حضر الاستقلال في موعده وغاب كالعادة عن الاحتفال مفهوم الوطن والمواطنة حتى إشعار آخر
يمر عيد الاستقلال هذا العام عبر عدّة بوابة للتفاؤل على حسب رؤوية هذه القراءة …
البوابة الاولى للتفاؤل – خرجت الجالية الارتيريا في ملبورن من حالة السكون والقطيعة الطويلة ..ودخلت الي مرحلة النشاط من أوسع الأبواب .. وضمن هذه الروح ،روح النشاط ، احتفلت الجالية الارتيريابعيدالاستقلال..
كان الاحتفال رائع من حيث التنظيم والأداء .. وبدأ اليوم كمدخل بمعرض التراث الشعبي ويحتوي المعرض كل الأدوات و استخدامات الانسان الارتيري في حياته اليومية ..وكذلك كان هناك ركن مخصص لابداعات الفنان الارتيري التشكيلي -مكيئل ادوناي ..التي تغطي ريشة إبداعه من ايام النضال في الساحل حتى اخر معانات الانسان الارتيري في لامبيدوزا..وفي المساء تم عرض أزياء تراثية تمثل فلكلور الشعب الارتيري من قبل أبناء الجالية ..وادهش هذا الاستعراض الجميل الحضور…
البوابة الثاني- انتشار وعي المعارضة ضد النظام بمعنى اخر ،اتساع مساحة العمل المعارض ،السياسي ،والمدني ، والإعلامي .. على حساب مساحة نشاط النظام الارتيري… ونتيجة زحف الوعي المقاوم ضد آلة الطغيان ..بدأت تضيق الحلقة وهذا العام كانت اكثر ضيقا..صحيح هناك مأخذ على المعارضة لانها لم تنتقل من خطاب التنظير الي الفعل على الارض.. وبرغم من تلك المآخذ على المعارضة ،هناك دور مهم وأساسي لا يمكن تجاهله وهو دور توسيع دئرة وعي الفعل المعارض على الارض …الذي اخترق جدار الصمت المحصن بأيديولوجية نظام الجبهة الشعبية.. وبدا يكشف هذا الوعي تعري النظام ذاتيا وموضوعيا ..وهذا بدوره ساهم في اتساع دور المعارضة..
البوابة الثالث- خرج خطاب اسياس هذا العام عن خطابه المألوف لغويا وفلسفيا ..الذي كان يٌحدث في السابق زوبعة لغوية من خلال ادخال مصطلحات جديدة الي لغة التجرنيه – عولمة ،قرصنة …الخ. وفلسفيا كان يشغل به الناس من خلال تحليل اقتصادي واجتماعي وسياسي للوضع الدولي.. وكأنه خبير اقتصادي وسياسي دولي .. ناسيا او متناسيا نفسه بانه رئيس أفقر و افشل دولة سياسيا واقتصاديا.. انه هروب منظم عبر سلوك نرجسي.. اما خطاب هذا العام دخل الي لغة قاموس سياسي جديد .. من خلال استخدام مصطلح كتابة الدستور وكانت زوبعة سياسية من نوع اخر بامتياز ، وهذه الزوبعة .. البعض قرأها : ان هذا الاستخدام لعبارة الدستور بانه شراء للوقت ، ومجرد استهلاك مجاني ..لان اسياس لايؤمن بمفاهيم نظرية الشراكة وتداول السلطة ولا بمفاهيم ( الحرية ، والديمقراطية)..يرى في نفسه الحكمة، وعبر هذه الحكمة يصحح اعوجاج البلاد الاجتماعي والسياسي .. ووفق هذا الفهم لا تحتاج البلاد الي دستور، هو دستورها وحارسها الأمين ..
والبعض الاخر اعتبر ان ورود عبارة الدستور في خطاب هذا العام هي هدية لاتباعه ،كمفتاح للخروج من الزنقه وممارسة النقاش التبريري في الشارع السياسي الارتيري .. وأيضاً هذا يعتبر غياب اخر عن الواقعية السياسية .. لان الشارع السياسي الارتيري العام تجاوز بوعيه النظام السياسي الارتيري واتباعه المتكلسين.. فأي هديه سياسي ناقصة أو غامضة لا تناسب الوضع السياسي القائم ..
الوضع يحتاج الي انقلاب جذري اقتصادي وسياسي.. لان الإصلاح لا يناسب الوضع السياسي القائم في ارتيريا..الوضع السياسي في ارتيريا قائم على سياسة الفرد.. السلطة فرد..المؤسسة فرد..القرار فردي، الحزب فرد ..الخ.. إذن الإصلاح يتم دائماً في جسم سياسي واقتصادي واجتماعي واضح الملامح..حزب.. او سلطة سياسية ذو مرجعية مؤسساتية ..الخ. وخلاف ذلك يجب هدم البنية السياسية والاقتصادية وبناء نظام جديد على أنقاضه ..يناسب شروط الانسان الارتيري الثقافية والتاريخية..
في الختام نقول البلاد الا تحتاج الي وعود وشعارات ..تحتاج الي مواجه وجه لوجه مع الإشكالية ،وكذلك معالجة شجاعة وحقيقية للقضايا الاجتماعية والسياسية.. حتى تعود السلطة الي أهلها (الشعب )وإنهاء عصر الوصاية وعلاقة التسلط والرضوخ السياسي والاجتماعي..اما البالونات التي أطلقها اسياس في الاحتفال الأخير بخصوص البلاد ..قائلا : نحن استفيدنا من التجارب السابقة وضمن هذا السياق تحدث عن الدستور دون اي تفصيل .. هذه الرسالة مرسلة من الذات الي الذات .. وبتالي : لا معنى لها..
وإذا كان هناك معنى أو دلالة،المعنى الوحيد للرسالة هو: مزيدا من علاقة الرضوخ والاذلال ..وبتالي لا يوجد خيار اخر غير المقاومة … يجب على الانسان الارتيري ان يقاوم بكل الوسائل سلطة السيطرة المفروضة عليه من خلال لغة العنف ..حتى يتمكن من بناء العلاقة الصحيحة بين الشعب والسلطة ،علاقة مبنية على تعاقد ، بعيدا عن علاقة التبعية والرضوخ…
محمد اسماعيل هنقلا
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=30719
نشرت بواسطة فرجت
في يونيو 7 2014 في صفحة المنبر الحر.
يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0.
باب التعليقات والاقتفاء مقفول
أحدث النعليقات