اﻹستقلال نصآ فقد روحه فى وطنى!
اﻹستقلال مفردة عشقها كل من تاقت روحه الى تراب الوطن المعفر برائحة المسك لشهداء الكرامة والحرية واﻹنعتاق من مستعمر جثم على صدر شعب وأمسك بتلابيبه عقود من الزمان ،وكما انه معنى حلم به أطفال المﻻجئ وجيل أنين الضياع وتقنت به الجموع وجفت له مأقى الدموع فى سبيله فقدت إرتريا خيرة أبناءها وأغلى سنين من عمر شعبها وهو يحلم بوطن على قدر التضحيات لعله يمسح دموع الثكالى واليتامى ويحتضن أجساد أنهكها النضال وكسرت كبرياءها حياة المﻻجئ والشتات، ولكن آه من نصآ فقد روحه فى وطن المواجع والرحيل!
فى مثل هذا اليوم الموافق 24/5 من كل عام نستحضر كأرتريين لحظةنتنسم فيها عبير الحرية واﻹحساس بالهوية التى سلبها المستعمر اﻷثيوبى ردحآ من الزمان ، ونقف وقفة اجلال ﻷولئك الشهداء الذين خلدهم التاريخ وسطرو ملاحم الصمود حتى تحرر كامل التراب الوطنى كما نردد تلك الترانيم الثورية التى عشقها ذالك الجيل وعزف لحنها أنشودة بين السهول والتلال ونترحم على أرواحهم الطاهرة .ومهما قلنا ﻻنستطيع أن نفيهم حقهم ونعدد مناقبهم ونسطر مواقغهم ، فالتحية لرواد النضال الوطنى الزعيم إبراهيم سلطان وعبدالقادر كبيرى وولدآب ولد ماريام وبقية العقد الفريد وكذالك لمفجرى الثورة اﻷرترية بقيادة الشهيد حامد إدريس عواتى ورفاقه المناضلين وللقيادة السياسية فى تلك الفترة بزعامة الرمز الوطنى إدريس محمد ادم وكل القيادات الوطنية وتحية لكل الشعب اﻷرترى الذى قدم بطوﻻت نادرة فى سبيل الحرية واﻹنعتاق وخاض أشرس وأطول الحروب فى افريقيا لمدة ثلاثين عاما حتى نال استقلاله.ولكن يجب علينا فى مثل هذا اليوم أن نقف وقفة تأمل لهذا اﻹستقلال بعد مرور ربع قرن إﻻ عام من الزمان فهل حقق اﻹستقلال معناه الحقيقى وحصدنا ثماره؟ أم قاد الى إستعمار بدون مستعمر على وزن طائرة بدون طيار ﻷن العبرة باﻷثر ليس بالمسميات. فماذا يعنى اﻹستقلال؟ أليس هو السيادة الكاملة على الوطن واستعادة الحقوق المسلوبة وصون كرامة اﻹنسان وحفظ أدميته والعيش فى أرضه والتعبير عن ثقافته وتاريخه، ألم يكن هو التمتع بكامل الحقوق من تعليم وصحة وحرية تنقل ومعتقد وعودة الﻻجئ الى وطنه؟ أﻻ يعنى النهوض بالوطن فى كافة المجاﻻت والتعبير عن إرادة الشعب لحكم الشعب وإحلال اﻷمن والطمأنينة في النفوس بعد أن عاشت سنين الرعب إبان اﻹستعمار؟ ومن هنا يمكننا القول إين اﻹستقلال؟ ونسبة اللجؤ والتشرد بعد اﻻستقﻻل إرتفعت الى معدﻻت قياسية، أين الحرية واﻹستقلال؟ وأﻻﻻف اللاجئين مازالو يقبعون فى المﻻجئ والمخيمات ﻷكثرمن ثلاثين عاما حتى نتج عن هذا الوضغ جيل يعانى اﻵمريين لجؤ وأزمة هوية وبات مشكوك فى هويته فى وطنه وفى بلد اللجؤ وحتى ماوراء البحار فى أروبا ومن المؤسف أن رئيس النظام الحاكم بعد اﻻستقﻻل لم يفكر مرة فى زيارتهم وهو يغدو ويروح بالقرب منهم لسنوات وكأن اﻷمر لم يعنيه بل وعمل جاهدآ على إعاقة عودتهم الى وطنهم وعندما يسأل عنهم يقول بكل سخرية هؤﻻء فى وطنهم! ويكررها خلفه قبل شهور مستشاره يمانى قبرآب فى لقاء مع قناة روسيا اليوم فى خبث طائفى واضح ، فماذا تعنى هؤﻻء فى أرضهم! أليس هم أرتريين ؟ أم أن أرض اللجوء هى تحت سيادة نظام أسمرا؟ أم ليس لهؤﻻء حق العودة الى أرض أجدادهم؟ أم أن أﻷرض آلت لغيرهم بعد كل هذه التضحيات. أين اﻹستقلال وبعد24 عامآ من اﻷستقلال الجامعة الوحيدة تم تفكيكها وصارت اﻷولوية لبناء السجون بدل من بناء صروح العلم ،أين اﻹستقلال؟ وإعلام الدولة لمدة 24عامآ أنتج صحيفة واحدة وهى بوق النظام ومستودع دعايته ، أين القوة العاملة بعد ان تم إفراغ اﻷرض من الشباب بل وتم المتاجرة بهم و بأعضاءهم وأخرين منهم تتغذى عليهم كائنات البر والبحر.
مازلنا نسأل ونقول إين اﻹستقلال ولمدة 24عامآ الدولة تحكم بدون دستور وبلا قانون ومؤسسات ، كيف يمكننا أن نقول أننا احرار ومازال شعبنا يأكل من وراء الحدود ونصدراﻷزمات للعالم ، أين اﻹستقلال وأرتريا أصبحت دولة معزولة وإقتصادها فى الحضيض، كيف لنا أن نرقص وأﻻﻻف يقبعون فى السجون لعشرات السنين وﻻندرى اهم أحياء أم أموت! حتى جزء من اﻷحرار الذين ساهموا في صنع اﻹستقلال خلف القضبان ونحن نرقص على اصوات أنينهم ، بل وحتى الحبال الصوتية التى تغنت للثورة والحرية والوطن صارت كطائر حزين مكسور الجناح فى سجون الظﻻم.أين اﻹستقلال وظاهرة اﻹخفاء القسرى تستمر لمدة 24 عامآ دون أى مبررات أوتهم موجه أو محاكمة ﻷﻻف من الشرفاء بل وحتى أقرب اﻷقربين لم يعرف شيئاً عن المخفين قسرياً لسنوات. حقآ يعتلى قلوبنا اﻷلم عندما نردد النشيد الوطنى ونقف عند إرتريا تبوءت مكانها بين اﻷمم، عذراً لك سلمون صاحب النشيد الوطنى الخالد فإن أرتريا تبوءت مكانها فى مقدمة اﻷمم إنتهاكآ لحقوق اﻹنسان وللحريات العامة ولﻹنسانية ولحرية الرأى والتعبير ، فلك الله ياشعب أرتريا فإن نضالك باتت تذروه الرياح! إن ذروة مايتشوق اليه المناضلون وكذا الشعوب المستقلة هو اﻹحتكام الى إرادة الشعب وروح القانون والديمقراطية فى الحكم وإشاعة الحريات وصيانة الحقوق فﻻ يكون لﻹستقلال معنى الى أن نتحرر من اﻷستبداد والمستبدين الذين أفقدونا إنسانيتنا ومعنى إستقلالنا ويوم أن نزيل الظلم من أرضنا ومن أخلاقنا ويرحل الفساد من طباعنا ونتعافى من النفوس المريضة والمشروعات الضيقة والطائفية المقيتة ، ويوم أن نكون أمة محترمة لها كيانها النابع من إرادة شعبها ولها ذاتها ومعناها.ﻻنريد المزايدة على اﻹستقلال بل نريد أن نحيا معناه ونعيش فحواه بدﻵ من اﻹحتفاﻻت البلهاء التى تصرفنا عن معناه الحقيقى.
بقلم / عبده محمد عثمان
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=34572
أحدث النعليقات