المواقع الارترية المستقلة مالها وما عليها

بقلم : صالح عثمان علي خير

 

في ظل هذا التطور الذي يشهده العالم في وسائل التواصل والاتصال نجد أنفسنا بحاجة إلي متنفس لتفكيك ما يواجهنا من مشاكل علي مستوي الوطن الارتري بأسره وهو موضوع مصيري ووجودي إن أحسنا إدارة الحوار والتواصل البناء بيننا ومن أهم هذه الوسائل هي المواقع الالكترونية الارترية المستقلة مثل “النهضة – فرجت – عدوليس ….الخ ” لأنها توفر حيزا مرنا ومستقلا يمكن أن يسهم في عكس ما يجول في أذهاننا من خواطر وأفكار وأراء تثري ساحة العمل الوطني خاصة وان العالم أصبح عبارة عن قرية صغيرة وساحة مكشوفة يسهل قراءتها لمن أراد أن يري الحقائق ويفهم ما يدور حوله من أحداث وتطورات تؤثر في حياته حاضرا ومستقبلا لذلك فوجود مثل هذه المواقع مهم وضروري خاصة في ظل هذا التعدد التنظيمي الكبير وتغير خارطة تحالفات هذه التنظيمات بين لحظة وأخري في ظل المؤثرات المحلية والإقليمية والدولية وتواصل هذه التنظيمات وتجاذبها مع هذه المؤثرات من خلال قراءات وإغراءات مختلفة يمكن أن تؤثر علي مجمل مسيرة العمل الوطني سلبا أو إيجابا وفي هذا المقام لابد من الإشادة بجهد ومتابعة ومثابرة الأخوة في موقع النهضة{محمد علي شيا ورفاقه} وكذلك الأخوة في” فرجت- عدوليس….الخ” الذين يجتهدون في تمليك الحقائق وكل ما يدور من أحداث وتفاعلات في أطار هذه الفصائل المتعددة التي يبحث البعض منها عن موطئ قدم ليكون عنصرا مؤثر ومقبولا في إطار الحسابات الإقليمية والدولية دون أن يعي متطلبات هذه القوي وحساباتها التي تنطلق من مصالحها الذاتية أولا وأخيرا وهي تبحث عن حالة ضعف وتشتت رؤية للآخر حتي تأخذ منه ما تريد دون أن تعطيه ما يريد والشواهد في هذا المجال كثيرة أبرزها تحالف صنعاء الذي وعد بتوحيد قوي المعارضة الارترية ودعمها والتنسيق معها في كل تحرك يمكن أن يسهم في إسقاط النظام في ارتريا ، ولكن تغيرت حساباتهم وتبخرت وعودهم والتزاماتهم تحت مبررات وحجج واهية فحسابات مرحلة الثورة التي كانت تنطلق من التعاطف قد انتهت باستقلال ارتريا وبدأت مرحلة جديدة لمعارضة ترفض مظالم وتبحث عن حقوق في ظل دولة قائمة وهذه المرحلة تحكمها عملية توازن قوي ومؤثرات مصالح ومن الطبيعي أن دول الجوار أو المحيط الإقليمي أو الدولي يقرؤون خارطة هذه التوازنات بشكل جيد دون مؤثرات عاطفية أو ظرفية عابرة ، لهذا يجب علينا قراءة أنفسنا بشكل جيد وأن نعيد تقديم أنفسنا للمحيط الإقليمي والدولي بشكل متماسك من خلال رؤية متماسكة ونرتب البيت الارتري لخلق قوي متوازنة في أطار رؤية مشتركة تحفظ الحقوق وتصون المبادئ بشكل منصف ومتوازن لجميع مكونات الشعب الارتري .

لذلك فنحن بحاجة إلي حوار جاد ومسئول لخلق أرضية مشتركة يسهم فيها الكل عبر القلم الواعي والنزيه وهذا لا يتوفر إلا عبر المواقع الارترية المستقلة التي حققت ولله الحمد نجاحا منقطع النظير حيث أن هناك حالة حوار ومتابعة لمستجدات الساحة الارترية وقراءة جيدة لما يدور في إطار التحالفات المتحركة لقوي المعارضة الارترية وهنا أود أن أؤكد علي الدور المتميز الذي لعبه موقع النهضة في متابعة وكشف وقراءة كل ما يجد من تحالفات أو حوارات يمكن أن تسهم سلبا أو إيجابا علي مجمل العمل الوطني بالرغم من أن هذا التواصل والمتابعة من موقع النهضة لم يرضي بعض الأخوة وشنوا علي من يديرون هذا الموقع هجوما غير مبرر لنشره محضر اجتماع أو غيره من الأخبار والتسريبات التي حصل عليها من مصادره وهذا شيء طبيعي في ظل العمل الإعلامي في هذا الوسط الشائك الذي يعيش أزمة ثقة وكان الرد الطبيعي علي هذه الأخبار والتسريبات هو الرد بشكل موثق وببيان مسئول ينفي أو يؤكد صحة هذه الأخبار والتسريبات أما أن يتطاول عليهم البعض ويصف الموقع بالقبلي ويهدد ويتوعد بالويل والثبور وعظائم الأمور فهذا شيء مشين في حق من كتب ومن طلب منه أن يكتب وهو يعبر عن حالة ضعف هذه التنظيمات قيادة وقواعد لأن من يرفض النقد ويسعي إلي تكميم الأفواه في ظل العمل السياسي وهو لازال بعيد عن مقاليد السلطة فماذا سيفعل عند استلامه للسلطة لا قدر الله ؟

والسؤال المنطقي هو هل ينطلق هؤلاء من منطلق قبلي أم من منطلق تنظيمي ؟

خاصة وان الأخبار والتسريبات التي نشروها لم تقتصر علي تنظيم بعينه بقدر ما كانت متنوعة وقد أخذت من كل بستان زهرة مثل تناولهم المتواصل للأخ/عمر جابر المبدع والمتجدد دوما والذي يسعي إلي البحث عن شاطئ وموطئ قدم سياسي في ظل هذا التعدد التنظيمي وهذا حق طبيعي وهو يحاور الكل ويستأنس برأي الكل وهذا شيء ايجابي سواء اختلفت معه أو اتفقت معه فهو يستحق التقدير وهو لا يبادر إلي الهجوم والانتقاص من الآخر ولم يرد رد الأسد الجريح الذي يهاجم دون أن يعي عواقب هجومه وهذا ديدن كثير من الأخوة والتنظيمات الواعية والمسئولة التي تعي أن النقد البناء هو وسيلة لتطوير الذات والانطلاق نحو أفاق رحبة تخدم القضية وتصون الحقوق لكل فئات المجتمع الارتري دون افتئات أو تجاوز لأحد .

إن من يريد أن يدافع عن تنظيم أو قائد معين في أطار التزامه الخاص بهذا التنظيم أو ذاك فعليه أن يقوم بذلك في إطار المواقع الخاصة بهذه التنظيمات ويقول ما يشاء من تعظيم وإطراء لقيادته واجتهاداتها وهو حق مكفول ضمن شرائع هذه التنظيمات وولآتها ، لأن المواقع المستقلة هي مرآة عاكسة لمعاناة وتطلعات المواطن الارتري الذي يجد في هذه المواقع مساحة حوار وتواصل تتلاقح فيها الأفكار وتنضج فيها الآراء وتتضح فيها الرؤى وتسهم في إزالة الحاجز النفسي الذي تراكم مع الأيام والسنون العجاف التي مرت بالشعب الارتري في ظل تنظيمات وقيادات انتهازية أضاعت بوصلة الحوار وضيعت الهدف وشتت الرؤى وأدخلتنا في هذه الدوامة الرهيبة التي نعيش فيها ، فضرورة الحوار تتطلب ضرورة وجود مواقع مستقلة تسهم في خلق حالة تواصل فكري بين أبناء المجتمع الارتري بمختلف أطيافه وانتماءاته وولآته وارتباطاته الاجتماعية والسياسية وبحكم التباعد المكاني الذي فرضته ظروف اللجوء والهجرة علي الشعب الارتري نجد أهمية المواقع الارترية المستقلة لتكون وسيلة اتصال وتواصل ذهني ومعرفي بين أبناء الشعب الارتري لما يدور من أحداث وتطورات تؤثر سلبا أو إيجابا علي مصيرهم ومستقبلهم ومستقبل أبنائهم لأن الهجرة المكانية محدودة زمانا فهي إلي منتهي إنشاء الله لأن دوام الحال من المحال ، لذلك من المهم أن نوجد مساحة تفاهم وأرضية مشتركة من خلال التناول الواعي والبناء للمشاكل والمعوقات التي تعترض مسيرتنا الوطنية لنسهم في تقريب الممكن من وجهات النظر بين هذه الفصائل والتنظيمات التي أبتلينا بها وهي بالتأكيد ليست كلها شر وأن كان من بينها شرر يمكن أن يفسد فرص التلاقي والتفاهم بين القوي النزيه والحادبة علي مصلحة الوطن الارتري وليس من الضروري أن تكون هذه الفصائل ذات حجم وتأثير كبير لأن معظم النار يمكن أن يأتي من مستصغر الشرر ، لذلك ينبغي أن نجتهد ونجاهد في عزل كل من يسعي إلي خلق خلاف وبؤر توتر من خلال تحريك عناصر القبلية والإقليمية والطائفية ومحاولة وصم كل من يخالفهم بالقبلية والعشائرية الضيقة لشيء في نفس يعقوب وإن تحصن أو حاول بعضهم أن يتحصن بمبادئ الديمقراطية والشعارات الرنانة أو حتى أن يتخفي بعضهم خلف الدين لتبرير وتمرير مشاريع لا تخدم المصلحة الوطنية في ظل هذه الظروف الصعبة التي تحاصرنا والواقع الاقتصادي المتردي الذي يعيشه أبناء شعبنا في الداخل والخارج فهل من صحوة ؟

لقد أفسدوا الماضي بهذه الترهات وفجروا صراعات وتسابقوا لاكتساب مواقع وتحقيق مكاسب وهمية بتحالفات مغلوطة أوصلتهم إلي نتائج مغلوطة وحصدوا سرابا وحنظلا مرا لازالت مرارته في حلوقهم لقد سعوا إلي هزيمة الآخر وتحقيق مكاسب ظنوا أنها سهلة المنال فكانت النتيجة هزيمة مرة وعدم انكسار الآخر الذي ظنوا أنهم سيكسرونه بهذه الترهات والسباقات المغلوطة زمانا ومكانا ، لهذا يجب أن لا ندعهم يفسدون المستقبل لأن السياسة هي انعكاس للواقع الاجتماعي ومكون أساسي لصيغ التحالف التي تصون حقوق القوي المتعايشة والمنسجمة والتي تعي أنها لا يمكن أن تحقق أي مكاسب بعزل الآخر وإنما الحرص المتبادل بين مكونات المجتمع الارتري هي التي تصون الحقوق وتحفظ وحدة البلاد والعباد في نسق يحقق ويخدم المصلحة الوطنية ويحمي تطلعات الشعب الارتري .

ولكن ما المطلوب من هذه المواقع المستقلة ؟

اعتقد بأن المواقع المستقلة عليها مسؤولية كبيرة وأولها أن تحافظ علي استقلاليتها وعدم انحيازها لأي رأي أو موقف وأن تسعي لأن تكون مرآة عاكسة لما يحقق المصلحة الوطنية الارترية وأن تكون بوابة حوار وتفاهم وتقريب لوجهات النظر بمختلف مشاربها وانتماءاتها في حدود ما يحفظ استقلالها ولا يتناقض معه وأن تسعي وراء المعلومة الصحيحة لكل ما يموج في الوسط الارتري من فصائل وتنظيمات وأراء مستقلة وصولا لمساحة تلاقي وأرضية تفاهم مشترك تسهم في تقريب المتقارب بين هذه الفصائل والتنظيمات وتكشف المتآمر والانتهازي منها خاصة في ظل العلاقات الأمنية المتشعبة بين بعض هذه الفصائل والتنظيمات وبين قوي إقليمية ودولية وحتى بعض دول الجوار والتي تجد فيها مصدر أو مصادر لمعلومات تخدم مصالحها الخاصة وتبقي علي شعرة معاوية مع هذه الفصائل الضعيفة التي تتوهم بأن في ذلك حماية لها ومكسب تعزز به تواجدها في الوسط الارتري من خلال إيهام الآخرين بأن لها امتدادات وعلاقات إقليمية ودولية تسهم في إبراز دور هذا التنظيم أو ذاك ، لذلك من الضروري أن تلتزم المواقع الارترية المستقلة بما يلي :ـ

1. أن تكون محايدة قدر الإمكان في عكس الحقائق والآراء التي تصلها أو المعلومات التي تحصل عليها في حدود ما يخدم المصلحة الوطنية الارترية مع توفر قدرا معقولا من الحياد الايجابي وبما يتناسب وسياسة وتوجهات هذه المواقع .

2. إن من يكتب رأيا أو مقالا في هذه المواقع ينبغي أن يكتبه باسمه الصريح دون خوف أو وجل لأن الرأي قبل أن ينشر هو ملك لصاحبه أما بعد أن ينشر فهو حق مشاع يحتمل الصواب والخطأ وهو قابل للنقد والتصويب والإشادة ، لذلك يجب عدم النشر للخفافيش والأسماء الوهمية التي تتخفي لتحقيق مكاسب انتهازية وتجريح وزرع الفتن والنعرات القبلية والإقليمية بين أبناء الشعب الارتري بمختلف انتماءاته وولاءاته .

3. أن تتيح مساحة للرد والردود الايجابية المتبادلة شريطة أن تبعد وتبتعد عن مثيري النعرات القبلية والإقليمية الضيقة لأننا بحاجة إلي وجود مساحة تلاقي وحوار ايجابي يفرز خطوات بناءة تسهم في صياغة متقدمة وواعية لمجمل الطموحات والآمال المستقبلية لغد مشرق وضاء بعد رحلة المعاناة والهجرة الإجبارية التي عاشها المواطن الارتري في مختلف بقاع العالم .

4. ضرورة تحري الدقة في مصادر المعلومات من باب الأمانة الصحفية أولا ولحماية بعض من تستهدفهم أقلام مغرضة تسعي إلي التشويش وخلق حواجز نفسية لتفكيك فرص التلاقي والحوار الجاد بين القوي الحادبة والحريصة علي المصلحة الوطنية ولحماية المواقع المستقلة نفسها من أي استهداف وإدخالها في معارك جانبية تلهيها عن مهمتها الأساسية في تنوير المواطن الارتري وكشف كل استهداف وتلاعب بالمصلحة الوطنية التي يفترض أن تعلو علي كل الحسابات الجانبية للقوي والتنظيمات الارترية .

5. الكلمة المسئولة ضرورة والرأي الشجاع موقف والفكرة الواعية الحريصة علي المصلحة الوطنية أمانة وهي سلاح وأداة صراع تسهم في حسم كثير من المعارك خاصة عندما تكون شجاعة ومعبرة فشجاعة الرأي هي وجه آخر لشجاعة المقاتل فكلاهما يفتدي قناعاته بروحه فكم من شباب حملوا أرواحهم في أكفهم وواجهوا الأهوال والصعاب فلولا تلك الإسهامات المتراكمة من شباب أمنوا بربهم وبقضيتهم لما كان النصر ولا الاستقلال لذلك من يتخفي خلف كلماته وقناعاته تحت مبررات واهية وترهات أمنية مفترضة لشيء في نفس يعقوب لا تستحق النشر ولا الرد مثلها مثل الكلمات التي تقتات بمعانيها لاهثة وراء مصالحها وتزرع الخبائث والفتن هنا وهناك فهل من مدرك لمقاصد ومرامي هذه الفئة الضالة المضلة ؟

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=10021

نشرت بواسطة في ديسمبر 18 2010 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010