انهيار الصومال وما حوله

في تسعينيات القرن الماضي كتب رئيس وزراء إسرائيل الأسبق شمعون بيريز كتاباً بعنوان ” الشرق الأوسط الجديد ” وأدخل منطقة القرن الأفريقي في داخل هذه الخارطة الجديدة للشرق الأوسط مستخدماً نمط الجيوسياسي .وتحدث كوهن مسؤول دائرة العلاقات الأفريقية في الخارجية الأمريكية في فترة ثمانينات القرن الماضي عن أهمية منطقة القرن الأفريقي لضمان أمن الملاحة في البحر الأحمر وكذلك المياه .

وانهيار النظم ذات الطابع الأشتراكي وظهور علامات الشيخوخة على مركز النظام الإشتراكي في موسكو

وبدء حرب القبائل الماركسية في اليمن وانهيار نظام الرئيس سياد بري في الصومال وسقوط نظام الدرق في اثيوبيا إيذاناً بنتهاء الحرب الباردة وتفكك الجمهوريات السوفيتية وبروز النظام العالمي الجديد بقيادة القطب الواحد السيد الأمريكي .

بدأت في منطقة القرن الأفريقي وحوض البحر الأحمر تشهد تغيرات ففي اليمن زال النظام الأشتراكي في جنوبه كنتيجة للوحدة اليمنية وبرزت دولة جديدة ومما تكون أقرب في توجهاتها إلى المعسكر الغربي .أما في غرب البحر الأحمر انهارت جبهة التحرير الأرترية على يد التحالف الجديد المكون من الجبهة الشعبية لتحرير تقراي ( اثيوبيا ) والجبهة الشعبية ولتحرير ارترية والتي شكلت نواة المعسكر الغربي برعاية وأشراف مباشر من عراب السياسة الأمريكا في القرن الأفريقي ( كوهين ) ودارت اجتماعات عدة في مدن غربية وآخرها كان في لندن لقصد وضع تصور للمستقبل السياسي في المنطقة ونظام الحكم فيها .

ولسبراغوار هذه المنطقة يجب العودة إلى الوراء لنتعرف على الخلفية الجيو سياسية للمنطقة ومنذ انهيار سد مأرب في اليمن وهجرة جزء من قبائل الحبشات التي كانت هناك إلى غرب البحر الأحمر والتي يعود تسمية الحبشة إليها وقيام مملكة اكسوم التي كان محور الصراع فيها من يحكم من الأمهرة والتقراي من جهة والممالك المجاروة من جهة اخرى كمملكة الفونج في سنار ومملكة البلمين أو البلويين في سواكن والتي اندثرت على يد الفونج وخلفتها مملكة بني عامر في اغردات .

أما في منظقة المحيط الهندي نشأت هناك إمارات ذات طراز الأسلامي والتي كان يشع منها نور الأسلام في هرار الأثيوبية والمدن الصومالية المختلقة واقليم اوغادين واقليمي شوا التي تقع في العاصمة الأثيوبية أديس ابابا و (ولو) في بلاد شعب الأرومو العظيم وابنه القائد أحمد الذي طرد الأمبراطور هيلي سلاسي من سدة الحكم في بداية الحرب العالمية الاولى بدعم من الطليان و لكن بعد خسارة دول المحور الحرب العالمية الثانية سرعان ما عاد هيلي سلاسي إلى الحكم بدعم من أمريكا وقيام مؤتمر يالطا الذي بموجبه تسلم هيلي سلاس الحكم في الحبشة بما فيها ارتريا كمكافأة له لوقوفه إلى جانب الحلفاء .

وبالعودة إلى القراءة الجيو سياسية يمكننا ان نجد جواباً شافياً لأنهيار الصومال وما حوله ومن المسوؤل عن ذلك وهل كان هذا الأنهيار محض صدفة أم انهيار مدروس ساهمت فيه قوة دولية واقليمية .للوهلة الأولى يبدو تصدعا رأسياً في المجتمع الصومالي ولكن هو على النقيض من ذلك حيث يشكل المجتمع الصومالي بتركيبته الأثنية والدينية حجر عثرة أمام تنفيذ المخططات الغربية ولذا كان لا مناص من تفتيته والقضاء على دولة المدنية .فسقوط نظام بري أدى إلى انهيار المؤسسات الدولة الصومالية وعمت الفوضة الصومال وتفرخت المليشيات القبلية والمناطقية وأصبحت كل مجموعة تتمترس حول ارومتها التي اختارتها والجميع وقف يتفرج على مأساة الشعب الصومالي وأبنائه يموتون غرقاً في اعماق البحار بحثاً عن السلام المفقود في بلادهم الطيبة المضيافة .

ومنذ بزوغ فجر الألفية الثالثة اصبحت في الصومال حكومات عدة وكل واحدة منها تولد مشوهة لاندري سهواً اما عمداً ودائما يتم إعلان ميلاد هذه الحكومات في العواصم التي تحددها أمريكا مثل أديس ابابا اثيوبيا ونيروبي كينيا .

السؤال هنا لماذا تكون يد هذه الدول مطلقة في الشأن الصومالي ؟ ألا توجد دول أخرى في المنطقة تلعب دور الراعي أوالمصلح أو المضيف لمؤتمر جامع لأهل الصومال وما دور المؤتمر الاسلامي ودول الخليج وجمهورية مصر ودولة قطرصاحبة المبادرات السلمية أم هناك فيتو خارجي من قوى عظمى يمنع أي تحرك يساهم في حل قضية الصومال وماذا عن الاسطوانة الجديدة بوجود تنظيم القاعدة في الصومال والطائرات بدون طيار التي بدأت تقذف الأراضي الصومالية وماذا عن القراصنة ووجود الأساطيل في باب المندب وبحر العرب والبحر الأحمر والمحيط الهندي هذه أسئلة برسم الإجابة ؟؟؟؟

والحالة الصومالية لم تكن الوحيدة في المنطقة فهناك قضية شعب أوغادين الثائر المنسي في كل المحافل الدولية والأقليمية وكذلك قضية الشعب الارومو في أثيوبيا .

لماذا هذا السبات في حياة هذه الشعوب وهم يمثلون 80% من سكان المنطقة أهو ضعف في العقيدة ؟ أم جهل في الحق والواجب أم أن هناك قوى خفية تعيق حركة هذه الشعوب وما دور دول الجوار العربي والأسلامي ومؤسساتها الخيرية والدعوية وحتى السياسية منها في المنطقة ؟

لماذا تعرف هذه المنطقة بأنها مركز التاج المسيحي بالقرن الإفريقي ولماذا يسمى أبناء هذا التاج هم القادة قي هذه المنطقة ويقدم لهم الدعم حصرا أكانو في الحكم أم في المعارضة؟؟؟؟ .

لنعود لأرتريا وانهيار جبهة التحرير ودخولها للأراضي السودانية ( بفعل فاعل ) وتحالف الشعبيتين وخوارج جبهة التحرير والعامل الدولي والأقليمي المساند الذي ادى إلى هذا الانهيار وضياع الحلم ولولا انتفاضة 25 مارس بقيادة المغفور له بإذن الله القائد عبد الله ادريس محمد ورفاقه الميامين والتي التقطت الراية قبل سقوطها وحافظت على الحلم من الضياع فلهم منا كل الوفاء ولقادة جبهة التحرير الارترية أينما وجدو أحياءً أو من رحل إلى رحمة ربه فهم نبراس لنا ودافع لنا نحو الأمام لإكمال تحقيق الحلم والأحياء أينما كانوا في المهجر أو في أرض الوطن فهم سطروا تاريخ شعب أرتريا العظيم من النضال السلمي إلى الكفاح المسلح .

وفي الختام أنا لست متشائما فمستقبل الصومال وما حوله متروك للأجيال …………..

الصحفي : محمد نور وسوك