تمّيز العلاقات الارترية الصومالية
تابعنا في الايام القليلة الماضية الزيارة التي قام بها الرئيس الصومالي المنتخب حسن شيخ محمود الى ارتريا ، والتي استغرقت اربعة ايام وقع خلالها الوفد الصومالي عدة اتفاقيات تعاون مع نظام الطاغية أسياس افورقي ، جاءت هذه الزيارة بعد ان ترددت انباء تفيد مطالبة اسمرا الصومال دفع مبالغ مالية مستحقة على حكومة الرئيس السابق محمد عبدالله
فرماجو جراء تدريب ارتريا للجنود الصومالين ، هذا وقد كانت علاقة اسمرا بالصومال قد تحسنت منذ العام 2018م وشكل الطرفان حلفا سياسيا وقيل عسكريا مع الحكومة المركزية الاثيوبية التي يقودها الدكتور أبي أحمد لضرب جبهة التقراى في الشمال الاثيوبي، تلك العلاقة التي كانت متوترة في السابق الى الحد الذي وصل فيه الامر ان يدعم طاغية اسمرا جماعة الشباب الصومالي التي كانت تقاتل الحكومة المركزية، وقد اتهم المجتمع الدولي الطاغية اسياس بدعم الارهاب والقرصنة في منطقة القرن الافريقي وفرض عليه عقوبات اقتصادية وعسكرية ، وقد يكون مفيدا اذا علمنا ان الساحة الصومالية ونتيجة حالة التوهان التي كانت تعيشه منذ سقوط نظام الرئيس الراحل محمد سياد بري في العام 1991م أصبحت ساحة حرب بين الفرقاء الصومالين وتصفية حسابات بين الجارين اثيوبيا في عهد الجبهة الثورية الديمقراطية لشعوب اثيوبيا (الاهودق) ونظام الطاغية أسياس افورقي وقد يرى البعض انها كانت حرب بالوكالة لصالح اجندات اخرى ربما ترى النور قريبا. الرئيس الذي انتخب مؤخر واستلم مقاليد الحكم في مايو الماضي يسعى لتوحيد الاراضي الصومالية التي تعيش في كنتونات ويسيطر على اجزاء منها زعماء الحرب وبعض الاجزاء اعلنت انفصالها عن الصومال الام، ومن خلال ما يطرحه الرئيس الجديد حسن شيخ محمود وهو الذي تم اعادة انتخابة من جديد بعد ان ترك المنصب في الانتخابات التي اتت بالرئيس محمد عبدالله محمد فرماجو يعمل جاهدا على استقرار هذا البلد الشقيق الذي له ايادي بيضاء على الشعب الارتري وثورته. بالعودة الى عنوان المقال فان العلاقة الارترية الصومالية ليست بعلاقات سياسية عابرة ولكنها تتعداها الى عمق اجتماعي وتاريخ استعماري مشترك ولهذا قد لانجد غرابة في الموقف الصلب الذي وقفه الصومال الرسمي بعد استقلاله مع حق الشعب الارتري وهو الذي استقبل القادة المناضلين للثورة الارترية وفتح لهم اول مكتب باسم جبهة التحرير الارترية في العام 1962م في عهد اول رئيس للصومال الشقيق بعد الاستقلال الذي كان في العام 1960م وهو الرئيس ادم عبدالله عثمان الذي حكم الصومال من العام 1960م الى العام 1967م ، ليخلفه الرئيس عبدالرشيد علي شرماركي وكان دور الصومال في دعم الحق الارتري بارزا وعظيما ، وقف خلالها الصومال الرسمي والشعبي وقفة بطولية ومبدئية مع شعب ارتريا المناضل وكان مكتب جبهة التحرير الارترية في العاصمة الصومالية مقديشو مركزا اعلاميا ودبلوماسيا للثورة، قدم الصومال شتي اصناف الدعم المادي والعسكري والمعنوي والسياس ، وقد كان لموقف الصومال الذي قدم جوازات سفره لقيادات الثورة لتسهيل حركتهم في الخارج اثر كبير في نشر القضية والتعريف بها في الخارج وفيما بعد لم يقتصر الجواز على القيادات والكوادر بل قدمت سفارات الصومال التسهيلات لنيل الجواز الصومالي للارترين خاصة اولائك الذين اطرتهم الظروف للهجرة لكسب العيش في المنطقة العربية وغيرها ولا زال البعض من الارتريين الذين لم يجدوا مفرا من التمسك بالجواز الصومالي في بعض المناطق لظروف ارتريا التي لا تخفى على أحد ومعانات الجاليات الارترية في دول الخليج نتيجة تسلط نظام اسمرا والتضيق عليهم. الرئيس الصومالي الراحل الجنرال محمد سياد بري وهو الثالث في ترتيب رؤساء الصومال والذي استمر حكمه من العام 1969م الى 1991م استمر على نهج سابقيه في دعم الثورة الارترية ، حتى عندما تشذت الثورة الى عدة فصائل سعى بينها لتوحيد صفوفها فكانت مبادراته متتالية وجعل الساحة الصومالية متاحة للجميع سعيا منه لتقريب وجهات النظر وعدم انحيازه لطرف ضد الاخر. على الصعيد الاجتماعي فان العلاقة الشعبية متميزة وقديمة قدم التاريخ اعداد كبيرة من الصومالين سكنت ارتريا واندمجت مع الارترين وحصل تزاوج وتكونت اسر مختلطة من الشعبين وتحضرني بعض الاسماء لاسر صومالية في كرن علما بان الصومالين الذين عاشوا في ارتريا عملوا كموظفين وتجار ومجالات عمل مختلفة اخري اما الاسر التي تحضرني فهى: اسرة علمي، اسرة عوالي، اسرى انجح ،اسرى شيخاش ،اسرة حاج محمود ، اسرة حنفط ، اسرة حاج علي ، اسرة فارح ، اسرة حرسي واخرين. اما الحي الذي كنت اسكنه في كرن في ستينيات القرن الماضي كانت تسكنه اسر صومالية كثيرة وان اسم الحي هو ( حلة وربا) وتعني بالصومالي الذئب وذلك لتطرف الحي من وسط المدينة وسماع اصوات الذئاب ليلا في الحي . في الختام اود ان اذكر الاخوة الصومالين بان نظام الطاغية اسياس الى زوال مهما طال الزمن او قصر وان الاتفاقيات التي توقعها الحكومات الصومالية معه قد لا ترى النور وقد يستخدم هذه الخطوة الكبيرة من الصومال لارسال رسائل تتعلق بخصوماته واجنداته ، ولكننا نؤكد بما لايدع مجالا للشك بان الشعب الارتري سوف لن ينسى اشقائه الصومالين ودورهم الكبير في دعم قضيتهم .حفظ الله شعوب منطقتنا ونتمنى للصومال الشقيق الاستقرار والامان.
علي محمد صالح شوم
لندت- 22/07/2022م
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=46358
أحدث النعليقات