المؤتمر الوطني الإرتري والمخاض العصيب !
بقلم/ عثمان صاح كراني (ستوكهولم – السويد )
كلنا على موعد مع انعقاد المؤتمر الوطني الإرتري في نهاية هذا العام ، وكل إنسان إرتري مهتم بقضيته ومعاناة شعبه يضع يده على قلبه مع اقتراب الموعد، متسائلا كيف سوف يكون المولود الجديد؟ هل سينبزع بولادته فجر جديد يبدد ظلام الظلم والطغيان؟ هل سيكون المولود معافى من كل الأمراض الإرترية المزمنة من طائفية، قبلية وإقليمية مقيتة؟ هل المؤتمرون سوف يلامسون نبض الشارع الإرتري ويعكسون معاناة الشعب الإرتري كما ينبغى، وينصتون إلى أنين الجياع والمرضى وآهات المعتقلين وسجناء الرأي والضمير الذين يقبعون في غياهب سجون نظام إسياس، وعويل الأمهات اللواتي يفقدن فلذات أكبادهن في الصحارى والبحار؟ هل كل المشاركون يملكون وضوحا في الرؤية وإرادة صلبة من أجل إنقاذ الشعب الإرتري من الوضع المأساوي الذي يعيشه ؟
لاشك إن الإنسان لا يمكن له أن يقفز فوق الواقع الإرتري المعقد والذي هو من صنعنا وبمحض إرادتنا حيث تشتيت الجهود والشك وانعدام الثقة بيننا وتغليب المصالح التنظيمية والفئوية الضيقة على المصالح الوطنية العليا، وقيادات تهتم بمصالحها الذاتية وطموحاتها الشخصية…. كل تلك العوامل ونقاط الضعف استغلت من قبل القوى الاستعمارية التي تعاقبت علينا وتستغل اليوم من قبل إسياس وزمرته من أجل استمراره في الحكم، حيث يربى أجيالاً على التعصب والاستعلاء القومي والذي أخشى أن تكون نتائجه كارثية على مستقبل إرتريا وشعبها، وبالرغم من ذالك نلاحظ اليوم بقاء عوامل الضعف والتمزق التي تعاني منها تنظيمات المعارضة الإرترية لاتزال موجودة، مما يسبب القلق لكل الحريصين على مصالح الشعب والوطن من تأثيراتها السلبية في المؤتمر الوطني للتغيير الديمقراطي الذي تجري على قدم وساق الاستعدادات لعقده قريبا. ومن بين هذه السلبيات التي يخشى الحادبون على الوطن ان تهيمن على أجواء المؤتمر وأعماله، هو أن يخرج المؤتمر عن مساره ويهدر الجهد والوقت في قضايا ثانوية تطرح من هنا وهناك في غير زمانها ومكانها. وثمة من يتوقع من المتفائلين أن تعي القوى السياسية الإرترية وكل منظمات المجتمع الإرتري مهام هذه المرحلة وأهمية حشد الطاقات الوطنية للتخلص من نظام إسياس أفورقي وتقوم ببذل الجهود المخلصة وتقدم التضحيات والتنازلات من أجل إرتريا وشعبها للخروج من المؤتمر المنشود بقرارات تلبي تطلعات شعبنا المغلوب على أمره. وفي هذا السياق أرجو من المفوضية الوطنية التأكيد على النقاط التالية وإثارة نقاشات جادة حولة : ـ
- 1. وضوح الرؤية : من الضروري بمكان بأن تكون الرؤية واضحة وضوح الشمس لكل إنسان إرتري وخاصة المشاركين ، وإلا فإن كل قارب سوف يشرع حسب هواه وباتجاهات مختلفة ثم ينفذ العقد المتفق عليه حسب تفسيراته ومصالحه. وأقترح أن يكون شعار االمؤتمر القادم (نحو مجتمع إرتري يسوده الأمن والسلام وتتوفر فيه الحرية والعدالة والوئام)، آملا أن يشارك في صناعة الرؤية كل المهتمين وأصحاب الخبرات في مجال التنمية والتخطيط.
- 2. وضوح الأهداف وتحديد الآليات والوسائل، على أن تكون واضحة وبسيطة. كما آمل من أصحاب الخبرات في التخطيط ووضع الإستراتيجيات المساهمة في ذلك بعلمهم لأن هذا سوف يوفر الزمن والجهود للقيادة القادمة وأن تكون الخطة محددة بالزمن وان توضع لـ 5ـ10 السنوات القادمة.
- 3. ترتيب الأولويات : أهم نقطة ينبغي الاتفاق حولها هي كيف ننقذ إرتريا وشعبها من قبضة النظام الديكتاتور وإرساء دعائم نظام ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان ويحقق كل المطالب المشروعة للإنسان الإرتري.
- 4. تكوين جبهة وطنية متحدة: الضرورة تفرض إلى الاتفاق حول إنشاء جبهة موحدة ذات رؤية وبرامج واضح وبمشاركة كل القوى الوطنية الإرترية تركز جهودها في توحيد كل الطاقات وتوجيهها ضد النظام الإرتري.ونريد أن تتوفر كل القوانين والآليات التي تعين الجبهة في مهامها بحيث تتخذ قراراتها بأغلبية بسيطة غير القرارات المصيرية والإستراتجية والتي تتطلب موافقة الثلثين من عضوية المجلس. أملين أن تتوحد كل المؤسسات المتخصصة في ظل إطار جامع ( العمل الإعلامي, الدبلوماسي, الأجنحة العسكرية …)
5 ـ اختيار قيادة تعكس مكونات المجتمع الإرتري وتتميز بكفاءة عالية
6ـ تهيئة الساحة والمشاركين( إعداد لوائح للمؤتمرين): يعتبر المؤتمر المنتظر من أكبر وأهم المؤتمرات الذي تعقده المعارضة الإرترية وبالتالي قد يتوقع بأن كل المشاركين لن يكون في نفس درجة من الفهم والإدراك وقد يكون هناك اختراق من جانب النظام بشكل أو بآخر، وقد يكون لبعض الأفراد أجندة خاصة بهم. لذالك في حالة حدوث انسحاب من بعد الأفراد أو القيام بتعطيل قرار توافقت عليه الأغلبية آمل أن تكون لوائح تنظم هذه الأمر وتنشر مسبقا لأن في حالة حدوثه تقلل من أثاره السلبية.
الخاتمة: يسود المجتمع الإرتري حالة من اليأس والإحباط والاتهامات المتبادلة بين قوى المعارضة الإرترية وبينها وبين فئات كبيرة من الشعب، حيث تدعى المعارضة بأن التفاعل الجماهيري ضعيف جدا على الرغم من حجم التحديات التي تواجه المجتمع، بينما تتهم الجماهير المعارضة بضعف أدائها وتمزقها وبالتالي عدم قدرتها في تحقيق الأحلام.
لذالك فإن أمام المعارضة الإرترية اليوم فرصة نادرة لمعالجة حالة اليأس والإحباط لدى شعبها وبرهنة أهليتها لقيادة المجتمع نحو الخلاص من الظلم وتحقيق طموحاته. لذالك نأمل من المؤتمرين أن يتحلوا بروح وطنية ويسمو فوق الخلافات التنظيمية والشخصية ويعملوا سويا من أجل بناء إرتريا المستقبل، خاصة أن هناك جملة من المتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية والتي تعتبر عاملا مساعدا يسهم في عزل النظام الديكتاتوري ويوفر الأرضية والمناخ الملائم لتعزيز ودعم نضال الشعب الإرتري في مسيرة التحول الديمقراطي والتخلص من النظام الفاسد.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=17202
أحدث النعليقات