تغطية لأعمال المؤتمر الوطنى للتغيير الديمقراطي

محمد امان ابراهيم انجابا

الجزء الأول

  أول حدث ولقاء تشاورى بين الارتريين كان فى بيت جرجس فى اربعينات القرن الماضى وكانت المحطة الاولى فى ظل المسيرة الوطنيه وإنفض الجمع دون التوصل الى توافق ، وبعد مرور أكثر من نصف قرن ونيف إلتئام شمل الارتريين مرة اخرى من اجل حلحلة القضايا العالقه عبر مائدة الحوار والطاولة المستديرة وتوصل الجيمع الى توافق فى القضايا المصيريه عبر المؤتمر الوطنى للتغيير الديمقراطى وكان بمثابة نقطة فاصلة تحمل الأشواق والأمال لشعب متعطش ويحلم بالتغيير . حيث كنت ضمن المشاركين فى هذا العرس الوطنى الذى أقيم بمدينة أواسا الاثيوبيه حاضرة الاقليم الجنوبي { بمنتجع هيلى } ما بين 21ـــ 30 نوفمبر2011 م . وعبر هذا المقال سوف ادلوا بشهادتى حول ما دار فى المؤتمر بعيدا عن التطبيل والتفخيم والمزايدات وسوف أمرعلى بعض المنعرجات والمنعطفات التى كادت أن تؤدى الى فض المؤتمر وبفضل وعى المؤتمرين تم تجازوها وتخطيها وكذلك سوف أقف على بعض الملاحظات وسير أعمال المؤتمر.

فى البدء الشكر الجزيل لاثيوبيا شعبا وحكومةً لحفاوة الإستقبال والكرم الفياض الذى تقدمت به للشعب الارتري متمثلا فى الحضور الكريم للمؤتمر الوطنى ،حيثُ تم إسقبال ما يقارب 600 عضوا من شتى بقاع العالم وبمختلف إنتمائاتهم العقائدية والفكريه والسياسيه وتركيباتهم الإجتماعيه ، نعم ليس بالأمر السهل إستقبال هذا العدد الكبير وبالذات فى شأن التأمين الخدمي والترحيل وتسهيل الإجراءات .. إذا قورن بإمكانيات أثيوبيا المتواضع فانه تستحق التقدير والإشادة ليكون حافزاً لها للسيرِ قُدماً فى مرحلة جديدة من أجل تقدم شعوب المنطقه بأسرها .

فالى حيثيات المؤتمر وما دار من جدل حتى نضع القارئ الارتري على الصورة .

المحطة الاولى :

فى الجلسه الإفتتاحيه وقبل الولوج الى أعمال المؤتمر لقد وضع قرنليوس رئيس جبهة تحرير كوناما حق تقرير المصير والإنفصال على الطاولة وكان بمثابة تحدى وإختبار للمؤتمرين . في حديثه عرّف نفسه انه رئيساً للتنظيمات القوميه وقال انا اتحدث الان باسم التنظيمات القوميه وأضاف قائلاً أود ان أحذر جميع المؤتمرين أنه اذا لم يتم إقرار فقرة تقرير المصير والإنفصال ضمن بنود مسودة الدستور سوف تنسحب التنظيمات القوميه من هذا المؤتمر وكان تهديد صريح من قِبَله . إلا أن المؤتمرين تناسوا هذا التهديد دون ضجيج وكأن الأمر لم يتعلق بالمؤتمر .

المحطه الثانيه :

أول خطوة فى الجلسات الإجرائيه لأعمال المؤتمر كانت حصر وتثبيت العضويه للمؤتمرين وهذه الخطوة كان فيها لقط كبير إنعكس سلبياتها على اللجان الخدمية والإشرافية ، هذه المحطة كانت اكثر جدلاً وإثارة كادت ان تعصف بالمؤتمر ولكن بوعي الحضور تم تجاوزها لانه كان يدرك حساسية المرحلة ودقتها وعدم تحمل أى نتائج سلبيه ، وفى هذا الإتجاه حدث الكثير من الألاعيب فى رفع سقف الحضور إلى مايقارب مائة شخص إضافى للعدد الكلى دون وجه حق ولا معايير محددة الشيء الطاغى لهذه المزاجيه والإزدواجيه هو بدواعى التوازن من قبل رئيس المفوضيه والمقربين منه ، لقد أطلت هذه التجاوزات بظلالها على المؤتمر مما نتج عن ذلك فقدان الثقه من قبل الحضور نحو المفوضيه وعدم قبول وإرتياح فى مجمل التقارير الذى تم تقديمها عن الفترة التحضيرية لأنه لم يكن مهنياً أمـا الجانب التنظيمى كان ضعيف للغايه الشيء الوحيد الذى نستطيع ان نشكر عليه المفوضيه الورق الذى تم إعداده وتقديمه من قبل اللجنة السياسيه . وجملة هذه الأحداث إنعكست على المؤتمر حتى وصل الامر الى رفض البنود فى اللائحة الداخليه لتسير أعمال المؤتمر التى تقدمت بها المفوضيه وثم رفض المقترح الثانى فى تسميه السكرتاريه من طرف المفوضيه وكل الخيارت فى هذا الشأن ، وفشلت المفوضيه فى إدارة الجلسات لليوم الاول والثاني وهذا يرجع الى ضعف شخصية رئيس المفوضيه وإهتزاز الثقه فيه ومن حوله ونتج عن ذلك الى هدر الوقت دون تقديم أى عمل يذكر ، وهذا الأمر أدى إلى سخط وتذمر الكثير من أعضاء المؤتمر تجاه المفوضية ، ولهذه الاسباب لم يرشح الكثير من أعضاء المفوضيه فى المجلس الوطنى وعلى رأسهم امها دومنيكو وغيره.

المحطة الثالثه :

وفى ذات السياق لقد نال المسؤل الإعلامى دانئيل عضو المفوضية السابقة الذى تم فصله ومنعه من حضور المؤتمر حظاً وافراً من النقاش والجدل وتجاوز الحد المعقول ، وللاسف الشديد كانت التبريرات والحجة ضعيفة من قبل المفوضيه مما أدى الى رفض المؤتمرين كل ماورد فى هذا الشأن ، وكان هناك نوع من التدويل لهذه القضيه والبحث عن مدخل من أجل الإنتقام والترويج لهذه القضيه بين الشباب والمرأة وبين هذا الجدل والزخم هناك من كان عينه على المؤتمر ونجاح مخرجاته وتحمل هذا العبئ بكل ما تعنى الكلمة ، وكان أداة ضغط على كل الأطراف من أجل تجاوز كل الملفات التى تحول بين نجاح المؤتمر ، ومن ضمنها هذا الملف الذى كان بمثابة مسمار على خاسرة المؤتمر . وفى نهاية المطاف توصلت السكرتاريه على الإقتراح الآتى : تعيين لجنة تقوم بتجميع كل القرائن والإستماع لكل الأطراف ومن بينهم دانئيل وتقديم تقرير متكامل فى هذا الشأن. وبهذا تم طى هذا الملف وتأجيل النظر فيه الى حين تنهى اللجنة المختصه من مهمتها .

المحطة الرابعه :

عندما فقدت الثقة بالمفوضيه تم رفض كل الإقتراحات التى تقدمت بها ومن بينها تسميه السكرتاريه ولم يكون هناك خيار سوى الرجوع الى الحضورعلى غرار المؤتمر سيد نفسه والإحتكام الى العملية الديمقراطيه ومن ثم تم تقسيم الناس على حسب المناطق الجغرافيه التى قدموا منها اى : اروبا ، امريكا كندا ، السودان ، الشرق الاوسط ، استراليا . ولم يكن للمفوضيه اى دور يذكر فى إدارة الجلسات او الإشراف عليها ،وكانت الديمقراطيه سيدة الموقف وتم اختيار السكرتاريه مباشرة من قبل المؤتمرين ولم يكن هناك اى طعن فى اى من هذه الدوائر الجغرافيه ، وخرج الجميع راضى بالنتائج التى تمخضت من العمليه الديمقراطيه . وبعد ذلك ذهبنا الى القاعه الرئيسيه جميعا حتى يتم إعلان النتيجه النهائيه لاخيتار السكرتاريه من كل الدوائر وعندما تم الإعلان عن الاسماء . قام الاخ امانوئيل صاحب موقع (راديو اسنا) بإعتراضه على اسماء السكرتاريه ولم يكن الأمر يتعلق بالتشكيك فى النتائج بل كان إعتراضه على ان هناك إختلال فى التوازن اى فى التمثيل بالإشارة الى 21 من المسلمون و6 من التقرنجيه واظهر امتعاضه من العمليه . بينما الحضور كان راضى بالنتيجه لانها جرت فى جو ديمقراطي .. وبعد ان خرجنا من القاعه كانت الأصوات ترتفع فى هذا الإتجاه ولكن بتدخل الحكماء والعقلاء من التقرنيجه وبتوجيه الأسئله لإخوتهم وبالذات لمن كان يحاول ان يعطى بعدا طائفيا .. قالوا لهم أليس أنتم الذين أدليتم باصواتكم ومنحتم المسلمين هذا الحق وخاصه فى اروبا وامريكا !!! لماذا الآن تتباكون وتقيمون الدنيا ولا تقعدونها ؟؟؟ فبعد ذلك إنخفضت الاصوات . وكان لهذا الامر صدى كبير ولم يتوقف الشأن على ذلك بل ذهب الطرف الاخر بإقتراح لتشكيل لجنة تشرف على توزيع الحصص والنسب اى لجنة خاصه لهذا الامر وبما ان المعلوم ان هذا المهام ضمن مهام السكرتاريه التى تدير أعمال المؤتمر .

الجزءالثاني

بينما تناولت فى الجزء الأول بعض الخطوات الإجرائيه الهامه فى سير أعمال المؤتمر الوطنى للتغيير الديمقراطي والتى كانت تمثل منعطفات ومحطات كادت ان تؤدى الى فض المؤتمر ، ففى هذا المقال سوف اكمل ما تبقى من محطات وسأعرج على بعض الملاحظات الهامة التى كانت محل جدل وتساؤل.

المحطة الخامسه والاخيرة :

لقد تم توزيع المؤتمرين على سبعة ورش عمل وكل مجموعه من هذه الورش إختارت الإدارة من بين اعضائها لتسهيل مناقشة الاوراق السياسيه الأربعة المقدمة من قبل المفوضية والتى تمثل العناصر الرئيسيه لأعمال المؤتمر الوطني وذلك بقصد إنجاز الصياغة النهائيه لكل الأوراق ، وإقتصر دور السكرتاريه بالمرور بين الحين والاخرى للإشراف على سير عمل الورش السبعه .

فبعد ان خلصت هذه المجموعات من عملية النقاش والمدولات تم تدوين كل ما دار من حوار ونقاش باللغتين العربيه والتقرنيجيه ومن ثم تم رفعها للسكرتاريه لكى تقوم بدورها فى حصر النتيجه النهائيه لكل الاراء ومقارنتها بالورش الاخرى لعرض الصياغة النهائية على المؤتمرين وحسم الأمر بالديمقراطيه اى بالتصويت والإقتراح المباشر فى القاعه الرئيسيه . وفى اثناء ذلك قام رئيس السكرتاريه بطرح ما ورد فى هذا الشأن ، فقال ذاكراً ان هناك تباينات وإختلافات فى بعض النقاط ولذلك سوف نفتح باب النقاش ، وفى اثناء ذلك رفع الدكتور عبدالله جمعه يده وهو احد اعضاء السكرتاريه والمشرفين على النتائج التى وردت من مختلف ورش العمل لكى يدلوا بشهادته ويوضح الأمر . وللاسف بسبب الضجيج الشديد وتداخل الاصوات رفض رئيس السكرتاريه إعطائه الفرصه ومنعه من ذلك ، فخرج غاضبا من القاعه لكى يظهر إحتجاجه كرد فعل لسلوك الرئيس ، وبعد المهادنة وإعادة الهدوء الى القاعه أُعيد الدكتور عبدالله من قبل المؤتمرين ليكمل مهمتهُ وبعد جهد ومثابرة من قبل الدكتور تم منحه الفرصه لكى يدلوا بشهادته وقام بتفنيد ما تم ذكره من نقاط التباين والإختلاف من قبل رئاسة السكرتاريه ، فذكر انه احد الذين اشرفوا على هذه العمليه بينما الرئيس كان مشغول فى بعض المهام اى كان غائباً في تلك اللحظة ، والتقرير الذى تم تسليمه للرئيس مضلل وكاذب ويخفي الحقيقه تماماً ، وفي أثناء ذلك إستسمح عذراً رئيس السكرتاريه للمؤتمرين في رفع الجلسة ليمنح الطرف الاخر الذى رفع التقرير المضلل الفرصه للرد والدفاع إلا أن التلاعب والتزوير في النتائج كان سيد الموقف وعندها قررت رئاسة السكرتاريه اعادة المراجعة للأوراق المنجزة فكانت النتيجة الوفاق التام دون التباين لكل الورش وعليه اعتمدت النتيجه النهائيه بانه ليس هناك أي تباين أو إختلاف بل وفاق تام وهنا وبكل شجاعة وثبات قامت السكرتاريه بالاعتذار للمؤتمرين لما حدث من تزوير وتلاعب في النتائج .

الجدير بالذكر أن الفقرات التى كانت محل جدل تتمثل فى الاتى :

قبول مسودة الدستور الانتقالى وإحالتها إلى المجلس الوطنى للإستفادة منها كوثيقة مرجعية يعتمد عليها عند إعداد الدستور الإنتقالي أى بعد سقوط النظام وبذلك تضاف الى دستور 1952 ودستور 1997 المجمد. وبذلك أنقذ الدكتور عبد الله مسودة الدستورمن الموت المحقق .

الاقرار لكل قوميه الحق فى إتخاذ الاسم الذى تختاره لنفسها ورفض الضم القصرى الذى ينتهجه النظام .

إعتماد نظام الحكم الإدراى اللامركزى دستورى .

ملاحظات هامة :

اولاً : كلمة المسؤل الاثيوبي التى حوت ان هناك عدم نضوج للعمل السياسي الارتري المعارض . نتفق مع هذا او نختلف فكانت هذه الجملة غير مقبوله وتجاوزت العرف.

ثانيا : وفى ذات السياق اشار الى ان المعارضة الارتريه مخترقه من قبل النظام الارتري وهذا الحديث يشير الى خطورة وضع المعارضة الارتريه ويرجع هذا الى مدى دقة المعلومات التى اوردها المسؤل الاثيوبي.

ثالثاً : فى الجلسة الافتتاحيه هناك ملاحظة تستدعى الوقوف ، الفرقه الفنية التى حضرت أثناء الافتتاح كانت اثيوبيه خالصه وعروض للفلكلور الاثيوبي . وهنا يأتي السؤال الذى يطرح نفسه لماذا لم يتم استجلاب فرقه فنيه ارتريه ؟؟ لأن الافتتاحيه تعتبر ضمن المحطات الهامة فى المؤتمر ، على الأقل تكون هناك فقرات متنوعه تعكس التسامح والإخاء بين البلدين .

رابعاً : أكثر من ثلثى الحضور من التنظيمات السياسيه اى الكيانات السياسيه وشاركت عبر منظمات المجتمع المدنى وممثلة للفئات الجماهير الارتريه ، وهذا يطرح سؤال مهم اين الشراكة التى يدعونها فاذا كان التمثيل عبارة عن قاعدة جماهيريه للتنظيمات الارتريه فما الفائدة ان نتغنى بان المؤتمر يمثل معظم الفئات ومنظمات المجتمع المدنى فنجد التنظيمات الارتريه تقاسمت الادوار لتمثل الجماهير عبر كوادرها الحزبيه ، فأقل تنظيم يشارك باكثر من عشرين كادر هل هذا معقول ام هو من باب الإحتراف والكسب المشروع . الامر يحتاج الى مراجعه ووقفه مع الذات ، التنظيمات السياسيه عبر كوادرها استحوذت على منظمات المجتمع المدنى والفئات . فكان الامر واضح للعيان فتجد كل القيادات السياسيه اى قيادات الصف الاول والثانى شكلت حضور فى المؤتمر دون إستثناء .

خامساً: كلمة المسؤل الاثيوبي فى اليوم الختامى كان فيها شيء من الوصايا والإملاء ، وفى اثناء كلمته تحدث على ان نظام الحكم الفدرالى هو الأنسب للشعب الارتري ، وهذا يعتبر تدخلا سافر فى الشأن الارتري وخيار نظام الحكم شأن ارترى داخلي .

فى الختام :هذه الملاحظات والمحطات لا تنتقص من نجاح المؤتمر والمخرجات التى توصل اليها المؤتمرون ولم تخرج من سياق الحقيقيه ، هى عبارة عن وقفات على هذه التجربة الحديثه  وبالتاكيد هى إضافه للمقاومه والنضال.

نناشد الارتريين اين ما كانوا ان يلتفوا حول المجلس الوطنى ويدعمونه مادياً ومعنويا ًحتى يتحقق التغيير المنشود ، ونتمنى هذا الكيان الوليد بعد مخاض عصيب ان يلامس امال الشعب الارتري واحلامه .

اما عن المعارضة الارتري نناشدها ان تعالج كل السلبيات التى صاحبتها فى الفترة السابقه وتعيد النظر فى كل المسائل التى تحتاج الى مراجعه ، وتجرى تقييم حقيقى ومنهجي علمي دقيق من اجل تطوير آلياتها وبرامجها حتى يتحقق الامل المنشود. فأن عملية البناء ليس كالهدم . نعم نحتاج لهدم النظام وبالمثل نحتاج لبناء مؤسسات الدولة التى تراعى القيم الديمقراطيه وتصان فيها حقوق الانسان الارتري التى سلبها النظام .

href=”mailto:amann182@hotmail.com”>amann182@hotmail.com>
 إذا مد الله فى الاعمار ان شاء الله سنكمل ما تبقى من المحطات والملاحظات.

……………. لاضاع حق وراءه مطالب …………….

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=39664

نشرت بواسطة في ديسمبر 10 2011 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010