انطلت علينا اللعبة لا ثورة ولا تصحيح
بقلم / محمد عبد السلام
9/2/2013م
في اليوم الأول بل وفي الساعات الأولى من مسرحية وزارة إعلام اسياس في اسمرا اتصل بي احد الأصدقاء من بلد اوروبي مستفسرا عما يجري في ارتريا ورأيي فيه فقلت له بأنني لا املك معلومات ولكن في رأيي إن اسياس آمن من انقلاب من داخل الشعبية وحكومتها لأسباب عدة في مقدمتها إن الشعبية هي ملك شخصي لاسياس وان الذين معه من قومه هم أبناء مخلصين له وبدونه يصبحون أيتاما لا كافل لهم وفوق هذا فإنهم يعرفون بان التفريط فيما حققه لقومهم من وضع يدهم على ارتريا كاملة وإقصاء المكون الرئيسي يعد انتحار ا لا يمكن أن يقدموا عليه . أما قومنا الذين معهم فانه تم غسل دماغهم عند التحاقهم بالشعبية ولا يملكون من الانتماء لنا غير الأسماء التي تميزهم عن رصفائهم ( آل افورقي ) إلا القلة . انتهت المكالمة بيني وصديقي الذي اعتقد بأنه اخذ كلامي بمحمل الجد إلى حد ما دون أن يسلم به . ولكن هل كان بإمكاني أن أبوح برأيي هذا في أجواء الوضع الهستيري والفرحة الغامرة التي اجتاحت كالسونامي أوساط الارتريين أينما وجدوا في جميع أنحاء المعمورة . الجواب بالتأكيد لا لان أي ارتري – وهنا أتحدث عن الأغلبية المقهورة- لم يكن مستعدا لسماع أي كلام غير أحلامه وأمنياته التي تراكمت في عقله الداخلي على مدى عقدين من الزمان . هل كان يمكن أن يتقبل مني أبناء المعتقلين الذين لا يعرفون ملامح آبائهم ومصيرهم حيث غيبتهم زمرة اسياس منذ ما يقرب العقدين من الزمان والذين شعروا بعد اليأس بأنهم ربما عادت إليهم بركات الأبوة وحنانها وعطفها وولت سنوات اليتم المركب والمعاناة ، بالتأكيد لم يكن الجو مناسبا . ولكن اعتقد بان الوضع أصبح مناسبا الآن إلى حد كبير لتقبل الرأي النابع من العقل بعد أن سيطرت علينا عواطفنا .
إذن ما لذي جرى ومن يدير اللعبة ؟
للإجابة على هذا السؤال اذكر القراء الكرام ما جرى قبل اغتيال إبراهيم عافة القائد العسكري للجبهة الشعبية منذ السبعينات وحتى اغتياله في الثمانينيات . فقد أطلقت زمرة اسياس إشاعة باغتياله وكان لتلك الكذبة وقع هائل في أوساط الشعبية أراد من ورائها اسياس امتصاص نتائج أي ردة فعل تحدث عندما يتم اغتياله حقيقة وبالفعل تصاعدت ردود الفعل داخل الشعبية إلى حد خطير فأسرع اسياس بإظهار إبراهيم عافة والرد على الوضع واحتوائه ثم قام مرة أخرى بعد عدة أشهر بعمل مماثل مع ردة فعل اقل وإظهار عافة أيضا في مكان عام وفي المرة الثالثة تم قتل إبراهيم عافة ولكن لم تكن هناك ردود فعل لان الناس اعتبروها كذبة وان الإثارة في الموضوع قد تلاشت .
ما يجري هذه الأيام هو شيء شبيه تماما وهذه المرة متعلق باسياس شخصيا .
الهدف من السيناريو الذي نشهد يهدف لما يلي :-
1 /الوضع الصحي للمجرم جد خطير بعد أن أجريت له عملية زراعة كبد في ايطاليا العام الماضي وتبين لا حقا بان وضعه الصحي غير مطمئن وبالتالي يمهد المسرح الارتري لكل الاحتمالات ليضمن استمرار قومه في التحكم في ارتريا حتى في حالة غيابه هلاكا أو عجزا .
2 / كما انه يتحسب لحدوث انفجار شعبي داخلي من خلال قراءة ما جرى في المنطقة لأنظمة مشابه لنظامه مثل ليبيا وسوريا كمثال . وبالتالي اعتقد بأنه يجري عمل استباقي لترميم وضع النظام بحيث تجري إصلاحات شكلية بتأسيس أحزاب مرجعيتها الشعبية تدار بالتحكم عن بعد تضفي على النظام صبغة ديمقراطية وانفتاح زائف وتضمن استمرارهم في الاستئثار بكل شيء أي أن يكونوا هم السلطة والمعارضة .
3 / تصفية القلة من أبناء قومنا الذين يجري في عروقهم ولو القليل من الغيرة على مجتمعهم ويشعرون بالغبن حتى وان كانوا جزءا من الشعبية فتم استدراجهم لتصفيتهم خشية من أن يكونوا نواة أو رأس جسر يهدد مملكة (سلفي ناطنت ) في حال غياب عرابها .
وهذه الأيام ينشر زبانية اسياس ما يطلقون عليهم مجموعة الساحل كخونة والهدف هو تصفيتهم بالاستفراد بهم ومن ثم يأتي الدور على أبناء سمهر ثم … الخ . حتى يقضوا علينا الواحد بعد الآخر وحتى يبعدوا الأنظار عنهم كي لا ينكشف مخططهم الديني ألاستئصالي لذا يجب أن ننتبه لهذا المخطط الخبيث كي لا يأتي يوم نقول فيه ( أكلنا يوم أكل الثور الأبيض ) أما ما كٌتب وقيل من قبل قومنا فإنني ورغم تقديري العالي للذين بالغوا في وصف الوضع بأنها ثورة وحركة تصحيحية ( لا ادري هل هناك شئ يمكن أن يصحح؟) ووصف الذين نفذوا تعليمات تمثيلية وزارة الإعلام بأنهم أبناء بررة وأبطال فان هذا الوضع يؤشر إلى خلل عميق في واقعنا وطغيان العاطفة بصورة خطيرة وغياب تام للمعارضة عن الداخل وهي فضيحة لا يمكن إخفاؤها . وحقيقة نحن كنا متلقين مصدقين بصورة عمياء لما كانت تبثه الشعبية منقادين وراء تمنياتنا . اعتقد بان تجربتي(تمثيلية) موت اسياس العام الماضي والانقلاب هذا العام 2013م كافية أو يفترض حتى نعود إلى عقولنا ونلجم عواطفنا وتمنياتنا وأحلامنا الوردية ونفتح صفحة جديدة وهذه الصفحة يجب أن يكون في مقدمة ما يكتب فيها التواجد في الداخل الكيفية لا يمكن الخوض فيها في هذا المقال وعدم انتظار الفرج من الخارج ( قطر ، إثيوبيا) لان هذه الدول ومن وراءها غالبا بل أكاد اجزم بأنهم لن يأتوا بخلاص للأغلبية المقهورة ، علينا أن نغادر مقعد العجز والاستسلام ونصنع مستقبلنا بأنفسنا وفي سبيل ذلك ندفع المهر المطلوب . فنحن شعب كنا في الماضي القريب الملهم للشعوب الأخرى التي نراها اليوم تقدم عشرات الشهداء يوميا في سبيل انتزاع حريتها .
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=30201
أحدث النعليقات