انتخاب المجلس الوطني وإرادة التغيير بداية النهاية للنظام الجامد إذا أجادت المعارضة في أدائها
بقلم/ الحسين علي كرار
انتصرت المعارضة الارترية علي نفسها قبل انتصارها علي النظام الدكتاتوري بعقدها المؤتمر الوطني بأواسا في أثيوبياعلي الرغم من التحديات الكبيرة، وبهذه المشاركة الكبيرة من قبل الفصائل التنظيمية والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني التي مثلت فئات الشعب الارتري بكافة أطيافه السياسية والاجتماعية فهي
منذ عشرون عاما قدمت التضحيات الكثيرة ولكنها كانت عاجزة في الحد الأدنى من الاتفاق في مواجهة نظام صارم في الفظاعة وزرع الرعب والخوف والفتن في النفوس و بهذا الحشد والمشاركة الكبيرة لإنجاح المؤتمر خلعت الخوف من النفوس وخلقت الأمل في روح الشعب الارتري الذي أظهر اهتمامه البالغ بهذا الحدث لإزالة هذا الورم السرطاني الجاثم علي صدره، وما يخيف النظام ما توصل إليه المؤتمرون في حده الأدنى من الاتفاق بانتخاب المجلس الوطني وإقرار برامج العمل الذي وضعوه من النظام الأساسي للمجلس الوطني وخارطة الطريق وميثاق العمل السياسي وتجاوز كل صعوبات وثيقة الدستور الانتقالي ونقاط الخلاف بروح المسئولية الجماعية وهي ميزة – إجماع – تميزت بها المعارضة الارترية عن غيرها من معارضات الربيع العربي وهذه الميزة هي أيضا ما يفتقرها نظام الفرد المتسلط الذي لا يعترف لا بالهيئات وتدرجها، ولا بالقوانين المنظمة للحياة السياسية، ولا بحق الشعب الارتري بأن يعيش حياة كريمة، وإذا كان هذا المؤتمر حقق انجازا كبيرا في معظم بنوده وتجاوز بعضها فإن هناك من العمل الشاق ما ينتظر المعارضة أولها كيفية إسقاط النظام وطبيعة العمل والوسائل التي ستتخذها دون الاستهانة بقوة النظام القائم علي شاكلة نظام القذافي وكتائبه، والمطلوب منها أولا العمل الجماعي وثانيا السرعة في الأداء وثالثا العمل بكفاءة ومقدرة لإدارة عملها، إن التباطؤ في العمل سيؤثر كثيرا في إحباط هذا الزخم الهائل وهذه التعبئة التي قلما ستجدها فيجب أن تستغلها في دفع العمل إلي الأمام، وحقيقة إن مواقع الإنترنيت الإعلامية التي تولت كشف جرائم النظام، وكذلك الشباب الذي اضطهده النظام وسخره لماكينته الطاحنة و حروبه العبثية، لعبوا دورا كبيرا بجانب فصائل المعارضة للوصول لهذا المؤتمر وساهموا في عزل النظام عالميا بإظهار ما يرتكبه بحق شعبه من جرائم، فالقبور التي حفرها وأقبية السجون التي شيدها جعلوها المانع له من دخول بوابات دول العالم المؤثرة وحرموه من معوناتها التي كان يختصها لخاصته وأصبحت هذه المواقع التي طارد مثقفيها من ارتريا وأودعهم السجون سلاح فتاك لتعريته فحاصرته وحاصرت وسائل إعلامه المتخصصة في التمجيد والتطبيل لخيال إدعاء تنمية لم يصنعها علي الأرض أبدا وهو شأن الأنظمة الدكتاتورية ونتمنى أن تستمر وتكون هذه الروح الجماعية لتعرية النظام أشد وطأة عليه في المستقبل، وكذلك عليها أن تستفيد من هذا الوضع الدولي والمحيط الإقليمي المهيأ لفكرة قبول المعارضة التي هي محبوسة كحبس القضية الارترية سابقا يجب أن تستثمره بشكل جيد بعيدا عن الجمود والإخفاق الذي صاحب مسيرتها في خلق علاقات خارجية وخاصة هذه المرة في يدها سلاح الرؤية المشتركة لجميع الفصائل المعارضة في الساحة، وهو ما يزيل مخاوف المتخوفين من الصوملة في ارتريا، كذلك من العمل الشاق الذي سوف يعترضها كمعوقات أولها أنصار النظام الرافضين للتغيير دون استبساطهم، وثانيها أولئك الخائفين والمتشككين والمتشائمين والمعارضين بلا هدف والغاضبين علي الدوام ومن يرون أنفسهم بدلاء النظام ومن يعارضونها من أجل مصالحهم وطموحاتهم الشخصية، كل هؤلاء مواقفهم مختلفة ويجب كسبهم وحوارهم وطمأنة الجميع لأن إسقاط النظام ليس الهدف بحد ذاته ولكن الهدف أن تسود قيم الدين وقيم الأخلاق وأن يسود العدل والمساواة وحرية الإنسان وحرية الرأي والفكر والمشاركة في الحياة السياسية للجميع دون اضطهاد لأحد لخلق الاستقرار المنشود وتضيق دائرة التشتت، لأن المعارضة بهذا السلوك تقرب المسافة بينها وبين سقوط النظام، كذلك من المعوقات عدم مشاركة الاريتريين الذين يعيشون حياة الموت البطيء داخل ارتريا لاستحالة هذه المشاركة في الظروف التي يعيشونها مع التضحيات الكبيرة المطلوبة منهم في إحداث هذا التغيير، فلا بد للمجلس الوطني أن يعطي بالدراسة اعتبارا لهذا الجانب المكمل للمشاركة الحقيقة لهؤلاء في المرحلة الانتقالية، وأخيرا بعد هذا المؤتمر سوف لا توجد عقبات لرسم سياسة التعاون مع دولة أثيوبيا وارتريا المستقبل لأنه لا توجد صداقة دائمة ولا عداوة دائمة ولكن هناك مصالح دائمة وأثيوبيا اليوم ليست أثيوبيا البارحة هي التي اعترفت بدولة ارتريا وهي التي تأوي لاجئيها وهي التي تحميهم من اضطهاد نظامهم الذي فقد الرحمة وجعل شماعة العداء السابق معها استمرارا لوجوده، أثيوبيا ذات الثمانين مليون هي عمق اقتصادي لإرتريا بجانب السودان الذي هو العمق الاقتصادي الآخر، فالعالم اليوم أصبح عالم الاقتصاد عالم تبادل المصالح التجارية وتشغيل الأيادي العاملة وتنشيط الأسواق المحلية لضمان الحياة الكريمة للمواطن، وما نشاهده من اضطرابات في العالم مصدره البطالة، فالموانئ الارترية التي يتم استخدامها من قبل أثيوبيا إغلاقها ألحق أكثر الضرر بالاقتصاد الارتري منه بالاقتصاد الأثيوبي دون القفز فوق الحقائق الواقعية وحرم آلاف من العمال الارتريين الذين كانوا يعملون في الموانئ من مصادر رزقهم بينما أثيوبيا لم تتأثر كثيرا بذلك، والعلاقة بين أثيوبيا وارتريا علاقات قديمة وتاريخية وحضارية الذي دمرها هو الإمبراطور هيلي سلاسي بأطماعه التوسعية ثم نظام منجستو الفاشي الذي سار علي نهجه، فالنظام الجديد في أثيوبيا صحح هذا الاعتداء وصحح هذه العلاقة وما يخافه البعض من اعتداء جديد من هواجس أثيوبيا المغلقة والمحرومة من المنافذ ممكن أن تؤخذ العبر من دولة جيبوتي التي هي المنفذ الأساسي لأثيوبيا والتي تحكمهما علاقات حسن الجوار المتبادلة والمستقرة و احترام سيادة الدولتين فيما بينهما، فعلاقات الدول هي تبادل المصالح والمحافظة علي الأمن، وليس من مصلحة دولة ارتريا أن تكون في عداء مستمر مع دولة أثيوبيا، وصناعة الحروب وحشد الجيوش علي الحدود هي من طبيعة نظام إثارة الفتن والقلاقل وخلق المشاكل، وبسببها، دمر بحروبه العبثية ارتريا كدولة ناشئة، وإنسانها كبشر، وجعله هائما علي وجه الأرض بلا أمل يتكفف رحمة الجيران ورحمة المنظمات الإنسانية، وليست ارتريا هي الدولة الوحيدة التي لها مشاكل حدود مع دول الجوار فكل دول العالم لها مشاكلها ولكنها تحلها بوسائلها الودية لتجنب شعبها ويلات الحروب، وليس أن تجعله كبش فداء لتحقيق طموحاتها السياسية، و النظام الارتري الذي يخيف الشعب من النظام الأثيوبي الذي كان حليفه بالأمس يسعي لتحسين علاقته معه وكذلك مع الدول الغربية وأفريقيا الشرقية بعد أن دمر كل شيء يربطه معهم نراه اليوم يبعث الوسطاء ويقدم لهم صكوك الغفران إذا قبلوا.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=39695
أحدث النعليقات