بعض الأخطاء الشائعة في ثقافة التقري
17/11/2005يس مدني عبدا لقادر
في البداية يسعدني بمناسبة عيد الفطر المبارك أن أزف أجمل التهاني و التبريكات لشعبنا الإرتري البطل في الداخل و الخارج ، و أقول لهم كل عام وأنتم بخير أعاده الله علينا و عليكم باليمن و البركات و إن شاء الله يجمع الله شمل الأسرة الإرترية و يرد غربتهم إلى وطنهم سالمين غانمين في العلم و الرزق .
درج أهلنا التقري بالقول عند كل عيد لمن يزورهم بالقول ( عرفة مكة و جدة ولاد تبعن و أقول إنسات هب إته و نساء إته ، أفوكه درسسه و مطعنكه ودانسه ) . هذه عبارات تعبر عن الدعاء و التمني للزائر الكريم بأن يلتقي بهم في مكة و جدة ، ويتمنى له الذكور من الأولاد و الأنثى من البقر لكي يتكرم على الناس في الأفراح و يقف معهم في الأتراح . وأهلنا التقري مولعين بحب الجمال و تربيتها و الإعتناء بها و إمتطائها لأن الجمال تتحمل مشاق السفر و المسافات البعيدة ، ولهذا ذكرها الله سبحانه و تعالى في محكم تنزيله في حين أنه خلق الحمير مع إنكار صوتها .
ما أردت مناقشته أولاً هو أن عرفة هي ركن أساسي من أركان الحج و لا يقبل الحج بدون الوقوف بعرفة ، ولكن أتعجب … ما دخل جدة المدينة الساحلية بمكة أي ما العلاقة بين الوقوف بعرفة و الوقوف بجدة ، مثل قول أهلنا السودانيين ( ناس في جدة و ناس في أم بدة ) و من المفروض أن يكون الدعاء كالآتي : ( عرفة مكة و المدينة تتعارفكم ) لأن المدينة المنورة تمثل ثاني الحرمين الشريفين أما جدة فهي مجرد معبر إلى مكة ليس إلا و لا أعتقد أن لها أهمية دينية . أما القول ( ولاد تبعن ) ففيها نوع من باقي الجاهلية و هو التفاخر بالذكور و كثرة الأولاد و كراهية البنات ( Male Oriented Culture ) ، أما القول ( أقول إنسات ) فهذا يعني كثرة الأنعام التي يراد منها التفاخر في المال ، فهي دلالة على الكرم و الأخذ و العطاء . أما القول ( مطعنكه واد إنسه ) فهي دلالة على قوة الجمال و تحملها لأعباء السفر و لما تمتاز به من علو عن باقي الحيوانات .
لهذا جعل أسياس أفورقي الجمل شعار الدولة عرفاناً بدور الجمل في مرحلة الكفاح المسلح كناقل رئيسي للمؤن و البشر و السلاح ، مع أن أسياس لم يعترف مطلقا بصاحب الجمل و فضله و تضحياته و عطائه .
عادة ما تكون الحكم و الأمثال تعبيراً عن عمق حضارة الشعوب ، فكثير من أمثال التقري تصلح لكي تكون أطروحةً لنيل درجة الماجستير و الدكتوراة .
يلاحظ من الدعاء الوارد أن أهلنا التقري لم يدعوا للزائر بأن يرزقه الله المعرفة و العلم ، مع أن طلب العلم فريضة و عبادة
( The quest of knowledge is an act of Worship ) .
فلهذا أناشد الإخوة الإرتريين المتخصصين في علم اللغات بأن يجمعوا الأمثال و الحكم و يترجموها إلى العربية و الإنجليزية و بقية اللغات الحية لعكس المضمون الثقافي الغني لأمثال التقري ، و أكرر القول ( عرفة مكة ومدينة تتعارفكم ، و ربي علم لرزقكم ) .
أخوكم / يس مدني عبد القادر
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6462
أحدث النعليقات