المثقف الارترى اشكالية تعريف الذات والممارسة
محمد اسماعيل هنقلا
ملبورن استراليا
ما أكثر الحديث فى ساحة النقاش ارتريا ، عن مفهوم المثقف ودورة فى الساحة السياية والاجتماعية . ورغم أتساع مساحة النقاش سياسيا وضيقها أحيانا فكريا لم يتبلور هدا المفهوم ، مفهوم المثقف فكرا وممارسة ، وكل النقاشات والحوارات المختلفة فى مختلف المواقع بشكل مكتوب أو شفاة حتى الان لم تلامس وفق منهج مناسب اشكالية المثقف كمثقف ، فى ادائه وفهمه لاشكالية المجتمع السياسية والاجتماعية . والمساهمات التى اقتربت فى التعبير عن هموم وقضايا الناس كانت قليله جدا لاتناسب الحاجة النضالية ، وكذلك الخطاب كان يغلب عليه الجانب العاطفى انه مجرد خطاب انفعالى لايخدم تجاوز الآشكاليه ، والاشكالية فى هذه الازمه تبدأ بغياب التعريف المثقف لذاته ودوره ، وكذلك غياب تعريف القضايا الاجتماعية والسياسيه التى يعانى منها المجتمع ، والتى من المفترض أن يشتغل عليها المثقف . اذن المدخل الصحيح لاى موضوع هو التعريف بالشئ المرد مناقشته ثم الدخول فى التفاصيل قراءة وتحليلا ، وعندها نقول هذا أى التعريف هو المدخل الصحيحه، لانريد فى هذا الحوار أن نتشعب ونتوه فى بحر التعريفات لمفهوم المثقف . سوف نكتفى بتعريف يخدم غرض هذا الحوار ونبدأ بهذا التعريف : يقول1 د/ مصطفى دندشلى المثقف هو الانسان الذى يعي ظروف المجتمع ومساوئه ويعمل عن طريق النقد والرفض ، ويدعو عن طريق الكلمة كتابة أو شفاهة وعبر مشروع فكرى الى التغيير … الخ
أما زكى عليو يقول2 للمثقف مقومات من دونها لايمكن وصفه بالمثقف من هذه المقومات – الوعى – النقد – الاشتغال المعرفى والنضالى .. اما د/ فيصل دراج يقول3 هناك مثقف التنوير – يدافع عن القيم التحرريه الكبرى مثل ،، الحرية – الديمقراطية – المساوه الاجتماعية – والتحرر الوطنى …. وكذلك يوجد المثقف الشعبوي الذى لايرى الثقافة الكتابة والنظريات وفى علاقة القراءة والكتابة ، بل فى جمله الواقائع النضاليه اليومية مثال ،، الفعل النقابي – الانتفاضات الشعبية.. .الخ. ؟ وايضا هناك المثقف العضوي وفق نظرية غرامشى التى تقول المثقف العضوى هو المرتبط عضويا فى عملية الانتاج بجماعة أو فئه اجتماعية أو بالطبقات الاجتماعية عموما . نكتفى بهذا القدر من التعريفات ونطرح تساؤلات على ساحة العمل السياسى والاجتماعى والثقافى الارترى قائلين ما نوع هذا المثقف الذى ينشط فى الساحة الثقافية والسياسية والاجتماعية الارترية ؟ وكذلك مادوره ؟ وهل يعمل بشكل ملتزم وواعي فى تغير المجتمع نحو الافضل عبر خلق أفكار وممارسات تعالج وتتصدى لتحديات المجتمع ، الاجتماعية والثقافية والسياسية ، أم يعانى من أزمة وفقر نظرى وعملى لتتحول بذلك الحالة الى أزمة المثقف وأزمة المجتمع السياسية والثقافية والاجتماعية ، نتيجة أزمة المثقف هذا . المهم حتى تتضح الصورة يجب أن نبلور وتحدد نوعية المثقف الذى يتمدد عبر نشاطه فى كل مفاصل العمل اليومى الارترى .
اولا : نبدأ بتصنيف المثقف 1- مثقف شعبوي 2- مثقف تنويرى 3- مثقف عضوى .
1 – المثقف الشعبوى يتمثل هذا فى انشطة المجتمع المدنى التى تقوم بفعل الاحتجاجات الصامته والمعلنه من خلال الكتابه والمظاهرات ، احتجاجا فى وجه الظلم والبربولوجية الدكتاتوريه او عبر هذا الفعل4 حيث يتحدد مكان ووظيفة المثقف فى مجمل العلاقات الاجتماعية .
2 – المثقف التنويرى يحمل هذه الصفه كل الكتاب الارتريين الذين يكتبون بدراجات متفاوته من الحيث النوع والكم على صفحات الجرائد الاكترونية والجرائد الورقية وتأليف الكتب بمعنى اخر كل الكتابات التى تدافع عن قيم الانسان الارترى وعن الحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية، هى كتابات تنويرية بأمتياز
3- المثقف العضوى : هذا المثقف يتمثل فى كادر التنظيمات وينشط وظيفيا كمثقف اسلامى – وكمثقف ليبرالي في الساحة الارترية . ومن صفاته مرتبط عضويا بجماعة أو فئة اجتماعية او سياسية ولهذا قولنا عنه كادر التنظيمات ، وان هذا المفهوم مرتبط بقرامشي5 ويقول عنه : هذا المثقف العضوى له دور حاسم فى ظهور الجماعة والطبقات و فى بلورة وعيها وصراعها . وليس هدا فقط بل يعطى للفئة الاجتماعية او السياسية التى ينتمى اليها وحدتها التكاملية ووعيها بذاتها ووعيها بوظيفتها .
فهذا التقسيم لمفهوم المثقف هو مجرد اجتهاد وتسهيل غرض القراءة لساحة المثقف الارترى ، أى المثقف بعد الاستقلال الذى لم يبلور مشاريعه على مستوى التحديات المطروحه وفق المشهد السائد ، صحيح أثارة تساؤلات وخلق وعي الذى يقول بأن الواقع بعد الاستقلال ليس مناسب لتلك التضحيات التى كانت مرتبط بحلم المستقبل للانسان الارترى ولهذا اشعل ثورة المعارضة لكن لم يخرج خطابه على مستوى التحدى السياسى والاجتماعى القائم بل أصبح أسير اختلافات بعيدا عن المضمون اذا الصورة التى ذكرناها على المثقف تبرز اختلاف الخطاب بكل ابعاده وان مصدر اختلاف الخطاب هو نتيجة اختلاف المرجعية فى قراءة الواقع ولكل مرجعية خطاب خاص بها تسوق من خلاله رؤيتها ، ولهذا نسمع ونقرأ مصطلحات غير موحدة مثال نحن .. هم .. مجتمع المنخفضات – الكبساويان .. الخ ، وهذا فى الاساس ليس عيب بل العيب التخندق وراء ستار أفكار فقيرة نظريا ومنهجيها. ورغم هذا كل واحد يعتبر مشاريعه هى الحقيقة ويقيس عليها مشاريع الاخرين حتى يتأكد من صحتها . بدلا أن يشتغل وفق قانون الصراع الذى يتقبل تنوع الخطاب وفق هذا الفهم ، فهم تقبل التنوع يقدم رؤيته بشكل عقلانى وعلى الاخرين أى اصاحب المرجعية الاخرى أن يتحاوروا مع الخطاب ونقد ما يجب نقده فى بنية الخطاب المفاهيمه ، وهكذا نثرى وحدة التنوع ونكون بذلك مارسنا الفعل الديمقرطي الذى نطمح ان نحققه غدا ، ورغم ان المثقف ينشط هنا وهناك عبر مؤتمرات والكتابة على صفحات الشبكة العنكبوتية ، وهذا لايعنى ان المثقف يمارس دوره كما يجب . بل هناك أزمة فى حضوره النظرى ، لانه لم يكن موضوعيا فى قراءته للواقع المعاش اجتماعيا وسياسيا ، وان عدم الموضوعية تأتى لانه لم يكن نقديا أى لم يقدم قراءة نقدية اولا عن نفسه ثم قراءة نقدية ومتجددة عبر أدوات معرفية حديثه يجدد بها وعيه أو عى المجتمع ، وبذلك يكون جدد مسؤلياته تجاه القضايا المطروحة ، وبسبب غياب هذا النقد والتنظير الممنهج أصبحت السياسة تراوح مكانها مثل العادة تكرر ذاتها بشكل آلى لايحتاج الى التنظير والتحليل وفى هذه الحاله لم يغيب المثقف جسديا بل غابت وظيفته وهي وظيفة النقد. وبغياب وظيفة المثقف تغيب مقوماته وهى النقد والدفاع عن القيم الكبرى عبر وعي ونضال معرفي ، وبهذا الغياب تعطل بناء مشروع اجتماعى جديد يهزم البناء السياسى والاجتماعى القائم . وهذا مانلاحظه جزئيا على ساحة المثقف الارترى. وفى الختام اتمنى ان اكون قد لامست مفهوم المثقف الذى نريد منه ان يقوم بوظيفته تجاه مجتمعه دون أن يدور فى حلقة مفرغة حول قول ديكتاتورية الفرد ام دكتاتورية المشروع ، دون ان يحمل أى تهديد وهويه مغايرة تنتج قتال التحرر ضد الظلم الاجتماعى والسياسى القائم . ملاحظة أخيره قبل أن نضع نقطه على السطر وهى لم نتطرق فى هذا المقال الى المثقف الانتهازى والمثقف التقنى لانهما لايخدمان غرض هذا المقال ولذا تم أهمالهما عن وعي من هذا المقال الحواري ، ونتمنى من كل قوى عبر مثقفها ان نعمق فكرتها النظريه ونقدمها وفق مرجعية معرفية تعتمد على التحليل وقراءة الواقع وهكذا نكون ساهمنا فى توعية وتجيش المجتمع نحو التغيير عبر احترام قانون التنوع وممارسة فعل الخطاب ضمن احترام واقع التنوع الممنهج وفق التنظير العقلانى ، عندما نكون جاوبنا على سؤال ماهى الديكتاتورية .. وماهى شروط التغيير الاجتماعى والسياسى …. وما دور المثقف اجتماعيا وسياسيا ..
الهوامش : –
1- الطريق العدد الاول 1996م الصفحة 77
2- زكى عليو كتاب المثقف … مداخل التعريف والادوار ص 64
3- مجلة النهج العدد 9 شتاء 1977 ص 232
4 – مجلة الطريق العدد الرابع أغسطس 1990 ص 96
5 – نفس العدد السابق العدد الاول ص 77
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=25088
أحدث النعليقات