حزب الإقصاء السياسي والسياسة الإقصائية
بقلم : أبو همد حريراي
منذ أن استولى حزب الجبهة الشعبية على مقاليد السلطة في إرتريا عمل جاهدا على سياسة الإقصاء والإقصاء السياسي قبل أن يسمي نفسه حزب العدالة والديمقراطية وقبل أن يعرف في الأوساط العامة بحزب (( هقدف )) ونحن نسميه اليوم حزب الإقصاء السياسي بواقع العمل الملموس في أركان الدولة الإرترية في شتى مناحيها السياسية : ثقافية كانت أم اقتصادية أم اجتماعية أم سياسية شاملة إذ الأشياء عندما تسمى بسمياتها في عالم السياسة فهذه يسمونها سياسة اللاممكنات أما فن السياسة في دائرة الممكن فهذا لابد أن يأخذ مصطلحات قد يفهم منها للوهلة الأولى كلام عابر معسّل ولكنه قد يبطن الكثير وهذا الذي أفتقده الكادر السياسي لدى بعد الأطراف الإرترية التي اتسمت بوضوحها في كل مسمياتها الأيدلوجية والفكرية .
ولكن مع هذا الوضوح في الرؤية وعدم الضبابية في كثير من برامجها السياسية قد استوعبت الكثير منها سياسة الواقع وواقع السياسة المعاصرة وهذا الفهم الجديد للفكر الأيدلوجي المعاصر قد يعد طفرت نوعية في السياسة الإرترية المتمثلة في الكتل التي تحالفت في المعارضة الإرترية وقد تشكل في مستقبل الدولة الإرترية أنموذجا فريدا في القرن الإفريقي إذا ما مورست بنوع من الوعي لكثير من مفاهيمها ومصطلحاتها ودون المساس بمكامن التماس في الواقع المعقد في بعض المصطلحات التي هي جزء مكوناتها الشخصية وكياناتها الذاتية المقدسة وتمثل مصطلحات دينية بحتة ولكنها تظل تحتاج منّا إلى وعي ثاقب وتأمل في القول فيها.
والذي يريد أن يصل إلى الحق بالسياسة الإصلاحية الممكنة هو الذي يسمى الأشياء بغير أسمائها وهذا ما نسميه سياسة الممكنات دون اللجوء إلى المصطلحات الدينية وتسمية ذلك بالنفاق السياسي لأننا بهذا نخنق دائرة العمل السياسي الممكنونضيق الموسع – والأصل عندنا الأمر إذا ضاق اتسع – وهو ما يوافق حتى الفطرة السوية في واقع العولمة الذي يعمل على إقصاء من يخالفه في المسميات .
ولكن ما السياسة التي نريها في وطننا الذي مورس فيه الإقصاء السياسي بأدق معانيه للغالبية العظمى للمجتمع الإرتري بل إقصاء اجتماعي مدروس ومقصود لذاته الثقافية بالدرجة الأولى ثم تأتي الخلافات الأيدلوجية الأخرى وهنا نحن نقول : إن السياسة التي نريدها لا يلزم من كلامنا هذا في الإقصاء السياسي أننا (نسوس) فحسب ! ولا في (الساسة) أننا (سسنا)، ولا أظن أن أحدًا عاقلاً من سكان إرتريا اليوم لا يتكلم في (السياسة)! ولكن قد يكون الكلام هو (الصلب) ،وغالبًا هو (الملح)،وقد يكون في (الجهر)، وغالبًا في (السر)! وقد يكون بحلم، وغالبًا بانفعال وردّة فعلٍ! وقد يكون بحق وعدل، وغالبًا بجهل!
وإذا كنا نريد أن نكون بحق ساسة في الوطن أن نضع المقادير على أنصبتها فيجب علينا أن نكون موضوعيين في استخدامنا لمصطلحاتنا الأيدلوجية وهذا لايمنع كوننا نتميز عن الآخر لأن السياسة العادلة التي نرمي إليها رؤانا المستقبلية وإن لم يوافقنا فيها أحد نعنى بها : استصلاح الخلق بإرشادهم إلى ما فيه مصلحتهم، أو المنهج المتبع في تدبير مرافق الحياة العامة، ومنها: السياسة المدنية، والسياسة التربوية، وسياسة السوق الحرة إلى آخر ذلك من السياسات الممكن في دائرة المرونة فيما يمكن .
ولكن قد تستعصي علينا في دائرة التقوقع وقفل الذات في دائرة الإقصاء التي مورست علينا من قبل لقلة وعينا فيما مضى ونقولها دون خجل لأن الوعي السياسي وإن كنا فيه لفترة من الزمن ساسة إلا أن النضج الذي بلغناه اليوم بالتكتل الواعي يشكل بلبلة حقيقية في مسار السياسة التي رسم لها حزب الإقصاء الذي سمى نفسه حزب العدالة ومالـه منها سوى السجون والمعتقلات ودون إحالتهم حتى إلى العدالة القانونية ولو بشكل وهمي لكي يبرر للعالم الآخر أنه يحاكم المجرمين على ارتكابهم جرائم ضد نظامه ألـــــ…………
وهنا يجب أن نقف عند القوالب التي نضع فيها أطرنا السياسة حتى نعيد الكرة في مسألة اللاوعي وأن نحمل الأجيال الصاعدة أمانة الوطن بكل معانيه وقيمه ودون أن نكرر نحن أيضا بدورنا سياسة الإقصاء التي مورست علينا وهنا يمكن القول :
إنّ قضية السياسة التي يمثل فيها الكل شريك في دائرة المجتمع يعمل في مساره ولا يصادم مسارات الآخرين وإن اختلفوا معه في الفكر والمعتقد والقيم حتى ويستحضرني في هذا قول صاحب دستور العلماء حين يقول : ((السياسة المدنية: علم بمصالح جماعة متشاركة في المدنية ليتعاونوا على مصالح الأبدان وبقاء نوع الإنسان؛ ….. ثم السياسة المدنية قسمت إلى قسمين إلى ما يتعلق بالملك والسلطنة، ويُسمَّى: علم السياسة، وإلى ما يتعلق بالنبوة والشريعة، ويُسمَّى:علم النواميس.ولهذا؛ جعل بعضهم أقسام الحكمة العملية أربعة، وليس ذلك بمناقض لمن جعلها ثلاثة أقسام؛ لدخول المذكورين تحت قسم واحد. ))
وبهذا نخلص إلى أن السياسة التي ينبغي اتخاذها تجاه قضايانا الكبرى أن تكون فيها الأبعاد كلها مستحضرة إقليمية كانت أم دولية داخلية كانت أم خارجية ثقافية كانت أم اجتماعية دينية كانت أم سياسية وبذلك نكون على عكس التيار
الذي انحرف بالوطن الإرتري وعمل على سياسة الإقصاء التي قصم بها ظهر الوطن وقتل روح الوطنية حتى في المقاتل الذي عرف بحبه وتفانيه في سبيل الوطن هاهو اليوم على بوابات الحدود المجاورة يطلب ورقة مكتوب عليها اسمه حتى تكون لـه هوية يعرف بها من قبل منظمات حق اللجوء في أي دولة مجاورة فهل بعد هذا الإقصاء إقصاء ؟؟؟
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6084
أحدث النعليقات