توكل يتحدث عن قضايا ساخنة
التحولات الديمقراطية في السودان هي في صالح الشعب الارتري
حرية الرأي لاتعني قذف الآخرين
الخرطوم – مركز الخليج للدراسات الاعلامية بالقرن الافريقي
19/8/2005
تحدث الاستاذ محمد طه توكل الى مركز الخليج عن زيارته الاخيرة للخرطوم، وعلق على نتائج الانتخابات الاثيوبية. كما تناول مجمل التطورات في ارتريا والمنطقة وعرج على الاوضاع التي تمر بها المعارضة الارترية وعلاقته بها. وكذلك على العديد من الموضوعات الهامة ذات الصلة باشأن الارتري والمنطقة، فالى مضابط الحوار.
* حدثنا عن زيارتك الحالية للسودان؟
– زيارتي الحالية للسودان تأتي في اطار اهتمامي بمتابعة الاحداث الساخنة في المنطقة. على مدى الشهور الماضية ركزت نشاطي في كل من اثيوبيا والصومال ومتابعة الاحداث من مقر الاتحاد الافريقي. و انا اعتقد ان اهاتمامي بملف المعارضة الارترية كان على حساب اهتمامي بالمنطقة. ولهذا اقوم الآن بتنشيط عملي الاعلامي. وتاتي زيارتي هذه للسودان ضمن جولة شملت عدد من دول المنطقة. السودان هذه الايام محطة هامة نتيجة للتحولات الكبرى وعودة الثوار من الادغال الى العاصمة الخرطوم وعودة المعارضة من الشتات الى الخرطوم، وهذا حدث يستحق مشاركة اهلنا في السودان، حيث تابعت عن كثب الانكسارات والانتصارات التي مر بها في السنوات الاخيرة.
* ماهي ابرز النشاطات التي قمت بها منذ وصولك للخرطوم؟
– ابرز نشاط قمت به هو اجراء لقاءات مع قادة المعارضة السودانية الجنوبية والشمالية كما شاركت في مراسم تنصيب نائب رئيس الجمهورية السوداني سلفاكير. ولقاءات اخرى مع مسؤولين في الحكومة السودانية.
* هل انت منزعج من عودة المعارضة السودانية الى الداخل ومشاركتها في الحكم؟
– انا شخصيا لست منزعج، وما يروجه النظام في ارتريا يفتقد الى المنطق. المعارضة السودانية هي معارضة واعية وتؤمن بالحريات وتقر مبدأ تداول السلطة سلميا وتعترف بالتعددية الحزبية. وماتقره لشعبها لا يمكن ان تحرمه على الشعب الارتري ولكن يجب ان يكون عامل التغيير في ارتريا عامل ذاتي و يجب ان لا يخضع لتطورات الاحداث في دول الجوار. فمثلا نظام اسمرا دائما يراهن على تغيير النظام في السودان او اثيوبيا لتقوية نظامه وطبعا النتيجة عكسية، حيث يخرج النظام في اسمرا في كل الحالات الخاسر الاكبر. ومطلوب من المعارضة الارترية ان تستفيد من مناخ الحريات سواء كان في السودان او اثيوبيا وان تخاطب الرأي العام لحشد التأييد الشعبي لصالح قضيتها.
* تابعت عن كثب الانتخابات الاثيوبية ماهو تقييمك لهذه التجربة؟
– الانتخابات الثالثة في اثيوبيا تعتبر تحول ديمقراطي، حيث كانت الانتخابات الاولى التي اجريت في عام 1995م قد قاطعتها معظم احزاب المعارضة وفاز بها الائتلاف الحاكم. اما الانتخابات الثانية فقد جرت في عام 2000م وعوامل كثيرة ساهمت فيها لصالح الائتلاف الحاكم وقد شارك في تلك الانتخابات اكثر من 22 حزب من اصل 43 حزب سياسي معارض، حيث فاز الائتلاف الحاكم في الجولة الثانية بنسبة 90% . وكانت الانتخابات الثالثة والتي جرت في مايو الماضي قد احدثت تغييرا هاما ونقلة كبيرة في مسيرة الديمقراطية وارتفع صوت المعارضة بقوة، حيث شارك اكثر من 35 حزب سياسي معارض من اصل 83 حزب معارض، وفازت المعارضة باكثر من 200 مقعد في البرلمان الفدرالي فيما فاز الائتلاف الحاكم باكثر من 315 مقعد بالاضافة الى 23 مقعد خاصة للاقيلم الصومالي الذي جرت به الانتخابات في اغسطس الحالي، والتي جاءت لصالح الائتلاف الحاكم. فمجمل التطورات في اثيوبيا هي لصالح التحول الديمقراطي. والسؤال الذي يحير المراقبين هو انه رغم التباينات الاثنية والعرقية والدينية في كل من السودان واثيوبيا اللذين يعتبران متحف للتعدد القومي والقبلي والديني قد نجحو في ارساء دعائم الديمقراطية والسلام ولجئو للحوار لحل خلافاتهم، وهو ما فشل فيه النظام في اسمرا رغم توفر عوامل الوحدة في ثنائية اللغة والدين التي اقرها الارتريون قبل خمسين عاماً.هناك فعلا اخفاق حقيقي فلازالت المناقشات في الساحة السياسية الارترية تدور حول السلطة والثروة والمواطنة وهذه القضايا قد تم حسمها هي الآخرى ابان فترة الانتداب البريطاني باشراف المبعوث الاممي هنزو ماتنزو وعندما نرى اكثر من 73 مليون اثيوبي يتفقون على التعايش وكذلك السودانيين لم يحن نحن كارتريين ان نصارح بعضنا وان نقول اين يكمن الفشل.
* كيف تفسر بعض الحملات الاعلامية الموجهة ضدك في بعض المواقع مثل مسكرم ودقبات؟
– نعم انا اتابع من حين لآخر بعض المقالات والاراء، التي فيها البعض القليل الذي يحمل الايجابيات. وانا شخصيا مع النقد الموضوعي وخاصة عندما يكون تعقيبا او تعليقا في الاخبار التي ننشرها وهي ضمن اطار الرأي الآخر. فانا اؤاكد انني لا انزعج من اي اراء بناءة وبعض المقالات التي تنشر في مسكرم فيها شيئ من الموضوعية حتى لوحملت اهداف واراء معينة. اذا كانت تتعامل معها اسرة تحرير مسكرم في اطار الحريات فهذا لا يهم، ولكن من المهم احترام حرية ورأي الآخرين، لان حرية الرأي لا تعني قذف الآخرين. اما فيما يتعلق بموقع دقبات فقد نشرت فيها مقالات وانتقادات وحملات تضمنت هجوم مباشر علي شخصيا وانا اتساءل عن اسباب هذه الحملات، هل تأتي في اطار حرية الرأي هي الآخرى ام انها تحمل اهداف سياسية خفية. هذا الهجوم والحملة التي استهدفت التحالف ومعظم القوى السياسية المعارضة هل هي لصالح الديمقراطية التي نتطلع اليها وهل يمكن للديمقراطية ان تأتي من خلال التشهير بالآخرين. لقد ادهشني الهجوم من من كنت اعدهم اصدقاء من امثال قلتا اسفها وقلتا كيداني الذي كانت تربطتني معه علاقات طيبة ولم اعرف حتى الآن اسباب فتح النارفي اكثر من اتجاه عبر موقع دقبات. وعلى العموم فنحن نعرف بعضنا جيدا.
*في الفترة الاخيرة التي صاحبت انعقاد اجتماعات المجلس المركزي للحركة الشعبية الارترية تررد اسمك كثيرا في المواقع الارترية. وهناك بعض اصابع الاتهام الموجهة نحوك، ماهي الاسباب؟
– انا اعتقد ربما قد يكون هذا قدري لانه وفي السنوات الثلاث الاخيرة جعل البعض من توكل الشماعة التي يعلق عليها اخفاقاته. فمثلا انا تعرضت لحملة عند ميلاد الحركة الشعبية، واتهمني البعض بمساندة الحركة، واصبح ذلك الآن في ذمة التاريخ. و الآن على خلفية الخلافات التي شهدتها الحركة والتي حسمها المجلس المركزي، فالمسألة في تقديري قد انتهت.
* لكن هناك اتهامات متضاربة وابرزها في البيان الاخير الذي اصدره تسفاي برنجي. الذي شكك في نزاهة اللجنة الانتخابية للمؤتمر التأسيسي للحركة الشعبية ووجه لك اتهام مباشر في انك كنت ترأس هذه اللجنة؟
– نعم الاتهام كان غريبا وعجيبا، وما اشار اليه تسفاي يسئ اليه اكثر مما يسيئ الى لجنة الانتخابات، فهو نفسه اشاد بنزاهتها وقال الكثير في شفافية المؤتمر واليوم يقول عكس ما قاله بالامس. المهم اولا اللجنة كانت تتكون برئاسة الاستاذ صالح حمدي ونائبه عندبرهان استيفانوس وبعضوية كل من جمال همد وعبدالحفيظ يس وسراج سليمان ومحمد طه توكل. وانا كنت عضو شرف اتولى توفير الاحتياجات اللازمة لعمل اللجنة ولم اقترب من الصناديق. وان اختيار اللجنة المستقلة كان قرار المؤتمر الذي كان برنجي ضمن سكرتاريته. وعلى كل حال فان المؤتمر كانت به درجة عالية من الشفافية، حيث جرت الانتخابات على السبورة المفتوحة امام الملأ من قادة التنظيمات الارترية والضيوف والمراقبين والصحفيين. والسؤال المحير لماذا التشكيك في نزاهة اللجنة بعد مضي ثمانية اشهر.
* هناك ايضا معلومات متضاربة حول تطور الخلاف بينك وبين ادحنوم، الذي يتهمك هو الآخر. ماذا تقول؟
– الاقاويل كثيرة والاخبار السيئة سريعة الانتشار، ورغم كل ما يقال هنا وهناك لا زلت احتفظ بكثيرمن المعلومات. وانا وادحنوم ربطتنا علاقة على مدى ثلاث سنوات بها الايجابي وقد يعتبرها البعض علاقات سلبية. وفي الشهور الاخيرة كثرت الاقاويل ومع ذلك احتفظت بعلاقاتي والتزمت ضبط الاعصاب ولا اريد ان انجرف وراء خلافات وتراشقات لا تخدم المصلحة العامة. ونصيحتي للبعض ان يرتقو بخلافاتهم وان يستفيدو من التجارب الماضية. لايعقل التكرار حتى الاتهامات اصبحت صورة طبق الاصل. فكل ما حدث خلاف او انشقاق فان اتهام فرد بعينه في تفريق او جمع تنظيم كامل يفقد التنظيم اهليته حتى على حمل اسم تنظيم. وعندما يتهم تنظيم مؤسس يتطلع لحكم دولة بكاملها بان فردا ما احدث ازمات او اقصاءات وما الى ذلك داخل هذا التنظيم فان ذلك يتطلب وقفة متأنية.
لقد تعرفت على ادحنوم عن طريق مسفن حقوس في ديسمبر 2002 في العاصمة السودانية الخرطوم، ثم التقينا في لندن عام 2003 وتواصلت اللقاءات وتطورت العلاقة بيننا ومن الصعب حسر عدد اللقاءات التي جرت بيننا حيث كانت في عام 2004 لقاءات شبه يومية. ولدي الكثير من المعلومات، ولكن اقول انني استفدت من التجارب الماضية واتعامل باعصاب هادئة واتمنى ان يتجاوز ادحنوم خلافاته في داخل التنظيم، اذا كان هو اختلف في السابق مع مسفن حقوس والآن مع عبدالله ادم بعد 34 سنة من رفقة النضال في معركة حرب التحرير فعلاقتي معه كانت في معركة التغيير الديمقراطي. وعلى كل حال فانا اعتبر انني لست في حالة خلاف معه.
* بعد كل هذه التطورات ماهو برنامج علاقاتك مع قوى المعارضة الارترية؟
– علاقاتي مع معظم قوى المعارضة الارترية هادئة ومستقرة. وبعد ميلاد التحالف في فبراير الماضي بدأت مرحلة جديدة من العلاقات استطيع ان اصفها بالمتوازنة مع كل قوى المعارضة، فقد اختفت سياسة الاستقطاب والمحاور، والخلافات التي كانت تعصف باركان القوى السياسية كانت تنعكس سلبا علي وعلى غيري. وهناك دور ايجابي من معظم المواقع الوطنية على شبكة الانترنت، وكان لمكتبنا اسهامات مقدرة في دعم هذا الاتجاه من خلال نقل المعلومة والخبر الذي يخدم المصلحة العليا لشعبنا. وهذا قرار استراتيجي اتخذه المركز. توجد تحرشات تصدر من هنا وهناك، وهذا لن يؤثر في سياستنا واعتقد ان السنوات الثلاث الماضية قد زودتني بدروس وتجارب تساعدني على التعاطي مع الخلافات والتباينات التي تظهر بصورة مفاجئة وتختفي بنفس الشكل. ولهذا وضعت اسس للعلاقات مع المعارضة في اطار التعاون الاعلامي. واحاول ان اطوي صفحة الماضي بسلبياتها وايجابياتها واترك للتاريخ ان يحكم عليها. في كل مرحلة كان يتم تصنيفي الى تنظيم سياسي معين فمثلا في البداية اتهمت بانني مع جبهة التحرير الارترية ومن ثم مع المجلس الثوري و الحزب الديمقراطي و بعدها مع الحركة من اجل التغيير و المؤتمر الوطني وآخر اتهام كان حول انتمائي للحركة الشعبية. هذه ضمن اتهامات الانتماء التنظيمي. ولو اردت انا ان التزم فمن حقي كارتري ان التزم في اي تنظيم اختاره، ولكن للتاريخ فانا رفضت الالتزام في الجبهة الشعبية رغم كل الاغرءات لانني اخترت قرار الاستقلالية وهذا جعلني ادفع الفاتورة سواء في علاقاتي الاقليمية او الارترية – الارترية.
* ماذا عن آخر التطورات في ارتريا؟
– بالنسبة للمتابع الارتري فهناك شبه اجماع بان الوضع يسير من سيئ الى اسوء فالنظام يخسر كل يوم على الصعيد المحلي والاقليمي والدولي، فهو اليوم محاصر اكثر من اي وقت مضى. فاللمرة الاولى تتطابق رؤية الارتريين في الايمان بضرورة رحيل النظام.
* كيف ترى اثر التحولات الديمقراطية في كل من السودان واثيوبيا على ارتريا؟
– حتى الآن نظام اسمرا لم يستفيد من المتغيرات على مستوى الاقليمي والقاري بل في لحظات الجنون عرض النظام على الدول العظمى ان تستفيد من تجربته التي يعتبرها النظرية العالمية الجديدة، وهو في حالة غيبوبة في كوكب آخر ولهذا لا يرى التحولات التي تجري من حوله. وخطاب رئيس النظام الاخير والهجوم على امريكا يؤكد مدى الحالة الهستيرية التي اصيب بها النظام الذي كان بامكانه ان يستفيد من التطورات في السودان، فالحزب الحاكم في السودان شكل شراكة مع الحركة الشعبية وضمن استمراريته في المسرح السياسي. و كذلك الجبهة الحاكمة في اثيوبيا وحسب علمي هناك نصائح وجهت للنظام الارتري كما وجهت للانظمة المجاورة لاجراء اصلاحات واطلاق الحريات واقرار مبدأ التعددية الا ان النظام في اسمرا رفض وانكر وجود معارضين له وخون كل يخالفه الرأي ووضع نفسه امام مواجهة المجتمع الدولي ووضع ارتريا في مهب الريح. وفي تقديري فالخيارات محدودة امام النظام لان عملية التغيير آتية لا محالة، فاذا بادر النظام بالاصلاحات ربما يساعده ذلك في اجراء عملية تجميلية تؤهله ليطل بها في المسرح السياسي الارتري، وهذه احتمالات يفاجئ بها النظام للخروج من عزلته، واذا لم يبادر فالتغيير في كل الحالتين آتي.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=4642
أحدث النعليقات