المعارضة الاريترية… خطاب مفقود

 لاشك ان نظام افورقى الحاكم فى اريتريا منذ عام 1993 يفتقد الى ايديولوجية رسمية للدولة تحدد شكل النظام الذى من خلاله يمارس سلطة الحكم وان النظام السائد هو مزج للسلطات وتركيزها فى ادارة شخص واحد او هيئة واحدة وان الديمقراطية لا تتحقق الا اذا تم تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات وان اكثر سمة تميز بها هذا النظام هو عدم فصل بين السلطات الثلاث فالسلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية تتمركز فى يد رأس النظام(اسياس افورقى) وبذلك استحق وبجدارة ان يلحق النظام باسمه فلا وسائل لاسناد السلطة الى مؤسسات الدولة ولا يملك الشعب سيادته فالعلاقة بين افورقى ووزرائه وشعبه ليست علاقة تبادل راى وانما علاقة معلم يلقن تلاميذه ولا يقبل النقاش وهكذا عجز المجتمع عن التحرك واصبحت الامة غير قادرة على تحمل المسؤليات كما اصبحت العواطف هى الحكم على الامور مع عدم تمكن الجماهير من تحكيم عقلها فى المسائل القومية والوطنية نتيجة لردود الافعال العاطفية التى يتركها رأس النظام مما ادى الى عدم فعالية السلطة الا بالاهتمام بابراز شخصه فى الخطب والمقابلات والزيارات الخارجية والمساهمة فى المؤتمرات الدولية وتاتى الوظائف الاخرى فى المقام التالى وبصورة مشلولة مما اضعف قدرة السلطة على حل المشاكل التى تواجه المجتمع ولان افورقى يرى فى ممارسته نشاطه السياسى صراعا يسمح لمن يتولى السلطة بالسيطرة على المجتع مستفيدا لشخصه من هذه السيطرة ويهدف منها بالتالى الى الاحتفاظ بامتيازات لاقلية معينة ، وقد اعتمد لتنفيذ اهدافه السياسية على نظام الحزب الواحد مبررا عن رغبته فى الحفاظ على الوحدة الوطنية ومدعيا ان نظام تعدد الاحزاب يهدد البلاد بانقسامات قبلية واقليمية ومدعات لتدخل قوى اجنبية فى الشأن الاريترى مع وجود عدم كفاءة النخبة السياسية والادارة القادرة على تبنى وتسيير نظام التعددية الحزبية بشكل يفيد المجتمع وعلى خلفية هذا التبرير اعلن عن الحزب الحاكم فى العام 1994 كحزب يمارس السلطة باعتباره هو الطليعة والنخبة الواعية التى تتعهد باقناع الجماهير والاداة المحركة للمجتمع فى المجالات والانشطة السياسية والاجتماعية من غير ان يهدف الى ايقاظ الوعى السياسي لدى الجماهير وانما يتجه نحو العواطف ولا يخاطب العقول، وباعتباره تنظيما عسكريا فانه يهتم فى المقام الاول بالامن والبوليس ولذا يتشكل حزب (هقدف) كجهاز يتولى حراسة جماهير الشعب لاقناعها بشرعية سلطة القادة ونظامهم السياسي الذى يتكون من  ستة اجهزة مركزية وهى(1)الحزب (2) الجيش (3) ادارة الدولة (4) البوليس السياسي(5) البيروقراطية (6) المنظمات الجماهيرية (اتحادات الشباب والمرأة والعمال) وان احد هذه الاجهزة المركزية يفرض نفسه با عتباره الجهاز الرئسي محولا الاجهزة الاخرى الى اجهزة ثانوية تعمل تحت سيطرته وسلطته وهذا الجهاز الرئيسى هو الجيش ويلاحظ هذا جيدا فى التقسيم الادارى الحقيقى الجديد والذى اتبعه النظام لفرض سيطرته على مجريات الاحداث وان اجتماع بارنتو مؤخرا اكد على هذا المبدأ مع تاكيد القيادة العليا لرأس النظام الديكتاتورى مسببا المزيد من ايقاف عجلة التطور والتنمية فى البلاد والهدف واضح وجلى هو الحفاظ بالقوة على النظام التقليدى العام ولتحيق الاهداف السياسيةالمرجوة التى من اجلها قام النظام للحفاظ على طموحات الاقلية التى يمثلها دون الاكتراث برغبات وتطلعات الجماهير العريضة من ابناء الشعب فى تحقيق مبدأ المواطنة وكفالة الحريات العامة للجميع ، وللحقائق السالفة الذكر فان نظام افورقى استحق وبجدارة ان يكون نظاما ديكتاتوريا قمعيا يمارس ارهاب الدولة ضد مواطنيه وجيرانه غير آبه بالقوانين والاعراف الدولية والانسانية التى تحرم انتهاك حقوق الانسان وعدم التدخل فى شؤون الغير، ولذلك اصبح ان من اوجب واجبات الشعب الاريترى والمجتمع الدولى اقتلاع هذا النظام من جذوره وانقاذ ما يمكن انقاذه من مصالح وممتلكات البلاد والعباد وتقع مسؤلية التعبئة العامة على عاتق المعارضة باعتبارها الطليعة التى يتطلع الشعب من خلالها الى مستقبل افضل، فاذا كانت المعارضة بالفعل تسعى الى الوصول الى السلطة وخلق واقع جديد يساهم فى امن واستقرار الشعب فعلى المعارضة ان تلملم شتاتها وتتحول الى مقاومة شرسة لا تعرف التهاون والتنازل عن مسؤو لياتها الوطنية عند اذ وحسب المعطيات السياسية والموضوعية فان الشعب الاريترى سيقف مع المقاومة وبكل ما اوتى من قوة مادية ومعنوية وبشرية رغم جراحاته الاليمة والعميقة كما وان الاصدقاء والاشقاء فى دول المهجر سيدعمون بالتاكيد لهذ التوجه مع قوى دولية اخرى من اجل ارساء الامن والسلام والاستقرار بمنطقة القرن الافريقى وحوض البحر الاحمر مما سيؤدى بدوره الى السلم والامن الدوليين.

الا ان ومع الاسف الشديد فان المعارضة الاريترية الحالية والموجودة على الساحة تفتقد الى خطاب سياسيى يرقى لمستوى متطلبات المرحلة الحرجة التى يعيشها الشعب والوطن كما وانها تفتقد الى المؤسسية التنظيمية مع عدم وجود المشروع السياسى المتكامل البديل ولذلك على المعارضة ان تقدم اولا ما يثبت انها معارضة حقيقية تهدف الى ازالة النظام الحاكم وارساء قواعد نظام ديمقراطى يكفل الامن والاستقرار محليا واقليميا ودوليا، واول شيئ تستطيع ان تقدمه المعارضة لجماهيرها هو ذلك التنظيم الدائم على المستويين القومى والمحلى يسعى للحصول على مساندة شعبية يهدف من خلالها الوصول الى السلطة وممارستها من اجل تنفيذ سياسة محددة وفق هذه الشروط:-

اولا:- استمرارية التنظيم

والعملية التنظيمية المستمرة تحمى التنظيم من ان يتحول الى جمعية او زمرة او جماعة او عصبة ويحميه ايضا من الزوال بعد اختفاء مؤسسه

ثانيا:- اقامة علاقات مستقرة بين المستويين المحلى والقومى وذلك لحمايته التنظيم من تحوله الى هيئة برلمانية التى لا وجود لها الا على المستوى القومى ويكون للتنظيم انتشاره الكامل على المستويين المحلى والقومى على مستوى اقاليم الدولة وبلدان المهجر

ثالثا:- الرغبة فى الوصول الى السطة وممارستها

لان الهدف المباشر للتنظيم هو السيطرة على السلطة وممارستها وهذا ما سيميز التنظيم عن جماعات الضغط التى لا تهدف الا على التاثير على من يمسكون بالسلطة لتحقيق مصالح الجماعة الضاغطة

رابعا:- العمل على تأطير وتعبئة الجماهير سعيا لتكوين قاعدة شعبية عريضة ومنظمة يرتكز عليها التنظيم.

فان عملت المعارضة من قبيل هكذا استراتيجية فانها وبكل تاكيد تكون قد قدمت لقواعدها العريضة مؤسسة تنظيمية قوية تتجدد باستمرار لتواكب التطور الهائل الذى يسيطر فى عالم اليوم وبما ان التنظيم ليس هدفا فى حد ذاته وانما يقام التنظيم من اجل تحقيق هدف معين بوسيلة اكثر فاعلية، وهكذا تكون المعارضة الاريترية قد اعدت نفسها لمعركة طويلة وشائكة تحتاج الى خطط تكتيكية واستراتيجية ووقت كاف يسترد من خلاله شعبنا الاريترى سيادته وكرامته الانسانية و تحقيق سيادة القانون والعدل والسلام فى ربوع الوطن الجريح.

مع تمنياتى ان يتحقق ذلك وقبل فوات الاوان

قسورة                                                                     moday_moday@yahoo.com

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6496

نشرت بواسطة في مارس 13 2005 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010