الهجرة للغرب
بقلم : محمد علي نورحسين
هل الهجرة للغرب هي الحل؟؟ سؤال دائما ما يُطرح أمام أشخاص راغبين في الهجرة من أشخاص عائدين منها ! .. وبين ايديهم ما لذ وطاب من ثمار هذه الهجرة .
لما لا !؟
ببساطة ، إحتياج الإنسان للتعليم والعمل والصحة وحرية الرأي والعقيدة و … هذه أسباب كافية جدا للجوء اي إنسان عاقل .. ما بالك بنا نحن التعليم رفاهية ، والعمل حُلم ، والصِحة طموح وحرية الرأي قلة أدب ، والعقيدة ناقصة لأسباب واهية .. ونحن مؤمنون ان من ينام وقد نال وجبة العشاء فهو في نعيم الدنيا الموازي لنعيم الأخرة عند الأخرين .
جلست في يوم من الايام مع شخص اتى لقاهرة المُعز في زيارة سريعة تستغرق أياما فقط وكان من حُسن (سوء) حظي هذا اللقاء .
هو : هل تعتقد ان الهجرة والوصول للغرب يستحق كل هذا العناء والتضحية ؟
أنا : هل سألت نفسك اولا لماذا يهاجر الشباب (ألإريتري) إلى الغرب ؟ ويواجهون كل هذه الصعاب والموت ؟ هل من الطبيعي أن يتركو بلادهم وأهاليهم وأصدقائهم من اجل لا شيئ ؟ لا يعُقل طبعا ، هل تعلم أن الشعب الاريتري ناضل لاكثر من ثلاثين عاما من أجل الحرية ؟،، الحرية هي مبتغانا نحن الشعب الاريتري وليس المال والرفاهية ، ولكن بعد كل هذه السنين من النضال والتضحيات ، لم نجد الحرية ولا نسيمها في البلاد .
هو : اعلم ان الشعب الاريتري ناضل لاكثر من ثلاثين عاما من اجل الحرية ، فقد كنت في يوما ما احد المناضلين في ميدان القتال ، ولكن لا يجب على الشباب ان يُلقى بنفسه في التهلكة بإسم الحرية ، هناك طرق اخرى تستطيع بها ان توصل لمبتغاك (الحرية)
انا : مثل ماذا ؟ ارجوك قل لي فنحن نحتاج ان نُقلص أعداد الموتى والمفقودين من أبنائنا .
هو : لماذا لا يعارضون النظام من الداخل ؟ او يحاولو التعايش مع النظام ، فإذا لم يستطيعو اسقاطه او التعايش معه وإختارو طريق الخروج من الوطن عليهم أن يقومو بالتسجيل في مفوضية اللاجئين في اي بلد قريب ، ومنها يمكنهم المغادرة للخارج من غير ان يموتو عطشا في الصحراء او غرقا في البحر .
أنا : قائلا في سري : اعتقد أن هذا الرجل لا يعيش واقعنا ولم يجد من يحكي له قصصا عن معاناتنا ، اسمع يا سيد : لا اعتقد انك تجهل ان من يعارض نظام الحكم في بلادنا يسجن من غير محاكمة ، ففي سجون اريتريا تجد اكثرهم أي المساجين من المناضلين ورفقاء السلاح لمن هم في سُدةُ الحكم ، فما بالك بمن هم من الشباب ، ماذا سيكون مصيرهم لو عارضو النظام ؟ ، أما عن قولك ان عليهم ان يتعايشو مع النظام فهو شيئ لا يستطيع اي شخص ان يتحمله ، فلكل انسان متطلبات حياتية حتى لو كانت بسيطة فهي في بلادنا بعيدة عن متناول اليد بُعد المشرق عن المغرب ، لانه ببساطة لا يوجد مصدر دخل يُمكِنك من العيش من غير ان تسرق او يُنسيك ما تفعله الحكومة من ظلم وقمع للحريات ، هل تعلم ان في السودان أُسر سجلت لجوء منذ اكثر من خمس وعشرين عاما ولم يجدو من يقبلهم حتى الان مع أن للقضية الاريترية ملف مفتوح في جنيف !، لي اصدقاء من تلك الأسر درسو الجامعات وتخرجو ولم يجدو ما يفعلوه لانهم بكل بساطة لاجئين أبناء لاجئين ، لا يحق لهم العمل ، ولن احكي لك عن معاناتهم في معسكرات اللاجئين فهي لا تحتاج من يحكيها بل تحتاج من يراها بعينه ليُحِس بهم وبمعاناتهم .
هو : اعلم ان الغربة تنسي الناس الكثير من ماضيهم وتروضهم على الروتين ، كما تنزع عنهم إحساسهم بالكامل ، ولكن حديثك ادخلني في متاهات الوجع وأعاد لي جزء من حياة دفنها روتين الغُربة وعدم الاكتراث بالماضي ،، ومع ذلك أقول لك أن الغرب اكتفى من القادمين الجدد ، هل تفهم ؟ هؤلاء القادمين الجدد لا يُحبون العمل ولا تحصيل العلم ، فقط الجلوس على القهاوي والمطاعم التي تحمل اعلام ورسوم دولهم كانها سفارة او قنصلية ، هل تعلم ان اخر احصائية عن معدلات الجريمة في اوروبا وخاصة الدول الاسكندنافية قد زادت الضعف وأكثر في اخر خمسة سنوات ؟ وصرح المسؤولين ان هؤلاء المهاجرين هم السبب الأول والأخير في هذه الزيادة .
أنا : هل تعتقد ان هؤلاء الأوربين قبل مئة عام او يزيد كانو مثل الان يحترمون القانون ويعملون من اجل بلادهم ؟ لا ابدا لقد كانو اكثر الشعوب تخلفا وهمجية ، ولكن مع مرور الوقت تعلمو وإتبعو القوانين فأصبحو ما هم عليه الأن ، أنا لا أُنكر ان في شبابنا الكثير من الخصال السيئة والهمجية ، ولكن كل هذه الاشياء اتت بأسبابها وستزول كذلك بزوال السبب، يحتاجون فرصة لتعلم ،للإحساس بالإطمئنان ، بأنهم بشر لهم وعليهم حقوق ،يحتاجون فرصة ثانية فقط لا اكثر.
هو : انت إنسان حالم ، لن يستطيعو الصمود في وجه (السستم ) كما قالها ، السستم او النظام المتبع في اوروبا قاسي لابعد حد ممكن أن تتخيله ، يحتاجون الكثير من الوقت لتعلم اللغة والتأقلم مع عاداتهم وانفتاحهم اي (الأوربين) ، ومع مرور الوقت سوف ينصدم الفرد بواقع انه ليس لديه الحرية في تربية ابنائه ، بأن زوجته من الممكن ان ترفع عليه قضية في اي وقت وتشرده من المنزل الذي يأويه هو وأبنائه ، يأتي وقت لا تستطيع فيه ان تأمر ابنأئك بفعل اي شيئ لا يريدونه لانهم احرار بنص القانون ولا تنسى ان هناك فئة من الشعب يقال عليهم عنصرين لا يحبون اي اجنبي يعيش في بلادهم وينهب ثرواتها كما يقولون ،هل تعتقد انه من الممكن ان يتأقلمو مع كل هذه الضغوطات ؟ من الممكن ان تجد من كل عشرة أشخاص واحد استطاع التأقلم مع الوضع ، فأين يذهب البقية ،الى مستشفى الامراض النفسية ؟ .
أنا : هل أنت الواحد من العشرة الذي تأقلم ؟ هل تستطيع أن ترى ابنتك مع صديقها (حبيبها )؟ أن ترى إبنك يحتسي الخمر ؟ ان تسمح لزوجتك بأن تلبس الفاضح من الملابس بإسم التأقلم ؟ هل تستطيع ان تتأقلم ؟ لا اعتقد ، هل يجب علينا ان نتخلى عن تعاليم ديننا و عاداتنا وتقاليدنا من اجل ان نتأقلم ! أعتقد أنك فهمت معنى التأقلم خطأ .
هو : غاضبا : لا أريد أن ادخل معك في جدال لا ينتهي ، فأنت كما ارى لن تقنتع بما قلت لك ولن تقتنع ، تستطيع أن تدعو للهجرة كما تريد ولكن سيأتي يوم وتندم ، انت تنوي ان تُجرد البلاد من كل شبابها ، غدا ستحتاج البلاد اليهم ولن تجدهم ، لانهم بكل بساطة سيكونون في احضان بلاد غير بلادهم .
أنا : لقد هربت من النِقاش لانه لا طريق لك في ان تفوز فيه ، نحن شعب يستطيع ان يعيش ويتأقلم دون ان يُمس شيئ من تعاليم دينه أو عاداته و تقاليده ،انا لا ادعو للهجرة ونسيان بلادنا لا وألف لا ، ولكن ليعود الشباب ويقتلع الظالم من الحكم يجب عليه بأن يتسلح بالعلم والمعرفة ويعرف أصول الحرية وكيفية الاستفادة منها لخدمة بلاده لا العكس ، انا متأكد من أن هذا الشعب لا يريد غير الحياة الطبيعية ، أن ينعم بحياة خالية من الحرب والقتل ، من الجوع والمرض ، من الصمت القاتل ، من تجريده من معتقداته الدينية ، من نظرة الترهيب وكلمة والوعيد ، ومن أجل هذا لابد من الحرية ، غدا يهرب الظُلم والظَالِم . في الغد لن تجد فردا اريتريا يحاول الهجرة لأن بلادنا (جنة) في الأرض .
هو : غاضبا كارها لي مغادرا للقهوة : تبا لك ولمن يجلس معك أنت معتوه جالس القليل من المعارضين للنظام وإقتنع ببعض الافكار الغبية ، لن يأتي غدك هذا لأن الذي يذهب لا يعود ، لا تنسى أن تدفع حساب القهوة التي شربتها ، فقد دفعت حسابي فقط ، معتوه .
Wedi_ali_jbr@yahoo.com
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=35059
موضوع مهم حقا ويدور اليوم دون غيره من المواضيع في مجالسنا ونتجاذب اطرافه. شكرا لتناول قضيه مهمه كهذه رجاء من الاخرين الاسهاب فيه.