حتى لانفقد البوصلـة …… ماذا نريد من المؤتمـر القادم؟
بلاشك يعتبر انعقاد المؤتمر الوطنى المزمع انعقاده فى الاسبوع القادم بأديس أبابا حدثا مهما وتاريخيا للشعب الارترى ففيه ستلتقى كل أطياف المعارضة الارترية من أحزاب سياسية الى منظمات المجتمع المدنى وحتى الشخصيات الارترية المستقلـة من أجل وضع خارطة طريق لاسقاط نظام الديكتاتور أسياس أفورقى ووضع أسس لارتريا جديدة ىيمقراطية يتمتع فيه الجميع بالحرية والعدالـة والمساواة . وتأتى أهمية الحدث من أهميـة النتائج المتوقعـة منه وكذلك من خطورة عواقب فشلــه.
وهنا يأتى السؤال مالذى نريده من هذا المؤتمــر؟ فالمواضيع كثيرة ومتشعبة كما هى المطالب والمظالم. والمؤتمر سيحضره المئات من الارتريين من جميع أنحاء العالم والفترة الزمنيـة قصيرة. واذا لم يحسن المؤتمرون والمنظمون فى وضع الاولويات وتركيز النقاش نحو أهداف محددة يمكن بكل سهولة فقدان البوصلـة وانتهاء المؤتمـر دون النتائج المرجوة وبالتالى تكون العواقب وخيمة على الجميع. لذا حرصت – كأى مواطن ارترى – أن أنبه على هذا الأمر ونحن على مشارف موعد انعقاد المؤتمــر وأن أدلى بدلوى فيما أراه ثلاث نقاط ضرورية على هذا المؤتمـر أن يركز عليها:-
1. النقطة الأولى: أن ينبثق من هذا المؤتمــر مجلس وطنى انتقالى يمثل ويجد القبول من جميع أطياف المعارضة الارترية السياسية منها والمدنية وتعهد اليه مهمة قيادة وتنسيق كل الجهود الهادفة لاسقاط النظام الدكتاتورى فى ارتريا. هذا من أهم المخرجات التى يمكن أن يقاس عليها نجاح المؤتمر أو فشله. وخروج مثل هذا المجلس سيعيد الثقة والأملفى امكانية نجاح المعارضة فى مسعاها لاسقاط النظام. كما أن مجلسا كهذا يمكن أن يجد دعما اقليميا ودوليـا فى الوقت المناسب على غرار المجلس الانتقالى الليبى والسوري. ولضمان قوة هذا المجلس واستمراريته كممثل شرعي للمعارضة الارترية لابد من استيعاب القوى السياسية والمدنية بشكل مرضى حتى تجد نفسها فى هذا المجلس وبالتالى لايكون لها مبرر للتغريد خارج السرب فيما بعد تشكيل المجلس.
2. النقطة الثانية: أن يتفق المؤتمرون على معالم حكم ارتريا الجديدة. فالمؤتمرون ومن يمثلونهم لايسعون فقط لاسقاط اسياس أفورقى كفرد وانما كنظام حكم وابداله بنظام تتوافق عليه مختلف مكونات الشعب الارترى. وهذا يمكن تحقيقه من خلال مناقشة واقرار مسودة الدستور الانتقالى الذى أعدته المفوضية. وهناك للأسف الشديد فى صفوف المعارضة من يقلل من أهمية هذا الامر بل ويدعو صراحة الى عدم مناقشة مسودة الدستور الانتقالى والتركيز فقط على اسقاط أسياس أفورقى. وهذا أمر فى غاية الخطورةأن يحصر المؤتمرون هدفهم وغايتهم فى اسقاط شخصية أسياس أفورقى من الحكم وهذا مع اهميته الا أنه يعنى أيضا أننا قد نقبل حكم شخص آخــر يكون له اسم آخـر ولكنه يسير على نفس المنوال مع تغييرات طفيفة تقتضيها المرحلة محافظا على المكتسبات التى حظيت بها قوميات معينة. هذا أمر لايجب القبول به أبدا لأنه بكل بساطة يضع كل النضالات والتضحيات والدماء التى سالت من أجل ارتريا جديدة فى مهب الريح. لابد من توافق على عقد سياسى واجتماعى بين مكونات المجتمع الارترى يحدد معالم حكم ارتريا المستقبل قبل اسقاط النظام.يتحجج البعض بأن “شعب الداخل مغيب عن قول كلمته فى هذا الدستور ولذا لابد من تأخير هذا الموضوع” وهذا أمر مردود عليه فالتمثيل المهم فى اعداد مسودة الدستور الان هو التمثيل النوعى الذى يشمل مختلف المكونات والأعراق ولاشك فى أن المؤتمرين انما جاؤا ممثلين لمكونات الشعب الارترى وطوائفة وقومياته المختلفـة ويعبروا بحق التنوع العرقى والدينى والقومى واللغوى والمناطقى لارتريا. وقد حظيت المسودة بالمناقشـةمن مختلف قواعد قوى المعارضـة وجماهيرها فى المهجر. أما التمثيل الكمى (أو التمثيل بالتصويت ) سيكون لاحقا عندما يتم تصديق مسودة الدستور بشكل نهائى بواسطة البرلمان المنتخب داخل ارتريا الحرة وعندها سيتمكن جميع أفراد الشعب الارترى فى الداخل والخارج من أن يقول كلمته فى مسودة الدستور.
3. النقطة الثالثة: أن يتم الاتفاق على خارطة طريق توضح المراحل التالية: مرحلة انشاء المجلس الوطنى الانتقالى مرورا بمرحلة اسقاط النظام الى أن نصل الى مرحلة تكوين حكومة منتخبة ديموقراطيا وانشاء برلمان والمصادقة على دستور دائم.
والاتفاق على النقاط أعلاه يمثل نجاحا عظيما للمؤتمــر وخطوة كبيرة فى مسار اسقاط النظام الديكتاتورى فى ارتريا. ولابد هنا من التذكير بالعواقب الكارثية فى حال فشل المؤتمــر. فكما أن نجاح المؤتمر سيعيد الثقة بشكل كبير الى المعارضة الارترية وقدرتها على التغيير فان فشل المؤتمـر سيعنى الاحباط بعينه وفقدان الثقة بالمعارضة الحالية وخاصة السياسية منها وسيأخذ ماتبقى من رصيدها لدى الشعب الارترى.
هناك بعض المحاذير التى لابد من التنبيه عليها حتى نساعد على انجاح المؤتمـر:-
-سيكون هناك نقاش حول أمور تتعلق بالماضى والحاضر من مثل المظالم والاضطهادات التى حصلت ومسألة توصيف النظام والقوميات وغيرها من الأمـور التى لابد من نبشها والنقاش حولها حتى تكون أساسا ننطلق منه لتصحيح المسار فى ارتريا المنشودة. كما سيتناول المؤتمرون أمورا تتعلق بالمستقبل من مثل اقرار مسودة الدستور والمرحلة الانتقالية ونظام الحكم وغير ذلك من الامور المستقبلية. والخوف من أن يجرنا الحديث عن ماضينا وحاضرنا الى اذكاء الصراعات الداخلية بيننا واشتدادها وبالتالى لانتمكن من الانتقال الى الحديث عن مستقبلنا المشرق الذى نسعى اليه. أخشى أن نعلق فى وصف ماضينا فلا نجد وقتا كافيا لرسم مستقبلنا. أرجوا أن يضع المؤتمرون هذا الامر فى الاعتبار.
-أمر آخر: هناك من له حساسية مفرطة من قوى المعارضة السياسية الارترية وخاصة المنضوية منها فى اطار التحالف ويرى أنها عقبة كأداء أمام تقدم المعارضة الارترية بحكم تشرذمها وضعفها وخلافاتها ويريد أن يجعل من نفسه بديلا ويحول المؤتمر الى ساحة لتصفية الحسابات مع القيادات السياسية وتصنيف المؤتمرين على أساس الحرس القديم والحرس الجديد أو الشباب. وعلى الرغم من صحة تشرذم المعارضة وضعفها الا أنه يجب ألا ننسى أنها هى التى أوصلتنا الى هذه المرحلـة التى نحن فيها اليوم على مشارف عقد مؤتمر تاريخى جامع لكل قوى المعارضة. ولولا صبرها وثبات مؤسساتها أمام كل الصعاب والتحديات وغلق المكاتب وضعف التمويل لما كنا اليوم ما نحن فيه. من السهل وصم المعارضة السياسية بكل صفات الضعف والتشرذم وعدم الفاعلية وكثرةالخلافات والقبليات لكننا ننسى أنها انعكاس لنــا ولمجتمعنـا فى الوقت الحالى.فى ذات الوقت آمل أن تدرك قياداتنا السياسية أن المرحلة القادمة لابد أن يكون للشباب والجيل الجديد فيها نصيب الاسد فى القيادة ان أردنا أن ننتقل الى مرحلة جديدة فى صراعنا مع النظام. آخر مانريده فى هذا المؤتمر أن يتحول الى ساحة صراع بين حرس قديم وحرس جديد.
توصية:عندما شاركت فى فعاليات سيمنار المثقفين فى سبتمبر الماضى وجدت أن الترجمة بين العربية والتجرنية أخذت نصف الوقت المخصص للسيمنار فكل شخص يتكلم لابد من ترجمة مداخلته كاملة وهذا يستنزف وقتا كبيرا وثمينا من المؤتمرين. كثير ممن شاركوا تمنوا لو أن المنظمين اختاروا قاعة تكون فيها الترجمة فورية حتى يختزل الوقت الى النصف وبالتالى زيادة فرص نجاح المؤتمر واعطاء فرصة أكبر للحديث والمداخلات. أديس أبابا كعاصمة مهمة فى القارة الافريقية لايمكن أن تخلوا من قاعة مهيأة للترجمة الفورية. أرجوا أن يكون الاخوة فى المفوضية قد تنبهوا لهذا الامـــر.
.أتمنى من كل قلبى وأسأله سبحانه أن يكلل المؤتمر القادم بالنجاح والتوفيق
انه ولى ذلك والقادر عليــه
محمد صالح مجاوراى
الولايات المتحدة الامريكيـــة
.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=18873
أحدث النعليقات