حديث البداية *
( ماذا بعد الحدث ؟ )
لخص حاكم أسمرا ورئيس “ نظامه “ ، عملية 21 يناير بأنها مجرد حادثة و أنّ فاعليها على حِسْبَةِ الأصابع – ثم ذهب بوصف منتهاهم إلى مدى شعورهم بالذنب و الندم لكي يقوم بعضهم بتسليم أنفسهم في حين إنتحر أحدهم – ( ربما إشارة ) إلى العميد سعيد علي حجاي (ودي علي ) الذي قاد العملية بجانب العقيد صالح عثمان – فما سُمِي إنتحاراً كان للشعب عُرس التاريخ في التاريخ بالتاريخ .
وقبل هذا التلخيص الذي جاء متأخرا في أقصر لقاء تلفزيوني لإسياس أفورقي مع فضائيته بتاريخ 14فبراير2013م، كان كذلك قد طمأن نفسه والآخرين من مواليه بتاريخ 8 فبراير 2013م في إطلالة تلفزيونية أولية ومختصرة جداً تدعوهم إلى عدم القلق من حادثة 21يناير و أن الأمرمازال تحت قيد التحقيق و تجميع المعلومات .
ففي ملخصه الثاني كان متردد الذهن متلعثم في حديثه عن إرتباط فعل الحدث بتعاونٍ خارجي، و في ذات الوقت مستدركا بتعبيره عدم جازميته بالتأكيد أو النفي فيما يتعلق بالعامل الخارجي – وخاصة أن أفورقي عادة ما يُرْجِع الأمور التي تهدد مصالح نظامه و سلطته إلى الأيادي الخارجية في مقدمتها الولايات المتحدة و مخابراتها المركزية و أحياناً بتلميحات إلى الدول الإسلامية .
إلاّ ما سقط عمداً من حديث رئيس نظامه في أسمرة يمكن حصر أهمها في الأتي :
= لم يتطرق حاكم أسمرا عن الإعتقالات التي عقبت الحدث والتي شملت وزراء في نظامه و قيادات تنفيذية في حذبه الحاكم و أخرى عسكرية رفيعة المستوى – حيث إكتفى بالتعبير الذي يشير إلى ( تسليم أنفسهم )، مع أنه ذكر ما يجري من التحيقات حول الحدث – دون التطرق لمن تجري تلك التحقيقات معهم !
= ذكر إسياس أفورقي مستهجنا أن حدث 21 يناير كان بفعل عدد من الجنود الذين لا يتعدون أصابع اليد حِسبةً و تميزاً – إلا أنه تناسى أن من شملتهم الإعتقالات منذ صباحية اليوم التالي من الحدث و إلى كتابة هذه الأسطر يكاد ينفي وصف الأصابع الذي جاء من أجل تقليل حجم ووزن الحدث – وهذا ما جعلني أشير إلى سبب تعمد سقوط النقطة أعلاه ( حجب المعتقلين )
= لم يخوض في حيثيات الحدث بالإطالة المملة التي تعودناها منه تكراراً أمام عدسة فضائية إعلامه – لأن الإطالة وا لإسهاب هذه المرة كان حتما سيعكس الإرتباك و الضعف و إن كان قد ترائ ذلك أثناء مختصره الذى جاء طِوال لقائه المعني – بالرغم من أن ظهوره في نفس اللقاء كان يهدف منه وجوده و سيطرته على الأمور من جديد مثله في ذلك مثل عودته من مرضه الخفي أو من باطنية دائه المُبهم.
ما فات على إسياس هذه المرة :
= زيارة الرئيس السوداني ومستوى حجم الوفد المرافق له بتاريخ 2فبراير 2013م – تكون قد كذّبتْ كون حدث 21 يناير مجرد حادث لا يدعو للقلق – و أنه مجرد دخول عدد من أصابع اليد وزارة إعلامه بواسطة جنود من الجيش و( إنتهى الأمر )- و إذا كانت الحقيقة على هذه الدرجة من الإستخفاف بعقول الآخرين، كما رأها إسياس فالمرء منا يسأل مالم يسأله الإعلام لرئيسه : هل مجرد حدث بسيط كما حدثنا به أفورقي يستدعي مثل تلك الزيارة السودانية ذات العيار المفصلي ، أم أن القلق مجرد تخمين سوداني خاطئ للحدث بقصد إبعاد التهمة المتوقعة من نظام أسمرة لأيادٍ سودانية وراء الحدث ، و التي قد لا يستبعد إثارتها فيما بعد و عند إكتمال التحقيقات الجارية على حسب تعبير رئيس دولة إرتريا ( رئيس نظامه ) – و ربما يتعدى هوس أفورقي ما وراء حدود شمال السودان ليدخل مصر محمد مرسي في التهمة .
= البرود القطري و الإكتفاء بتلك الرسالة الرئاسية المُؤكِدة لتعزيز العلاقات ( 1فبراير 2013م ) و المقابل الإرتري في حجب قناة الجزيرة وتلميحات استياء أفورقي لبثها الكاذب الذي أخذ من أمن سلطته ، فأنى لمثل هذا الحدث البسيط – على وصف رئيس النظام في أسمرا- يستدعى مثل تلك الرسالة التعزيزية لتأكيد العلاقات القطرية الإرترية التي ربما يتوقف أفاق مستقبلها هنا ( أي ما بعد 21 يناير ) كرمز سببي في ذلك .
= كالعادة و مثل طبيعة إعلام الأنظمة الشمولية – الإنفرادية – الديكتاتورية – فاللقاءات و الحورات التلفزيونية وغيرها – دائما وجدتها إمتحانات مكشوفة متفقة على محاور الإجابات التي تضع نمط الأسئلة – لذلك وجدت هذه المرة بأن إسياس أفورقي كان هو السائل بينما القائم بالمقابلة ( المحاور ) يجيب – بل أحيانا كان أفورقي هو السائل والمجيب عندما سقط هذا الأمر عمداً- و كيف لا مادام المحاور لم يسأله عن تلك الإعتقالات – فقد أحسن الذين قالوا بأنه كان يُحَدِّث نفسه – و هذا ما لم يلاحظه أفورقي لأن الحدث لم يكن خفيف الوقع كما تعمده أفورقي !
= المظاهرات الإحتجاجية للإرتريين في المهجر أمام سفارات نظامه – قد عطلت كل ما كان متوقع من سناريوهاته المألوفة في و صف معارضيه و خاصة تزايد حجم المعارضة الجماهيرية الشعبية بمختلف طوائف و مكونات الشعب الإرتري ، لو إستثنينا المعارضة السياسية هذه المرة و إن كان تلاحمها مع الجماهير شكل حضورا ملحوظ – فلا إعتقد أن ذلك يمكن أن يتجاهله إسياس متعمدا بل ذلك ما غاب من عقليته هذه المرة أيضاً ، وهذا بفعل حجم الحدث الذي فات أن يفطنه أفورقي في حديثه ما بعد 21يناير.
مستجدات سودانية و أُخرى قطرية ما بعد 21يناير :
سودانياً و بدون مقدمات تفاجأ الإرتريون بالمهجر الأوروبي و امريكا الشمالية بإجراء سوداني رسمي يتعلق بمنع حملة الوثيقة الأوربية من الإرتريين بدخول السودان – مما جعل البعض يربط الأمر بزيارة الرئيس السوداني عمر البشير لأسمرا عقب حدث 21 يناير – وعليه كان أمر هذا الإجراء الفجائي محل إستغراب و إستياء من إرتريِّ الخارج مثله مثل تلك الزيارة المفاجئة للرئيس السوداني إلى أسمرة وقتها – مما يجعل أن هذا الإجراء ربما يأتي مرة اخرى لإبعاد الحكومة السودانية نفسها من أيتها تهمة تتعلق بمد يد التنسيق والدعم المسبق لهذه العملية – بإعتبارٍ يعكس و كأن هذا الإجراء بند من بنود ما تم تناوله أثناء اللقاء بين الطرفين عند الزيارة السودانية لأسمرا – و هذا يجعل بأن إسياس و لما يعتريه من الشكوك حول الجميع فإنه لا يستبعد رمي حكومة السودان بتورطها في حدث 21 يناير عاجلاً أم آجلاً و لاسيما عندما يجد بديلاً لعلاقته السودانية التي تشكل نافذته الوحيدة للتنفس وإن كان يعد هذا أنتحارا لو سَلِم إسياس من الذي قادم إليه من مفاجئاتٍ قد تنهي حكمه .
قَطرِّياً لأن الإقتصاد قوة – وهكذا يرجع الأمر إلى دولة قطر منذا نهضتها التي عقبت ثورة مبايعة الإبن على الأب في 27 يونيو1995م بعد حكم ٍ للأب كان قد إمتد ثلاثة وعشرين عاما ( 1972-1995م ) – فقطر الإبن حمد وكذلك قطر الأب خليفة فهي من حيث المساحة و الموقع الجغرافي لم تتغير ، إذ تمثل مساحتها عُشر “1/10 ” أو أزيد بالنسبة لمساحة إرتريا – أي أن مساحة إرتريا هي عشرة أضعاف مساحة قطر ( 11437كلم2 ) – م = ” صحيفة الراية القطرية 12/09/2012م ” .
إلا ما تغيّر في قطر هو حجمها الإقتصادي و السياسي – دوراً ومكانةً في كلٍ من الملعبين – لذلك وجدتها ناشطة في بحرنا الأحمر على ذات الصعيدين أيضاً ، ليمتد ذلك حالياً ما خلف باب المندب نحو الصومال و ما خلف خليج العقبة نحو إيلات – و لا غرابة في أن تولد تلك الحميمية ما بين الدوحة و أسمرا ضمن نشاط خارطتها على ساحل بحرنا غرباً لإن الكعبة شرقاً لها رب ٌ يحميها .
ولكن ربما ستختلف وتيرة المسار القطري من الدوحة ما بعد 21يناير نحو أفورقي بالرغم من أنه لا يعلم أحد منا حجم الإسثمار القطري في إرتريا أو مساحة تلصص نظام أسمرا على السوق القطري .
فالسؤال الذي يتبطن مخيلة الكثيرين من المعارضة الإرترية – إن لم يكن أغلبهم- ليس لماذا نشطت أخيراً قناة الجزيرة إرترّياً بل هو : ما هي دوافع ” ندوة إرتريا الحاضر والمستقبل ” التي يستضيفها منتدى العلاقات العربية الدولية في الدوحة بتاريخ 13مارس 2013م – و بإشراف رئيس المنتدى الدكتور محمد الأحمري – فالإجابة قد تُستمد ضمناً من أهداف و مهام المنتدى فيما يتعلق بخلق العلاقات وتفعيل الحوارات ما بين التنباينات التي تتطاير هنا وهناك .. و لكن السؤل هنا كذلك يستمد ظرفه من 21 يناير – لكي يأتي بكيفية أُخرى وهي – لماذا إختار المنتدى مستقبل إرتريا وحاضرها الأن أي ما بعد حدث 21يناير الإرتري – لكي تغطي الندوة محاور ٍ ستة – وجامعة ما بين الرؤية المستقبلية للحكومة والمعارضة – كما تجمع مابين الأوضاع الحالية سياسياً وحقوق الإنسان ومباشرته لحال الإرتريين بالخارج ثم في مقدمة المحاور الستة تجد إرتريا الهوية والجوار وكأن المقدمة تسهب في مستجدات الدوحة نحو أسمرا ..أو ربما رأت الدوحة شعاعاً يوحي بأن التغير قادم لا محال في أسمرا … ولكن لا إعتقد إنّ ديوان الأمير لا يفطن سلوك إسياس إن تمت الندوة على خير فالنتظر و نرى !!
…. يتبع ..
صلاح علي أحمد – daalsaad@yahoo.co.uk لندن 26/02/2013م
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=30596
أحدث النعليقات