ثورة شباب مصر 25 يناير _ الحلقة (3)
<
26/6/2011م
الأستاذ / إبراهيم حمد محمود _ القاهرة
وبعد حرب 1967م بين العرب وإسرائيل التي إحتلت خلالها الأخيرة جزء كبير من أراضي الدول العربية والقدس إعتبر الإمبراطور تلك النكسة هزيمة للثورة الإرترية قبل العرب ونصرا له فقدم ما إعتبره دليلا يدين العرب ويثبت تورطهم في الحرب على إثيوبيا ودعم العصابات الإرترية فقام بإبراز ما إعتبره دليلا في شكل علم إرتريا السابق الذي كان بمثابة علم الثورة بأحد مكاتب جبهة التحرير الإرترية بسوريا وربما يكون قد حصل على تلك الصور من خلال إسرائيل ثم قام بشن حملات إبادة شاملة قير مسبوقة للمدن والقرى الإرترية بالتزامن مع نكسة العرب في حزيران 1967م طالت أراضي المنخفضات وفي المرتفعات ومناطق جنوب وشرق أكلي غوزاي ومناطق الساهو جنوبا وشرقا مستخدما فيها كل ما يملكه من قوات تعرف بالطور سراويت والكما ندوس التي تم تدريبها بواسطة الإسرائيليين ولم تكن المسألة عادية بل كانت ضمن مخطط إقليمي إسرائيلي وإثيوبي للتطهير الشامل لسكان إرتريا وأكبر دليل على ذلك أن الإبادة لم تستثني أي شئ من مقومات الحياة فلقد تمت إبادة المواشي وحرق المزارع وتم حرق مئات المدن والقرى مثل حرقيقو وعيلت وعد سيدنا إبراهيم وعونا وهزمو وتم تشريد من بقى على قيد الحياة الى خارج إرتريا بطريقة همجية وتطهير عرقي واضحة تجسد المقولة الشهير ( أرض إرتريا وليس شعبها ) وهكذا وتحت مبررات واهية ومغالطات سخيفة من قبيل أن ثورة الشعب الإرتري ماهي الا عصابات مرسلة من قبل الدول العربية لتنفيذ أجندات العالم العربي والإسلامي مستشهدا كما أسلفنا ببعض الطلاب الذين كانوا يدرسون في جمهورية مصر والسودان حيث قامت قواته بارتكاب جرائمها اللآ إنسانية ضد الشعب الإرتري الأعزل وتطهير عرقي لا مثيل لها الأ في ماجرى في البوسنة والهرسك أو الحرب الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني خصوصا حرب 1948م التي تم فيها تشريد من بقى حيا منهم خارج أراضيهم بعد أن دمرت بيوتهم تماما هذا هو ما كان يجري في إرتريا ضد الشعب الإرتري من قبل إثيوبيا بأجندة إسرائيلية ، لكن الأطرف من كل ذلك والذي يدعو للأسف العميق أن الثورة الإرترية والأمركذلك بدأت تنقسم على نفسها وإنشطرت جبهة التحرير الى عدة فصائل و دخلت في حرب أهلية فيما بينها بالتزامن مع ما كان يقوم به هيلاي سلاسي من قتل للعزل والأبرياء من الشعب الإرتري وإستمر هيلي سلاسي في قتل وتشريد الشعب حتى العام 1974م وكان قد مضى أكثر من 15سنة على بداية النضال السياسي منذ ميلاد حركة تحرير إرتريا قبل ان تقمع بالحديد والنار من قبل كولونيل تلا عقبيت وعندما فشلت حركة التحرير السياسية من 1958-1961م قامت الثورة بالكفاح المسلح بقيادة الشهيد حامد إدريس عواتي وكان لها دور مؤثر وإيجابي على الأرض بالقبول والرضى ولكن لا كان لها دور مؤثر عسكريا وبسبب عدة نقص الأسلحة والتدريب وكان ينقصهم النظم العسكرية والانضباط في بدايتها وبالتالي موت عواتي 1962م قبل تكوين المناطق كان له عوامل سلبي لأنه أختفى أخباره لا بالموت وبالحياة فلذا إنحسرت عملياتها في أطراف المديرية الغربية وأحيانا في أطراف كرن ولكن بعد تكوين المناطق لأول مرة ظهرت في المرتفعات وفي أطراف سراي وحماسين ومناطق البحر الأحمر وهذا التوسع المحدود أزعج النظام وأعوانه وعلى هذا الأساس طلب من زعماء البلدات والقبائل وأهالي أقاليم المرتفعات الى حمل السلاح حماية للوطن ولأنفسهم من تلك العصابات المخربة وتحت هذا الزعم وعلى هذا الأساس حمل إقليم( سراي ) وتسلح معظم أبناءه تحت ضغط الإعلام من جهة وكما لا يستبعد من جهة أخرى ضغوط كولونيل تلا عقبيت الحاكم العسكري لإرتريا من قبل الإمبراطور آنذاك بإعتباره من أبناء الإقليم وأصبح الإقليم كأنه سكنة عسكرية بالإضافة الى بعض مناطق أكلي قوزاي وحماسين عن طريق فرق كانت تسمى نشليباش بمعنى مليشيات شعبية وأما بخصوص نظار ورؤساء قبائل الساهو فإنهم رفضوا حمل السلاح وقالوا إنهم تحت حماية الحكومة وهي الجهة الوحيدة المخولة بحمايتهم وليسوا ابدا على إستعداد للدخول في مجابهة مع جهات مدججة بالسلاح ولكن بعد فترة من الزمن بدأ نظام هيلي سلاسي بتجنيد الكماندوس الإرتريين وتدريبهم في مدينة دقي محاري على أسلحة متطورة جدا في الوقت الذي كانت فيه الجبهة لاتملك حتى الأسلحة العادية حيث كان تعاني من ضعف التسليح وكان كل 10 فرد من جنود الجبهة يتقاسم ما بين 5- 6 بندقية ولم تكن تلك فقط المشكلة الوحيدة التي كانت تواجه الجبهة في ذلك الوقت العصيب والحرج لكن بدأت تدب الخلافات في الجبهة بعد تكوين المناطق الأربعة مباشرة بين تلك المناطق والمجلس الأعلى نفسه الذي كان بمثابة المرجعية السياسية للثورة والشعب الإرتري وسرعان ما بدأت تلك الخلافات الى صراعات بين بعض تلك المناطق وتأزمت الأمور وتطورت وإنتشرت الإتهامات هنا وهناك حتى برزت أصوات تدعوا الى وحدة تلك المناطق فكان مؤتمر أدوبحا الشهير حيث تمت فيها (وحدة مقنعة) بين المناطق الأربعة وتم تشكيل قيادة عرفت “بالقيادة العامة “الا ان الخلافات بقيت كما هي بل تصاعدت الأمور وتطورت الى إعتقال القيادات لبعضها البعض في الميدان مما أدى لبروز الإنقسامات والإنشقاقات في جبهة التحرير الإرترية كما أسلفنا وهكذا بدأت الساحة الإرترية تنزلق الى الحرب الأهلية نتيجة لخلافات واهية ومبرارات سقيمة وحساسيات شخصية ومناطقية بين الأشقاء ورفقاء السلاح من قادة ومقاتلين تلك المناطق ونلاحظ هنا ان هؤلاء القادة كلهم كانوا مسلمين رؤساء ونواب وكان عليهم أن يكونوا في غاية من الحرص وعدم الإنجراف وراء خلافاتهم الشخصية تلك وإدخال الساحة كما أسلفنا الى هاوية الحرب الأهلية الآسنة أما بالنسبة للإخوة المسيحيين المناضلين في صفوف الثورة كانوا آنذاك موزعين بين تلك المناطق المذكورة ولم يكن لهم دور مباشر في تلك المشاكل والصراعات التى أدت الى تلك الحروب ولم يكونوا معنيين بها الا فيما ندر وهذا لا يعني بأنهم لم يتورطوا من المشاركة في الحرب الأهلية المذكورة والتي عمت كل الأنحاء وراح ضحيتها الكثير من المناضلين الذين خرجوا لتحرير التراب ، فإذا بهم يجدون أنفسهم في معامع إنصرافية لم تخطر يوما على بالهم ولكنهم أجبروا على خوض تلك الحروب تحت ضغط الدعاوى المناطقية والأوامر العسكرية وأيا كان الأمر فإن الشعب الإرتري جنى منها الكثير من الويلات سواء في وحدته الوطنية أو من دماء أبنائه البررة ومازالت تداعيات تلك الأحداث المؤسفة تخيم على الأجواء حتى هذه اللحظة ، وهنا نلاحظ أمرين ،
الأمر الأول : هو ان الحرب الأهلية لم تكن نتيجة لضعف عوامل الوحدة الوطنية بين الشعب الإرتري بل كانت بسبب إنقسامات القيادة العامة من جهة والمجلس الأعلى الذي كان مصدر وبؤرة كل المشاكل والبلوى التي أضرت بالساحة الإرترية على مر الأيام حيث فقد مصداقيته وشرعيته أمام المقاتلين بصفة خاصة وأمام الشعب الإرتري الذي كان يمثله في كافة المحافل بصفة عامة ذلك بسبب عدم تقديرهم للمسؤولية ونشوب الخلافات فيما بينهم على أتفه الأسباب تبعا لأهوائهم الشخصية وبالتالي تسببوا في تلك الحروب أنفة الذكر والغير مبررة والتي الحقت الإحباط بالكثير من المقاتلين القدامى مما أدى الى تمردهم وإنسحابهم من ساحة قتال العدو بعد أن فسدت القضية من قمتها لينطبق عليهم المثل “عاسا من رأسه تسيخ” أي أن” فساد السمكة يبدأ من الرأس ” ذلك بعد ان تشرزموا وأصبح كل واحد منهم يزايد على الأخر بإمتلاكه للشرعية دون الأخر وهنالك مثل أخر بالتجرنية ” دانية زي بلو نجر طفؤ ” بمعنى ” أي قضية ليس لها قاضي جيد لا محالة خاسرة ” هذه بعض من ألأخطاء نسأل الله الرحمة والمغفرة لمن توفي منهم ودوام الصحة لمن بقي منهم
الأمر الثاني : هو أننا كإرتريين كنا نخشى حدوث الإصطدامات والحرب بين الجبهة وقوات الكوماندوس الإرترية والمليشيات التي جندها الإمبراطور(نشلباش أو الباندا) عبرالعزف على وترالطائفية وبأنه حامي حمى المسيحية من أجل إخماد الثورة بيد أننا لم ولن نكن نتوقع أبدا تقاتل رفقاء الدرب والسلاح رفقاء الثورة الواحدة الذين خرجوا لقتال عدو واحد وكان تخوفنا من نشوب الإشتباكات بين الجبهة والكوماندوس مبعثه هوا الخوف من ان يستغل الإمبراطور ذلك بوصفها حرب أهلية بين الشعب الإرتري ويبرزها للعالم على هذا الأساس عبر وسائل إعلامه وأنه برئ وليس له فيها يد ولوتمكن يومها من ذلك كانت ستكون الكارثة أفضح وأكبر الا انه فشل في مخططه ولم يتمكن من تحقيق أحلامه الشريرة تلك ،
أما لماذا الحديث الآن عن أحداث مضى عليها أكثر من أربعين سنة ؟ ليست الإجابة الصحيحة هي أننا نريد محاسبة أحد ، بل فقط لأجل أخذ الدروس والعبر وكما أنه غالبا ما يعيد التاريخ نفسه في بعض المناسبات والمواقف وأيضا لا ندعي أن ما ذهبنا إليه أنه هو فقط الصحيح والمعصوم من الخطأ فهو بالتأكيد يحتمل الخطأ وعليه انا على إستعداد تام لتقبل التصويب من المؤرخين والمتخصصين في هذا الشأن وحتما سأستفيد منها وهنالك أحداث أخرى في ذات السياق حدثت بالتزامن مع ذكرنا من قبل ولها علاقة مكملة لصورة ما جرى حيث وقع حدث تاريخي تمثل في الإنقلاب الذي قام به الكولونيل منقستو هيلي ماريام في العام 1974م
طال عرش الإمبراطور هيلي سلاسي نفسه ومنظومة حكمه من العصابة والسفاكين الذين سفكوا وأبادوا الشعوب الإثيوبية الكبرى وسلبوا حرية هذه الشعوب بالإضافة الى إحتلالهم لإرتريا وتدمير مدن وقرى بأكملها وممارسة القتل والتشريد بحق لشعب الإرتري البرئ وبهذ إختفى ملك الملوك من على شاشة صناعة القرار في إثيوبيا ومع أن الحدث في مجمله بان في حينه كأنه نصر لصالح تلك الشعوب المقهورة بزوال نظام هيلي سلاسي الطائفي وتحول النظام شمولي وتوقفت حملاته الكهنوتية والطائفية المشينة التي شنها ضد الشعب الإرتري وضد الشعوب الإثيوبية المضطهدة على نفس القدر كما أنتهت عمليات القتل والإبادة على أساس الهوية والفتنة والتطهير العرقي الذي كان يقوم به هيلي سلاسي ضد أبناء الشعب الإرتري كما أسلفنا مستخدما قاعدة (فرق تسد ) ذلك حتى يستولى على أرض الغير من خلال التفرقة بين أبناء الشعب الواحد ودفعهم الى التقاتل وهكذا إنتقل وضع ارتريا للمرة الأخرى الى رحمة منقستو ولم يتوقف القتل والإبادة في عهده وبما أنه كان نظامه نظاما شموليا لم يكن يقتل على الهوية كما كان يفعل هيلي سلاسي أما على صعيد الحرب على الثورة الإرترية فقد زادت ضراوتها أشد مما كانت عليه ولكن إنضمام قوات الكوماندوس ذات التدريب والتسليح الجيد مع بعض أسلحتهم الى الجبهة خلق توازن الى حد ما ، كما زاد من ثقة الثوار في أنفسهم وإستمر القتال على أشده حتى تكلل الأمر بتحرير كامل التراب الإرتري بعد هزيمة منقستو وفراره خارج إثيوبيا وبقي الشعب الإرتري فوق أرضه ، بيدا ان أثر تلك الحروب مازال عالقا بأذهان أبناء الشعب الإرتري ومازال يتولد منها التشوهات في الجسد الإرتري حتى بعد تحرير إرتريا في العام 1991م ، ومن ثم بدأنا نسمع دعاوى تنادي بتجزئة الذي لا يقبل بطبيعته التجزئة وبرزت كيانات تحت مسمى القوميات والأقاليم بحجة المظالم التي لحقت بهم وأود أن أسألهم هل نحن كنا ناقصين تشرذم وإنقسامات لأجل ان تدعوا بالمزيد منها ؟!!! وهل المزيد من الإنقسامات والإنشقاقات والفرقة سيحل مشكلة المظالم ؟! ومتى وأين ستلتقي هذه الفرق ؟
وأنا لا أتحدث هنا عن مبرارات تواجد التنظيمات هذه بقدر ما أود الحديث عن مسمياتها التي لا تتماشى مع الواقع ومقتضيات المنطق ومبدأ الدولة المدنية والأسس الحزبية والدستورية السليمة بشكل مباشر
ولست هنا بصدد إغضاب جهة بعينها وليس هذا هدفي وإذا كان هنالك من سيغضبه رأي أبادر وأعتذر له مسبقا ولكن الأمر لا يعدو كونه إبداءا لوجهة نظري الخاصة وما أراه صوابا من الخطأ على الرأي العام الإرتري وهو الحكم وصاحب الشأن والقرار النهائي خصوصا الشباب منهم والمثقفين لأنهم نصف الحاضر وكل المستقبل ، لأنهم هم الذين سيرسمون ملامح الغد المشرق الذي ننشده لوطننا العزيز وطن يعمه الإستقرار والعدل والديمقراطية ومبدأ التعددية السياسية بين كل مكوناته في إطار الوحدة ،
لقد ورد في الحقلة الثانية خطأ في تواريخ بعض الأحداث ونود تصحيحها الآن
الخطأ : (بيدا أن الشعب الإرتري رفض الإذلال والكهنوتية وفجر ثورته في عام 1961م بقيادة الشهيد البطل حامد إدريس عواتي والذي عاجلته المنية في عام 1962م بعد ستة أشهر من بداية الكفاح المسلح ولم يكن لإلقاء الإتحاد الفدرالي من قبل الإمبراطور بتاريخ 14/11/ 1962م أي بعد إندلاع الكفاح المسلح ومرور خمسة أشهر على إستشهاد القائد عواتي)
الصواب : ( بيدا أن الشعب الإرتري رفض الإذلال والكهنوتية وفجر ثورته في عام 1961م بقيادة الشهيد البطل حامد إدريس عواتي والذي عاجلته المنية في يونيوعام 1962م بعد عشرة أشهرمن بداية الكفاح المسلح ولم يكن لإلقاء الإتحاد الفدرالي من قبل الإمبراطور بتاريخ 14/11/ 1962م أي بعد إندلاع الكفاح المسلح ومرور خمسة أشهر من وفاة القائد عواتي ) ،،،
وكما كنا قد وعدنا القارئ الكريم لنشر بعض صور الطلاب الإرتريين الذين كانوا يدرسون في القاهرة منذ الخمسينيات بالإضافة الى صورة الرئيس جمال عبد الناصر والمناضل طاهر فداب
هذه الصور نقلا من كتاب (حركة تحرير إرتريا ومسيرتها التاريخية) للأستاذ / طاهر إبراهيم فداب
،،، ولكم مني خالص الشكر،،،
ثورة شباب مصر 25 يناير الحلقة الأولى
ثورة شباب مصر 25 يناير —- الحلقة(2)
ثورة شباب مصر 25 يناير _ الحلقة 3
a href=”https://www.farajat.net/ar/16032/sawramasir5″ rel=”attachment wp-att-22371″>
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=16032
أحدث النعليقات