بيان جبهة الإنقاذ الوطني الإرترية في الذكرى الرابعة والخمسين لمعركة تقوربا المجيدة
الخامس عشر من مارس في هذا العام ، تصادف الذكرى الرابعة والخمسين لمعركة “تقوربا” المجيدة.. التي وقعت بين أبطال جيش التحرير الإرتري وقوات الاحتلال الإثيوبي في منطقة “تقوربا” غرب بركة في الخامس عشر من مارس 1964.
وقد كانت هذه المعركة بحق نقلة نوعية في المواجهة بين الثورة الإرترية والاحتلال الإثيوبي البغيض، حيث جرت المواجهة بين القوات النظامية للعدو المدججة بأحدث الأسلحة، وثلاثة فصائل من جيش التحرير الإرتري بقيادة الشهيد المناضل محمد علي إدريس أبو رجيلة. وعلى الرغم من الفارق الكبير في العدد والعدة بين الجانبين، إلا أن إيمان المقاتلين بعدالة قضيتهم واستعدادهم للتضحية في سبيلها، مكنهم من إلحاق هزيمة نكراء بقوات العدو وتحطيم جبروته وغطرسته، فولت قواته هاربة تجر أذيال الهزيمة والعار ، بعد أن قتل منها أربعة وثمانون ضابطًا وجنديًّا، وجرح عدد كبير منهم. واستشهد في المعركة ثمانية عشر من أبطال جيش التحرير الإرتري المغوار بعد أن لقنوا قوات العدو درسًا لن تنساه. وضربوا أروع الأمثلة في البطولة والفداء.
لقد تأكد للعدو الإثيوبي، الذي كان يملك آنذاك أقوى جيش في أفريقيا، أن جيش التحرير الإرتري لا يمكن إقتلاعه بمجرد خوض عملية عسكرية خاطفة، وأنه أقوى مما كان يتوقعه الاحتلال، وليس هذا بغريب لكونه من رحم الشعب الارتري ، ومعبر عن تطلعاته في الحرية والإنعتاق. وبعد هذه المعركة التاريخية توالت العمليات العسكرية البطولية لجيش التحرير وانتصاراته. فزاد ذلك من دائرة إلتفاف الجماهير حول الثورة ، وبالتحاق الشباب بجيش التحرير الإرتري.
وبعد نضالات طويلة وتضحيات جسيمة ، حقق شعبنا نصرًا على الاحتلال الإثيوبي بإخراج قواته من التراب الوطني الإرتري، وإعلان إرتريا دولة مستقلة ذات سيادة.
كان شعبنا يحدوه الأمل، بعد تحرير التراب الوطني من الاستعمار الأثيوبي، في أن يطوي صفحة الاحتلال بكل ما تحويها من معاناة وبؤس وحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية، ومن ثم يفتح صفحة جديدة ملؤها التفاؤل ببناء غدٍ إرتري مشرق، وإقامة دولة العدل والديمقراطية والمساواة. إلا أن قيادة الجبهة الشعبية المغامرة، التي توج نضال شعبنا المسلح بتحرير التراب الوطني تحت قيادتها، أدارت ظهرها لكل ما كان يتطلع إليه شعبنا والذي استشهد عشرات الآلاف من خيرة أبنائه في سبيله. فعمدت منذ اليوم الاول على استلامها مقاليد السلطة إلى الهيمنة والتحكم في مصير ومقدرات الشعب الإرتري ، عبر إقامة نظام ديكتاتوري فاسد أحال البلاد إلى جحيم، ومزق النسيج الوطني الإرتري، وعرّض مستقبل إرتريا وسيادتها الوطنية لخطر فادح.
فما كان أمام فصائل الثورة المخلصة لأهداف الشعب الإرتري ، إلا مواصلة النضال من أجل استكمال تلك الأهداف. وكانت هذه الفصائل تدرك في حينه صعوبة إقناع قطاعات واسعة من الشعب الارتري لمواصلة النضال ضد الديكتاتورية. لأن الجماهير، في بداية عهد التحرير، كانت تعيش نشوة الإنتصار والاستقلال. بيد أنه ومع مرور الزمن وإنكشاف الطبيعة الديكتاتورية للزمرة الحاكمة بقيادة إسياس أفورقي، بدأت المواقف تتضح، والأصوات المعارضة للنظام تتعالى رويدًا رويدًا، خاصة بعد أن تورط في حروب مع كافة دول الجوار، والتي ألحقت بشعبنا وشعوب دول الجوار مآس كبيرة.
وعلى الرغم من أن النضال الذي تخوضه المعارضة الوطنية الإرترية لم يبلغ بعد، إلى مستوى التحديات التي تواجه بلادنا، بسبب غياب وحدة الرؤية والعمل، إلا أن ثمة جهود جادة تبذل في الوقت الراهن للخروج من هذا الوضع ، وتعزيز دور المعارضة الوطنية. وفي مقدمتها الجهود الجارية لإخراج المجلس الوطني الإرتري للتغيير الديمقراطي- المظلة الوطنية الجامعة- من أزمته وعقد مؤتمره الثاني، ليلعب دوره النضالي في قيادة مسيرة العمل الوطني في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ شعبنا.
إننا في جبهة الإنقاذ الوطني الإرترية نتوجه إلى كافة قوى التغيير الديمقراطي، في هذه اللحظة التاريخية الحاسمة التي تمر بها بلادنا، وفي ظل استمرار النظام الديكتاتوري التنكرللدماء الزكية التي سالت في تقوربا وفي غيرها من بقاع إرتريا طولاً وعرضًا، ومحاولاته الدؤوبة على مدى أكثر من عقدين ونصف، لبناء نظام سياسي لا يمت بصلة لأهداف ثورتنا المجيدة. بالدعوة إلى وضع حد لواقع التمزق الذي تعيشه، وأن تُراجع مسيرة سنوات الانشقاقات التي لم يجن منها شعبنا سوى المآسي والإحباط، وتسخر جهودها من أجل إنقاذ الشعب والوطن، وفاءً لأرواح شهداء تقوربا وكل شهداء معركة التحرير الطويلة، ووصولاً إلى بناء وطن ينعم فيه شعبنا بالحرية والعدالة والمساواة.
كما ندعو جماهير شعبنا في الداخل والخارج إلى توحيد صفوفها ونبذ الفرقة والفتن ودعاتها . وأن تنخرط بقوة في العمل النضالي من أجل التغيير الديمقراطي في إرتريا.
وبهذه المناسبة العظيمة، ذكرى معركة تقوربا المجيدة، نجدد النداء لمنتسبي قوات الجيش والأمن ، التخلي عن دورهم في خدمة النظام وكأداة لقمع الشعب الأعزل. بل عليهم أن ينحازوا إلى جانب شعبهم ومطالبه العادلة في إقامة دولة الحرية والعدالة والمساواة.
في الختام .. تحية إكبار وإجلال لأبطال معركة تقوربا المجيدة. ونترحم على شهداء تقوربا وشهداء جيش التحرير الإرتري وكافة شهداء ثورتنا الباسلة، ونعاهدهم بأننا على درب النضال سائرون حتى تتحقق كامل الأهداف التي سقطوا دونها.
عاشت إرتريا حرة مستقلة !!
السقوط لنظام الجبهة الشعبية الديكتاتوري !!
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار !!
الهيئة التنفيذية لجبهة الإنقاذ الوطني الإرترية.
15 مارس 2018
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=42892
ذكرى على الأطلال