المضحكات المبكيات في ملتقى الحوار وما بعده

أدم عبدالله صالح

اليوم بملئ إرادتي وكامل قواي العقلية أعترف بأنني خدعت نفسي والآخرين طوال الفترة التي أعقبت بلوغي وحتى جاوزت الأربعين ، فقد كنت عزيزي القارئ أكرمك الله طوال هذه الفترة أسير منتفخ الأوداج ، مرتفع الصدر ، أكاد أطأ الثريا من فرط العزة التي في داخلي ، كيف لا وأنا الإرتري الذي لا يمكن أن يشكك في أصالته أحد ، فالجميع يجب أن يعرفني ، وأنا الذي انتمي بنسب بعيد إلى واحد من أشهر قادة رعيل الثورة وشهدائها في عقدها الأول .

غير أنني عزيزي القارئ أكرمك الله أعترف اليوم أن كل ذلك كانت ( عنطزة على الفاضي ) كما يقال ، والسبب في ذلك أنني وبغباء شديد مني شاركت في ملتقى الحوار الوطني للتغيير الديمقراطي ( وأنا كنت ناقص ) ومشاركتي جاءت لأنني ابن الأكرمين ظننت أن أي تجمع إرتري لا يمكن ان يقوم من غيري ، وان بركتي ستضمن نجاحه . وفي جنبات الملتقى كنت أسلم على واحد وأتجاوز عشرة أشخاص ، ومالي وسلام الرعاع وأنا ابن الأكرمين .

وانتهت أيام الملتقى ، وأعطيت بركاتي وانصرفت ، ولا يزال الصدر مرتفع والأوداج منتفخة ، ولكن كما يقال لكل شئ إذا ما تم نقصان ، لم يمضى أسبوعان حتى جاء ما حطم أحلامي وجعلها (  شذر مذر ) أو قل كدقيق فوق شوك نثروه ، ثم قالوا لحفاة يوم ريح أجمعوه .

بعد اقل من أسبوعين صدر تصريح صحفي من حزب الشعب اختصارا أو تدليلا (EPDP ) وجاء في التصريح أنهم بصدد عقد ملتقى حقيقي اصلي ياباني (Genuine ) بمعنى أنهم سوف يأتون بالأصلين من الشعب الإرتري وليس أمثالي فأنا أعزك الله طلعت تايواني ( دا أنا طلعت أي كلام يا ناس ) ومن يومها وراسي ألتصق بكتفي ولا أدري أين اختفت العنق المتطاولة وأصبحت مثل عنق حسن حسنى ، كما أن الأوداج المنتفخة لم يعد لها مكان .

والحال هذه عزيزي القارئ أعزك الله بحثت عما يهون على مصيبتي ، وبحثت أول ما بحثت عن قيمة ما يقوله حزب الشعب ، محاولا التشكيك فيه ، ولكن محاولاتي ارتدت إلى خيبة وحسرة ، فحزب الشعب هو حزب الصفوة ، الذي سخر الله له من كشف الحجب ما يتجاوز علم الشريعة إلى علم الحقيقة كما يقول السادة الصوفية ، فحزب الشعب في مقام جاليلو العصر الذي لا يهمه رأى الأغلبية طالما أنه يمتلك الحقيقة المطلقة ، وإزاء هذا فإن اكتشافه بأنني تايواني فالسوا لا تقبل الشك ، خاصة وأن حزب الشعب درس ( فلسفة منطق ) وقصة فلسفة ومنطق أعزك الله معروفة للذين عاشوا في السودان حيث يحكى ان شاب من جنوب السودان يدعي شول زار صديقه الذي يدرس بجامعة الخرطوم ويدعي جون ، وبعد أن قضى ايام الزيارة سال شول  ( أنت جون بتدرس شنو ؟

فأجاب جون : بدرس فلسفة ومنطق

شول : جون فلسفة ومنطق يعني شنو ؟

جون : ايوووووووه فلسفة منطق ، فلسفة منطق ، طيب أنت عندكم كلب؟

شول : أيوه

جون : طيب عندكم كلب يعني عندكم بيت ، عندكم بيت يعني عندك أم وأب يعنى أنت ود حلال .

أعجب شول بطريقة سرد القصة وبعد أن رجع الى قريته في جنوب السودان بدأ يردد أن جون في جامعة الخرطوم يدرس فلسفة ومنطق منتظرا احدهم حتى يسأله فلسفة ومنطق شنو ، حتى وجد أحدهم وسأله : أنت شول فلسفة ومنطق يعني شنو ؟

أعتدل شول في جلسته وأجاب ايووووووووه فلسفة منطق ، فلسفة منطق : أنت عندكم كلب

السائل : لا

شول : طيب أنت ود حرام .

وإذا كان تفسير حزب الشعب على طريقة جاليلو أو على طريقة شول فالنتيجة واحدة أنني طلعت ( فالسو مضروب ياعالم ، حسبي الله ونعم الوكيل )

ولتخفيف المصيبة على نفسي كانت المحاولة الأخرى ولكنها كانت ناجحة هذه المرة وعنوانها ( الموت مع الجماعة عرس ) طمئنت نفسي بأنني لست الوحيد الفالسو كل الحضور 350 كلهم تايواني مثلي ، رغم أن بعضهم كانت تعجبني ربطات أعناقهم الغليظة منها والضعيفة رغم أنني لم اظهر ذلك ، كيف أفعل ذلك وأنا الذي كان يعتقد قبل بيان حزب الشعب أنني أبن الأكرمين .

ليس هذا وحسب بل أن التايواني الفالسو تتجاوز هؤلاء إلى كل الذين مثلوهم في الملتقى ومنهم تنظيمات التحالف العشرة بقياداتها طلعت فالسوا يا عالم والله حكاية ، أما التنظيمات خارج التحالف التي قيل لنا أنها شاركت كلها في الملتقى فطلعت أى كلام والله فالسو كبير ، ولكن المصيبة الأكبر أن كل المنظمات المدنية في أروبا أخذت نفس العلامة ، اللاجئين من السودان واثيوبيا ، والرعيل وهلم جرا فالسو في فالسو، الآن اكتشفت لماذا غابت منظمتان فقط من جملة منظمات شبكة المنظمات المدنية في أوروبا ، ومنظمتان من منظمات التضامن العالمي في أمريكا ، ببساطة لأن الدماء الزرقاء التي تجري في عروقهم لا تناسب الانضمام إلى عالم الفالسو ، وعادة الأصلي نادر كما هو معروف .

في هذا المقام لا املك إلا أن أعتذر لأصدقائي الذين أوهمتهم أنني إرتري أصيل لا يقبل الاستئناف أو الطعن  ، وشكرا لحزب الشعب الذي عرفني بنفسي وبقدري ، وكما يقال أن تعرف متأخرا خير من أن لا تعرف ، فبملئ إرادتي وقواي العقلية أعترف اليوم بأنني فالسو ولكن لست وحدي فكلنا في الهوا سوا ماعدا حزب جاليلو وسدرى والأخوة في جنوب أفريقيا وموقع عدوليس الذي يحاول أن يكون أصليا يابانيا ( المحاولة برضو ما فيها عيب ولا مو كدا ) فها أنا باسم كل مجتمع الفالسو اسلم لكم القيادة ، وأعلن الولاء والطاعة ، وعمرها العين ما تعلى على الحاجب ، وأعتذر أن تطاولت عليكم ظناً مني أنني أبن الأكرمين . إلى أن اكتشفت أن بعض الظن إثم .

عزيزي القارئ أكرمك الله  فلتعلم أني ومعي عالم الفالسو على حد وصف حزب جاليلو ، أو الرعاع المفلسين على وصف صاحب عدوليس ، ما علينا أن نقلق بعض الآن ، كيف نقلق والصفوة المختارة من اصحاب الدماء الزرقاء سيعقدون ملتقى حقيقي في القريب العاجل ، وهذا الملتقى سوف يحضره الذين يملكون مفاتيح الحلول، على قول السيد حمّد كلو الذي نطق أخيرا ، وكنا طوال هذا الزمان المتطاول ننتظر منه كلمة اعتذار ، ليس لخدمته للنظام الدموي الدكتاتوري ، فالكثيرون لا يزالون يفعلون في السر والعلن ، ولكن كلمة اعتذار يريح بها ضميره ، وهو الذي كان يبيع عذارى إرتريا في سوق النخاسة في سوريا ولبنان ، ويستحلب دمهن وعرقهن حلالاً بلالاً لتسير أعمال القنصلية ، وبناء مزيد من السجون في إرتريا ، ولكن فجأة صنف السيد كلو نفسه في قائمة أصحاب الدماء الزرقاء الذين يملكون مفاتيح الحلول ، والذين لا يختلطون في ملتقيات الفالسو والرعاع التي يحضرها أمثالي .

كل ما نملكه في هذا المقام هو ان ندعو للصفوة ملاك الحقيقة والحلول ، بما دعا به عادل إمام اللهم هؤلاء الصفوة المختارة ونحن الفالسو الرعاع ، اللهم جوعنا وشبعهم ، اللهم أفقرنا وأغنيهم ، اللهم عطشنا وأوريهم اللهم أنفخنا و……. الخ

يا هؤلاء كما يقول المثل إذا لم تستحي فأفعل ما تشاء ، ولكن تذكروا أن التاريخ لا ينسى ولا يرحم .

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=9078

نشرت بواسطة في سبتمبر 2 2010 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010