حزب المؤتمر الإسلامي : صمنا طويلا ويريدنا أن نفطر على بصلة

أولا أنا لست كاتبا ولا أتعاطى الكتابة، غير أن هناك مواقف سياسية كارثية تجبر الانسان على الخروج من صمته والصراخ علنا،  عل العقلاء ينصتون لصوته فيتحركون لإنقاذ الموقف، هذا المقال سوف أتناول فيه مواقف حزب المؤتمر الاسلامي بقيادة السيد حسن سلمان ، وذلك من خلال وثيقة سرية وقعت في يدي مؤخرا.

كان السيد حسن سلمان رئيس حزب المؤتمر الاسلامي ، قائدا من قادة التيار الاسلامي الارتري، حتى وقت قريب، وهو مشهود له ( على المستوى الشخصي) بالبراعة في فن الخطابة تؤهله للتنافس في منابر الحرم المكي الشريف، كما أنه يتصف بطيب المعشر على الصعيد الاجتماعي، غير أن هذا كله لا يشفع له ليصبح قائدا سياسيا، يقود أمته نحو الخروج من عنق الزجاجة إلى فضاء الحرية والكرامة، وذلك لسبب بسيط، هو عدم إلمامه بطبيعة الصراع السياسي والثقافي والاجتماعي في الساحة الارترية ماضيا وحاضرا ، يعود ذلك جزئيا إلى حالة العناد السلبي والغيبوبة السياسية التي دخلت فيها قيادة حزب المؤتمر الاسلامي منذ أن وجدت نفسها خارج المعادلة عقب انشقاقها عن حركة الإصلاح، يجدر بالذكر هنا، أن السيد سلمان كان يتمتع  بحظوة جماهيرية في أوساط حركة الإصلاح نظرا لإمكاناته الخطابية ، غير أن هذه الحظوة تبخرت بخروجه عن “الجماعة” حسب قول الإسلاميين، وبالنتيجة فقدت قيادة حزب المؤتمر الاسلامي البوصلة السياسية وأخذت تتخبط  بين خيارات وتيارات ليست مؤهلة للسباحة وسط أمواجها،  أولى الخطوات التي استخذها حزب المؤتمر هي إعلانه التخلي عن الكفاح المسلح أو الجهاد المسلح ، حيث أعلن أنه نادم على حمل السلاح في السابق، إنني أطالب السيد حسن سلمان أن يأتي بمثال واحد  على شعب سلبت أرضه وطرد منها عنوة ثم استعادها بتقبيل أيدي غاصبيه ، مثال واحد فقط .

فيما يلى أورد بعض المقتطفات من وثيقة سرية داخلية (تحت عنوان: ورقة أولية في الحوار)  يتم تداولها في الاوساط القيادية لحزب المؤتمر الاسلامي تؤكد الضبابية في الرؤي والسطحية في التحليل ومن ثم التخبط الانتهازي في المواقف ، لأن الواجب الاعلامي يحتم علي إطلاع القراء لاسيما قواعد حزب المؤتمر على المسلك الخطير الذي تسير عليه قيادتهم لوضع الكوابح واتخاذ الإحتياطات اللازمة قبل فوات الآوان، صدرت هذه الوثيقة عن قيادة حزب المؤتمر الإسلامي قبل عام او يزيد تقريبا ( لأنها لا تحمل تاريخ صدور)، وأحتفظ لنفسي بحق عدم الإفصاح عن المصدر الذي تكرم علي إطلاعي على هذه الوثيقة، فقط أشير إلى أن المصدر هو عضو غاضب من أعضاء حزب المؤتمر الاسلامي.

قبل ذلك لا بد من التذكير ببعض المفاهيم التي يمكن الإسترشاد بها لفهم طبيعة الصراع بين مكونات المجتمع الأرتري ومن ثم إدراك  خطورة الخطوة التي يقدم عليها حزب المؤتمر بقيادة حسن سلمان ، فالكيان الأرتري ، رضينا أم أبينا ، هو نتاج لرباط قسري بين مكونين كبيرين ينتمان إلى حضارتين مختلفتين بل ومتناقضتين ، شاءت الأقدار الجغرافية أن يلتقيا فوق الأرض الأرترية التي تمثل رأس الحربة أو خط التماس بين حضارتين ،هما الحضارة الحبشية الأكسومية، والحضارة العربية الإسلامية، الحضارة الحبشية ممثلة في قومية التجرينيا التي يولي أفرادها وجوههم جنوبا نحو الحضارة الأكسومية وأباطرتها كمصدر للإلهام ، بينما يولي أفراد المكون الآخر المتمثل في المسلمين ، وجوههم صوب المجتمعات العربية شمالا وشرقا ويعتبرون وجودهم إمتدادا طبيعيا للحضارة العربية الإسلامية،  والواقع  أن هذين المكونين الحضاريين متجذران في عمق الأرض الأرترية ، ولا يمكن بأي حال من الأحوال إقصاء أحد هذين المكونين أو  لي  ذراعه وإخضاعه أو محاولة تذويبه.   ويعتبر القفز على هذه الحقائق وإنكارها، مضيعة للوقت بل عبثا سياسيا وغبائا اجتماعيا سوف يؤدي  حتما إلى تحطم الجرة الثمينة التي نطلق عليها إسم “إريتريا” ويطلقون عليها اسم ” إرترا”  المحرف الغريب الذي استلهموه من الأمحرا الإثيوبيين. طال الزمن أم قصر، المطلوب هو الإعتراف بوجود  هذا التمايز الحضاري والتعامل معه وفق عقلية جماعية واعية تتسم بالنضج الإجتماعي والاعتراف المتبادل وبعد النظر السياسي، لكن للأسف، مع من نقرء يس، كما يقول المثل السوداني،  دعونا نلتفت قليلا إلى تأريخنا السياسي في فترة نضالنا التحرري وحتى اليوم ،سنجد أن هناك طرفان في معادلة الصراع او التعايش، طرف يستخدم الوحدة الوطنية وسيلة من وسائل الإبتزاز للطرف الآخر  وقناعا يتستر خلفه بهدف السطو على الطرف الآخر وسرقة حقوقه والتغول على خصوصياته الثقافية والحقوقية، ذلكم هو الطرف الذي ينتمي إلى حضارة أكسوم الحبشية الذي تمثله المجموعة العرقية “تجرينيا”، بينما الطرف الآخر الذي يمثل الثقافة العربية الإسلامية  يتحمل دفع ضريبة هذه الوحدة الوطنية على حساب وجوده، فتحت سقف هذه الوحدة الوطنية تقضم أراضيه و تنتهك حرماته وتتعرض ثقافته للطمس والإلغاء ، وعندما يصرخ ” أين حقوقي” تلصق به  تلقائيا تهمة جاهزة هي تهمة “تهديد الوحدة الوطنية” ، انتظرو قليلا، فسوف يأتي اليوم الذي يصيح فيه الطرف المضطَّهَد والمظلوم  ” فالتذهب وحدتكم الوطنية إلى الجحيم ” ما دمتم تستخدمونها سلاحا لترويضي وسلب حقوقي، ومثل جنوب السودان ليس منا ببعيد، حيث ظل الجنوبيون يطالبون بحقوقهم الوطنية ضمن السودان الواحد الموحد ، لكن قادة شمال السودان تجاهلو هذه المطالب العادلة وتعاملو معها بمنتهى التجاهل والإزدراء ، وأغلقو أسماعهم في وجه صرخات الجنوب، ولكننا نجدهم اليوم  يتباكون ويتغنون على وحدة أضاعوها بصلفهم وغبائهم السياسي ، ولكن بعد فوات الأوان.

بعض السياسيين الارتريين  يعولون على وقائع التاريخ الارتري الذي تخلو تفاصيله تقريبا من أي صدام دموي بين هذين المكونين، هؤلاء لا يدركون أن  الأسباب وراء خلو تاريخنا من الصدام الدموي لا تعود إطلاقا إلى تسامح أجدادنا وحكمتهم ، وإنما لأن كل من هذين المكونين كان يعيش ويتحرك ضمن حدوده الجغرافية المعروفة تاريخيا، نعم  كانت هناك محاولات اختراق متكررة هنا وهناك،  تمثلت أغلبها في حملات لصوص البهائم  وقطاع الطرق ( الشفته) التي لم تكن تتعدى  نتائجها بعض المواجهات المسلحة المحدودة وكانت تنتهي بانتهاء مسبباتها،  اليوم تغير المشهد ، حيث نجد أن المكونين يقفان على حلقوم بعضهما ، وذلك بسبب الهجرة الجماعية المنظمة التي تواصلت منذ عهد هيلي سلاسي الذي جلب مجموعات مقدرة من قومية التجرنيا وقام بتوطينهم في المنخفضات الأرترية ثم تلا ذلك سيل الهجرات الجماعية والفردية من قومية التجرينيا التي قامت الجبهة الشعبية بحمايتها وتنظيمها ، وما ترتب على ذلك من ضيق الأرض بأصحابها الحقيقيين بعد الترنح تحت الضربات التجراوية المتتالية والمنظمة ومن ثم هجرتهم إلى خارج الأرض الأرترية حيث يتجرعون كؤوس الذل والهوان في المنافي والملاجئ.

وبالعودة إلى وثيقة حسن سلمان، أورد منها ما يلي:

” ايجاد شبكة من التحالفات الفاعلة والمؤثرة بهدف تقوية الوضع التنافسي للمؤتمر في المعادلة السياسية الإرترية الآنية و المستقبلية” .

ان الفقرة اعلاه تؤكد بان منطلق حسن سلمان في علاقاته وتحالفاته مع الآخر ليس هو الهم العام لشعبه ولقواعده بل “بهدف تقوية الوضع التنافسي للمؤتمر (الاسلامي) في المعادلة السياسية الإرترية الآنية و المستقبلية” انه بلا شك منطلق انتهازي بحت، يجعل الحزب وطموحات قيادته الهدف لبناء التحالفات وليس قضية الشعب والامة ناهيك عن المبادئ والقيم التي يحملها اسم التنظيم .

ان الوثيقة تكشف بجلاء عقلية الاستلاب والاستسلام والاعجاب الشديد بحزب الشعب وقراءة خاطئة لقدراته ، تقول الوثيقة  فيما يتعلق بحزب الشعب والحزب الديمقراطي والتي تطلق عليهما “جبهة الحزبين (لم يتكون حزب الشعب الديمقراطي بمكوناته الثلاثية حين كتابة وتبني الوثيقة):

جبهة الحزبين:

تتألف من الحزب الديمقراطي ، وحزب الشعب وهي عبارة عن خليط بين تجربتي جبهتي ( التحرير

والشعبية) وهي جبهة ذات ثقل في إطار جغرافي واجتماعي مهم ومؤثر وتمتاز بإمساك خيوط

مهمة داخلية وخارجية ، وتجانس كبير على مستوى الرؤية والمواقف ، ويتوقع أن تكون أساس

لتحالف كبير مدعوم بشبكة واسعة من منظمات المجتمع المدني ، وأن يكون لها تفوق على

مثيلاتها من الجبهات الأخرى:

وتقول الوثيقة أيضا:

“جبهة الحزبين: العمل ضمن هذه الجبهة يحمل قدرا كبيرا من الجرءة ، والاقدام نحو محاولة الخروج من المألوف ، والإجابات الجامدة ، والمسلمات المتحجرة ، والأنساق المطلقة ، وجبهة الحزبين تمثل حالة سياسية وتنظيمية معتبرة ، ويتوقع أن تلعب دورا أساسيا في حاضر ارتريا السياسي ومستقبلها”

وتقول الوثيقة أيضا:

“جبهة الحزبين: بحسابات آنية ، ومنظور قريب فإن العمل تحت ظلال جبهة المسلمين هي الأقرب للمؤتمر ، إلا أن العبرة استراتيجيا بالنظرة البعيدة وليس بالنتائج القريبة ، والتي تميل لصالح جبهة الحزبين”

العبرة الاستراتيجية عند السيد سلمان هي” بالنظرة البعيدة” وليس “بالنتائج القريبة” أي نظرة بعيدة هذه!! هل النظرة البعيدة هي بالوقوف على أرضية ثابتة وبالاعتماد على القاعدة الجماهيرية وتوظيف وتقوية إمكانياتها الذاتية للوصول بها إلى الهدف الاستراتيجي، ام هي بالهلع والخوف من الآخر والمساومة بمستقبل ومصالح الامة وعرضها للبيع لمن يدفع أكثر، بدعوى أن الموازين تميل لصالح جبهة الحزبين   كما يتوهم السيد سلمان؟

هذه هي القناعة التي تجعل السيد سلمان وحزبه يتهافتان وراء حزب الشعب ففي رايهم انه يمثل حالة سياسية وتنظيمية معتبرة ، ويتوقع أن تلعب دورا أساسيا في حاضر ارتريا السياسي ومستقبلها، وعليه كل من يريد تقوية وضعه التنافسي في المعادلة السياسية الإرترية الآنية و المستقبلية  تقديم ولائه وطاعته لحزب الشعب والتمسك بتلابيبه ليحمله معه الي حيث السلطة والجاه ايضا، ربما يعتقد السيد حسن سلمان بأنه اكتشف مصطلحات جديدة في عالم السياسة الارترية لكن أي مراقب متوسط الذكاء يدرك بأن هذه المسوغات والتبريرات من قبيل ” الخروج من المألوف” و “المسلمات المتحجرة ، والأنساق المطلقة ” هي تقريبا نفس الدعاوى والتبريرات التي أطلقتها قديما مجموعة رمضان محمد نور والامين محمد سعيد لتبرير تحالفهم مع الأحباش المتعصبين بقيادة أسياس أفورقي وانغمسو تحت هذه التبريرات في حرب شعواء ضد أهلهم وقام اسياس بتسخيرهم لخدمة أهدافه القومية، فاين الاخ حسن سلمان من هذه التجارب التاريخية ، وهل نلدغ من نفس الجحر مرتين؟

اما نظرته الي المسلمين وتنظيماتهم فهي تعكس عدم ثقة حسن سلمان بامته واهله حيث تقول الوثيقة:

جبهة الأربعة :(المقصود جبهة التضامن كما توضح الوثيقة):

“وهي عبارة عن تحالف بين تجربتي ( تجربة جبهة التحرير ، والحركة الإسلامية ) وتضم في

مكوناتها جبهة التحرير الإرترية، والحركة الفدرالية، والحزب الإسلامي وحركة الإصلاح.

وهي جبهة متحالفة بمعالم غير واضحة الرؤية ،  يغلب على نهجها السياسي التعامل بردود الأفعال

، والتردد واستنساخ الماضي والعيش في تداعياته وأثاره ، وكذلك بالتعاظم على الآخرين بالقول

والفعل ، والظهور بمظهر الاستاذية ، واتصفت تجربتها التحالفية ( مع طولها نسبيا) بضعف شديد

في انتاج المؤسسات الحية والمنتجة”

وتضيف الوثيقة:

“قيام الجبهة على الاسس التي يبشر بها الآن ( تجمع المسلمين) هو مزيد من تكريس لواقع

التجزئة والاستقطابات”

إنه موقف واضح يتحامل علي جبهة التضامن ويضع مبررات لرفضها والوقوف مع من يعاديها

وينكر عليها حقها ، انه موقف انتهازي وصولي ينتهجه السيد سلمان وحزبه.

ولنري ماهي المكاسب التي يريد المؤتمر الاسلامي وقائده السيد سلمان تحقيقها من التحالف مع حزب الشعب دون غيره من التنظيمات والاحزاب. تلخص الوثيقة الايجابيات والمكاسب التي يمكن أن يحصل عليها المؤتمر الاسلامي من خلال تحالفه مع جبهة الحزبين (حزب الشعب) كالآتي وأذكر منها:

* تمثل مدخلا هاما لبوابات ما زالت تحتكر المفاتيح الأساسية في حل مشكلات المنطقة عموما والارترية خصوصا.

*  ستتيح للمؤتمر العمل مع تجربة مغايرة ومختلفة كليا عن التجارب التي عمل معها مما تثري تجربته وتغنيها ( تجربة الجبهة الشعبية) .

* ستكون مجالا مهما لاختيار مبادئ واصدقاء وعلاقات جديدة.

*  سيجد قبولا وسط منظمات المجتمع المدني والمستقلين والأكاديميين

في المصلحة الاولي يري المؤتمر بأن البوابات التي تملك مفاتيح الحل في المنطقة هي بيد حزب الشعب وحده وتحالف المؤتمر مع حزب الشعب سيفتح له ابواب امريكا واروبا كشريك تابع لحزب الشعب وهذا ما يعتقد انه يحسن وضعه التنافسي في حاضر ارتريا ومستقبلها، ولكن يا تري من قال بان بوابات امريكا واروبا هي حكر علي حزب الشعب وحده؟ واذا كانت هذه البوابات هي التي تملك مفاتيح الحل فلماذا يملكها حزب الشعب لحسن سلمان ؟  وهل القائد العاقل المرتبط بقضايا شعبه والممتثل لطموحات امته وقضاياها هو من يحاول ان يقلب المعادلة وينتزع تلك المفاتيح ويدخل من هذه البوبات بنفسه ولصالح مشروعه، ام يدخلها  متسلقا ومتعلقا بذيل قاطرة حزب الشعب ولخدمة اهداف ومشاريع حزب الشعب المعروف بشوفينيته وتعصبه القومي؟

في المصلحة الثانية يري السيد سلمان بان تجربة الجبهة الشعبية هي مثال يحتذي به ويتطلع الي اثراء تجربته من مناهلها التي أذاقت شعبنا الامرين، كما ان في رأيه هذا تلميحا ضمنيا الي تنكره لتجربته السياسية التي يريد ان يتنصل منها وينفض يديه عنها.

وفيما يتعلق بالمصلحة الثالثة نتسائل عن المبادئ الجديدة التي يسعي لاعتناقها ، هل هي مبادئ حزب الشعب ام مبادئ الجبهة الشعبية؟ – ان كان هناك فرق بين الاثنان اصلا – وعن ماهية الاصدقاء الجدد الذين يطمح الي التقرب منهم والتمسح بهم ، وفوق كل هذا وذاك ما هو الثمن الذي سيدفعه مقابل كسب تلك الصداقات الجديدة؟ هل يا تري الثمن هو شن حرب علي اهله والتنكر لحقوقهم والاصطفاف ضدهم  والتطبيل للمشاريع المعادية لهم ؟ وهل يعقل ان تكتسب الصداقات السياسية بدون ثمن؟

اما المصلحة الرابعة التي يحاول السيد سلمان من خلالها خداع ورشوة قواعد حزبه والإلتفاف عليها ، هي أن خطوته للإلتحام بحزب الشعب سوف تحظى بمباركة منظمات المجتمع المدني والأكاديميين، ومعلوم سلفا أن لحزب الشعب منظمة مدنية واحدة يتيمة هي “منظمة سدري” التي تأتمر بأوامر ولديسوس عمار، ومن الطبيعي جدا أن تصفق سدري لحسن سلمان إن هو أبدى رغبة للإستسلام النهائي بتسويق اسمه لتجميل المشروع الطائفي لحزب الشعب. ومعلوم أيضا أن بقية منظمات المجتمع المدني التي تحترم نفسها قد ركلت دعوات حزب الشعب وشاركت بفعالية في ملتقي الحوار الوطني الذي حاول السيد حسن سلمان عبثا تسويق نفسه فيه.

تقول الوثيقة في موقف آخر  حول “جبهة الإسلامين” التي تعرفها الوثيقة بأنها تتمثل في تنظيمي الحزب الإسلامي، وحركة الإصلاح:

جبهة الإسلاميين :

من حيث الشكل فهي الأقرب على التفاهم والتعاون والتماسك فيما بينها باعتبار ما يتوافر لها من عوامل التكاتف والتحابب والتوادد، والتي قد لا تتوافر لغيرها ، وبحكم وجود مشتركات عديدة ( في المبادئ والمنطلقات والأهداف) تصل احيانا حد التطابق والتماثل، إلا أنه من حيث المضمون فإن واقع الحال يكشف أن الجبهة حاليا في حالة مرضية واستثنائية ، وهي غير مهيئة نفسيا واجتماعيا لجمع الكلمة ووحدة الصف ، فالتصرفات والاقوال والأفعال ما زالت تؤكد بوضوح على هيمنةعقلية الإلغاء والإقصاء والغلبة والعزل ، حتى وإن أبدت اهتماما وحرصا على الحوار والتقارب فهي للكسب السياسي الرخيص سرعان ما تلبث ان تقع في التناقض عند الممارسة العملية.

حسن سلمان هو الابن العاق للحركة الاسلامية وصنيعتها ، وما يبدو منه تجاهها الآن ما هو الا جلد الذات الذي يتبدى في أنصع صوره في الفقرة أعلاه ، كما تتبدى سياسة لوم الضحية تمهيدا للانقضاض عليها، وهي سياسة درجت المواقع الالكترونية التي تسيل صفحاتها تعصبا وحقدا على مسلمي إرتريا مثل موقع مسكرم وحرنت وموقعي دهاي وشابايت، التي لا تستحي من اتهام اللاجئين الأرتريين في السودان بأنهم يمارسون الإقصاء على غيرهم، وهم في الواقع ليسو إلا ضحايا لسياسة الإقصاء والطرد والتهميش التي ما رستها عليهم الجبهة الشعبية ، أما حزب الشعب فهو في مرحلة إجراء التمارين لممارسة الإقصاء والتشويه على أهلنا مستقبلا، ولن يتمكن حزب الشعب أو غيره من ممارسة الأقصاء على المسلمين وإضعافهم إلا عن طريق تسخير حسن سلمان وأمثاله بتمهيد الطريق لهم بلوم الضحية وإثبات تهمة” الإلغاء والإقصاء والغلبة والعزل” عليهم.

وفي موقف آخر تقول الوثيقة:

” مهم جدا ان يتأنى المؤتمر وألا يتعجل من اعطاء الموافقة لهذا الطرف أو ذاك”

وفي هذه الفقرة  موقف المؤتمر الاسلامي هو أشبه بموقف الفتاة التي تتخيل أن كل شاب مر بالقرب من دارها سوف يأتي لخطبتها وتقوم بإجراء المقارنات بينهم في مخيلتها ولا تعطي الموافقة إلا لمن ترى فيه الاستعداد والإمكانات المالية للفوز بها.

من ضمن المبررات التي ساقتها وثيقة حسن سلمان للإبتعاد عن رفقائه القدامى أو أعدائه الجدد ” الاسلاميين” تقول الوثيقة:

”  انعدام شروط الوحدة الأساسية (بين الاسلاميين) على رأسها سلامة  وصفاء القلوب ، فما زالت الصدور مريضة ، والقلوب عليلة، والبصائر محجوبة”.

إذا كان صدر السيد حسن سلمان مريضا وقلبه عليلا وبصيرته محجوبة فما علينا إلا أن ندعو له بالشفاء العاجل ولكننا في المقابل لن نعذره في بحثه عن أعداء أمته للإرتماء في أحضانهم والتحالف معهم لضرب أهله من الخلف وعرض مصالحهم للبيع في المزاد العلني بهذه الطريقة الفجة.

هناك خيط رفيع بين المساومة لنيل وتأكيد الحقوق المنطلقة من موقف القوة وبين المساومة لبيع الحق العام والمزايدة لمن يدفع أكثر وهنا تكمن مشكلة حزب المؤتمر في هذه الوثيقة إذ أنه لا يبحث عن اتفاق جنتلمان للتأكيد على الحقوق واسترجاع ما اغتصب منها وإنما ينطلق من موقف ضعف باحثا عن موطئ قدم لنفسه بأي ثمن، وهذا الموقف يعتبر نوعا من أنواع الضياع الفكري والتيه السياسي والاجتماعي الذي سوف يجر التنظيم حتما إلى طريق الهاوية  وتقديم التنازلات المجانية للطرف التجراوي الحبشي المعادي، على حساب مصالح أمة طالما عٌرضت مصالحها للمساومة والبيع بأرخص الأثمان من قبل ضعاف النفوس من أبنائها،

فهنيئا لقادة التجراي في إرتريا الذين يحسدهم كل مراقب على براعتهم المطلقة في إجادتهم لعبة استخدام ” المغفل النافع” التي  من خلالها زرعوا في أوساطنا من يستميت في الدفاع عن مصالحهم وثقافتهم وطموحاتهم القومية، تارة بإسم الوحدة الوطنية وتارات أخرى بجلد الذات، و بذريعة أننا ضعفاء وليس في إمكاننا إحداث التغيير إلا من خلال التعلق بذيل قطار القومية التجرينية التي تمتلك مفاتيح التغيير دون غيرها.

من خلال ما سبق نلاحظ أن حزب المؤتمر بقيادة السيد حسن سلمان يترنح في خانة الأعراف بين الإنزلاق في أوحال التردي بالإرتماء في أحضان حزب الشعب الذي يتهيأ لاستلام راية التعصب من نظام  الجبهة الشعبية والإنقضاض على مصالح المسلمين واحتكار السلطة في يد القومية التجراوية وإخراج سكان المنخفضات من أرضهم وطرد من تبقى منهم إلى السودان ، وبين الوقوف على قديمه ومواجهة التحديات الوجودية الخطيرة التي يواجهها سكان المنخفضات خاصة وامة محمد عموما من خلال العودة إلى صفوف شعبه  وتبني قضاياهم في الوجود والمساوات والعمل من خلال ذلك على  تقوية مواقف شعبه وإصلاح ما يراه من اختلالات سياسية واجتماعية يمكن التغلب عليها بالتعاون والتحالف مع أهله وليس بالمساومة وعرض اسمه للبيع في مزادات سياسية أثبتت التجارب التاريخية خيبتها وإضرارها بمصالح شعبنا وإعاقة تقدمه في سبيل تحقيق أحلامه المشروعة فوق أرضه، وعلى قواعد حزب المؤتمر التعامل مع هذا الوضع ووضع حد له قبل أن يطل عليهم حسن سلمان من نفس الشرفة التي أطلت منها علينا شلة رمضان محمد نور وعبد القادر حمدان وأشباههم ممن تنازلو عن حقوق أمتهم طمعا وحقدا، الأمر الأشد غرابة في هذه المعادلة هو أن حزب الشعب يعلن مرارا من خلال أدبياته بأنه لن يتعامل مع التنظيمات الدينية والقومية ولكنه يجلس سرا مع تنظيم المؤتمر الإسلامي، فهل تنازل حسن سلمان عن إسلاميه ؟ هذا السؤال سوف تجيب عليه الأيام وما علينا سوى الترقب والمتابعة ،من هنا أقول للاخ حسن سلمان ، لقد صام  شعبنا طويلا وصبر صبر أيوب فلا تكن سببا في إفطاره على البصلة التي يغليها له حزب الشعب القومي المتعصب.

محمد صالح إبرهيم

للتعليق والمراسلة

ibrahimmsaleh@gmail.com

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=9549

نشرت بواسطة في أكتوبر 17 2010 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010