المؤتمر الوطني في أواسا: ما هي المسافة الفاصلة بين الطموح وبين والواقع؟
بقلم/ عثمان صالح 2011-12-25
بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة الأولى
ترددت كثيرا في الكتابة عن المؤتمر الوطني الذي عقد في منتجع (هيلي) في مدينة (أواسا) بجنوب إثيوبيا على طريق لملمة شتات المواقف الارترية المعارضة ومشروعاتها المتباينة وصولا لصياغة موحدة لمشروع المقاومة والتصدي للنظام الاستبدادي المتسلط على رقاب شعبنا.وترددي نابع من حرصي على ألاّ يستفيد
نظام اسياس وأدواته من تقييمنا لجهودنا ومساعينا على الهواء ذلك أن تناولنا لن يخلو من ذكر عيوب وإخفاقات ونقاط ضعف فينا بالطبع – نحن المنفذين- وليس في مشروع المقاومة ذاته ورغبة شعبنا في رؤية زوال سريع لنظام أخل بكل مقومات الوحدة والتماسك وأضر بقواعد التعايش بين أبناء شعبنا من خلال انحيازه بل وإصراره على تسييد التجرنية وفرض هيمنتها وطمس كل معالم الشراكة بين الارتريين. ونحن كعادتنا سيركز الجميع في مثل هذا التناول على سلبياتنا وأخطائنا مما يولد نوعا من الإحباط للعامة من شعبنا التي علقت طموحاتها على نجاح المعارضة في التوحد في المواجهة ويزود النظام وعملاءه بقدر من عوامل الشماتة والاطمئنان والتعنت – وليس القوة – ويرسم خططه لإجهاض برامجنا وخططنا المستقبلية ونكون بذلك قد خففنا عليه عبء البحث وأهديناه برنامج وخطط الإضرار بنا مجانا.
ولكن كما يقال لا بد مما ليس منه بد فقد بدأت سلسلة التقييم على الهواء من الحاضرين والمتابعين ولاشك أنها ستفيد النظام بصورة أو أخرى وان كان الهدف الحقيقي من ورائها وقصد كتابها ليس هو إفادة النظام بل تصحيح أخطاء المعارضة وإفادة مشروعها في المواجهة مع الدكتاتورية.
ما هو الجديد الإيجابي؟
أولاً: لم يكن وتحديدا في هذه الفترة العصيبة من عمر المقاومة للنظام التي قل فيها النصير لشعبنا ورغبته في التخلص من هذه الزمرة الدكتاتورية الموغلة في التعصب أقول لم يكن من السهولة بمكان – إن لم يكن مستحيلا- أن يجتمع هذا العدد من الملتزمين بمقاومة النظام القمعي (هذا هو ظاهر الحال ) لمناقشة واقعهم وتحديد متطلباتهم وتنسيق رؤاهم ومن ثم رسم خطة للمواجهة الفاعلة والتحرك لإزالة هذه العصابة. إذن أن يجلس زهاء ألـ (ستمائة) ارتري من أوساط متعددة ومفاهيم ورؤى متنوعة ومن خبرات وتجارب وأعمار ومستويات تعليمية متفاوتة من أجل توحيد لغة التفاهم وأدوات المواجهة مع نظام الشعبية المتخلف عن ركب الحضارة والجاهل بكل معطيات ونتائج نضال البشرية عبر القرون، لهو في ذاته خطوة في الاتجاه الصحيح ونقلة مهمة جدا لتقريب المسافة الفاصلة بيننا وبين هدف شعبنا للعبور إلى أمانيه في الحرية والكرامة. وستكون بلا شك أرضية صالحة –إن استثمرت بمسؤولية- لتحقيق المزيد من الانسجام وتطوير صيغ التلاقي والتكاتف في هذه المعركة المصيرية.وربما يقول قائل إن العدد ليس حجة في مواجهة النظام الذي يمكن أن يجمع هذا العدد أو أكثر منه في غمضة عين فارد عليه بالقول نعم النظام يمكن أن يفعل ذلك عبر حملات المداهمات للتجنيد الإجباري ودعوات الرقص واللهو في فرانكفورت والدوحة وجدة وغيرها أما الذين اجتمعوا في (اواسا) فهم ليسوا من رواد الملاهي والحانات وهواة الرقص والمجون.إنهم المهمومون ليل نهار بمعاناة شعبهم ومصير بلادهم، هم الذين تؤرقهم المأساة التي يعيشها الشعب الارتري على يد نظام الشعبية. وبعضهم من الذين حفرت ذاكرة التاريخ وسجل النضال الوطني بعضا من معالمها في عقولهم ووجدانهم وأجسامهم وأبقت فيهم معارك التحرير بعضا من صورها بفخرها وعزها وهولها. وبالتالي شتان بين هؤلاء وأولئك والفرق بين الجمعين هو الفرق بين الثرى والثريا. كما إنني لا أجد سببا يدفعني لأرى في (مجرد) اللقاء انجازات تستحق التغني بها إلاّ أن تكون تلك الجلسات والمناقشات قد مهدت كل الحضور ومن ورائهم الذين ائتمنوهم على رغباتهم وأشواقهم وأوفدوهم للنيابة عنهم للارتفاع إلى مستوى الخطر المحدق بالوطن والشعب وبالتالي تضعنا على الطريق وبل اقصر الطرق لإزالة هذا الكابوس من على صدورنا.
ثانياً: لقد تحمل كل من حضر إلى المؤتمر نفقات حضوره بدرجة أساسية وبالتالي فان هذا المؤتمر قدم فيه من حضر بنفسه وكذلك من أوفدوا ممثلين عنهم تكاليف مالية مضافة إلى التكلفة البدنية لهذه الرحلة الشاقة. وهذا جهد وثقافة جديدة يعيشها شعبنا للمرة الثانية لتضاف إلى تضحيات عهد الثورة الأول عندما كان النصير قليلا أو لا يكاد يبين وكان الاعتماد على الذات هو أس العمل.
ثالثا: التعبئة السياسية والتهيئة النفسية التي صاحبت المشروع منذ التفكير فيه في اجتماع قيادة التحالف في العام 2002م مرورا بالملتقى الذي قفز نحو تنفيذه خطوات جادة بتكوين المفوضية ومن ثم السمنارات بأسمائها المتعددة والورش التي عقدت لمناقشة المسودات والحملة العامة التي انتظمت المنابر الارترية – إذاعة وتلفزيون التحالف والمواقع الارترية – لتهيئة النفوس ومتابعة سير أعمال التحضير للمؤتمر والنشاطات السياسية الأخرى للمعارضة. كل ذلك خلق أرضية خصبة للتعامل مع المشروع بروحية ملؤها التفاؤل ودفع واجهات العمل من القوى السياسية ومنظماتها الجماهيرية ومنظمات المجتمع المدني لتبذل المزيد وتعمل بجد للوصول إلى المؤتمر. ومن هنا أصبح الشارع أداة مهمة للمراقبة والمتابعة الحثيثة لكل النشاطات والترتيبات التي كانت تتم وعليه وبقدر ما كان إخفاق الجهود في الوصول إلى المؤتمر أو إخفاق المؤتمرين في عكس الصورة المسؤولية سيؤدي إلى إحباط كبير في الشارع الارتري فان وفاء القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والمفوضية بوعدهم في عقد المؤتمر وتحلي المؤتمرين بروح المسئولية والخروج بنتيجة ايجابية قد عزز ثقة الشارع الارتري في المقاومة الارترية.
رابعاً: لقد راهن النظام القمعي الحاكم في اسمرا كثيرا على عدم قدرة المعارضة وجماهيرها للوصول إلى اتفاق يوحد جهودهم ورؤيتهم للمستقبل. ومع إقراري بان درجة ووضوح هذا الاتفاق هي سبب أساسي لنجاحه وقوته إلاّ إن ما تحقق من حرص وتفاهم بين المؤتمرين قد اسقط مراهنات نظام العصابة بهذا الخصوص وهي نتيجة تصب في محصلتها لصالح المقاومة.
هذا بعض الذي أراه ايجابيات قد تحققت بانعقاد المؤتمر وقد لا يراه غيري كذلك وهو حق متاح للجميع في الوصول إلى هذه النتيجة أو عكسها. فما هي السلبيات التي قد تؤثر على مخرجات المؤتمر أو تعيق مسيرته من تحقيق الأهداف المعلنة؟
ونواصل بإذن الله
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=39731
أحدث النعليقات