الموبقات التسع (2)
عمر جابر
ثانيا: إهدار حقوق الإنسان ومصادرة الحريات
بعد رحلة طويلة من العذاب والتشريد والإضطهاد خلال الحقب الإستعمارية المتعاقبة كان أمل الشعب الإريترى وحلمه الكبير ان تشرق عليه الشمس ويعيش فى وطن حر آمن وديمقراطى ولكن خاب أملهم وانقلب الحلم الى كابوس ووجدوا انفسهم فى سجن كبير لا بوابة له ولانافذة.
فى العهد الإستعمارى واجهوا انواع شتى من العذاب والاعتقال واحراق القرى والمحاكمات التعسفية …ولكن أن ياتيهم ذلك من بنى جلدتهم ومن سجون (نظام وطنى) فذلك ما لايمكن قبوله ولا فهمه.
أصبحت اريتريا بعد الاستقلال سجنا كبيرا لا ينجو أحد من الدخول فيه: النساء والرجال – الشيوخ والشباب- رجال الدين والصحفييين وأصحاب الضمير. لم يحدث فى التاريخ الاريترى الحديث – اى منذ أن تأسست مستعمرة اريتريا عام 1890 أن تم اعتقال هذا العدد من الاريترين. لا توجد احصائيات رسمية فالحكومة لا تتحدث ولا تنشر شيئا ويمنع السؤال والمعلومات المتوفرة هى من المعتقلين ومن المساجين الذين يهربون الى الخارج ومن المتابعين لمن ضاع أثرهم ولم يعرف مصيرهم , التقديرات تقول أن عددهم لايقل عن عشرة آلاف شخص . تقرير مركز سويسرا لحقوق الانسان نشر قائمة لعام 2007-2008 تضم مائة وسبعة وثمانين فردا بعضهم قضى اكثر من عشرة أعوام دون محاكمة والبعض الآخر قضى نحبه فى السجن! إريتريا ليست عضو موقعة على اتفاقيات منع التعذيب والمعاملة غير الانسانية للمعتقلين ولا موقعة على اتفاقية حماية حقوق الانسان.
وزيرة العدل قالت: الحق لا يعطى متى يسأل عنه صاحبه او طلبه بل يجب ان يحصل عليه بالنضال !؟ تلك هى مسئولة تطبيق العدالة فى اريتريا ! انها دعوة (للمنازلة ) بين الحكومة والشعب – نحن وانتم ؟ الاعتقالات : بدأت منذ عام 1991 اي بعد التحرير وشملت :
1- مناضلين قدماء فى التنظيمات التى عادت بعد التحرير
2- جنود الشعبية الذين شاركوا فى المحاولة الانقلابية قبل اعلان الاستقلال.
3- جرحى حرب التحرير- المعاقين – فى ماى حبار
4- الجنود الذين يعبرون عن احتجاجهم على المعاملة السيئة ( جنرال بتودر ابرهة – قائد عسكرى من الشعبية .
5- المشتبه فى انتمائهم للجهاد الاسلامى .
6- العاملون فى منظمات الاغاثة الاسلامية .
7- (G15) ومؤيديهم من الجبهة الشعبية
8- جماعة انصار السنة 2004
9- الصحفيون
10- أتباع جهوفا – بعضهم لأكثر من 12 سنة
11- أعضاء من قومية الكوناما – بعضهم تم اعدامهم
12- قيادات وكوادر من جبهة التحرير والتنظيم الموحد بعضهم قبل التحرير تم اختطافهم من كسلا
13- سودانيون بعضهم توفى فى السجن
التعذيب:
كل فنون التعذيب تمارس ضد المعتقلين جسديا ونفسيا . مراكز الاعتقال منتشرة فى جميع انحاء اريتريا- وجميعها غير صحية وغير لائقة – يفترشون الارض ولا يأكلون الا وجبات نادرة وقليلة والرعاية الصحية مفقودة . هناك قوائم مفصلة بأسماء ومواقع تلك المعتقلات فى كتاب الصحفى النرويجى ( كيجيتيل تنرونفول) (منشور فى صحيفة عواتى)
القضاء: لايوجد قضاء مستقل فى اريتريا – هناك محاكم عسكرية تصدر احكامها بصورة عشوائية ومزاجية لأنه لاتوجد قوانين مكتوبة . قائد المحكمة قد يصدر الحكم دون ان يرى المتهم! بل واحيانا وهو ممدد فى فراشه !؟ لادفاع – لا استئناف
قادة الجيش لهم صلاحية المحاكمات الميدانية دون الرجوع الى اى جهة – بما فى ذلك عقوبة القتل ! المعتقل من يوم اعتقاله يفقد كل حقوقه وممتلكاته الشخصية والعامة !
لا يسمح لأهله بالسؤال عنه أو زيارته يدخل الى عالم (مجهول) لا يعرفه الا اصحاب القرار والسلطة النظام الاريترى رفض نداء المنظمات الانسانية العالمية وادار ظهره لطلب الاتحاد الاوربى بالتحقيق فى انتهاكات التى تجرى بحق المعتقلين وطالب الحكومة الاريترية بتقديم المتهمين الى المحاكمة أو اطلاق سراحهم.
لا يمكن التستر على جرائم ترتكب بحق شعب بأسره – نقول للضباط الذين ينفذون الاوامر ويمارسون التعذيب ضد المعتقلين :
إذا كنتم قد ناضلتم من اجل تحرير الأرض والإنسان فان ماتفعلونه يحرق الارض ويقتل الانسان – لن ينجيكم يوم الحساب قولكم انكم كنتم تنفذون الاوامر – انهم اخوتكم وآباؤكم وابناؤكم – قولوا لا .. لا للجلاد ولن يصيبكم اذى .. لن تذهب تلك الجرائم هباءا .. انها مسئولية النظام القادم – عليه ان يبحث وينقب ويقدم الى المحاكمة المجرمين الذين تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء . ويكشف للعالم كله بأن هذا الشعب الذى رفض الانحناء للمستعمر لن يقبل الركوع للظلم من بنى جلدته.
التاريخ لايسير الى الوراء .. قبل أيام – سبتمبر – احتفل الاوربيون بالذكرى السبعين للحرب العالمية الثانية والتى بدأت بغزو بولندا – اعتذرت رئيسة المانيا عن جرائم النازية واعتذر الرئيس الروسى عن تحالف الدولة السوفيتية مع النازية فى بداية الحرب .
ذاكرة الشعوب لاتنسى – على كل مسئول فى أي موقع فى سجون الشعبية أن يخلص ضميره ويعلن براءته من جرائم النظام .. كونوا إريتريين شرفاء تعملون على تنفيذ وصية الشهداء وليس تعليمات الجلادين .إ ن مايفعله النظام سيترك آثاره لأجيال قادمة والجراح الإجتماعية والثقافية ستكون أكبر وأكثر عمقا وتأثيرا فى المجتمع الاريترى ,
كان الله فى عون الشعب الاريترى .
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=40543
أحدث النعليقات