حرب الاطماع الخارجية والطموحات الشخصية في السودان
لليوم الثامن على التوالي تتواصل حرب الجنرالات في السودان وسط العاصمة الخرطوم وبعض المواقع الاخرى خارجها. والمتابع لمجريات الاحداث في السودان عبر تاريخه الطويل يلاحظ ان اساس البلاء يكمن في عدم قدرة قواه السياسية من ادارة خلافاتها بحيث تتمكن من وضع حد لها والعمل سويا من اجل المصلحة الوطنية، والشواهد هنا كثيرة يمكن اجمالها في عدم وضع خط احمر بين الخلاف السياسي والخضوع لرغبات واهواء الافراد وبالتالي القوع في شباك خدمة الاجندة الخارجية ، فكل الانقلابات العسكرية التي نجحت وتلك التي لم تنجح كانت من تخطيط القوى السياسية السودانية وهى ما اورد البلاد المهالك. يضاف الى ذلك طبيعة الشعب السوداني الكريم المتسامح سهلت الاستمرار في العبث القائم منذ فجر الإستقلال.
ما نشاهده اليوم من حرب مدمرة لقدرات البلد العزيز ما هو الا امتداد لنفس المخطط الذي كانت نتيجته انفصال جزء عزيز منه (جنوب السودان). نعتقد ان ما يجرى الان مؤامرة كبيرة كان يجب التنبه لها منذ اليوم الاول للتغيير الذي حدث في ابريل ٢٠١٩م لان العودة الى الحكم المدني الديمقراطي ادواته مختلفة عن ما تم اتباعه، ثم ان الاقصاء الذي عانت منه القوى السياسية والمدنية في فترة حكم البشير مارسته بعض هذه القوى على بعضها مستفردة بالقرار السياسي ومتحالفة مع من كانت تصفهم باعداء الثورة في اشارة الى اللجنة الامنية لنظام البشير ومليشيا ما عرف بالدعم السريع والتي اصبحت بقدرة قادر حليفا استراتيجيا لمجموعة الاتفاق الاطاري مدعومة من الرباعية الدولية ، فقد لوح الموقعون على الاتفاق الاطاري بالحرب في حالة عدم تنفيذه وتناولت بعض الجهات اللصيقة بالشأن السوداني الدور الخارجي في الازمة ففي وقت كانت يصف فيه المجتمع الدولي قوات الدعم السريع بانها مليشيات متفلته يجب حلها ومحاسبتها نجدها اليوم تضعها في موازات الجيش السوداني والذي مهما قيل عنه يظل المؤسسة الرسمية المعترف بها دوليا، وان وجود عناصر تتبع للاسلامين في قيادته لا يقدح في شرعيتها لان ذلك امر طبيعي لوجود الاسلامين في سدة الحكم لثلاثين عاما مكنوا فيها لنفسهم في كل مرافق الدولة المدنية والعسكرية وان التخلص منهم امر يحتاج الى اعادة تأهيل متفق عليه لعقيدة الجيش القتالية والتوافق على ثوابت وطنية واضحة المعالم اما استخدام الجيش كما حدث في عهد البشير وتجيره كعصاة تشهر في وجه كل من خالفك الرأى يعتبر امر مستهجن من قوى اعتبرت نفسها حامية للتغيير. ونقصد هنا استخدام الدعم السريع. وبدون التطرق الى الجهات والاسماء فان تصريحات بعض المسؤلين في احزاب الاتفاق الاطاري قبل انلاع القتال والتهديد بالحرب التي لاتبقي مؤشر على انهم اختاروا اسلوب نسج التحالف مع احد اطراف الصراع المتقاتلة الان.
ونحن هنا نود توضيح بعض الامور التي قد تساعدنا في فهم حقيقة ما يجري ونجملها في ؛
الصراع القائم الان في الخرطوم بين الجيش النظامي والدعم السريع مفتعل وراءه اجندة خارجية خفية ولكنها ظهرت الان بشكل جلي وحتى لا نطلق التهم اريد ان اتناول النقاط التالية والتي نرى من واجبينا ان نوضحها مع تقديرنا الكامل لاى رأي مخالف.
١/هناك قوى اقليمية موكل اليها لعب دور لتنفيذ مخطط التقسيم الذي سبق وان تناولته العديد من الجهات. وهذه الجهات الاقليمية والدولية تسعى جاهدة لهذا المخطط كل من زاويته ورغباته
٢/ سوف يسند لارتريا دور ايضا اذا لم يكن قد بدأ اصلا وهذا وارد لطبيعة العقلية المتسلطة لطاغية اسمرا.
٣/ الحرية والتغيير المجلس المركزي جزء من هذا المخطط وتم التوافق عليه مع حميدتي قبل الرمضان كما تشير بعض المصادر ، هناك من يقول تحديد ساعة الصفر تم قبل انعقاد ورشة اصلاح الاجهزة الامنية لتيقنهم عدم قبول الجيش بما يطرح فيها. وهناك من يؤكد ان الزيارة الاخيرة لحميدتي لبعض دول الاقليم كانت للتجهيز ولكن لا نستطيع التأكيد بطبيعة الحال.
٤/ لا نستبعد دور للمؤتمر الوطني والاسلامين عموما في الاستفادة من ما يحدث الان وهذا واضح من خلال التحرك الاعلامي النشط الذي ظهر منذ اليوم الاول للازمة. مع ان بعض الجهات ترى ان دورهم سوف لن يتجاوز الاعلام لعدم رغبة الشارع السوداني في التعامل معهم لانه يعتبرهم سبب كل ما حل بالسودان.
٥/المتوقع ان كل الحركات المسلحة التي وقعت على اتفاق جوبا سوف تلتزم الصمت ولكنها داعمة للجيش ولا ننسى تصفية الحسابات القبلية والسياسية مع الدعم السريع. وامامكم تصريحات موسى هلال وناظر الرزيقات وحتى مني اركو مناوي.
وبيان مجلس شورى المؤتمر الشعبي الحزب الذي كان يتزعمه الزعيم الاسلامي الراحل دكتور حسن الترابي وهو الجناح الرافض للاطاري في الحزب وهو مرشح الى التباعد الذي سوف يحدث في صفوف الحزب وقرب هذا الجناح الى التيار الاسلامي العريض. ولمزيد من التوضيح فان بعض اجنحة حركات دارفور محسوبة على المؤتمر الشعبي.
٦/الاحداث الحالية اوجدت واقع جديد فليس سودان الامس هو سودان اليوم وعلى المجتمع السوداني التكييف مع المتغيرات التي سوف يحدثها هذا الاقتتال. وبكل وضوح الصراع سوف يؤسس لعملية سياسية جديدة وخارطة تحالفات تكون فيها الغلبة للتيار الوطني العام .
٧/ كل المعطيات تشير الى ان الغلبة في النهاية للجيش السوداني لان الدعم السريع وعلى الرغم من الدعم الخارجي الواضح الا انه يفتقد للحاضنة الشعبية حتى في دار فور وجرائمه السابقة سوف لن تجعله يعتمد على دار فور كحاضنة وامامنا تصريحات الواجهات الاجتماعية وحتى السياسية الدارفورية مؤخرا.
وكل عام وانتم بخير
علي محمد صالح
لندن- 22/04/2023
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=46795
أحدث النعليقات