بالنسبة لإرتريا!!
ما يصيب التقراي يصيب إساياس في مقتل بالضرورة، وكل شعرة تسقط من رأس التقراي تقيم مآتم وبكائيات في رأس إساياس. النغمة في مقلي تتجسد سيمفونية في عقل وفكر إساياس لا شك. لم يسد إساياس في إرتريا إلا بسيادة التقراي في إثيوبيا، ولن يستمر إلا باستمرارهم. وعليه لا بد أن نحاول معرفة ما الذي يجري على المدى القريب والبعيد.
هل أبي ومن خلفه إثيوبيا الموحدة لا يعي مصيرية علاقة إساياس والتقراي أم أنه يلعب بالبيضة والحجر كما يقولون؟؟ أم أنّه يتصرف مطئناً عالماً بأنّ لإساياس أجندة أخرى لا نعرف محدّداتها نحن الإرتريين.
لم لا؟! وقد جرف إرتريا إلى العداء السافر مع كامل جوارها ثم مع نفسها، ومن ثم إستطاع أن يجهض حلم الدولة الإرترية. ولا يجوز أن ننسى هنا بأنّ هذه تهمة حقيقية وردت إثيوبيّاً بأدلتها وإرتريّاً بدلالاتها، حيث أجمع هؤولاء على أنّ مهمته الأولى والأخيرة التي أرسل من أجلها إلى داخل الثورة الإرترية كانت في إجهاض أمل الشعب الإرتري في أن تكون له دولته القوية التي تعيش في سلام ووئام مع جوارها، ومن ثم يقود إرتريا إلى حضن إثيوبيا الأم بعد أن كره الشعب الإرتري فكرة الإستقلال باعتبارها انتهت إلى المئالات المأساوية التي أخرجها لهم باقتدار. (ربما كان لي مروراً غير بعيد عن هذا الإلتباس في ختام حديث سابق تحت مسمى “نكسة 24 مايو“)
بالعودة إلى حديث الساعة فإنّ إستقبال وفد الكهول الأشقياء متمثلاً في عثمان صالح ويماني قبرآب في أديس أبابا يوحي بحالة غير طبيعية، حيث لم يبدأ التواصل العلني على مستويات أقل على سبيل المثال. أما أمر استقبالهم في المطار من قبل رئيس الوزراء الإثيوبي ضارباً عرض الحائط بكل الأعراف والبروتوكولات ثم متجاوزاً كلّ المخاوف الداخلية، شيء خارق. والشيء الذي لا يعقل هو في أن يكون هذا الإستقبال شعبيّاً تُمثَّل فيه كل فئات ورموز ونخب المجتمع الإثيوبي قاطبة. أما الأنكى والأدهى والأمر هو أن يكون مستوى الحوار والحديث بهذا الشكل الوحدوي الذي رأينا، إذ يقول يماني بأنّه لم يفترق إثيوبيا للحظة، ولا أدلّ على ذلك من جودة لغته الأمهرية وسلاسة كلماتها وحداثة مفرداتها وكمال نطق حروفها.
هذا الترحيب في أديس أبابا، وكأنهم رفاق بطل إثيوبيا، والثوري الأعظم، بَلاَي زَلّقي، أمر غير سوي. وبالتالي علينا أن نعترف بأن ما وراء هذا الحال الذي يقابله صمت التقراي الرّسمي (رغم العواء الشعبي) شيء ما غريب لا نعرفه وأن هناك لا محالة اتفاق ما مريب لا نقبله.
إذن هناك اتفاق ما سري لا نعلم تفاصيله، وعليه ربما علينا ان نحاول فهم ما يجري بطرح تساؤلات حياله، فهل هذا الإتفاق مع إثيوبيا التقراي أم هو تنازلاتلإثيوبيا الكبرى نكاية بإثيوبيا التقراي أم هو غدر بإثيوبيا الدولة للشروع في فتح أبواب الوحدة المشؤومة بين التقراي وارتريا كما كان يحلم ساحرهم الأكبر ولدآب ولدماريام ومن بعده الأقاعز؟!
1- الإتفاق مع إثيوبيا التقراي كان احتمالاً واقعيا قبل تفجر الأمر في ظلّ خروج الشّعب إلى الشّوارع وتسلّمه زمام المبادرة. وعليه تقل احتمالية إقصاء الشارع الإثيوبي القابض على أهم الخيوط وهو الشرعية الثورية الوحدوية القائمة على مبادئ الدولة الإثيوبية الحديثة.
الآن تحديداً وبعد رفع مستوى الإدراك والوعي الشعبي يكاد هذا الإحتمال غير مجدٍ ولن يغامر قائد إثيوبيا-الثورة بأي حال من الأحوال بمواجهة الشعب الإثيوبي الموحد تحت قيادته وتحت رايات أمل التقارب والوحدة مع إرتريا.
2- هذه النقطة تحديداً تأخذنا إلى الإحتمال الثاني وهو تقديم تنازلات غير طبيعية لإثيوبيا الكبرى نكاية في إثيوبيا التقراي، مما يعني أنّ إرتريا مقبلة على تنازلات سيادية إما بالوحدة الفدرالية مع إثيوبيا أو بالتسهيلات التي تصل بإثيوبيا إلى ان يكون لها قوات بحرية في مياه السيادة الإرترية الإقليمية كما أكدت ذلك إسقاطات إثيوبيا الرسمية.
هذه حزمة تنازلات قد تصل إلى الوحدة الفدرالية وبالتالي يمكن التأكيد بأنّ هناك أمرا مريب قد تم العمل عليه في مناحي متعدّدة وتم إجراء حوارات حوله على مستويات متفاوتة إلى أن وصل إلى ما كان من بعض النخب الإرترية وأعلنته على الملأ في المؤتمر الصحفي سيء السمعة (كونفدرالية- فدرالية- وحدة). ولذلك فهذا احتمال وارد بقوة شريطة أن يكون له جدول زمني بطيء الحركة وربما لن يكون في واقعه نكاية بالتقراي بقدر ما هو انتصار لكهول الشعبية على كهول التقراي في ايامهم القليلة الباقية، ثم عودة المياه لمجاريها تسري في عروق دولة الأقاعز المختبئة داخل غبار الخلاف الصوري الدموي الذي حدث بين الشقيقين أبناء الشقيقتين.
3- أماّ الإحتمال الثالث والأخير فهو صلح أفراد الأسرة الواحدة، حيث الأخ يحتضن أخاه باكياً معتذراً وينتهي الأمر بعشاء عائلي تنطلق منه الحياة الطبيعية للأشقاء؛ وليت هذا العشاء يكون في منطقة بادمي التي سترمز للوحدة والإرتباط بدلا من التباعد والتفكّك!!!!!!!
ختاماً!! لا تسأل عزيزي الإرتري عن هذا الإحتمال فلا مكان لك فيه وطناً أو مواطناً، إذ هي نواة لدولة الأقاعز الكبرى، وكل ما عليك فعله هو أن تلملم جراحاتك وتحرق صورك التي ضممت فيها الشيخ الإتري الوفي إبراهيم سلطان برمز الغدر والخيانة ومنظر دولة الأقاعز ولدآب ولدماريام. أو ربمّا عليك أن تعيد التفكير والتخطيط مجدّداً لإرتريا جديدة بمفهوم جديد يخلط كل الأوراق ويؤمن المنطقة بشكلها الشامل، ويحل كل الإشكالات الوقعة والمحتملة الوقوع. هنا أناشدك مراجعة فكرة ما كانت قد مرّت عليك مرور الكرام ربما وهي المتضمنة في حديث سابق تحت عنوان (تثبيت حق تقرير المصير).
بشرى بركت
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=43274
أحدث النعليقات