النسيج الاجتماعي ودوره في تعزيز الوحدة الوطنية

محمد علي ادريس

ان بناء الدول والمجتمعات يحتاج الى ايدلوجية سياسية شاملة تحوي كل مناحي الحياة العامة من اقتصاد ثقافة ،دين ،الخ………،وان غياب واحد من هذه المكونات يحدث خلل كبيرفي المجتمع المستهدف يدفع الشعب ثمنه غاليا في سنين لاحقة .

وان ما فعلته الجبهة الشعبية من فتق متعمد للنسيج الاجتماعي الارتري، هو اكبر كارثة يواجهها المجتمع الارتري حالاً ومستقبلاً، وسيكون اثرها مضاعفاً بعد سقوط الديكتاتور،اذا لم يتم وضع حلول مناسبة لها لان الذي حدث لا يمكن ان يندمل ببساطة، فالتغير الذي حدث في مفاهيم كثيرة كانت حتى وقت قريب من الزمان خطوط حمراء، لا يمكن تجاوزها مهما كان السبب اصبحت اليوم يسيرة وسهلة، بحيث لا يعئبه بها الكثيرون غبناً وعجزاً في مواجهة او مقاومة مثل هذه الافكار الهدامة، التي اسس لها النظام وشرعنها من دون واعز او ضمير، تحت لافتة المساواة بين الرجل والمرأة، واستغل النظام السذج والقصر من البنات والنساء ،وجعلهم نماذجاًً سيئة ومنحطة لسياسته الخطيرة، في بلد اصبحت فيه الحرية الجنسية متاحة حد القرف، وهي اقصى ما يمكن ان توفره الدولة من حريات.

فتدخل الحكومة في قضايا ومسائل اجتماعية يمثل الدين مرجعيتها الاسياسية، اصابت المجتمع الارتري في مقتل، فحين يحمي النظام ممارسة الدعارة والعهر تحت دعاوي الحقوق والمساواة وحرية الاختيار، ويصبح رجال شرطة النظام قوادين وحامين لاماكن الدعارة واوكارها، ماذا تبقى لهؤلاء من نخوة ورجولة؟ وكون هذا ضحك علي عقول الناس، انه كذلك مصيبة يمتد اثرها ليصيب المجتمع باكمله، بمشاكل تبدو الان خافية ولكن ستظهر جلية عند سقوط النظام الطائفي، فالوحدة الوطنية التي يتباكي النظام بالمحافظة عليها، لايمكن ان تقوم لها قائمة في ظل تشجيع ورعاية النظام لممارسة البغاء، خاصة القصر منهم والسماح للفتيات المسلمات بالزواج من المسيحين، والمسيحيات بالزواج من المسلمين غصبا عن ذويهم، بل الادهى والامر ان تاتي البنت ومعاها صديقها عيانا بيانا وامام ناظر اهلها وفي منزلهم المحترم، ولا يستطيع ولي امرها ان يحرك ساكناً، ويشاهد الجريمة كل افراد الاسرة دون ان يتصدى منهم احد، لان قانون الغاب الذي تستخدمه الدولة يبيح للفتاة ذلك وامام ذويها، واذا حدث وان اعترض احد من افراد الاسرة فان مصيره السجن هذا اقل عقوبة .

فالمجتمع الارتري الذي لم يعرف الاختلاط والتزاوج بين معظم مكوناته الا بعد انطلاق الثورة، لا يمكن ان تقبل او تستوعب ذاكرته الجمعية مثل هذه الزيجات والتي تقنن الزني المحرم، لان هذا المجتمع في معظمه محافظ ومتدين، كمايعتمد على القبيلة في كل مناحي الحياة فما بالك بالزواج، ومن دين اخر!!! فهذه لايمكن ان يتقبلها اي شخص حتي في المجتمعات المتحررة، والتي يتكون شعبها من طوائف وممل عدة، فمثلاً في لبنان التي يكثر الطوائف، اذ يعتبر الزواج من طوائف أخرى خط أحمر عند معظم الطوائف ان لم يكن كلها،والاسلام يمنع زواج المسلمة من مسيحي لكن لايمنع زواج المسيحية من مسلم، ولها الحق في ان تسلم او تبقى على دينها اما في المسيحية فاعتقد ان هذا مستحيل وهذا راي الشخصي، قياسا على بعض المواقف التي شاهدتها، فعند ما يريد المسيحي الزواج من مسيحية ومن طائفة اخري عليه ان يغير طائفته اوهي بالمثل، فكيف الحال من تكون مسلمة ،اي ان عليها اعتناق دين زوجها وفي هذا فك لعري الاسرة، وقد تحايل اللبنانيون على ذلك بما عرف بالزواج المدني، ففي كثير من الأحوال يعمد عدد كبير من اللبنانيين إلى تغيير دينهم أوطائفتهم ليتمكّنوا من الانفصال لأن طائفتهم تلزمهم بقوانين غير فعّالة بالنسبة إلى الطلاق، وهذا قريب الى حد بعيد جداً بالقانون الذي استخدمته الجبهة الشعبية في تزويج مقاتليها على مستوى الجميع ،ليحصد المجتمع الارتري اجيال من المفسدين عديمي الانسانية والضمير، والذين ادخلو الرعب والخوف في البيوت الآمنة، التي لم ترى مثل هذه الافعال الفاحشة، حتي في عهد الامبرطور القديس هيلى سلاسي، حامي حمى المسيحية في القرن الافريقي، بما يعني بان هذه الاستراتيجية لم تاتي من فراق، بل جاءت لخلق مجتمع منحل لا يعترف بالدين وليس له ثقافة او تاريخ، وينفذ سياسات الحكومة ويزيد عليها من عنده، لان الحكومة بالنسبة له هي الام والاب، في حين يمارس النظام طائفية بغيضة ضد معظم ابناء الشعب الارتري، اي ان هدف الحكومة هي ادامة سلطة طائفة معينة على حساب الاخرين، ويعمل هؤلاء، مجهولي الابوين ترس في ماكينة الدولة الاقصائية ولكل مصلحة في بقاء السلطان، ولكن ما لا يعرفه النظام ومنظريه او يتجاهلونه عن عمد، انه لا يمكن تغير معتقدات وقناعات الناس بالاكراه، ولو كان هذا ممكناً لما بقي شخص مسلم في الاتحاد السوفيتي سابقا، ولما خرجت من تحت عبائته هذه الدول المسلمة بعد تفككه وتجزئه، بعد ان مورس بحقهم الكثير من الجرائم والانتهاكات، لكن لم تستطع هذه الجرائم رغم فظاعتها من زحزحتهم قيد انملة عن اعتقادهم الديني والقومي شبراً واحداً، وكذلك الحال في دولة اثيوبيا، ابآن حكم القديس هيلي سلاسي، الذي ضيق على المسلمين في اثيوبيا وارتريا، ورغماً عن ذلك باءت كل هذه المحاولات بالفشل .

فكل الخوف، هو في المصير المجهول الذي ينتظر الشعب الارتري،من آثار هذه السياسة البغيضة، وفي ردة الفعل التي ستحدث بعد سقوط هذا الديكتاتور الغاشم، ورد فعل المجتمع والاسر كل على حده تجاه ابنائهم وبناتهم،ونتيجة حاصل ذلك كله على استقرار البلاد والعباد. وهذا يتطلب من الجميع تنظيمات ومنظمات مجتمع مدني، مناقشة القضية وابعادها وطرح حلول موضوعية تفدي الي مصلحة الشعب الارتري، وحفظ نسيجه الاجتماعي برتقه، والذي تضعضع نتيجة سياسيات مجموعة الطائفين في اسمرا.


روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=1478

نشرت بواسطة في فبراير 1 2010 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010