المفوضية الوطنية الارترية للتغيير الديمقراطي اختبار للإرادة 2ـ3
إن الأوطان لها حق على رقبة كل مواطن فيها وان الذي لا يحب الخير لوطنه ليس جزء من هذا الوطن والادعاء بحب الأوطان يصبح فارغا إذا لم يكن له برهان من عمل .
والوطن لا يصبح وطنا إذا لم تكن وشيجة الصلة بينه وبين بنيه قوية متينة والوطن لا يسمى وطنا إلا أن يكون على تلك الأرض أناس يعيشون عليها يخدمونها فتعطيهم ، يعزونها فترفع رؤؤسهم ، يفدونها بكل ما يملكون فتعطيهم أغلى ما تملك وهو الاعتزاز والفخر والحماية.
ارتريا غالية على أبنائها ارتريا أخذت من أبنائها كل غال ونفيس الأرواح والمهج حتى صارت دولة بين الأمم ، ولكن حتى الآن ارتريا صارت لحفنة من أبنائها الذين استأثروا بثمرات النضال المتمثلة في كل معاني السمو والعزة التي ضحى الشعب من اجلها.
كما أسلفت في الحلقة الفائتة إن إرادة الخير للوطن لم يستطيع اسياس اقتلاعها رغم محاولاته وان ارتريا لن تكون إلا لكل الارتريين صار يقينا لا يتزعزع لدى كل الارتريين بالرغم من محاولات نظام هقدف الضرب على الوتر الحساس المتمثل في القوميات والمناطق .
ولأجل الوطن لاحت ظواهر في الداخل والخارج تجلت لدى شعبنا تعبر عن الاستياء من الوضع القائم وتمقت الصمت المريب والسكون الذي يؤدي بالحياة في بلادنا إلى القاع والحضيض .
فكلنا يذكر كيف أن أفراد قوات الدفاع الارترية بعد أن أحسوا بتجاهل اسياس لهم لأنهم طلبوا منه الجلوس إليهم والاستماع إلى همومهم التي أملتها ظروف الاستقلال ، وقد أدت به غطرسته إلى أن يرسل إليهم حديثه مسجلا على فيديو وكان هذا الحدث قمة في الاستخفاف بهؤلاء المناضلين الشرفاء ، فكان ردهم أن حاصروا اسمرا وجرجروه على رجليه إلى ساحة شيشروا فتحدثوا إليه بكل ما لديهم وكانت نواياهم طيبة ورغباتهم كانت في إطار تحسين أوضاعهم كقوات دفاع ارترية ، وقد وعدهم بتنفيذ طلباتهم وفي باطنه كان يضمر لهم شيئا آخر.
وكعادته انقض اسياس على الجيش من خلال تفتيت الوحدات وإعادة تقسيمه وتوزيعه وأودع من يخشاهم أو يشكك في ولائهم له من القيادات في السجون والمعتقلات.
ولا ننسى في هذا السياق أن نذكر احتجاجات أساتذة وطلاب جامعة اسمرا على التدخل السافر للنظام في تغيير سياسة الجامعة حيث أراد ثنيها عن رسالتها الأكاديمية لتكون مسيسة تخدم أجندته الخاصة .
فما كان من اسياس إلا أن اصدر قرارا بإلغاء الجامعة الوحيدة في البلاد وبدلا عنها استحدث الكليات هنا وهناك لتغطي الفراغ الذي أحدثته الجامعة وهكذا بدلا من تقوية صروح العلم في البلاد وبناء العديد من الجامعات اهتم ببناء معسكرات التدريب بهدف عسكرة المجتمع الارتري خاصة الشباب حتى يشبوا على الانقياد والطاعة العمياء .
وفي عام 2001م أغلق كل الصحف المستقلة التي كانت وسيلة تعبير سلمية عن تطلعات الارتريين لمستقبل بلادهم ونظرتهم للأوضاع آنذاك والانتقادات اللاذعة التي كانت توجه إلى الحكومة واعتقل محرريها ومن كان يعمل بها والبعض منهم فر بجلده ، اسياس انزعج جدا من هذه الظاهرة وأحس أنها مكمن الخطورة لأنها تطلع الناس على الأسرار وتكشف لهم المستور وما يدور في الخفاء وهو لم يتعود على مثل هذا المشهد طيلة حياته في النضال حيث الثورة والهدف المشترك للجميع هو تخليص البلاد من المستعمر ونيل الاستقلال .
فما كان منه إلا أن صادر حق التعبير الذي كفلته كل الدساتير الدولية وكفله دستور ارتريا الذي لم يرى النور وحتى قرارات مؤتمر الجبهة الشعبية في عام 1994م أكدت على هذه الحقوق بل مخرجات ذلك المؤتمر ذهبت إلى ابعد من ذلك وهو تسليم السلطة إلى الشعب ولكن اسياس ومن معه من العصابة قضوا على أحلام الارتريين وعادوا بنا للوراء .
هذه هي بعض من الأحداث الظاهرة وهناك على المستوى الفردي الكثير من محاولات إسماع اسياس كلمة لا للطغيان لا لحكم الفرد وتسلطه لا للاستعباد باسم الوطنية ، وهي محاولات خيرة أرادت ثني اسياس عن تنفيذ مشاريعه الخاصة ليجعل من ارتريا كأنها مزرعته وشعبها هم من القطيع هو من يقرر في مصيرهم ومن يتحدث عن مستقبلهم وعاقبة أمرهم وهذه المحاولات أكدت أن الإرادة الارترية بخير ولازالت حية تستمد حيويتها من معين النضال الارتري الذي يعد مفخرة أفريقيا .
وسآتي في الحلقة القادمة كيف أن عناد اسياس واستمتاعه بالمشهد الارتري الذي هو من يخطط له قد جعل من بلادنا أن توصف بالدولة الفاشلة وأؤكد فيها كذلك بان إيجاد المفوضية الوطنية الارترية للتغيير الديمقراطي هو اختبار حقيقي لإرادتنا ، يضعنا نحن الغيورين على الوطن على المحك لنعبر من خلال المؤتمر القادم عن رغبتنا في أن نبقى ارتريين مرفوعين الرأس وتبقى ارتريا بسيادتها حرة ولكل الارتريين إلى الأبد .
بقلم / أبو عبدالرحمن الجبرتي
20/2/2011م
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=11258
أحدث النعليقات