بعد منعه للحجاب.. “رئيس إريتريا” 23 عامًا من اجتثاث جذور العروبة بالبلاد
ثار المواطنون حاملين شعارات وهتافات إسقاط النظام، وللمرة الأولى يذكر اسمه بالمطالبة بالحقوق والرحيل، إنه الرئيس أسياسي أفورقي الذي يحكم إيرتريا، ذلك البلد الإفريقي المعزول، على المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، بعد 26 عام من الحكم، بعد القرار الذي اتخذه بإلغاء الحجاب بالمدارس الإسلامية، واعتقال مدير أحد المدارس الإسلامية، بعد أن أعلن إعتراضه على القرار، هذا الوجود العربي والإسلامي الذي حمى الثورة الإرترية منذ بداياتها وإلى أن حصلت على إستقلالها، فهل تكون اليد التي مهدت كرسي الرئاسة هي من ستطيح به من على سدته.
“لم يكن القرار الأول ضد الوجود العربي بالبلاد”، بتلك الكلمات أكد حامد العجب، المتحدث الرسمى باسم حركة 24 مايو فى القاهرة، أن ما تشهد العاصمة اسمرا من احتجاجات وتظاهر، ما هي إلا رد فعل طبيعي جراء السياسة التي يستخدمها النظام والانتهاكات الواضحة ضد الحقوق المدنية للمواطنين في اختيار عقيدتهم ولغتهم.
بدأت علاقة أفورقي بالعروبة والإسلام كانت منذ بدايات نضاله، فإريتريا لها علاقات ثقافية وتاريخية بالدول العربية، يجاورها السودان وجيبوتي، ومن البحر الأحمر تجاورها اليمن، وكثير من الإريتريين درسوا في القاهرة، وهؤلاء هم من بدئوا الثورة الإرترية، أيام الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، عندما ضمت إثيوبيا إريتريا لأراضيها، بدعم مصري، بحسب ما قال عجب.
وإستكمل عجب في تصريحات خاصة لـ”المواطن” قائلًا أن الرئيس الإريتري الحالي عندما أراد أن يلتحق بالثورة خرج من إريتريا إلى السودان ومن السودان إلى سوريا، ومن سوريا أخد دورة عسكرية في الصين، والثورة كانت مدعومة من الدول العربية وعلى رأسها جمهورية مصر العربية وسوريا، هو انقلب على الثورة الأولى، وابتعد عن العرب بعد أن وجد داعم له من أمريكا والغرب، بل وتنكر للعرب وقال إنهم لم يقدموا لنا شيئا. تكمن المشكلة لدي أفورقي، بحسب عجب، في وجود ثقافتان في إريتريا؛ الأولى؛ ثقافتها عربية، والثانية؛ الثقافة الحبشية، وهي قبيلة التجرينيا، والتي تماثلها قبيلة التيجراي في إثيوبيا، وهي الإثنية الحاكمة، وأسياسي أفورقي -الرئيس- ينتمي لتلك الإثنية، وميليس زيناوي صاحب فكرة سد النهضة ينتمي لنفس إثنية الرئيس الإريتري، ولذلك فالرئيس الإرتري لديه عقدة من الثقافة العربية، وأنشأ صراع ثقافي، أراد لثقافته فيه وهي ثقافة التجرينيا أن تسود.
ونفذ افورقي ذلك بالفعل بأن أبعد الرئيس الإريتري كل ما يمت للثقافة العربية بصلة، وابتعد عن المحيط العربي، وبالفعل ثقافته هي التي تسيطر الآن، فالدراسة في إريتريا باللغة العربية انتهت، والبعثات الخاصة بالأزهر توقفت، ولا يوجد غير صحيفة واحدة بالعربية، والباقي بات بالتجرينيا.
كما ألقي بالمعلمين في غياهب السجون، وفرض أفورقي لغته بحد السيف، فكان يوجد 9 لهجات محلية تتحدث فيما بينها بالعربية، فلا يوجد اليوم تليفزيون أو إذاعة عربية، بينما كانت الصحافة في عهد الاستعمار الإيطالي باللغة العربية، فالنظام يسجن كل من يشكل عليه أو على إثنيته خطرًاـ بحسب ما قال عجب.
لم تشبع الإجراءات السابقة ما كان يرجوه أفورقي، ولذلك منع الحجاب في المدارس في الريف والقرى، والمدن، حتى الإسلامية منها مما تسبب في غضب في الشارع المسلم، وفجر المظاهرات الحالية، وهو ييتدرج المسلمين لكي يثورو ويجد ذريعة لطردهم الي السودان، مثل ما تفعل ميانمار بحسب المعارض الإرتري. وأشار العجب إلى أن ما فجر الأزمة الحالية،و حملة الإعتقالات التي شنها النظام، هو الخطاب الذي ألقاه الشيخ التسعيني موسى محمدنور رئيس مجلس إدارة مدرسة الضياء الإسلامية بأسمرا بتاريخ ١٥اكتوبر الجاري أمام حشد يربو عن ٣٠٠٠شخص في ساحة المدرسة، يعلن فيه رفضه القاطع لشروط نظام افورقي، مما دفع أمن افورقي لاعتقاله بتاريخ٢٠اكتوبر.
وقال الشيخ في خطابه أن عدد تلاميذ وتلميذات هذه المدرسة يبلغ ٢٨٠٠،ويقدر عدد آبائهم بأكثر من ٥آلاف،هذا يعني أن من يتعرض لهذه المدرسة بسوء فإنه يسعى لإثارة غضب أكثر من ١٠آلاف شخص، رافضًا الشروط التي يريدون فرضها على المدرسة،ولن يستطيع أحد،كائنا من كان،أن يفرض عليها ما لا تريد.
“رأيتهم يتركون الحجاب عند المحال المجاورة للمدارس بأم عيني” بتلك الكلمات وصف عبد الرحمن شمسى، القيادي بحركة 24 مايو الإرترية المعارضة، التمييز الديني الواقع ضد الطالبات المسلمات بإرتريا، فلم يكن قرار منع الحجاب في المدارس مفاجئًا بل كان مطبق من عام ١٩٩٤م ولكن القرار كان يطبق على المدارس غير الإسلامية بصرامة لدرجة أن الطالبات كن يتركن حجابهن عند بعض المحلات التى بجوار المدارس عند دخول المدرسة وعند انتهاء الدوام يأخذنه حتى لايسرن في الشارع دون حجاب، ولكن المدارس الإسلامية التى صمدت كانت لاتلتزم به ومنها الضياء.
وأكد شمسي في تصريحات خاصة لـ”المواطن” أن هذا التتبع شمل أيضًا المدارس الإسلامية، أول خطوات اتخذها النظام هي إغلاق جميع المدارس العربية والإسلامية وإعتقال جميع المعلمين فيها منذ عام ١٩٩٤م ومعظم مدن البلاد لايوجد بها مدارس عربية أو إسلامية سوا عدد قليل في العاصمة وبعض المدن، حيث أغلقت مئات المدارس وحول المنهج الى لغة التجرنيا التى يتحدث بها الرئيس والأخوة المسيحيين في إرتريا. وشملت المدارس المغلقة مدن أسمرا، مصوع، كرن، عصب، أغردات، نقفة، مندفرا، صنعفي، جندع، منصورة، وبعضها يعود تأسيسها لمئات السنين، ولم تغلق في كل مراحل الإستعمار المتعاقبة، وتبقى مدارس على عدد أصابع اليد الواحدة تحت التهديد في كل أرجاء البلاد، لكن مدرسة الضياء صاحبة الواقعة تعتبر من أقدم المدارس الإسلامية في العاصمة.
وأوضح شمسي أن هذه المدارس كثر روادها بشكل ملحوظ رغم الضغوطات لعدم التزامها بقرارات النظام السابقة رغم أن النظام لايعترف بها كمدارس ويعتبر طلابها خارج دائرة التعليم في البلاد، فلامكان لهم في الجامعة ولا عندهم أي إمتيازات الطلاب، ولايعترف بشهاداتهم ومع ذلك استمرت. وأضاف شمسي أن الفرصة فيها أن خريج هذه المدارس يمكنه أن يهرب خارج البلاد ويكمل تعليمه في الدول العربية المحيطة، هناك بعض الجهات في السودان تقوم بمعادلة هذه الشهادات وتقبل في جامعة أفريقيا العالمية وبعد المدارس في السودان تقوم بإعادة إمتحانات للشهادة الثانوية ويمنحوا شهادة صادرة من السودان يمكن أن يقدموا بها للجامعات العربية أما الأزهر في مصر فيعمل لهم تحديد مستوى ومن ثم يدخلوا في المرحلة التى تناسب مستواهم، والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
وأشار شمسي إلى أن إنطلاق المظاهرات الشعبية بحي مدرسة الضياء هي خطوة جريئة لم تحدث منذ فترة طويلة، اندلعت المظاهرات منذ يوم الإثنين بالعاصمة الارترية اسمرا إثر إعتقال رئيس لجنة مدرسة الضياء الإسلامي بحي اخريا الشيخ موسى محمد نور والعشرات من معلمين وطلاب وأولياء أمور الطلاب وجاء ذلك على خلفية تأميم المدرسه وفرض الاختلاط بين الجنسين ونزع الحجاب من الفتيات الأمر الذي رفضته لجنة المدرسة كما فرضت الحكومه إلغاء تدريس المواد الشرعية واللغة العربية علما بأن هذه المدرسة تعتبر من المدارس الاهليه في البلاد والتي تأسست بجهود أهليه لتعليم اللغة العربية والمواد الشرعية.
ولم يمر الحادث والقرار مرور الكرام، فتحول البلد الهادئ لبركان غضب من المظاهرات، التي بدأت بإنطلاق مظاهرات شعبية بحي “أخريا – أكريا”، ذو الغالبية المسلمة، وسط أسمرة،موهو الحي الموجود به مدرسة الضياء واطلاق نار كثيف، تقول بعض المصادر أنه سقط فيها قتيل واحد على الأقل، وهي خطوة جريئة لم تحدث منذ فترة طويلة لا تقل عن 20 عام.
نقلاً عن : المواطن
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=42440
أحدث النعليقات