امرأة ليبية تحكي إلى ارترية ماساتنا
في رمضان هذا العام 2012م قمت بأداء العمرة وهناك حيث المعتمرون والمعتمرات من كل جنسيات العالم والكل يلهج بالدعاء إلى الله فمنهم من يشكر الله بما فيه من النعم ويطلب المزيد وان يجنبه ما وقع على الآخرين من الفتن والمشاكل والحروب وعدم الاستقرار وهناك من يدعوا الله عزوجل بان يجعل بلاده مستقرة وآمنة وان يبدلهم من الخوف أمنا ومن الفقر غناء وثراء ومن القلق طمأنينة .
لقد كنت اذكر بعض الأخوة والأخوات المعتمرين من ارتريا في هذا الشهر الكريم بان يسالوا الله بان يقتلع من بلادنا اسياس وعصابته وان يجعل بلادنا آمنة ومطمئنة يعود إليها أبناؤها من كل مكان وهم بقلب مطمأن ويملاهم الفرح والسرور وان يجعل الآلفة والمحبة بين كل الارتريين .
زوجتي تعرفت إلى ليبية وهي متوسطة السن وكانت لا تتوقف عن الدعاء وهي ترفع يدها شاكرة ربها بأنها حرة طليقة في بيت الله الحرام وتؤدي مناسك العمرة وقد سلمت عليها زوجتي وكان بينهما حديث طويل تخلله رفع يدي الليبية وهي تتجه بوجهها إلى السماء وكنت في انتظار نقل ما دار بينهما من زوجتي وقد كان ما يلي:-
قالت لي زوجتي يا الله إن هذه المرأة الليبية عندما حكت لي عن ما كان من معاناتهم من نظام القذافي حسبتها كأنها تحكي عن معاناتنا كما هي حيث يعيشها شعبنا المغلوب على أمره وقالت زوجتي وهي تتعجب الليبيون كانوا يعيشون في جحيم فقلت لها أليس القذافي هو أستاذ اسياس افورقي وطلبت منها أن تحكي لي عما قالت لها واستطردت في حديثها قائلة تقول الليبية الحمد لله الذي خلصنا من الطاغية القذافي وربنا ينتقم منه فتقول زوجتي قلت لها مقاطعة لقد خلصكم الله منه فما الداعي بان تقولي الآن ربنا ينتقم منه فاجابتها قائلة ما جرى للقذافي من الموت الشنيع ودفنه في مكان مجهول فهذه النهاية المأساوية له ولكل أفراد أسرته شيء بسيط ولا يذكر مقابل ما قام به من جرائم على الشعب الليبي وتقول لقد شوه صورة مجتمعنا الليبي الطيب وفرق بين القبائل والمناطق وبين الزوج وزوجته وبين الوالد وأبنائه وبين الإخوان والأخوات وضاعت الأسرة الليبية فليس هناك في حياة الليبيين شيئا مقدسا أو ما يستحق الاحترام لدى قلوب الناشئة والفساد كان مستشر وكل من يعترض أو ينكر على الذي كان يجري كان يقطع القذافي لسانه ورأسه أو يجعله يقبع في السجن ويموت من التعذيب الجسدي والنفسي وأضافت قائلة بأنه كان يؤتي بالبنت ويواقعها رجال القذافي أمام أبيها انتقاما منه وما يشبه هذه الأفعال التي مورست ضد كل منكر أومن يشتبه انه غير راضي عن الواقع المعاش ولدينا الآن الآلاف من المعتوهين الذين فقدوا عقولهم جراء تعذيب وممارسات القذافي ورجاله وتمضي الليبية وتقول لقد عشنا سنوات كلها رعب وفزع وقلق نخاف من كل ما حولنا ، المرأة تخاف من زوجها والعكس والأب يخاف من أبنائه والجار من جاره والموظف من زميله لقد كانت حياة فظيعة لا يمكن وصفها بالدقة ولكن وترفع يدها إلى السماء الحمد لك يا الله خلصتنا من هذا الطاغية وصرنا أحرارا وكتبت لي العمرة وزرت بيتك الحرام وتقول اسأل الله أن ينتقم منه ومن كل من عاونه .
قلت لزوجتي انظري كم هي الحرية غالية وكم الحياة في كنف الحرية محببة فالنور لا يمكن أن يجد طريقا إلى حياتنا مع وجود الظلم والطغيان ورحمة ربنا لا يمكن أن تنزل على مجتمع يقع فيه الظلم والعدوان عيانا بيانا وليس هناك من ينكر قالت لي زوجتي لقد صدقت حتى الحيوانات تعشق أن تعيش حرة ناهيك عن الإنسان فقلت لها نعم ولكن قدرنا بأننا قد قاتل شعبنا المستعمر الأثيوبي وقاوم كل من قبلهم من المستعمرين ورفض إلا أن يكون حرا ولكن في نهاية المطاف ها نحن نعيش حياة الذل والعبودية ولكن هذه المرة يمارسها علينا من يتكلم بلساننا وينتمي إلى أرضنا انه الشرير اسياس وعصابته الذين سلبوا حرياتنا وقيدوا حركتنا ولساننا وحتى قلوبنا حيث إننا لا نستطيع أن نبوح بما في دواخلنا إنها بحق جحيم كما أخبرتك اختنا من ليبيا .
ولكن لتعلمي يا زوجتي العزيزة بان مصير كل الطغاة هو متشابه وان الحرية نحن على موعد معها وسيأتي اليوم الذي تأتين فيه إلى الحرم وتحمد الله على أن خلصنا من نظام اسياس وعصابته وستكون بلادنا بإذن الله بلاد الرحمة والخير والرخاء ولكن عليك الآن أن تغتنمي فرصة وجودك بالحرم وتدعي يكون الله في عون المظلومين وان ينزع الخوف من أبناء شعبنا ليهبوا في وجه الطاغية كما فعل كل المضطهدين في العالم وان يؤلف بين قلوب المسلمين في ارتريا ويوحد شمل الارتريين والله غالب على أمره وقادر على كل شيء .
وتقبل الله من الجميع الصيام والقيام آمين .
أبو عبدالرحمن محمد الجبرتي
20/9/1433هـ الموافق 9/8/2012م
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=25069
أحدث النعليقات