهم الأن ب”الصربية” بدلا من الصرب كرواتية، وتحولو من الأبجدية الغربية لأعدائهم الكاثوليك، إلى الأبجدية السيريلية لأقاربهم
الروس [55]“.
وبهذا تجزم الحركة الإسلامية الإرترية أن مسألة تطوير اللغات الإرترية ذات هدف سياسي يؤدي في نهاية المطاف إلى تفتيت العنصر المسلم، ووضع فواصل وحواجز لغوية بين قبائله، ثم عزله تماما عن محيطه العربي، وتراثه الإسلامي، وتهيئته لعملية التجرنة والتعجيم من خلال الحرف اللاتيني المطروح كوسيلة تطوير هذه اللغات وكتابتها؛ بذريعة أنه حرف محايد، وليس الأمر كذلك، فإن اختيار الحرف اللاتيني في حد ذاته انحياز، لأن هذه المسألة ليس فيها عدم الانحياز، فالحرف اللاتيني في النهاية حرف أوروبي يربط الناطقين به بالغرب، ويمسخ نطق الحرف العربي فبدل أن ينطق المسلم الإرتري حرف (الحاء) في (الحمد) و (الضاد) في ( والضالين) كما يقتضيه النطق العربي السليم سيقلب (الحاء) (هاءا) (والضاد) (دالا) فيقول: الهمد، والدالين، وليس (همد) بمعنى (حمد) ولا (دل) بمعنى (ضل[56]). وهكذا يترسخ التعجيم بعد اغتيال الحرف العربي في اللسان، وتوطين الحرف اللاتيني مكانه، وفي الوقت الذي يطرح فيه رجال التجرنية الشعوبيين هذا الحرف بديلا لحرف لغتهم الجئزية، ذلك ما أكده كادر النظام أبو عري حيث قال: أذكر في الثمانينات عندما عقد أول مؤتمر لغوي في الميدان، طرحت قضية استبدال حروف الجئز بالحروف اللاتينية…،عندها ثارت ثائرة الكثيرين، معتبرين ذلك بأنه سلخ عن الواقع الثقافي والديني والتاريخي، ولحسن الحظ توقف المشروع في المهد[57].
وللتاريخ فإن جل من اعترضوا كانوا ممن اغترفوا ما يكفي من محيط الماركسية، وكنت مؤيد لهذا الرأى، مع أنه لم يحالفني حظ المشاركة في ذلك المؤتمر، إلا أن المفارقات التي تنتصب دوما امامي هي ذلك الرفض الحازم للانسلاخ عن الجئز، والتصميم الحالي للانسلاخ عن العربي، الأمر الذي يربك المعايي[58]…”
لا أعتقد إن في المعايير ربكا، بل فيها انسجام وتناسق مع ما يحمله الاتجاه الشعوبي من مواقف واضحة من اللغة العربية وحملتها، واذا كان هنالك رك فإنما هو في عقل من كان مخدرا بالأفكار الحالمة على حد تعبير جورباتشوف، أو كان مثاليا يقرأ الواقع قراءة أفلاطونية، أما الماركسية فما كانت إلا مرعى للخراف الضالة على حد وصف المسيح عليه السلام لبني إسرائيل، فقد كانت ظهرا يمتطى، وبمثابة الديدانالتي توضع قي السنارة لاصطياد الأسماك حيث يقول أحد فلاسفة أوروبا: إني لا أحب الديدان، ولكن إذا أردت أن أصطاد سمكة فإني أضع الديدان في السنارة.
وقد قال عنها الأمين العام لحزب الجبهة الشعبية الأمين محمد سعيد عام 1994م في اجتماع جماهيري كبير بجدة: موضة وانتهت. فما كان يلتهم بشراهة من هذا النوع من الديدان الفكرية القاتلة إلا (الجويم) كما يسميهم اليهود، وهم غير اليهود، الذين ينساقون دون وعي وراء الموضات الفكرية الوافدة، ولديهم استعداد للتوجه من قبلة إلى أخرى إلا الكعبة طبعا، ومنهم يقينا أولئك النفر من أبناء المسلمين الذين ارتدوا عن دينهم، وتنكرو لقيمهم، وثقافتهم، واستهانوا بأعراضهم، ومعتقداتهم، وورطوا المجتمع في مشاريع التجرنة وزحفها، ليس على اللغة فحسب، وإنما أيضا على الثقافة، والأرض والعرض معاً، ورضوت أن يكونوا من الميشرين بثقافة الانحلال والتفسخ التي ما زالت حتى هذه اللحظة ثقافة سائدة، ثم اكتشفوا بعد لك أنهم أمام مد شعوبي جارف يندفع بقوة لإغراق الجميع ومسحهم إلا من ركب سفينة التجرنة واعتصم بها كما قال ابن نوح يوم الغرق: سآوي الجميع ومسحهم إلا من ركب سفينة التجرنة واعتصم بها كما قال ابن نوح يوم الغرق: سآوي لى جبل يعصمني من الماء. على كل نملك إلا أن نشد أزرهم، ونحي فيهم هذه اليقظة التي غشيتهم فجأة، وهذه الصيحة التي انتابتهم بغتة، ونأمل أن تكون أول خطوة في طريق الأوبة والتوبة.
ولا يعني تصدي الحركة الإسلامية لسياسات التجرنة رفض التجرنية لغة رسمية للشعب الإرتري، وإن كان لا يعدم في التيار الإسلامي من يقول: إن التجرنية ما هي إلا لغة وافدة من التجراي لا صلة لها بغالب المجتمع الإرتري، ولا تملك حق مقابلة اللغة العربية، إلا أن غالب التيار الإسلامي يقر بها لغة رسمية جنبا إلى جنب مع اللغة العربية.
التقسيم القومي في إرتريا بين الحقيقة والادعاء
عندما نتحدث عن التقسيم القومي في إرتريا من الضروري أن نتساءل: ما الأسس التي قام عليها هذا التقسيم؟ بمعنى أكثر وضوحا عندما أطلقنا صفة القومية على البلين والساهو والتجري مثلا ماهي العناصر التي اكتملت عند كل مجموعة لتستحق صفة القومية، وتمثل كيانا قوميا مستقلا عن الآخر بثقافته وتقاليده؟ هل هي وحدة اللغة، أم وحدة العرق، أم التاريخ المشترك، أم المصالح المشتركة، أم الأرض؟
إسياس أفورقي يشير إلى عدم وجود القومية في إرتريا بمعناها الفلسفي الذي نظرله المنظرون الأوربيون [59]، ونحن لو اعتبرنا وحدة الأصل هي الأساس القومي، وقلنا: إن الأفراد الذين ينحدرون من أصل واحد يشكلون قومية واحدة فسوف تعترضنا حقيقة واقعية هي افتقارنا إلى ما يثبت أن البلين، أو الساهو، أو التجري يمثل كل واحد منهم عرقا نقيا لم يمتزج ويختلط بغيره.
إن الحقيقة تقول لنا: إن الشعب الإرتري استقبل موجات من الهجرات، وحصلت فيه تنقلات من منوقع لآخر حسبما تفرضه الحاجات المعيشية، وكل هذا أحدث فيه التصاهر والتزاوج فاختلط الدم العربي بغيره، وتمازجت دمتء السكان ببعضها، وتناسلت وتناسبت.
واذا اعتبرنا عامل اللغة هو العنصر الأساسي للوحدة القومية وقلنا: ان الذين يتحدثون اللغة الواحدة يشكلون قومية واحدة، فإن هذا معناه ان نعتبر الشعب الأمريكي بأصوله المختلفة قومية واحدة لمجرد أن الكل يتحدث الإنجليزية، وإذا كانت اللغة عاملا أساسيا في التقسيم القومي كيف نفسر شعور الزنجي الأمريكي بالارتباط القومي مع الأفارقة السود دون أن يعرف لغتهم؟ وكيف نفسر التفاف الشعوب التي أقامت دولا حول لغة واحدة رغم ما بينها من تعدد اللغات والأجناس كإسرائيل مثلا، ثم ماذا نفعل مع عامل العقيدة وهو عامل نلمس تأثيره في حياة الناس، ولا يمكن تجاهله، حيث نجد التجمعات التي التي يدين أفرادها بعقيدة واحدة تشعر بنوع من الألفة، والتشابه في تقاليدها الاجتماعية، بل ومواقفها السياسية أحيانا، فالممارسات الثقافية التي يمارسها الوثنيون يأباها ويتأفف منها المسلمون، وتمثل في نظرهم عقائد جاهلية مرفوضة.
إضافة الى ذلك أنك تجد في بعض القبائل عناصر وفئات من قبائل أخرى، فالبلين مثلا تجد في أوساطهم تجمعات كبيرة تتفرع من قبائل الناطقين بالتجري، وترتبط بجذورها القبلية، ولكن تتحدث بلغة البلين وتشاركهم السكن، فهل هذا كاف لنعدهم من البلين؟ ألا يجعلنا ذلك نقول:إن الاشتراك في اللغة ليس عاملا أساسيا في التكوين القومي، وإن القومية كما يقول أرنولد تونبي – هي قضية شعور أكثر منها قضية لغة أو عرق، لأن هنالك جماعات تشعر بشعور ارتباط قبلي مع أصولها بالرغم من أنها تجهل لغتها، وهنالك قبائل يتحدث بعض أفرادها أكثر من لغة من اللغات الإرترية كالنتاب مثلا فأن من يتحدث التجري ومعها البداويت، وإن منهم من لا يعرف سوى لغة واحدة من هاتين اللغتين، وتجد بين القبائل الناطقين بالتجري تجمعات من الحدارب لا تعرف الا لغة التجري، ولكنها في ذات الوقت قد ترتبط بشعور قبلي مع جذورها الأصلية دون أن تعرف لغتهأ.
إذن لماذا لا يكون الضعور القومي هو الأساس بدل اللغة، فالنظرية التي تقول بأن وحدة اللغة أساس البناء القومي “نشأت في النصف الأول من القرا التاسع عشر في المانيا، وانتشرت منها الى معظم البلاد الأوروبية الغربية والشرقية، وهي تعرف الأن باسم النظرية الألمانية [60]“.
وهذه النظرية تعكس المصالح القومية ألألمانية، تقابلها نظرية أخرى تعكس المصالح القومية الفرنسية، وهي نظرية رينان الفرنسي التي ترى المعيشة المشتركة ألأساس في التكوين القومي، وفحوى هذه النظرية أن القوميات بلغاتها المتعددة إذا شاءت وقررت أن تعيش معا يمكن أن تشكل قومية واحدة بغض النظر عن لغاتها[61]. وقد نشأت هاتان النظريتان من نزاع وقع بين الألمان والفرنسيين حول سكان الألزاس الذين يتحدثون اللغة الألمانية، فكان الألمان يطالبون بضمهم الى المنيا طبقا لنظريتهم، بينما كان الفرنسيون يرونهم عكس ذلك على ضوء نظرية المعيشة المشتركة.
من هذا نصل إلى التنظير القومي وليد الصراعات الأوروبية، ولا يعني المسلمين الذين يؤمنون بوحدة الجسم الإسلامي، ولكن إذا قبلنا التنظير الغربي فلماذا لا نأخذ بنظرية رينان الفرنسي، وعلى ضؤ ذلك نقول: إن المجتمع الإرتري بشتى قبائله شاء بمحص إرادته أن يعيش عيشة مشتركة في دولة مستقلة لغتها الرسمية العربية والتجرنية.
وإذا كان لا بد الإعتماد النظرية الألمانية “فإن اللغة التي يجب اعتمادها هي لغة الثقافة، لغة الحضارة، لغة الوجود الحضاري في مواجهة الحضارات الأخرى، فنحن عندما نلقن أطفالنا اللغة لا نلقنهم الكلمات فقط، بل نلقنهم غبر هذه الكلمات تراثنا وثقافتنا وعقيدتنا وموقعنا في الصراع الأممي[62]“.
والمسلمون في إرتريا لا يعرفون ثقافة، ولا تراثا، ولا حضارة، ولا عقيدة غير الحضارة الإسلامية، والتراث الإسلامي، والثقافة الإسلامية، والعقيدة الإسلامية، ولا معنى للوطن في عقيدتهم إذا انتهكت فيه محرماتهم الثقافية والحضارية، ولا يربطهم بهذا التراث وهذه العقيدة غير اللغة العربية، وقد أجمت عليها مشيئتهم، وتكمن فيها مصلحتهم، مما يحتم عليهم نبذ سياسات التقسيم القومي، ولهم الحرية في أن يقبلوا ما يشاؤون، ويرفض ما يشاؤون، فإن المشيئة كما يرى رينان تجمع أقواما، وتقيم دولا.
وإن وحدة اللغة، والأرض، والعرق، والتاريخ ليست إلا وسيلة تقارب وتعارف، وبشكل طبيعي وغير إرادي.
أيضاً فأنها تخلق لدى الإنسان مودة، وحنان لمن يقترب منهم ويعايشهم ويخاطبهم، والإسلام لا يرفض هذا الولاء الطبيعي، بل لا يعتبره من العصبية والقومية.
الإسلام يرفض القومية كولاء مطلق يتجاوز حدود الحق والباطل، والعدل والظلم.
كما يرفض القومية بوصفها فلسفة تجعل من الأهداف والمصالح والارتباطات القومية أمورا فوق المبادئ الحقة.
وأما أن يجعل الإنسان هموم قومه، ويهدف إلى تحقيق مصالحهم، وحقوقهم العادلة، فذاك ما لا يرفضه، بل يدعوا إليه، فالولاْ للأسرة، ثم للقبيلة، ثم للقوم جميعا ذلك يدعو إليه الإسلام، لكن شريطة أن يكون ولاْ خاضعا لقيم الحق، ومن منطلق إنساني، أما إذا تجاوز ذلك، فتلك هي العصبية وهي القومية المرفوضة[63]“.
بين اللغة العربية والقومية العربية
والحركة الإسلامية في إصرارها على اللغة العرية تفصل تماما بين هذا المطلب الشرعي وبين التوجه الأيدلوجي للقومية العربية التي ظهرت أول ما ظهرت في بلاد الشام عام 1847 م. “بإنشاء جمعية أدبية قليلة الأعضاء في بيروت في ظل رعاية أمريكية…وكانت نتيجة من نتائج البعثات التبشيرية الغربية[64]“.
“وان الذي أوحى فكرة تأسيس الجمعية كان رجلا يدعى إلياس حبالين من بلدة ذوق مكايل وكان استاذا للغة الفرنسية يدرسها في الجامعة الإمريكية – الكلية السورية الإنجيلية – لطلاب صف يدعون فارس نمر، وسليم عون، وإبراهيم اليازجي، وابراهيم الحورانين ويعقوب صروف، وشاهين مكاريوس، وكان الستاذ هذا معجبا بفولتير ومبادئ الثورة الفرنسية… [65]“.
وتمخض عن هذا النشاط القومي ما عرف بالثورة العربية الكبرى على يد الشريف حسين ابن علي الذي أعلن التمرد على العثمانيين، ونال إعجاب الجنرال البريطاني (ألِنْبِي) الذى رفع خطابا إلى رآسته شكر فيه الحسين بن علي[66]“.
والقوميون العرب يقدسون العروبة كتقديس الله سبحانه وتعالى أو أشد، ويقولون: “العروبة نفسها دين عندنا نحن القوميون العرب[67]“.
ويقول ميشل عفلق: “لكل أمة في مرحلة معينة من مراحل حياتها محرك أساسي يهز فيها انتباه الأمة وتكون مفصحة عن أعمق حاجاتها في مرحلة ما فإذا نظرنا إلى العرب في الماضين، وجدنا أن هذا المحرك الأساسي كان في وقت ما عند ظهور الإسلام هو الدين فقد قدر وحده على استثارة كوامن القوى في النفس العربية.
أما اليوم فإن المحرك الأساسي في هذه المرحلة من حياتهم هو القومية[68]“.
وبهذا ترى الحركة الإسلامية أن القومية العربية بطرحها هذا وثن يعبد، والمسلمون في إرتريا يرفضون الطرح القومي العري لتعارضه مع عقيدتهم الإسلامية.
ويكفي أن القوميين العرب فشلوا فشلا ذريعا في تحقيق شعاراتهم، وتبادلوا تهم الخيانة والعمالة فيما بينهم.
الهـوامـش
[1] – الشعوبيون: هم المعروفون بكراهية العرب واحتقارهم وفيهم جاء قول الإمام أحمد بن حنبل: “ونعرف للعرب حقها وفضلها وسابقتها… ولا نقول بقول الشعوبية أراذل الموالي الذين لا يحبون العرب ولا يقرون لهم بفضل فإن قولهم بدعة ” ابن القيم حادي الأرواح ص499 ويقول فيهم الإمام ابن قتيبة : ” أعاذنا الله من فتنة العصبية، وحمية الجاهلية، وتعامل الشعوبية فإنها بفرط الحسد ونغل الصدر تدفع العرب عن كل فضيلة وتلحق بهم كل رذيلة وتغلو في القول وتسرف في الذم وتبهت بالكذب وتكابر العيان” د . عليان عقيدة الإمام بن قتيبة ص 260 وهو ” تيار فكري وسياسي معاد للحضارة العربية ومحتقر لقيمتها…” د. عبد الوهاب الكيالي: موسوعة السياسة ج 3 ص 482 . وقد ظهرت دعوت هذا التيار “بعد دخول اجيال كثيرة من الفرس والترك والنبط في خدمة الدولة الإسلامية…ونحن نطلق لفظ الشعوبية على كل من ناهضوا العرب في القديم والحديث، وقاموا ينقصون من قدر حضارتهم وتاريخهم…ولهؤلاء الشعوبيين طرق غريبة في الحط من العرب…”
انظر: محمد حامد الناصر: الحياة السياسية عند العرب ص 177 نقلا عن الإسلام والحضارة العربية ج 1 ص 35 – 36 محمد كرد علي.
[2] – إرتريا الحديثة العدد الخامس 16/9/1995م.
الحقيقة كما نشاهدها تقول لنا إن الشعب الإرتري يتكون واقعا من حيث انتمائه العقدي إلى كتلة، مسلمة، وأخرى مسيحية، ومن حيث توزعه الجغرافي إلى كتلة المرتفعات، والمنخفضات، وسهول دنكالية، ولكل كتلة همومها السياسية والثقافية والإقتصادية، ومعاناتها، وطموحاتها، ومن حيث ارتباطها الثقافي إلى الثقافة الإسلامية، ولغتها العربية، وإلى ثقافات أخرى منها الثقافة المسيحية التجرنياوية، ذات الجزور الحبشية، واللغة التجرنية، ومن حيث انمائه القبلي إلى أكثر من قبيلة وعشيرة، ولا ادري كيف يمكن أن يقنعنا إسياس بحوار عقلاني متزن بعيد عن السباب والمهاترات والاتهامات الباطلة والساذجة ف آن واحدبأن الشعب الإرتري كله كتلة واحدة، على قلب رجل واحد ( حادي هزبي، حادي لبي ) كما هو شعار الجبهة الشعبية، ويقول لنا لب من؟ وهزب من؟ ما هذا إلا كلام ديماغوجي أزعجنا به الإثيوبيون من قبل بأن الشعي الإيثيوبي كله بما فيه إرتريا كتلة واحدة،تلتل حول قيادة ملك واجد هو (هيلي سلاسي)، ولغة واحدة هي (ألأمحرية)، ومن يقل بغير هذا إنما هو خائن متمرد، يريد تمزيق الشعب الإثيوبي، والتلاعب بوحدته، وثقافته، وولائه السياسي، ولا يستحق إلا العقوبة الرادعة، ومن ثم كان الإتهام الإثيوبي للشعب الإرتري وثروته بالخيانة، وتمزيق وحدة الشعب الإثيوبي، الأمر الذي ترتب عليه شن حرب ظالة على شعبنا مدة ثلاثين عاما، فهل هو التاريخ يعيد نفسه بصورة أخرى، وشكل آخر أم ماذا ؟.
[3] – المصدر نفسه
[4] – المصدر نفسه
[5] – المصدر نفسه
[6] – المصدر نفسه
[7] – المصدر نفسه
[8] – مجلة اليوم السابع عدد 24 أغسطس 1987م
[9] – انتقد إدريس أبوعري – وهو أحد كوادر النظام المتربين في كنفه والمدافعين عنه – في إرتريا الحديثة عدد 19 تاريخ 14/10/2000م أولئك الذين يستخدمون الألفاظ النابية والجارحة في مناقشة مخالفيهم في مسألة التعليم بلغة الأم فقال: هل من الموضوعية وصف من يقول بعدم نجاحها – يعني التعليم بلغة الأم- بالمأجور وفاقد الهوية.)
طبعا نحن نتفق معه وكل العقلاء أن هذا ليس من الموضوعية، ولكن أيضا ليس من الموضوعية أن يلام الزوار على الرقص والتصفيق إذا قام رب البيت بالدُّف ضاربا، فقديما قيل: عندما تكون في رومة تصرف كما يتصرف الرومان. فإن تلك الألفاظ النابية غير الموضوعية تفوه بها الرئيس إسياس ونقلتها صحافته الرسمية ليتأثر بها حاملوا أفكاره وقناعاته ويعكسوها في مخاطباتهم ومحاوراتهم مع الآخر، فأي فرق تجد يا أبا عري بين قول الرئيس إسياس: (من لديه أزمة هوية…) وبين قول هذا الكادر الذي وصف مخالفه : بـ (فاقد الهوية) و
( المأجور) ؟.
[10] – إرتريا الحديثة العدد الخامس تاريخ 16/9/1995م
[11]- يقول أحد حضور الندوة التي نشرت جريدة (النبض) وقائعها من أسمرا تحت عنوان (لغة الأم ما بين التنظير والخيار) في العدد 105 مارس 2001م ردا على ما قاله مسؤول التعليم العام تسفا مكئيل قرهتو من أن هنالك رؤية خاطئة في ربط اللغة بالسلطة. يقول: أنا أقول: لا يوجد أي خطأ في هذه الرؤية، وهو كلام صحيح جدا، لأنك لو ذهبت إلى أي مرفق من مرافق الدولة إذا لم تتحدث بالتجرنية لا تجد حتى من يرد عليك.)
وهذا شهادة من الداخل تؤكد علاقة اللغة بالسلطة، وكيف أن رجل التجرنية استحوذ على كل مقاعد السلطة عندما جعل من لغته عمليًا لغة الدولة الرسمية، من لا يجيدها لا يشق طريقه إلى دواوين الحكم والإدارة، بل لا يجد من يتفاهم معه، أو يتفهم طلبه. فماذا بعد هذا من شواهد عملية تكشف الحقيقة كما هي عارية؟
[12] – طاهر فداب: حركة تحرير إرتريا ومسيرتها التاريخية ص 29
[13] – المصدر نفسه ص 28
[14] – إرتريا الحديثة العدد الخامس التاريخ المذكور
[15] – المصدر نفسه
[16] – إريك هويسباوم: الأمم والنزعة القومية ص 99
[17] – العدد 24 أغسطس 1987م
[18] – جاء في التقرير السياسي للجبهة الشعبية المصادق عليه في المؤتمر الثاني 11 مارس 1987م: ” يجب الإشارة إلى أن القوى المفلسة تلجأ باستمرار إلى استخدام اللغة كعامل تستغله لأهداف غير خفية من خلال اتهام الجبهة الشعبية بمعاداة اللغة العربية وفرض التجرنية… وتستهدف هذه المحاولة إثارة النعرات الطائفية وعزل الجبهة الشعبية ” ص 65
[19] – الصحيح عربية (ثلاث) لأن العدد من ثلاثة إلى تسعة يخالف المعدود تذكيرا وتأنيثا.
[20] – مجلة الأمانة الحكومية العدد الرابع 1996م
[21] – إسياس أفورقي مجلة العالم عدد 237 تاريخ 17/8/1988م
[22] – مجلة اليوم السابع عدد 14 مايو 1987م
[23] – مقابلة مع إسياس في جريدة ألوان السودانية عدد 317 تاريخ 25 يونيو 1988م، ومجلة العالم العدد
السابق
[24] – كتب الملحق العسكري في السفارة اليمنية بالسودان والباحث في العلاقات اليمنية الأثيوبية قائد محمد العنسي يقول: ” اتفق المؤرخون الأوروبيون والعرب وغيرهم أن الحبشة هم يمنيون في الأصل، وهنا أنقل شيئا من كثير من ذلك، حيث قال: (تلف نلسون) في فصل بكتاب ” التاريخ العربي القديم” (ص 31) قال: ليس الساميون الذين خلفوا لنا في بلاد الحبشة آثارا، أو أدبا، والذين ما زالوا حتى اليوم يقيمون في البلاد هم العنصر الأصلي الذي يتكون من السكان الأصليين، بل هم فيما يعتقد كغيرهم من الساميين الشماليين قد هاجروا إليها من بلاد العرب اليمن. وذلك لأن لغتهم عبارة عن لهجة عربية جنوبية يمنية، وما زالت إلى اليوم. أما اللغة أما الخط، أما الثقافة فسبئية منذ البداية… ويقول ( نيكولاس رودو كانا كيس) : وهذه الدول الأفريقية التي نشأت أصلا من جاليات يمنية نجحت في توالي الزمن وقوتها في تأسيس هذه الدولة الأفريقية الحبشة”. الرأي العام السودانية 4/2/2001م
[25] – في عام 1951م زار مندوب الأمم المتحدة الدكتور أنزو ما تنزو إرتريا وبعد جولة قام بها في أنحاء إرتريا وجد أن السكان ينقسمون في مسألة اللغة إلى فريقين مسلمون ينادون بالعربية لغة رسمية ولا مانع عندهم من اتخاذ التجرنية لغة رسمية أخرى مع العربية، ومسيحيون ينادون بالتجرنية فقط وقد ضمن ذلك تقريره، وفي عام 1952م ناقش البرلمان الإرتري قضية اللغة وأقر العربية و معها التجرنية لغتين رسميتين للشعب الإرتري.” انظر: عثمان صالح سبي: جذور الخلافات الإرترية وطرق معالجتها ص 53
[26] – تحديات مصيرية أمام المجتمع الإرتري ص 35
[27] – الثورة الإرترية الدفع والتردي ص 91
[28] – أحمد ناصر :تحديات مصيرية أمام المجتمع الإرتري ص78
[29] – الثورة الإرترية الدفع والتردي ص 85
[30] – تضمنت وثيقة نحن وأهدافنا التي كتبها أسياس ونشرتها صحيفة صوة إرتريا في 1/10/1996م هذا
المشروع.
[31] – في المركز العام للوثائق التاريخية بلندن توجد وثيقة تحمل رقم 371/ 5595 كتبها وزير للمستعمرات سابق اسمه(أورسبي جو) تقول هذه الوثيقة: إن الحرب علمتنا أن الوحدة الإسلامية هي الخطر الأعظم الذي ينبغي على الإمبراطورية أن تحذره وتحاربه… إن سياستنا تهدف دائما وأبدا، إلى منع الوحدة الإسلامية، أو التضامن الإسلامي، ويجب أن تبقى هذه السياسة كذلك.
إننا في السودان ونيجيريا ومصر ودول إسلامية أخرى شجعنا وكنا على صواب نمو القوميات فهي أقل خطرا من الوحدة الإسلامية، أو التضامن الإسلامي…” انظر: د. عبد الودود شلبي: حقائق ووثائق دراسة ميدانية عن الحركات التنصيرية في العالم الإسلامي ص 134-136
[32] – وكذلك تقول الجبهة الشعبية أنها غير مستخدمة في البيوت.
[33] – الحياة 19/4/2000م مقال عثمان سعدي رئيس الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية، وأيضا
انظر مقال رضا محمد لاري في الشرق الأوسط 9/2/2000م
[34] – الكسندر بنفش : المسلمون في الاتحاد السوفيتي ص 206
[35] – فتحي غيث: الإسلام والحبشة عبر التاريخ ص 282 وعندما دخل الإيطاليون إثيوبيا وشكلوا حكومتهم ” وأدخلت الحكومة تدريس اللغة العربية في جميع المدارس التي أنشئت للمسلمين واستعملت في المراسلات الرسمية في مقاطعة جيما وهرر، وفي جيما التي كانت تعتبر مركزا عظيما من مراكز المسلمين أنشئت كلية دار العلوم الإسلامية” انظر: المصدر السابق ص 280
[36] – د. إبراهيم عكاشة: التبشير النصراني قي جنوب سودان وادي النيل ص 198 نقلا عن Arabic and the Southern Sudan, 10 September 1928
[37] – د. إبراهيم عكاشة: التبشير النصراني قي جنوب سودان وادي النيل ص 199 نقلا عن Lloyd Handerson, 1 July 1929
[38] – محمد موسى البر: التبشير النصراني ص 25 نقلا عن مدثر عبدالرحيم الطيب: مشكلة جنوب السودان
طبيعتها وتطورها
[39] – طاهر فداب: حركة تحرير إرتريا ومسيرتها التاريخية ص37 ونحن بدورنا نتساءل أيضا ماذا ترك الاتجاه الشعوبي في الجبهة الشعبية في محاربة اللغة العربية؟
¤ يوجد مع الجبهة الشعبية إنجليزي متزوج من إرترية ناطقة بالتجرنية ويحمل الجنسية الإرترية رافق الجبهة الشعبية منذ وقت مبكر وعمل عندها في مجال التعليم، متحمس لمشروع تطوير اللغات الإرترية أكثر من أهلها، استمعت إليه في معهد البدائل الأفريقي بلندن يدافع عن هذا المشروع، وعندما تكاثرت عليه أسئلة المناقشين من رافضي هذا الطرح تضايق واضطر للانسحاب.
[40] – انظر: المنار الجديد عدد إبريل 2001م ص 32
[41] – لمزيد الاطلاع انظر: نذير محمد مكتبي: الفصحى في مواجهة التحديات ص 111 – 184 وأيضا بنت
الشاطئ : لغتنا والحياة ص 93
[42] – أحمد ناصر : تحديات مصيرية أمام المجتمع الإرتري ص 36
[43] – التركيب السكاني في إرتريا العناصر والقبائل ص 16
[44] – المصدر نفسه ص 18
[45] – هجرة القبائل العربية إلى وادي النيل مصر والسودان ص 614
[46] – جريدة ألوان السودانية العدد المذكور
[47] – يقول المؤرخ الإنجليزي (بوا Paul) في كتابه (تاريخ قبائل البجا) والذي ترجمه الى العربية دز أوشيك آدم علي: “عبر السبئيون الذين كانوا يشكلون القوة الغالبة في جنوب الجزيرة العربية البحر الأحمر بحثا عن التجارة واحتلوا جزيرة دهلك الساحلية، ومن ثم توغلوا إلى الداخل ليستقروا في أرض تقرينيا، الواقعة الآن فيما يعرف بإرتريا وإثيوبيا، كان ذلك بذمن سحيق من مجيء المسيح، قد يكون ذلك في عام 1000 قبل الميلاد، أو عام 600 قبل الميلاد، انحدر السبئيون من جبال حضرموت وكانوا يمثلون فرعا من فروع قحطان الكبيرة… وعرف العرب المهاجرون بالحدارب، وهي تحريف بجاوي لكلمة الحضارمة…”انظر: ص 32 – 52
[48] – إرتريا الحديثة العدد الخامس التاريخ المذكور
[49] – محمد السماك: مقدمة إلى الحوار الإسلامي المسيحي ص 149
[50] – د. أحمد بن حبيب الضيب: اللغة العربية في عصر العولمة ص 184
[51] – المصدر السابق نقلا عن كتاب اللغة والاقتصاد ص 48 تأليف فلوريا كولماس وترجمة دز أحمد عوض
[52] – المصدر نفسه نقلا عن المصدر المذكور
[53] – إريك هوبسباوم: الأمم زالنزعة القومية ص 175 – 176
[54] – هنتنقتون: صدام الحضارات ص 106
[55] – المصدر نفسه ص 106
[56] – نقلا بتصرف من مقال اللاري المنشور في الشرق الأوسط 9/2/2000م
[57] – لكن لسؤ الحظ شق طريقه ونال شرعيته ليكون فقط بديل الحرف العربي
[58] – انظر: إرتريا الحديثة عدد 82 تاريخ 10/2/2001م
[59] – ساقم عدد 35 ص 83 – 84
[60] – محمد جلال كشك: القومية والغزو الفكري ص 69 – 71، وساطع الحصري: ما هي القومية ص 40
[61] – المصدر السابق ص 40
[62] – محمد جلال كشك: القومية والغزو الفكري ص 69 – 71
[63] – محمد عطا المتوكل: المذهب السياسي في الإسلام ص 124
[64] – دز صالح العبود: فكرة القومية العربية ص 145
[65] – محمد مصطفى رمضان: الشعوبية الجديدة ص 199 نقلا عن مجلة الأسبوع العربي البيروتية العدد 470 تاريخ 10 يونيو 1967 م.
[66] – محمد خير عبدالقادر: نكبة الأمة العربية ص 147
[67] – منير محمد نجيب: الحركات القومية الحديثة في ميزان الإسلام ص 82 – 85
[68] – مصطفى محمد الطحان: القومية بين النظرية والتطبيق ص 181
* المؤلف في سطور
- الدكتور جلال الدين محمد صالح
- من مواليد إرتريا مدينة كرن عام ١٩٥٦ م.
- تلقى تعليمه الأولي بمعهد دار السلام لأصحاب اليمين بكرن
- حصل على البكالوريوس من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
- وكذلك الماجستير، والدكتوراه في شعبة العقيدة، تخصص فرق
- أجيزت أطروحته في الماجستير بتقدير ممتاز، وكانت بعنوان (الإمامة عند الشيعة الإثني عشرية) وقد أجيزت بمرتبة الشرف الثانية مع التوصية بالطبع.
- أحد مؤسسي المنتدى الثقافي الإرتري بلندن، وعضو المركز الإسلامي للدراسات والبحوث الإرترية.
- واكب نمو الحركة الإسلامية الإرترية منذ أن كان طالبا.يعمل مشرفا علميا بكلية لندن المفتوحة للدراسات الإسلامية.
https://www.farajat.net/ar/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%83%D8%AA%D8%A8%D8%A9/%D9%83%D8%AA%D8%A8
أُمُّةٌ لَا تَعْرِفُ تَاَرِيِخَهَا ، لَا تُحْسِنُ صِياغَةُ مُسْتَقْبَلُهَا!
إعداد: صفحة / حامد إديس عواتي – فيسبوك (بمناسبة اليوبيل الذهبي للثورة الإرترية)
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=18766
أحدث النعليقات