المؤتمر الطني … تباشير أم محاذير ؟
المؤتمر الوطني ليس اسم مستحدث في الساحة الارترية ؛ فقد عرفت جبهة التحرير الارترية مؤتمرين مصيريين ؛ المؤتر الوطني الاول في عام 1971م في منطقة “آر” والذي تمخض عن قرار تصفية قوات التحرير الشعبية وكان لهذا القرار آثاره السالبة وتداعياته المحزنه الي يومنا هذا ، ورغم اننا كنا جبهجيين الا ان هذا القرار قد نزل كالصاعقة على الرؤوس وفي النهاية كان ما كان ” وكما تدين تدان ” .
اما المؤتمر الوطني الثاني كان في عام 1975م في الاراضي المحررة في ارتريا ونحمّله كل تبعات ما بعده من التردي والانهيار اصبنا في ذالك ام اخطئنا واتحدث هنا لما لاحظت من التقييم الشعبي العام ؛ والمرحلة السبعينية جديرة بالدراسة المستفيضة والوقوف الجاد في احداثها الهامة وفي مفاصلها المصيرية ، خاصة ممن كانو اهل الحل والعقد بعيدا عن الترهات التي شغلتنا .
ونجد ان المؤتمرات الوطنية الجديدة تختلف عن سابقتها إذا اصطلحنا ان نسمي ملتقى الحوار مؤتمرا وطنيا والمؤتمر الوطني المقترح والذي تعد له لجان من الملتقى وتنسق .
ومهما قيل عن مؤتمر الحوار الوطني الذي عقد في اثيوبيا 2010م فإنه :
– حرك السكون في اوضاع المعارضة .
– اوجد مجالا جديدا ومنبرا للقاء الشتات .
– هيئ لتصور موحد جديد ولو على ان السماء سماء والماء ماء .
جملة هذه النقاط وغيرها تعتبر حراكا لا بد منه ولكنه افتقد عند الارتريين الا بالوسيط وهو ما يؤسف ويحبط .
لكن يبقى المؤتمر الوطني المرتقب يشع بالآمال طورا ، ويتقهقر بالمحاذير والتوجس والارتياب طورا آخر . وتبرز أسئلة كثيرة حوله ، مثل ما هي محاذيره ؟ ، وما اوجه تباشيره ؟ .
كنت قد ناقشت كما هو معتاد بين الاخوة والاصدقاء مع اخوين كريمين من ذوي الاهتمام والمتابعة للامر احدهما من احد التنظيمات الوطنية وهو عضو في اللجان التى انبثقت من ملتقى الحوار الوطني وهو من المتحمسين لفكرة المؤتر ؛ بينما الآخر من تنظيم وطني آخر وهو من المتخوفين عنه كل على حدا وفي ازمنة مختلفة .
وقد حاولت مع كليهما الاجابة على السؤالين المذكورين . لكنني وجدت صعوبة خلال متابعاتي المختلفة حتى الآن .
لكن يلاحظ لا ينفي المتشائمون وجود الفائدة البته ؛ كما لا ينفي المتفائلون وجود المحاذير . ويمكنني وإياكم استقراء بعض المحاذير والآمال بلغة الحسابات ما امكن وتيسر بتجرد من خلال متابعة الافكار المطروحة واستبيان ارائها .
المحاذير – يقول اصحاب المحاذير :
- ان المعارضة الارترية ستكون في ضيافة ، وليس لها اي خيار في اصناف المائدة السياسية المرتقبة لا اعدادا ولا تناولا .
- هناك نسيج جديد في المعارضة فصل بايد اجنبية وسيكون دوره في المسرح لتمثيل ما فصل له .
- كيف نتبين نزاهة الدعم والمسانده وخلوه من اي اجندة خفية في توظيف المعارضة كلها او بعضها يبرز هذا السؤال بسبب ما يلاحظ ببعض التحركات والانشطة المريبة .
- وحدة واجتماع المعارضة الارترية هدف سامي ولكن بمعزل عن السم في الدسم
اما المتفائلون فيقولون :
- قد لايخلو هذا النشاط من محاذير ولكن اليس الافضل ان نعمل وننكر ونعترض فيما لا نريد وننشط فيما نعرف ونطمح .
- ليس هناك اي بناء لكيان متكامل للمعارضة الارترية فهل يعقل ان نعترض قبل ان يوضع له حجر الاساس ام الافضل ان نساير بعضنا بعضا ولو في ظل قوى صديقة .
- المؤتر الوطني المقترح سيتسع لكل صفة تنظيمية سياسية اي سيجمع كل المتناقضات الارترية عدا النظام وهذا درس ديمقراطي مهم جدا قد يكون سندا لما بعده في قبول الاخر مهما تعمق الخلاف .
- سيتمخض المؤتر عن مؤسسات وطنية هامة جدا مثل البرلمان والدستور الوطني وهذه خطوات مهمة جدا ومتقدمة نصبوا اليها جميعا لانها ستشكل حجر الاساس لدولة القانون المعدومة في بلادنا .
أي كان الحدث مهم جدا وسيشكل مرحلة مفصلية في التاريخ الارتري والمصير الارتري ايضا وهوالاهم فالوضع الارتري اذا استثنينا دور المعارضة المباشر العسكري او الشعبي في التغيير يسشتنتج والله اعلم سيؤول الي احد هذه الحالات بعد زوال النظام الحالي هي :
- بالتحول الكيفي او الانقلاب العسكري : النظام الدكتاتوري الوريث الذي قد يرحب بالجميع ثم يتقلص في نفسه او يقرب بعض التنظيمات ويعمل ترميما للحالي الاحتمال 70% ” بناءا علي معطيات عدة ” .
- تفتت النظام الحالي الي اقطاب او انهياره كحالة نظام منقستو او الحالة الصومالية 20% .
- الانقلاب العسكري وحكم العسكر بنظام وطني 0.7% .
- بالتحول الكيفي او الانقلاب العسكري : تسليم السلطة للشعب 0.3% .
ولا تلام اية قوى اجنبية اقليمية او دولية على ما قد توظف به لضمان امنها ومصالحها هذا طبعا بالبداهة لان كلٌ معنيٌ بمصالحه اولا واهدافه ثم ينظر في البنود الاخرى ؛ وفي حالة مثل حالة ارتريا معني الجوار حتى لا يتكرر صومال اخر فيجر في الدوامة
” مكرها كان او بطل ” فالوضع كما يعنينا يعني غيرنا لان التدويل بابه البحر والنسيج سلفا واحد . فليس الحل انكار وجود الاصدقاء والاشقاء وانما في اعداد تصور ياخذ اولوياتنا وخصوصياتنا وياخذ في الاعتبار احوالنا المتعدية وتاثيراتنا الجانبية عليهم .
وتحضرني قصة مثل حبشي ارتري يقول ” قولك لا تبكي هو الذي يبكيني ” والقصة ان يتيما كان عند امرءة ابيه تعذبه اشد العذاب اذا خلت به وهي بارعة في تمثيل الام الرؤوف اذا حضر والده ، فيبكي لما تتوعده به بعين خفية ، والوالد يعجب لبكائه وهو مع ام عطوف فيزجره بشدة يقول : كيف تبكي ؟ لما تبكي ؟ فيجيب !!! . وحال هذا اليتيم في اعتقادي يحكي حال الشعب الارتري المنكوب مع نظام افورقي … وهل لي ان اقول ايضا مع المعارضة . فاشد ما يؤسف هو الكثير من التنظيمات المعارضة لا يتجاوز برنامجها الافق الذاتي فإن اوجدت لنفسها كينونة في المؤتمرات القادمة فقد انتصرت بينما يسطر بايديها خريطة مستقبل هذا الشعب علي اتجاهات خطوط كونتورية لا تراها الآن ولا تهتم بها كما حدث في الخمسينات .
صالح كرار
22/12/2010 Salehkarrar @gmail .com
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=10069
أحدث النعليقات