انقاذ النفس قبل الوطن مشرط التغيير الديمقراطي(5)
هناك من يؤمن بأنه لا يخدع نفسه ولايملي عليها مالا تؤمن به أو تعتقده من الشعارات الوطنية .. لأنه لايستطيع قراءة مايدور في أعماقه بل هو يتفاعل ويتبلور مع الموقف دون تحديد لملامح ذلك السلوك .. بمعنى أن عقله اللاواعي يحكم واقعه النفسي وبصورة تلقائية غير مدركة.. ومن حقه وهو على هذا الحال من الضبابية أن يصدر أحكام مغلوطة لا تتوافق مع حالته النفسية.. وهذا الصنف يمثل الغالبية غير المتعلمة والبعض من المتعلمين..وهي فئة شديدة الإخلاص في تفاعلها المبهم وتجاهلها لتفاصيل ما هي مقدمة عليه من قناعات ومعتقدات لعدم توفر الرؤية العلمية (العقلانية) لسلوكها .. ولهذا هي قادرة على التضحية بذاتها وكل ممتلكاتها دفاعاً عن الوضع النفسي الذي تتعايش معه وتستمد منه وجودها .. ولهذا فإن أي تهديد تستشعره هذه الفئة يجعلها مستنفرة ومستعدة للرد مع غياب سبب آخر مقنع وراء تلك التضحية والفداء سوى الشعور بأن سيادتها قد إنتهكت.. بعكس اللاعب السياسي الذي حدد مسبقاً الأهداف والقناعات التي تناسبه لأنها تحقق مكاسبه وتشعره بالإطراء.. وبالتالي لم يعد يشعر بأنه مجبرعلى إظهار حقيقة وضعيته النفسية أو ملامح أهدافه الخفية التي يرصدها أمام هذا المجتمع الذي يتشكل أغلبيته من هذا الصنف الجاهل لمعنى وجوده والتائه بلا دليل في عالمه الصغير ..
هذه الفئة الإرترية المستغفلة من قبل السياسيين تمثل الغالبية العظمى .. وبالتالي هي لا تملك مفتاح نجاحها لتثبيت مطالبها الأساسية إلا عبر التصويت للناخب السياسي الذي بات يمثلها ويسعى نيابة عنها لتنفيذ ماتريده على أرض الواقع.. وهي ثغرة تنظيمية وقانونية تم إستخدامها اليوم لجني المكاسب والأرباح على حساب هذه الفئة الجاهلة .. ومن ثم من الطبيعي أن نرى جميع الإنتهازيون اليوم يتبارون ليصبحوا من النخبة “في ظل غياب المعيار الأخلاقي المنظم لعمل الحقوق السيادية التي تمتلكها الجماهير الإرترية “.. وهم يملئون الشاشات التلفزيونية والمحطات الإذاعية لعكس صورة مرضية عنهم كنخبة وكأنهم سيحققون شرط إنتخابهم ويحظون بالأصوات التي تمكنهم من تحقيق ليس حلم الجماهير بل حلم حياتهم المرتبط بالجلوس على كرسي السلطة والحكم .. ولا يهمهم بعد ذلك إن قاموا بتلبية المطالب التي من أجلها تم إنتخابهم أم لا.. ولهذا يضطر الكثيرمنهم لإستخدام وسائل ملتوية وتزييف كل شيئ من أجل وصولهم لتلك المرتبة .. ولا يوجد أحد من السياسيين من ينكر أنه يمارس هذا الدور ويسعى لتحقيق هذا الهدف وقد أصبح ذلك من متطلبات المهنة السياسية.. ورغم إدراكنا هذا لازال هناك من يؤمن بهم وكأنهم سيحققون المطالب العامة للمجتمع الإرترية .. ومن يؤمن بهم لذاتهم بغض النظر عن أفعالهم إنما يخبرنا وبوضوح بأنه عاجز عن تقييم الوضع النفسي الذي يعيشه .. ومن ثم لا يدري لماذا هو مؤمن بالقيادة التنظيمية.. نسبة لجهله بأن الإرتباط الموضوعي بالعمل التنظيمي يعني الإيمان بالقيم واللوائح المنظمة وليس بالشخص الذي يمثلها ويسعها لتنفيذها.. إن جهله هذا يمثل مادة الدعم المعنوي للقيادات الإنتهازية .. وهو الذي يعينها على الإستمرار والتأكد من النجاح .. كحال جنرالات الهقدف وقياداته المتطاولة على الميراث التنظيمي والمتطفلة على مايجنيه الشعب الإرتري نتيجة وجود هذا الفراغ التنظيمي الذي يعاني منه الكيان الإرتري .. ولا عجب إن إنسحب هذا التوصيف ليشمل قيادات المعارضة التي لازالت تعاني “إلا من رحم ربي”من إسقاطات الأزمة ولا يكاد أحد من قياداتها يستطيع التمييز بين الواقع التنظيمي والواقع النفسي الذي يعيشه .. لأن القيم التنظيمية التي إنحرفت قد إبتلعت هوية النفوس وسيطرت على ماتعتقده وتؤمن به
وبالتالي إمتد فراغ البناء التنظيمي الى داخل النفوس ولا أحد قادر على التمييز بين ذات الفرد والوطن.. ومن هنا إختلط الحابل بالنابل والمعارض بالموالي لأن الكل أصبح في موضع الإتهام نفسه بعد أن فقد الجميع القدرة على الخروج من دائرة هذه الأزمة التي تسيطر على الفكر والعاطفة معاً .. وفي خضم هذه الوقائع الشازة يستحيل إتهام أحد أنه مصدر مايعاني منه الشعب الإرتري اليوم لأن آثار الحريق إمتدت لتطال الجميع .. كما أنه لا يوجد قيم نقية يمكن وصفها بالأخلاقية بقدر ما أنها أصبحت قيم مختلطة ومتغيرة مع الوقت .. لأن الفرد بات يتعاطف حيناً مع القيم الأخلاقية وحيناً آخراً مع القيم الإباحية (ولانعني بالإباحية الجنسية فقط بل كل ما هو لاأخلاقي أصبح اليوم مباح ليغطي ذلك كل ممارساتنا الحياتية (العادية والرسمية)) .. ولهذا أصبح الفرد وبلا إرادة مؤمن ساعة وناكر ساعة أخرى فهو مضطرب مع الأحوال المتقلبة وفاقد لبوصلة السير الآمن .. حيث لا جدران آمنة تحميه وبيئة مؤمنة تمثل القدوة لمساره الصحيح أو يستمد منها دعمة ووجوده وإستمراريته .. وذلك لأن المجتمع الإرتري برمته فقد مواصفات البيئة الآمنة وبات كل من يحيا تحت مظلة هذا المجتمع فاقد الشعور بالأمن وينتظر في كل لحظة أن تداهمه أخطار النظام الديكتاتوري وهو داخل حرمة داره باليل أو النهار .. ذلك أن المجتمع المدني الحديث فُرض عليه أن يتنازل مرغماً عن سلطته التنظيمية التي كان بها يرعى أفراده .. لتستولي عليها نخبة تريد أن تمارس بالنيابة عن هذا المجتمع تلك الحقوق التنظيمية التي من المفترض أن لا يجبر أحد على التنازل عنها لأنها النفق المظلم المؤدي لفقدان السيادة (بالنسبة للفرد والمجتمع).. إذ أن وظيفة تلك النخبة لها صلاحيات مؤقتة لفترة لا تتجاوز الدورة أو الدورتين “أي الخمسة أو العشرة أعوام” .. كما أن حضور المجتمع ورقابته الدائمة لكيفية عمل هذه النخبة النائبة”عنه” يحتاج الى عدم فقدان عنصر السيادة عليها.. طالما أن ممارسة تلك الأدوار تعد حقوق حصرية للمالك وليس من المنطق أن يتنازل صاحب الملك عن سيادته على تلك الأدوار .. وعلى المؤجرين لتلك الصلاحيات (أي النخبة) أن يميزوا بين صلاحيات المالك والمؤجر .. ومنه ندرك أن البناء التنظيمي للدولة هو عبارة عن بناء معنوي تحكمه إرادة الشعب الإرتري ولهذا فإن تسليم بعض الأدوار التنظيمية للأفراد لا يعني أن الحقوق السيادية العامة قد سقطت منه.. إلا إذا بتنا ننظر للمالك (أي الشعب) وكأنه كيان تنظيمي مجمد أو محظور عن ممارسة أدواره التنظيمية وبالتالي أصبح مجبر على التنازل عن صفته الشرعية في ممارسة الحكم وذلك للحيلولة دون عودته الى وضعه قبل التجميد…!!!
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا متى كان للشعب الإرتري وضع تنظيمي مميز ليتنازل عنه الآن كي يتيح للأحزاب السياسية السبيل لتداول الحكم من خلاله ؟؟.. متناسين أن الشعب الإرتري لم يحظ يوماً بحقه في السيادة لأن سيادته كانت رهن الإحتلال من خلال الوجود المتلاحق للمستعمرين الأجانب الذين توافدوا عبر كل الحقب ليحكموا إرادته التي من المفترض أن تكون حرة في ذاتها ومستقلة في حراكها التنظيمي.. وعندما إندحر هذا المستعمر لم تندحر آثاره التنظيمية بل ترك ثقافته التي بررت له سابقاً حكم الشعوب المستضعفة وبها اليوم صرنا نبرر لنخبتنا لتحكم شعبنا والدليل أن سيادة الشعب الإرتري هي أول شيئ سيستهدفه الحزب الحاكم أو الحزب الذي يريد أن يحكم في إرتريا.. بمعنى أن الفقه السياسي الذي لقننا إياه المستعمر كي يصبح حكمنا لأنفسنا إمتداد تنظيمي لحكمه لنا رغم كونه بعيد بجسده عنا .. لأن المنطق السياسي المتقدم الذي فرضه علينا وعلى شعوب العالم الثالث بل وعلى شعوب أوروبا والغرب يكشف أمامنا أبعاد مخطط الثقافة الإستعمارية التي لم يعد معتنقوها يؤمنون بالإنتماء الوطني والجغرافي بقدر إيمانهم بالإنتماء لتلك القيم الوافدة وذلك الفكر السياسي المخالف للفطرة والذي أصبح اليوم أساس الولاء التنظيمي للفرد والمجتمع الإنساني ..حتى الشعب الذي نشأ في حضنه هذا الإستعمار صار مجبر على تطبيق هذا الفقه السياسي الغريب .. ولعل مبدأ القوة المستخدمة كسلاح أثناء عملية تقرير هذا المبدأ في بدايات تطبيقه في الغرب يبين صورة الإستعمار الذي تعاني منه شعوب أوروبا ذاتها بقدر مانعاني منه نحن.. ومايعنينا هنا أن المنطق السياسي الإرتري يجب أن يتحرر من التبعية لذلك الفقه التنظيمي المنحرف .. لأن سيادة الشعب الإرتري لن يتم التنازل عنها لفرد أو نخبة حتى وإن كانت إرترية.. وإن قبلنا ذلك فهذا يعني أننا إخترنا العودة الى مربع الديكتاتورية التي لاتختلف عن ديكتاتورية الهقدف إلا بكونها تحمل رؤوس متعددة (بدل رأس واحدة) ولكل رأس منها الحق الشرعي للممارسة الديكتاتورية علينا (وبصورة ديمقراطية!!).. وكلمة الديكتاتورية هنا لم نطلقها جزافاً بل لأن نزع السيادة من الشعب الإرتري يعتبر تعدي مجحف على حقوق السيادة التنظيمية التي يملكها كيان الشعب الإرتري الحر وماقيمة إستقلاله إذن وهو رهن التبعية والخضوع لإرادة خارجة عن إرادته.. إذ أن الكيان الإرتري لن يحقق شرط إستقلاله الإ عندما لا يوجد هناك سلطة أعلى منه في تقرير وتسيير شئونه التنظيمية ومصالحه العامة.. فهو مالك المؤسسة التنظيمية وليس خادماً من خدامها. وكل من يعمل لدى هذه المؤسسة هو مجرد موظف لا يحق له التظاهر بأنه يملك سيادة منفردة عن الجميع بحيث تخول له وضع الشعب الإرتري كله في الحجر التنظيمي لإرادته كي لا تتفاعل مع البناء التنظيمي بصورة مستقلة بل علي الشعب أن يخضع للفرد الحاكم صاحب السيادة .. والذي بالطبع حل محل السيد (الشعب) بعد حزفه.. هذا هو المنطق السياسي (الإنتهازي) الذي آمن به سياسيونا وباتو يتهافتون من خلاله لنيل حقهم من تلك السيادة على حساب شعبنا المسكين الذي عليه فقط أن يدفع ضريبة التضحيات الجسام عند إندلاع الحروب وليس من حقه أن يصبح سيد في ذاته وممتلكاته ومعاشه .. لأن الفقه السياسي يقول بأن السيد هو من سيعطيه الشعب صوته ليمارس علي الشعب بعد ذلك مراسيم العبودية والخضوع والطاعة التنظيمية العمياء وليس العكس.. وذلك كإستمرار لواقع الأزمة التي تقلب الشعب الإرتري في نيرانها كل تلك الحقب السابقة بفعل الأجانب المستعمرين ..
وتصبح تلك الأكاذيب السياسية التي تشربت الأجيال الإرترية الناشئة مفاهيمها ووعت أساليب تنفيذها بدقة لا تقل عن المستعمر الأجنبي نفسه بفضل المسار الأكاديمي الموضوع بعناية لتحقيق هذا الهدف.. وللأسف الشديد بتنا نعتبر هذه المناهج العلمية الإنتهازية الأساس والمعيار الأخلاقي للممارسة الديمقراطية .. وأصبحت تلك الأفكار التنظيمية هي الأساس العلمي لفهم الحقوق والواجبات السياسية لكل مجتمع إنساني وتلك هي الطامة الكبرى لأن إنتشار هذه الممارسة في جميع أنحاء العالم أصبح يمثل لدى أجيالنا الدليل العملي على صحتها.. وقد لا أختلف مع الجانب الإداري للعملية السياسية لأنه جانب علمي مرتبط بالعملية الحسابية والمنطقية للحراك .. لكن الإختلاف يأتي مع المدخل الأخلاقي للعملية التنظيمية التي تديرها هذه النظم السياسية الوافدة لكونها تعاني من الفاقد التربوي والفراغ الروحي كمحصلة لعدم وجود أساس شرعي لمنطلقها الأخلاقي ومن الطبيعي أن تنحرف النخبة وكل من آمن بها عن مساره الفطري ]الطبيعي[. وهنا لا أريد الجري وراء المصطلحات السياسية المعتمدة لإجراء المقارنة بينها لكن أكتفي بالقول بأن الدور الطبيعي (الفطري) للحياة لا يمكن أن يستمر في التحول الى دور زائف )إصطناعي( حتى وإن كان النظام الحاكم من خلال هذه المنطق الديمقراطي الزائف يملك قوة السلاح والمال.. لأن كل شيئ من حولنا خاضع للقوانين الطبيعية منذ عملية ميلادنا وحتى لحظة وفاتنا.. أي من لحظة النشوء وحتى الأفول لم نتوقف يوماً عن تناول الطعام لأنه أمر طبيعي وكذلك شرب الماء والعصائر وغيرها .. كما أن تناول الدواء عند المرض لم نتوقف عنه لأننا جميعاً وبدون إستثناء عندما ننحرف عن وضعنا الطبيعي ونقرر العودة إليه مجدداً نبدأ في تناول الأدوية وهذه هي مميزات العلاج الصحي (أي الطبيعي).. وما ندعو إليه الآن من خلال هذه السلسلة هو مجرد العودة لوضعنا الطبيعي ليس أكثر.. أي علينا البدء في معالجة الوضع السياسي الذي خرج عن طوره الطبيعي وذلك من خلال تعاطي العلاج المناسب .. ولا يكون هذا العلاج مناسباً إلا إذا كان هذا المصل (أو المقترح) قادر على إعادتنا للوضع الطبيعي أي للحياة الإنسانية التي نشعر في حضنها بالأمن والطمأنينة.. وبما أن المشكلة ليست عضوية أي مرتبطة بجسم الإنسان وإنما مرتبطة بفكره وعاطفته فإن المصل لن يكون حقنة في الوريد بل جرعة معنوية تتلقاها قلوبنا عن رضى أو إكراه لتسري فيها كمفعول الدواء لأنها تتكون من عناصر تنظيمية مركبة من أفكار محددة متى ما تم إدخالها في البناء التنظيمي الحالي المسمى بالديمقراطية يكتمل العلاج ويبدأ الحراك السالب (السيادي) بالإتصال بالحراك الموجب (السياسي) في دورة تنظيمية متكاملة لكل منها شحنات تنظيمية مختلفة وصلاحيات محددة لإطار حراكه التنظيمي.. والمصل هنا مخصص لوضع معالجة للجانب الأخلاقي للعملية التنظيمية ليس إلا.. أي الجانب الذي يبين وبكل وضوح أدوار وصلاحيات وحقوق كل مسار تنظيمي (المسار السياسي والسيادي) وذلك من خلال إعادة صياغة العملية التنظيمية لتراعي سيادة الشعب ككيان له حضوره التنظيمي المتميز وغير المرتبط بالعملية الإنتخابية .. بل وجوده دائم ومستمر.. وبإستمراره يصبح لوجود الدولة والنظام الإرتري منطق عادل وقوام ثابت.. ولكن عندما يغيب حضورة طوال خمسة أعوام ولايحضر إلا ليقف في صفوف إنتخابية طويلة ليقول بأنه مفلس من أي صلاحيات سوى التصويت للتعبير عن سيادة غيره وبأن فلان له الحق في السيادة نيابة عن الشعب .. ثم يعود مجدداً)وبصورة قالوا عنها طوعية( للهامش بعد يومين أو ثلاث من عملية التصويت..!! وهو منطق لا أعتقد بأنه منصف لأنه لا يحترم الوجود الإرتري المتمثل في هذا الكيان التنظيمي الكبير) الشعب(.. فإن كنا لا نحترم أنفسنا الى هذا القدر فلماذا نحاول جاهدين كي نمارس السلطة ونحكم هذا الشعب ..؟؟ إذ لا يوجد غير مبرر واحد لذلك وهو إزلاله وإنتزاع المصدر الوحيد الذي يستمد منه الشعب إحترامه ويسترد مقامه الذي كنا نكنه له في فترة صبانا وقبل بلوغنا سن الرشد.. أليس كذلك..؟! ذلك أنه لا منطق آخر يبرر هذا السلوك الجاهل بحق شعبنا الإرتري في السيادة سوى تحقيق هذا المعنى الإنتهازي .. المعنى الذي يدفعنا لنخالف منطق التنظيم الشرعي الذي نشأنا عليه وتنعمنا خلاله وتمتعنا بكل مميزات الآمن والرعاية التنظيمية في ظل أسرنا الحبيبة التي ظللتنا بحبها وحضنها .. وما الشعب في ظنكم سوى مجموع هذه الأسر الإرترية .. ومن نحن سوى ذرية تمثل الإمتداد الطبيعي لها .. فكيف ننكث بعهدنا للأسر الحبيبة التي أوجدتنا .. أيعقل أن نقطع دابر الجزور التي نستمد منها قوام بناءنا العاطفي والمنطقي على حد سواء..؟ وما قيمة وجودنا إذن إن لم نرتقي الى مستوى الحلم الذي تعلقت به قلوب أحبابنا ومن ضحى من أجلنا وحرم نفسه كي يعطينا بسخاء ممالديه من إمكانات متواضعة كانت السبب المباشر وراء النجاحات التي تحققت لنا ..وبالتالي من الطبيعي أن يكون رد ذلك الجميل مصدر من مصادر إلهامنا وهدف من أهداف حراكنا التنظيمي .. لأن سلطة آباءنا وأمهاتنا وإخواننا وإخواتنا وأعمامنا وعماتنا وخيلاننا وخالاتنا وحبوباتنا وأجدادنا (الحي منهم والميت) هي سلطتنا نتوارثها ولا ندع أحد كي يستولي عليها ..هذا هو مبدأ الإنتماء التنظيمي الأصيل لكياننا الإرتري .. وكل المظاهر الأخرى التي تم إستحداثها في هذا البناء لا تفي بحقنا هذا في السلطة التنظيمية التي هي حق سيادي علينا توارثه وحمايته من الضياع .. وبالتالي لا حق شرعي في وجود كيان إرتري يستهدف تمزيق صورة هذا التواصل الأخلاقي المتماسك لبناءنا الإجتماعي.. بمعنى أن أي كيان تنظيمي قادم من خارج هذا التأطير الداخلي لكياننا الإرتري سيساهم بلا شك في خلق بيئة متباينة لن تستشعر حقيقة إنتمائها التنظيمي ولن يرتق حجم تواصلها البيني لمستوى العمق الإجتماعي الذي تمثله العملية التنظيمية المعبرة عن الوجود الإرتري صاحب السيادة..
إذن يتأكد لنا مع كل حلقة من هذه السلسلة أن عملية الإنقاذ الوطني يجب أن لا نوجهها الى الوعاء المجازي الخارجي أو الإفتراضي المحقق لمعنى الوطن بل للوعاء التنظيمي الحقيقي الذي يجسد الواقع النفسي للذات الإرترية التي ضلت طريقها وهي تبحث عن حقوقها ومطالبها الأساسية .. وأصبحت دون علم ودراية أداة من أدوات الدعم المعنوي والمادي للمسار الإنتهازي المسيطر على العملية التنظيمية داخل إرتريا وخارجها .. وبالتالي كان لابد لنا من إقتراح الحل التنظيمي الناجع لتصحيح الوضع المنحرف كي يتوافق مع الوضع الطبيعي الملبي لمطالب شعبنا الأساسية .. وينفذ عملية الإنقاذ الأساسية المرتبطة بإنقاذ النفس أولاً ثم الوطن.. وهي عملية بناء لواقع تنظيمي جديد على أنقاض الواقع الديكتاتوري (بشقيه الموالي والمعارض للنظام) .
انقاذ النفس قبل الوطن مشرط التغيير الديمقراطي(4) »
إستكمالاً لما بدأناه في الحلقات الثلاثة السابقة نتطرق اليوم الى موضوع التفاعل التنظيمي بين الأعضاء في إطار الحزب (أوالتنظيم) الواحد…
سبتمبر 27 2015 / المزيد
انقاذ النفس قبل الوطن مشرط التغيير الديمقراطي(3) »
النفس الإرترية اليوم يصعب التنبئ بموقفها أو التكيف مع أمزجتها المتقلبة .. فالتشوه الذي أصابها بلغ منها مبلغاً لم تتمكن…
سبتمبر 21 2015 / المزيد
انقاذ النفس قبل الوطن مشرط التغيير الديمقراطي(2) »
من الطبيعي أن يشعر من تصفح عنوان المقال للوهلة الأولى بعلامات التعجب وأطياف الزهول وهي تحلق حوله وتحاصره من كل…
سبتمبر 13 2015 / المزيد
إنقاذ النفس قبل إنقاذ الوطن مشرط التغيير الديمقراطي »(1)
بقلم أبوعادل : عمر محمد صالح abu.adill4@gmail.com الى متى نخدع أنفسنا ونملي عليها مالا تؤمن به أو تعتقده من الشعارات الوطنية…
سبتمبر 7 2015 / المزيد
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=35499
أحدث النعليقات