ثورة شباب مصر 25 يناير
الحلقة الأولى
لقد شاهدنا وشاهد العالم ما كان يجري في ميادين الثورة وأبرزها ميدان التحرير فيما كانت تراغب بكل إهتمام ولحظة بلحظة الدول الأوربية وأمريكا وإسرائيل وقد إعترفت بحق الثورة بأنها ثورة شعبية سلمية ديمقراطية أما البعض من الإسرائيليين إنزعجوا وقالوا بأن ديمقراطية الدول العربية هي ضد إسرائيل ولست أدري لماذا هي ضد إسرائيل ؟! وشخصيا كنت أتابع منذ البداية الى النهاية تلك الأحداث عبر القنوات الفضائية والراديو وحقا إنها ثورة سلمية وتستحق الإشادة لقد ظلوا يحتجون سلميا رغم العنف الذي واجههم بالهراوات والقنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي وكنا نسمع أصوات إطلاق الرصاص ورابني شخصيا سقوط قتلى وجرحى في ميدان التحرير أيضا شاهدنا في الميدان رجال الدين من الأزهر الشريف والقساوسة يعتصمون بين الشباب والشابات لنصرة الثورة وحقا كان مشهدا رائعا وحضاريا ليس له مثيل في التاريخ وقد أدهش بالفعل ذلك المشهد العالم كله كما شاهدنا المشاهد المؤلمة في ميدان التحرير من عمليات خطف المدنيين من قبل بعض رجال الأمن بزي مدني من وسط المحتجين كما تألمت أكثر من المشهد الذي كان يتم فيه توجيه خراطيم المياه على المصلين ورشهم في أثناء أداء الصلاة وفي السجود وكان ذلك المشهد بصراحة من المشاهد التي أغضبت الجماهير والمشاهدين لأنه كان سلوكا متوحشا تجاوز كل حدود القيم وإستفز المشاعر الدينية ولست أدري هل كان صدفة أم كان متعمدا ؟! أيضا راعني منظر البلطجية وهم يهاجمون المحتجين بميدان التحرير بكل ما حملوا من أسلحة ودواب وجمال وأحصنة سقط خلالها الكثير من القتلى والجرحى بين المعتصمين ولقد أغضب هذا التصرف الأحمق الكثيرمن الجماهير فنزلوا الي الميادين بينما إكتفى الآخرون برفع الأعلام المصرية على شرفات المنازل والبكونات يهتفون بتأييد الثورة وقد شاهدنا كثير من القمع ضد الثورة ولكن الثوار تحلوا بكثير من الصبر والصمود ولم يردوا العنف بالمثل الا فيما ندر دفاعا عن النفس كانت هذه أبرز ما تميزت به ثورة شباب مصر إنهم تقلبوا على كل المصاعب بالصبر والحكمة والذكاء الرائع وبالتالي هناك حدث هام لفت الأنظار كان ذلك عند إنضمام رجال الدين الى الثورة كما أسلفنا واعتصموا مع الشباب في ميدان التحرير متحدين بذلك كل الهجمات وأنواع القمع من هنا وهناك الذي كان يمارس ضدهم في كل ميادين الثورة وقد تذبذبت مواقف بعض الدول الأوربية في بداية الأمر هنا وهناك مرة تكون مع النظام وتارة أخرى مع الثوار الى أن تغير موقف أمريكا لصالح الثورة عندما رأت كفة القوة تميل ناحية الثوار وتبعتها بعض الدول الأوربية وقد أربك هذا الموقف الحكومة المصرية السابقة وفقدت المزيد من دعم الدول والشعوب التي كانت تساند موقفها فيما نالت ثورة الشباب المزيد من الثقة في النفس وثقة الملايين من الجماهير المصرية والعربية وفيما يلي نذكر أبرز العوامل المساعدة بل الحاسمة والتي غيرت مسار الأحداث بصورة دراماتيكية لصالح الثورة
1- هجوم العصابات والبلطجية على المعتصمين بميدان التحرير
2- إختفاء رجال الأمن والشرطة وشرطة المرور من المدن
3- فرار الكثير من المساجين والمعتقلين وإنتشار عمليات النهب والسطو والقتل المسلح
4-إنضمام رجال الدين للثورة وإعتصامهم مع الشباب سواء كانوا من شيوخ الأزهر الشريف أو القساوسة وإقامة صلواتهم على أرواح الشهداء في ميدان الثورة
5- إعتصام وصمود الثوار على مدار 24ساعة في ميادين الثورة متحلين بالصبر بالثقة في الله ثم في النفس
6- منظر رش المصلين وهم سجود بواسطة خراطيم المياه
وإذا تساءل متسائل كيف تم التصدي لخطر العصابات بعد الإنفلات الأمني ؟
لقد تم تكوين اللجان الشعبية بسرعة عجيبة جدا وبطريقة منظمة في كافة أرجاء المحافظات المصرية وإنتشر الشباب لحماية المواطنين والمقيمين وممتلكاتهم وتولوا مسؤولية حماية البلد بدل الأمن والشرطة وشرطة المرور، ورأينا كيف كان الشباب يقومون بتنظيم عملية المرور فاطمئن المواطنون والمقيمون وتحول الرعب والخوف والى الإرتياح ، وشخصيا رأيت الشباب والشابات الذين كانوا يحرسوننا من شارع الى شارع أخر من العصابات والبلطجية كانوا يقفون في أشد ساعات البرد ليلا لقد كان الشباب يقسمون العمل والمهام فيما بينهم قسم منهم كان يعتصم بيمدان التحرير والأخر كان يقوم بتأمين المواطنين وممتلكاتهم وينظمون عملية تيسير المرور وحقا كان عملا رائعا وقد أثار إعجاب الكثير من المشاهدين ودل بحق على مدى تحضر الشعب المصري وأصالته التي تعد دروسا لبقية الشعوب لكي تحزوا طريقهم وتتعلم من عبقريتهم وذكائهم في إدارة الأمور،
أما بالنسبة لثورة 25 يناير وشبابها أود القول إن هؤلاء الشباب هم شباب العصر وشباب التكنولوجيا وFace book والفكر الواضح والثقافة الرفيعة وهم لم يتحركوا ضد الحكومة من موقف أيدلوجي أو فكري ولايحملون أي كراهية ضد احد إنما يريدون تحسين مستقبلهم وحياتهم المعيشية ودفعها نحو الأفضل ونتمنى لهم النجاح في التنمية والأمن والسلام وان تعم الرفاهية كل أنحاء مصر ونقول لهم ألف ألف مبروك ، كما أود ان لا يفوتني هنا تذكير جمهورية مصر بمواصلة عطائها المتدفق والإستمرار في إتاحة فرص التعليم لأبناء وشباب إرتريا الذي لم ينقطع منذ أكثر من قرن من الزمان ذلك نظرا لظروف إرتريا التي تمر بها والمعروفة لديكم والمجتمع الإرتري ينظر الى مصر عبر أولئك الرواد الذين لهم مكانة خاصة في قلوب الشعب نظرا لمواقفهم الإصلاحية والوطنية كالمفتي إبراهيم المختار مفتي إرتريا الأسبق الذي كان علم في رأسه نار وقدم لشعبه مواقف جليلة و قاضي علي وقاضي (عمر المصري) وتشهد سجلات الأزهر الشريف وتتزين بهم سجلات وزارة التربية والتعليم في مصر وقد إستمر هذا العشق والإكبار لمصر من قبل الإرتريين وبقى على مر الأيام وليس أدل على ما نقول من أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ظل يلتقي بالشباب والطلاب الإرتريين منذ الخمسينيات وفي بداية تأسيس حركة تحرير إرتريا عام 1958 وبعد إعلان الكفاح المسلح في 1961م يقدم لهم النصيحة والمشورة والدعم المعنوي ومن مقولاته لهم (إستعينوا في عملكم بالسرية ونحن معكم ) نظرا لطبيعة العدو الإثيوبي الذي كانوا يقاومونه وكان للطلاب الدارسين في القاهرة القدح المعلى في نجاح الثورة الإرترية وهي في بواكيرها وقد إلتحق معظم الطلاب بميادين الثورة سواء الذين تخرجوا أو الذين قاطعوا الدراسة وإنطلاقا من ذلك بقيت مصر شامخة في ذهن وقلوب الإرتريين لما لها من مكانة خاصة ودورها الأبرز ومواقفها الثابتة في قضايا التحرر الوطني في إفريقيا والعالم ، ونحن كإرتريين نعتبر مصر شريك أساسي لنا في سلمنا وحربنا ولايمكن أن ننسى دورها في تقديم الدعم في المجالات التعليمية التي كانت بمثابة الأساس في مقاومة العدو ولاتقل أهمية من تقديم السلاح ذلك لأن بناء الإنسان علميا وثقافيا له أهمية بالغة لما يتمتع به الفرد المثقف من ثقة في النفس وإحساس بأن الثقافة ملكيته ولا أحد ينازعه فيها في حدود ثقافته مع قدرة على إحترام الأخرين ولأن التعليم درجات وليس له حدود نهائية وبالتالي هذا هو الذي دفعني للقول بأن الحديث عن دور مصر لم ينحصر فقط في التعليم لأن هذا أمر معلوم فمصر هي مصدر للعلماء لكل أنحاء العالم لكن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كما هو معلوم كان نصير للشعوب المستضعفة دون تميز على أساس عنصري ومساندته كانت للجميع من منظور إنساني فقط حتى تتمكن تلك الشعوب من التحرر من العبودية والظلم والإضطهاد دون تميز عربا كانوا أم أفارقة ومن هذا المنظور أو المبدأ جاءت لقاءاته ومعاملاته مع الطلاب الإرتريين منذ الخمسينيات كما توضح الصور المرفقة وليس من المنظور الضيق الذي كان يردده الإمبراطور من مزاعم بأن العرب يريدون غزو إثيوبيا بواسطة ثوار إرتريا وهذا كان تضليل وطمس للحقائق حيث لم يكن موقف مصر ينطلق من هذا المنظور الضيق كما كان يزعم الإمبراطور بل من مفهوم إنساني تحرري أوسع وأشمل ،
الأمر الذي يذكرنا بالأسباب التي أدت الى إنطلاق الثورة الإرترية بدأ من 1958م ومرورا بميلاد جبهة التحرير الإرترية في العام 1961م وفي رأي كانت الأسباب الحقيقية للثورة هي إلقاء ونقض الإمبراطور هيلي سلاسي وأعوانه الأساس الذي بني عليه ارتباط إرتريا مع إثيوبيا الذي كان به البثيث من الحفاظ على هويتهم الخاصة رغم ما به من تجاوزات وعيوب شابت ذلك الإرتباط في الأساس مما أدى كما ذكرنا الى بروز ميلاد الثورة الإرترية :
1- إلغاء التعليم بالغة العربية والتجرنية
2- ألغاء الإتحاد الفيدرالي الذي كان بمثابة إنقلاب على كل التعهدات والاتفاقيات
3- إعلانه بعدم الإعتراف بهوية خاصة لإرتريا وزعمه أن هنالك هوية واحدة هي هوية إثيوبيا الأم .
ثورة شباب مصر 25 يناير الحلقة الأولى
ثورة شباب مصر 25 يناير —- الحلقة(2)
ثورة شباب مصر 25 يناير _ الحلقة (3)
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=21678
أحدث النعليقات