تبسيط مفهوم المؤتمر .. وقليل من وصايا وامال
بقلم/حامد اود
حين كتبت هذا المقال، سموه ما تشاؤن، من خربشات مهموم اضناه الترقب وحمى الغيرة ،لم اجد له عنوان يخرجنى من ورطتى هذه، لان فيه الكثير مما يجعله شبيه بالنصح والتوجيه ،وحتى لا يحسب كذلك ،افضل ان يكون فى خانة الوصايا والامال، فانا لست بمقام يليق بناصح ، لذا وقد ترددت او قد ضللت السبيل في تسمية ما أود تحريره في هذه الأسطر، فارجو ان يعيننى القارئ الكريم بتقبل العنوان اعلاه دون النظر الى ما كان له ان يكون او ينبغى، وعليه اقول مباشرة:
على المؤتمرين ان يدركوا ان هذا المؤتمر الذى يشاركون فيه وهو الثانى من نوعه من حيث التجمهر، وهو استحقاق مستحق لهم ،وليس تظاهرة اجرائية فقط لصنع فن الممكن وهو السياسة والتفاوض الاجتماعى وان كان يشبه كذلك ، فمن الضرورة النظر اليه كمحطة للتفاوض وليس المساومة ،ضمن تقاطر محطات قادمة لوضع المصالح فى نصابها وانتسابها الاستحقاقى.
فان من قواعد التفاوض ،ان يعلم المفاوض انه مقدم على الاخذ والعطاء وإقامة الحجج بهدف الكسب فى الجوانب المتحركة فقط وليس فى الثابت (الحقوق) وان التفاوض هنا مهمته ليس فقط الكسب لطرف بل لوطن شامل. وهو يبدا اولا مع الذات /شركاء المصير ثم مع الاخر (الشريك) فى الوطن ،وعليه فان المعيار العام الاساسى الذى تتساوى فيه الانسانية جمعاء هو الثابت ومنه حق الوجود /العيش وحق الانسانية/الكرامة وحق المساواة/الشراكة . وتكون اصلا هناك الرغبة الحقيقية فى تحقيق هذه المبادئ على الامتداد المكاني والزماني اى الارض او الرقعة الجغرافية المعنية(الوطن) التى اكتسبت ارادة العيش ،للمجتمع البشرى المقصود مهما اختلفت او توحدت تركيبته العرقية والدينية.
اذن من المسلم به ،ان التحديات متشعبة تحتاج الى النزاهة والحنكة والوعى ،والاىستعداد للمكاشفة الصريحة و توفر جو لبناء الثقة والمسؤلية التاريخية والاستعداد للتناغم بايجابية وشفافية ،وعلى المشاركين وهم يمثلون التوجه العام ،التذكر بان يكونوا او لا يكونوا ممثلين ومفوضين حقا ،من قبل شعبهم فى اماله ورغباته ومصيره ومسيرته من اجل الحق كل الحق قبل ان يمثلوا اتجهاتهم المختلفة. كذلك تجنب هيمنة الافتراضات المسبقة التي نرسمها في أذهاننا عن البعض.
والمطلوب منهم خلق التوازن الطبيعى ،بمفهوم سوى،لاستعادة ،بل الاحرى لخلق ما اختل فى ميزان الوجود الشمولى (انسان ارض تفاعل) لمفهوم (الوطن والمواطنة ) والتى لها وعليها أبعاد عديدة ومتنوعة، منها ما هو مادي قانوني ، ومنها ما هو ثقافي سلوكي. واعنى بالتوازن الطبيعى ، توازن المصالح ،وهى الركائز الأساسية التي ينهض عليها مفهوم المواطنة كما ينبغي أن يكون. ولا علاقة له بأغلبية أو أقلية ولا يكتمل مفهوم المواطنة على الصعيد الواقعي، إلا بنشوء دولة الإنسان. تلك الدولة المدنية التي تمارس الحياد الايجابي تجاه قناعات ومعتقدات وأيدلوجيات مواطنيها.
المواطنة السليمة المبنية على (قيم العدالة والمساواة والكرامة) تتطلب التسامح الإنساني و احترام ثقافات الآخرين و تقديرها و التعايش مع كل الناس ، كذلك التعاون مع هيئات ونظم و جماعات و أفراد في كل مجال وكل اتجاه حيوي يضمن للجميع المنفعة المشتركة افرادا وجماعات ويخدم العملية النضالية فى الوقت الحاضر.
اذن من الذى عليه ان يسعى بكل ما اوتى من قوة لفرض هذا المنحى فى الحاضر من اجل المستقبل؟:
– قيمة المساواة والتى تتمثل فى تقاسم السلطة والثروة والخدمات والفرص.
– قيمة الحقوق واصلها الاعتراف بالتواجد والخصوصية وبالمشاركة والتملك والحرية والامان
– قيمة المسؤلية التى تشمل الراى والتفاعل والضريبة والحماية والتضامن والارتباط والولاء للشراكة
طبعا نحن، ونحن نتوكا على الامال التى لدينا فى ان نبنى فكر موحد، قبل ان نبنى معارضة او مقاومة تزيل النظام فى اسمرا، لذا لا اود ان اكرر اليوم ايضا اقوالى الثابته الا باشارة يتيمة وعابرة يحتمها الموقف ،وارجو الا تحسب على انها اثباط للهمم ،واقولها :بان لا مجال للهرب من الحق والحقيقة مهما كانت فلسفة التفاوض الاجتماعى واستدعائها لنزق للمرونة ، وانه مالم نتحلى بالوعى الجمعى الضرورى لادراك واقعنا، فلن نصل بمطالبنا الى بر الامان وضمان وجودنا نفسه.
وعليه ،فاذا تحقق التقدم فى المفهوم (الوطنى ) فى بعده القانونى والسياسى (ما ستجتمع الناس من اجله فى اديس) حتما ستتحقق تلقائيا الابعاد الاخرى الادارى/ الاجتماعي /والاقتصادى .
وبما ان متطلبات التوازن واستعادة الطبيعى، تستدعى الفهم الخالص لوجوب العيش المشترك والاعتراف المتبادل – بان الوطن هو للجميع – فان الحقيقة الخالصة لا تتاتى الا بخلق الية ناجعة اى ذات طبيعة قادرة على تنظم للعلائق والوشائج ،تمكن من تحقيق الحلم الطبيعى والسوى، وهى الشروط التى نسميها الدستور والقوانين المنظمة للمواطنة كمقدمة لما بعدها من مراحل. وبما ان جزءا من الطرف الاخر مشارك فى المؤتمر ،فعليه ان يصدق باخلاص ،ولا يمارس تزييفاً للواقع، وإنما بالتعامل مع هذا الواقع من منطلق حقائقه الثابتة والمعلومة لديهم. وعدم الرهان كل مرة، كعهده، فى الاستفادة من التناقضات غير الجوهرية التى لدينا نحن ، والحق يقال،فمن الاولى طبعا ان نكون نحن اكثر منعة منذى قبل، بتوحيد موقفنا ،والا سنحتاج لزمن اضافى للاكتناز بالوعى .
وعليه اقول مجددا ان خيار الفيدرالية كحل تفرضه حقيقة المجتمع الارترى نفسه ، كضامن منطقى لأداء وظيفة التراضى والتاخى والتساوى والانصاف داخل التنوع المجتمعى للمواطنة اى توفر آلية العيش وسط التنوع والاختلاف .
ولطالما نحن امام هذه التحديات المتشعبة فان الوعى يحتم علينا انجاز تفاوض بناء للحصول على منجز واثر تاريخى نعتز به فى المستقبل.
وهذا ما جعلنى ابعث فى هذه السانحة دعوتى بشان امالى وطموحى كفرد من هذا الشعب الكليم، باننا اذا اردنا خلق وطن الحلم القادم، فان المفوضين فى مؤتمر اديس التنبه الى ان الحضور فى مجمله هو الرافض للواقع المعاش حاليا فى ارتريا ،وهو يطمح الى التغيير(قاسم مشترك)، لكن ايضا بدرجات ومعان قد تختلف وتبتعد، وهذا شئ طبيعى لما نعرف جميعا اذا حسنت النية. وعليه (كل الحرص من التخوين اوالتشكيك دون مبرر) فأن التفاوض عملية ديناميكية وأداة للحوار كأفضل اسلوب للإقناع ، وايضا لغة الحوار يجب ان تكون (تفاعلية) وخاصة بين الطرفين الريئسيين ليناقشون خلالها الخيارات الممكنة للتوصل إلى اتفاق يرضيهم جميعا بسبب وجود نقاط اتفاق واختلاف في المصالح ، ومن فن التفاوض نفسه الحجة والبرهان لكسب الرهان.
والتفاوض المقبلين عليه هو العمل جميعنا (نحن والاخر)على تضيق الفجوة ما بين الواقع الذي نعيشه و الغايات و الآمال الديمقراطية التي نصبو اليها (الامال).ويلقى هذا على جميع المتفاوضين بالمسئوليات الطواعية اى المشاركة فى خلق المستقبل بتبنى الحلول المنطقية والنقد البناء بالحجة والاقناع لمقتضى الشراكة نفسه .لكن هناك شرط اساسى لتحقيق كل هذه النضالات على هدى(خارطة طريق )،الا وهو الفعل ،هو الوسيلة لتحقيق المبتغى، والفعل يشمل كل المتاح وفى مقدمته استخدام القوة والسلاح كوسيلة برهنت مرارا جدليتها كخيار اخير لا بد منه.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=18906
أحدث النعليقات