المجلس الوطني حلم قُتل في مهده (1-3)
محمود طاهر / زيوريخ
16/09/2015م
(1 ـــــ 3)
المقدمة
المجلس الوطني مثل بارقة امل للعمل المعارض الإرتري، فقد علق عليه الكثير امالهم، بان يكون هذا الكيان الجديد معبراَ عن تطلعاتهم في التغيير المنشود، وتوافد على هذا التجمع من كل أطياف وفئات الشعب الإرتري، من جميع أنحاء العالم، واشتمل على اكاديميين ومثقفين وباحثين وإعلامين وحقوقيين ورجال دين وناشطين، هذا الكم الهائل من الكفاءات مصحوبا بالتنوع الثقافي والاثني الذي لم تتوفر له الفرصة حتى في إريتريا نفسها، حيث بلغ عدد الذين شاركوا في تأسيس المجلس 600 عضوا.
هذا العدد لا يمكن أن يسمح به النظام أن يلتقي تحت سقف واحد ليتدارس ويتفاكر حول انجع السبل وافضلها في وضع اللبنات الاولى في طريق بناء إرتريا الغد، وكان الامل يحدو الجميع بان يتم التوصل الى صيغة تجمع المعارضة تحت برنامج الحد الادنى، وتطرح حلول لمشاكل المواطنة والانفراد السياسي الذي يعاني منها الشعب الإرتري في ظل نظام الاستبداد ، نتيجة لفرض هيمنة ثقافة واحدة على باقي المكونات الوطنية الأخرى وثقافاتها، ولكن هذا الحلم لم يدوم طويلاً، حتى اصبح بدوره محور للصراعات بين الأطراف المختلفة، الكل يريد أن يستحوذ عليه ويتحكم في ادائه، لتصيب تلك الصراعات حلم الكثيرين في مقتل .
الفكرة
الفكرة مبنية أساسا على توحيد صف المعارضة من اجل التصدي لمهمة التغيير، وهذه العملية بدأت بتحالفات ثنائية بين التنظيمات ثم تواصلت محاولاتها الدؤوبة وأفرزت التجمع الوطني، وتطور بدوره إلى التحالف الديمقراطي والذي يعتبر ارقى ما وصلت إليه المعارضة الإرترية في الجانب النظري من وثائق ومسودات، وهو بحق كذلك، ولكن على الصعيد العملي اخفق التحالف في قيادة قوى المعارضة في إسقاط النظام وإقامة ارتريا الجديدة التي تجسد طموحات وتطلعات كافة مكونات شعبنا المناضل .
طرحت فكرة ملتقى الحور الوطني في مداولات المؤتمر التوحيدي للتحالف الديمقراطي، الذي عقد بتاريخ 5ــ11 من مايو 2008م وتم تأكيدها في البيان الختامي، كما تم ذكره في المؤتمر الصحفي القصير الذي عقده كل من الدكتور / هبتي تسفاماريام، عضو المجلس المركزي لجبهة الإنقاذ الوطني في تلك الفترة و الاستاذ / اًدم اسماعيل مسؤول العلاقات الخارجية لحركة الإصلاح الإسلامي الإرتري.
ملتقى الحوار الوطني
وكانت اولى خطوات التنفيذ هو الدعوة الى عقد ملتقى حوار وطني جامع تشارك فيه القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني بكل فئاته والمثقفين وباحثين وناشطين حقوقيين ورجال الدين والرعيل الأول اضافة الى المواقع الإعلامية والإذاعات، وعند ما تبلورت الفكرة واتضحت الرؤية، تم اختيار لجنة تحضيرية برئاسة الأستاذ / بشير أسحاق وعضوية السيد / امها دمينكو.
وأفتحت جلساته بتاريخ 31 يوليو حتى 9 يونيو 2010م وبحضور330 عضوا ممثلين لتنظيمات المعارضة ومنظمات المجتمع المدني ورجال الدين من المسلمين والمسيحيين، وبعد مداولات مستفيضة لأوراق الملتقي وتم انتخاب مفوضية وطنية للتغيير الديمقراطي تكونت من 53 عضو بينهم 6 نساء وبرئاسة السيد / امها دومنيكو وقامت بطرح ورقة الميثاق الوطني وخارطة الطريق ومسودة الدستور الانتقالي والنظام الداخلي للمناقشة والإقرار على مستوى وانتخاب ممثلي الفروع والمناطق للمشاركة في المؤتمر العام .
مؤتمر أواسا
مهدت مخرجات ملتقى الحوار الوطني إلى عقد مؤتمر اواسا، الذي انبثق عنه المجلس الوطني الإرتري للتغيير الديمقراطي، في الفترة من 21ـــ 30 نوفمبر 2011م، وحفل المؤتمر بعدة مشاكل كان أول أطرافها السيد قرنليوس عثمان رئيس التنظيم الديمقراطي لكوناما إريتريا، والمعتقل حالياً بأمريكا، حيث تحدث عن ضرورة أن تحتوى وثيقة المؤتمر حق تقرير مصير للقوميات حتى الانفصال، التي نالت تأييد قادة التنظيمات القومية، وهذا المطلب كان أول لغم اعترض طريق المؤتمر، واحدث ضجة كبيرة عند المؤتمرين واضطرت رئاسة السكرتارية إلى رفع الجلسة لتجاوز هذه الإشكالية، ومن الأبواب الخلفية جرت وساطات أدت إلى اتفاق مفاده تأجيل الموضوع إلى ما بعد إسقاط النظام، وطرحها للاستفتاء ليقول الشعب كلمته الأخيرة فيها بحرية مطلقة.
احتدمت مناقشات حادة حول الحضور الكبير للمؤتمرين وعن الجهة التي قدمت الدعوة لكل هذا الكم من الأشخاص، كما حدث خلاف بين تنظيمات المعارضة ومنظمات المجتمع المدني حول نسبة كل طرف، وقد ورد في المسودة الأولية أن تُمثل منظمات المجتمع المدني ب60% والتنظيمات ب40%، وبعد مناقشات تم الاتفاق على أن يكون المكتب التنفيذي من نصيب التحالف والمجلس من نصيب منظمات المجتمع المدني.
كل هذه القضايا الفرعية أخذت الكثير من وقت المؤتمرين وتُركت قضايا أساسية لم يتم البت فيها، مثل القوميات وحقوقها، حيث ذكرت بأكثر من مقترح ورُحلت للجنة الصياغة للفصل فيها، لذلك وردت متناقضة في الوثائق باللغتين العربية والتجرينية، وبما أن النقاش على الوثائق كان عبر مجموعة من الورش جاء التباين واضحا عند هذه المجموعات، و كان يستوجب أن يتم حسم نقاط الاختلاف هذه بطريقة تنظيمية عبر التصويت، ولكن لضيق الوقت الذي اُستهلك في خلافات ثانوية ، تُرك امر حسم مثل هذه القضايا الحساسة للجنة الصياغة، وهذه لم يكن لها مرجعية تعود إليها عند الاختلاف حول نقطة أو فقرة، فخرجت الوثائق على حسب هوى كل طرف .
وقد ارجع البعض التصرف الذي قام به قرنليوس، بانه ربما يعكس نوايا مبيته من الحكومة الإثيوبية لتصدير فكرة نظام فدرالية القوميات وتجس به نبض الحضور، ولكن الرفض القاطع والاستنفار الواسع الذي احدثه الاقتراح جعل من امر احتوائه ضرورة قصوى، لسير وإتمام فعاليات المؤتمر .
المتربصين والحريصين في أرباك السكرتارية، اثاروا قضية اخرى متطرفة، وهي عدم التوزيع المتكافئ بين المسلمين والمسيحيين، في السكرتارية ، وقد تم تجاوز هذه المعضلة أيضا، والتي كانت نتائجها السلبية واضحة في أوساط الحضور، بسحب صاحب الفتنة خارج المؤتمر ، وكل هذه الإرهاصات كانت إشارات واضحة، على أن فعاليات وأعمال المؤتمر لن تمر بسهولة لتصل الى بر الأمان .
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=35453
نشرت بواسطة فرجت
في سبتمبر 17 2015 في صفحة المنبر الحر.
يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0.
باب التعليقات والاقتفاء مقفول
أحدث النعليقات