المبعدون من مالطا يولدون من جديد على شواطئ كندية
بقلم : غابريللي جارودى
ترجمة : فرجت
معظم اللقاءات والاجتماعات غالبا لاتبدأ برفع أحد المجتمعين الى طرف بنطاله ليري المجتمعون جرح قطره ثلاثة بوصات ملتف حول كاحل رجله. ولكن عندما يكون ذاك الشحص لاجئا ارتريا لتوه قدم الى كندا واللغة الوحيد التي يجيدها هي التجرنية فقط ففي هذه الحالة الجرح الغائر يعكس رحلة 12000 كيلومترا من العذابات والمحاولات للهروب من السجن والتعذيب والموت المحتمل.
في الشهر الماضي تم اعادة توطين تسعة من اللاجئين الارتريين في ” وينى ببيج ” بكندا. ألآن الرجال التسعة يرتدون قمصان – تي شيرت – مستعملة بالاضافة الى أول جوز من الأحذية الشتوية التي تم تزويدهم بها. هؤلاء هم الموجة الأولى من السجناء السياسين السابقين التي تهاجر الى ” وينى ببيج ” من ارتريا بعد رحلة شاقة ومؤلمة، هؤلاء كانوا رهن الاعتقال لرفضهم الخدمة الالزامية العسكرية ولانتمائهم الى مجموعات كنسية غير معترف بها من قبل الدولة، ألآن يحاولون التأقلم مع الحياة الكندية تحت رعاية منظمة ( مانيتوبا انتر فيث اميجريشن كانسل). يقول قرماى: ” انهم يحسون كأنهم ولدو من جديد “، والسيد “ايعبيو” رئيس الجالية الارترية الكندية في ” مانيتوبا” والتي تمثل حوالى 600 من الاعضاء ، يقول: ” ان كندا بلد آمن وانهم غير مرعوبين لرؤيتهم العسكر أو البوليس في طرقات المقاطعة”.
وصولهم الى كندا كان نتيجة محاولة ومغامرة استمرت أربعة سنوات لهؤلاء الشباب الذين تتراوح اعمارهم بين 21 سنة و 37 سنة. استهدفو من قبل ديكتاتور مستبد يحكم قبضته على البلد لمجرد رفضهم الخدمة الالزامية العسكرية وانتمائهم الديني الى مجموعات كنسية لا تقرها الحكومة. فر الرجال من بلدهم في عام 2002م ولكن أعيدوا اليها لكى يتم سجنهم وتعذيبهم هنالك. الا ان تلك الجروح في طريقها الى الشفاء الآن.
عندما نبدأ بسؤالهم عن اسمائهم والمدن التي اقامو بها أو المواد التي كانوا يدرسونها بالجامعة والمهن التي عملوا بها يخيم السكون والصمت على القاعة التي كانت تعد بالهمهمة والكلام؟ كما نرى رغم سعادتهم للعيش في ” وينى ببيج ” – كندا وهروبهم من جحيم ارتريا الا انهم كمن ينقل الى المترجم لا يسمحون باعطاء اسمائهم الحقيقية أو نشر صورهم حتى لا يتم الانتقام من ذويهم واقربائهم الذين مازالوا يعيشون في افريقيا.
عندما تصاعدت حملات الحكومة الارترية ضد النشطاء السياسين والمجاميع الدينية التي لا تقرها الحكومة في عام 2002م قامو بالهرب الى السودان ومنه عبروا الى ليبيا عبر الصحراء. ومن الموانئ الليبية حاولوا عبور البحر الابيض المتوسط الى دول اروبية حتى يمكنهم طلب حق اللجوء السياسي، ولكن لسوء حظهم وبلا قصد هبطوا على الشواطئ المالطية حيث تم سجنهم في ظروف غير انسانية بالغة القسوة حسب تعبير منظمة العفو الدولية ، أما حسب تعبيرهم انه كان أسوأ من الجحيم نفسه حيث تم حبسهم في حاويات حديدية مزدحمة تحت شمس الصيف الحارقة.
البعض منهم تم ترحيله الى ارتريا حيث مات معظمهم من التعذيب في السجون الارترية، والبعض كانت له محاولات عديدة للهروب بصورة جماعية عندما يتم أخراجهم في الصباح لقضاء حاجتهم في العراء.
أحد حاضري الواقعة يقوم بسرعة ويحل بزرار بنطاله ليكشف عن فخذ فقد جزء كبير من لحمه ومخيط بصورة مقززة وغير منظمة حيث الجرح يبقى شاهدا على الجريمة. واشار قائلا : ” هنا اصابني الطلق الناري عندما حاولت الهرب” يقولها وكأنه يطلب فنجان قهوة في المقهى، لا كمن يتحدث عن جرح اصبح عاهة مستديمة؟! ويختم حيثه قائلا قبل يحكم زرار بنطاله من جديد ” هذا كل ما في الأمر..”.
وقال رئيس الجالية الارترية السيد ” ايعبيو” الجالية الارترية تطلب من الحكومة الكندية التدخل من اجل الافراج عن بقية اللاجئين الارتريين في مالطا ، العالم نسى ارتريا وعذابات شعبها لماذا يتجاهل العالم قضايانا؟؟” ويعتبر السيد ايعبيو احد النشطاء الذين تحركوا في أوساط المنظمات الخيرية والسياسين بما فيهم ممثل مركز ” وينى ببيج ” بات مارتن حتى يمكنهم احضار لاجئيين ارتريين الى كندا.
ويضيف السيد ” ايعبيو” ” تجاهلونا ثلاثين عاما ونحن نناضل من اجل الاستقلال والآن يتجاهلوننا ونحن نرزخ تحت وطأة قبضة الحكم المستبد، ” ويتساءل ” لماذا الحكومة الكندية لا تتخذ موقفا حول هذه المسألة؟”
القادمون الجدد يطالبون رئيس الوزراء السيد ” استيفن هاربر” ليبرز قضايا انتهاك حقوق الانسان في ارتريا وهي انتهاكات موثقة من قبل منظمات حقوقية محلية وعالمية مثل منظمة العفو الدولية ومنظمة مراقبة حقوق الانسان ” هيومن رايتس وتش”، ويذكرون قدوتهم في ذلك شابة بريطانية – ارترية السيدة ” السا جروم” برغم انهم لم يقابلوها لكنهم مقتنعون انها انقذت حياتهم من خلال المكالمات والرسائل يقولون ” كانت هي الأولى في ايصال صرختنا الى العالم رغم انها لا تمثل اى منظمة ” وقال آخر ” اننا متأسفون انها ليست معنا اليوم لتشاركنا هذه الفرحة”. مع كل ذلك يملك هؤلاء الرجال امالا عريضة وحية لحياتهم في كندا التي قالو انها تتمتع بسمعة دولية طيبة.
وربما يأتي لاجئون آخرون خلال هذا العام حسب قول السيد ” ايعبيو” وقال آخر ” سمعنا ان كندا بلد ديمقراطي يتمتع أهله بالحقوق ويمكنهم العمل بسلام.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=5667
أحدث النعليقات