حوارعبر الإميل مع شريك في الوطن
علي عافه إدريس ـ الدوحة
بعد أن نشر مقالي(إضاءات على وثيقة العهد الأرتري) وصلتني سبعة رسائل عبر الإميل من إخوة أفاضل ،الخمسة منهم إخوة مسلمين شاركني مرسليها الرأي فيما ذهبت إليه من آراء بشأن ماجاء في الوثيقة وهي في الحقيقة رسائل جميلة قمت بالرد على مرسليها ساعة قراءتي لها أما السادسة والسابعة فقد كانتا من أخوين مسيحيين لم إستطيع الرد عليهما بسرعة أولاً لأن رسالتيهما كتبتا باللغة الإنجليزية فخشيت أن لا أكون قد فهمتهما بصورة صحيحة لهذا رأيت أن أستعين بمن هو أكثر إجادة للغة الإنجليزية مني ، وثانياً أنهما تناولا بالانتقاد بعض ما جاء بالمقال وهذا بدوره تطلب مني التأني، وقد رديت على كليهما بعد يومين أو ثلاثة على الأكثر ، وأنا هنا سأتجاهل ما ورد في الرسالة الأولى لسبب بسيط وهو أن ما ورد فيها من إنتقادات ومناقشات قد تضمنته الرسالة الثانية وزادت عليه ، وقد وصلتني الأولى عبر موقع عواتي حيث لم أكن قد نشرت أميلي في النسخة الإنجليزية من المقال أما الثانية فقد أرسلت مباشرة لي وأنا هنا سأورد كل الأفكار التي ناقشتها الرسالة بعد أن حددتها في نقاط ثم سأتبع ذلك بردي عليه وقد قصدت من مقالي هذا الأتي :
- لقد تعودنا نحن المسلمين في المواقع الأرترية العربية في الأنترنيت أن نناقش بعضنا ، أحدنا يهاجم والآخر يدافع وقد فكرت بأن القي الضوء على طريقة تفكير نموذج من نماذج شركاءنا.
- نموذج الشريك الذي سأناقش أفكاره وانتقاداته هو الأفضل والأخطر في نفس الوقت من بين شركاءنا وهو على النقيض من نموذج جي آندي فهو يناقش ويأخذ بإدعاءاتنا تحت مبرر أفكار تستحق المناقشة لكن هدفه الأساسي المراوغة وكسب الوقت لإيجاد الحيل فيقبل المظالم تارة ويراوغ تارة أخرى.
هذا ما ورد في رسالته :
بعد التحية والشكر للجهد الكبير الذي بذلته في المقال وقد رأيت أن ألخص لك ملاحظاتي على النحو الأتي :
– بعد قراءتي لأجزاء من الملاحظات التي سميتها وثيقة أتضح لي أن مقالك كان انتقائيا لأنه تناول أجزاء معينة قصدت أن تضخمها .
– نفس القوائم التي لخصتها أنت أنا قرأتها بشكل سريع فأتضح لي أن المرأة غير ممثلة وكذلك القوميات مع هذا إقتصر تحليلك على أعداد المسلمين .
– لم أرى ما رأيت في أعداد المسيحيين والمسلمين فعند أسياس المسلم ليس مسلم والمسيحي ليس مسيحي إنما المعيار المستخدم هنا الإنتساب للجبهة الشعبية ، فهؤلاء ليس كما رأيت أنت مسلميين ومسيحيين ، هؤلاء جبهة شعبية .
– لقد تحدثت عن المظالم في صفوف المسلمين وكأن المظالم مقتصرة عليهم دون إخوتهم المسيحيين .
– ما هو المطلوب منا نحن كمسيحيين ارتريين .
نص ردي عليه:
لقد قرأت رسالتك وأنا أشكرك عليها كثيراً .
أما بشأن ما ورد في رسالتك وتناولته بالنقاش فإجاباتي عنه هي كالأتي :
1. تسميتك لوثيقة العهد الأرتري بأنها مجرد ملاحظات سوف لن يغير من واقع أنها وثيقة متكاملة ، و كان من المفترض أن تقرأ الوثيقة قبل قراءة مقالي لأنها هي الأساس ومقالي قطرة في بحرها ، والوثيقة قد أوردت معظم المظالم ووصفتها بدقة متناهية ، وهي مظالم حقيقية لا ينكرها إلا أصحاب الأهداف المشبوهة .
2. أنا لم أضخم أي معلومة ، فمقالي هو عبارة عن توضيحات لأجزاء مهمة من وثيقة العهد الأرتري رأيت أن بعض القراء قد لا يجدون الوقت الكافي للتدقيق فيها كما أن البعض قد يجدون صعوبة في فهم بعض أجزاء الوثيقة كالقوائم لأنها تتطلب تركيز عالي لإستيعابها وكذلك قمت بتسليط بعض الضوء على أجزاء لم يتم الإهتمام بها من قبل على نطاق واسع مثل لجنة التراث الوطني وقضية مفتي الديار الأرترية .
3. تحدثت في رسالتك أن المرأة غير ممثلة كما أن هناك قوميات وأقاليم غير ممثلة ومع هذا أقتصر تحليلي على عدد المسلمين والمسيحيين في حكومة أسياس ، وكلامك هنا نظرياً صحيح إلا أنك عملياً تجاهلت حقائق أساسية في هذا المضمار ، وهذه الحقائق هي :
- أنا في إحصائياتي لم أتجاهل المرأة كما تعتقد فقد تضمن عدد المسلمين المرأة المسلمة وكذلك عدد المسيحيين تضمن المرأة المسيحية ، أما القوميات فهي قومية واحدة مقابل ثمانية وكذلك الأقاليم إثنين للمسحيين بالإشتراك مع المسلمين مقابل خمسة للمسلمين مع تواجد قلة قليلة جداً للمسيحيين في أحد الأقاليم الخمسة ، وعلى الرغم من عدم قناعتي بهذه التصنيفات إلا أن النتيجة ستكون أخطر من التي توصلت إليها في مقالي .
- أن ما يسمى بالقوميات ما عدا قومية التجرنية لا وجود لها إلا في وثيقة نحن واهدافنا وفي عقول الذين يؤمنون بها، فالقوميات الثمانية المتبقية هي في أرض الواقع عبارة عن قبائل تم إلباسها ثوب القوميات .
- أن نسبة المسلمين في ما يسمى بالقوميات الثمانية الأخرى هي 99% وبالتالي أن صفة الإسلام هي الصفة السائدة ، والآخرون يدركون تجذر هذه الصفة في هذه القبائل لذا يحاربون هذه الصفة تحت مسميات أخرى بالفكر الثوري تارة و المحافظة على الوحدة الوطنية تارة و حقوق القوميات والأقاليم تارة أخرى.
- من السهولة بمكان تحديد إن كان الموظف مسلم أم مسيحي إلا أن هناك مشكلة تقنية في تحديد إقليم أو قبيلة كل مسلم يشغل وظيفة حكومية لأن أسمه لا يكشف عن قبيلته أو إقليمه أما المسيحيين فهم كتلة واحدة مقابل كتلة المسلمين.
- أن تعامل شركاءنا في الوطن معنا دائماً يستند على الدين أكثر من استناده على الأقاليم أو القوميات ، أما القوميات والأقاليم فهي شعارات ترفع عند الضرورة فقط
4. لقد ذكرت في رسالتك أن الموظفين في الدولة هم أشخاص يدينون بالولاء لأسياس وبالتالي المسيحي ليس مسيحي والمسلم ليس مسلم إنما هم جبهة شعبية ، وأنا هنا سأفترض صحة كلامك وأسألك هل المسلمين في الجبهة الشعبية أقل من المسيحيين بحيث المسيحيين يمثلوا بـ 91% والمسلمين بـ 9% ثم أين القيادات التاريخية للجبهة الشعبية من المسلمين وأين مواطني منطقة الساحل وأبناء إقليم البحر الأحمر الذين تدين لهم الشعبية بكل إنجازاتها، وأين كوادر الجبهة الشعبية من المسلمين ، ولو تجاهلنا جانب موظفي الدولة الذين يتم تمثيلهم بـ 91% للمسحيين ، 9% للمسلمين بإعتبار أن تعيين هؤلاء يخضع لمعايير إرتباطهم بحزب الجبهة الشعبية كما قلت أنت، وسألنا عن مئات المظالم الأخرى مثل وضع العقبات أمام عودة اللاجئين من المسلمين وعن أرضهم التي يتم توطين أهل المرتفعات فيها وعن اللغة العربية التي إختارها مسلمي ارتريا في فجر أول سيادة أرترية وعن كل الإنتهاكات التي تحدث لمسلمي أرتريا ولا تحدث لمسيحيي أرتريا أهي أيضاً خاضعة لمعيار الإلتزام بالجبهة الشعبية .
- أما حديثك أن المسيحيين يتعرضون أيضاً لّم يتعرض له المسلمون ، صحيح أن هناك أيضاً إنتهاكات تحدث للمسيحيين أيضاً في الخمسة سنوات الأخيرة لكنها ليست من نفس النوعية ولا بنفس الدرجة حيث يمكن إدراجها ضمن إنتهاكات حقوق الإنسان الناتجة عن غياب الديمقراطية وهذه أيضاً يتعرض لها المسلم بدرجة أكبر .
6. سألت ما المطلوب منكم : المطلوب أستاذي الفاضل …. لو سألنا عن كل النواحي سنجد أن الإجابة تجسد تعصب أسياس ومن يدعمه ويدافع عنه لقوميتهم ودينهم، والمحزن أن هذه النوعية كثيرة في صفوف شركاءنا من المسيحيين الموجودين مع أسياس أو الذين يعارضونه، والمطلوب منكم إذا كنتم حريصون على الوطن الأرتري والوحدة الوطنية الأتي :
أولاً : الإقرار بالانتهاكات الإقصائية التي حدثت للمسلمين ولازالت تحدث .
ثانياً : رفض الإنتهاكات الإقصائية علناً والتبرؤ منها .
ثالثاً : السعي لفهم مطالب المسلمين وإفهامهم مطالبكم بحيث يتم التوصل للأسس التي يجب أن تبنى عليها الوحدة .
علي عافه إدريس ـ الدوحة
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=2452
أحدث النعليقات