حوار / وزير خارجية جيبوتي شنّ هجوماً عنيفاً على نظام أسمرة وتعاونه مع طهران

يوسف لـ «الراي»: لابد من قوات عربية لحماية باب المندب

القاهرة – من أحمد الطاهري Mah ali yusif
طالب وزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف الدول العربية المطلة على البحر الأحمر بسرعة إرسال قوات بحرية إلى مضيق باب المندب لقطع الطريق على القراصنة من الوصول إلى البحر الأحمر. وكشف، في حواره مع «الراي» في القاهرة، عن تنامي وجود تنظيم «القاعدة» داخل الصومال، وانعكاس ذلك على المنظومة العربية ودولها وشعوبها، لافتاً إلى ما يحدث في اليمن حالياً. وشدد يوسف على أن إريتريا لديها منهج تخريبي في منطقة القرن الأفريقي، ملمحاً إلى التعاون الاستراتيجي والعسكري الذي يربط بين طهران وأسمرة.
وأكد وزير خارجية جيبوتي أن التكامل الأفريقي أنجح كثيراً من التكامل العربي، رغم تواضع الإمكانات الأفريقية، مقارنة بالعربية، مرجعاً ذلك إلى توافر الإرادة السياسية لدى الأفارقة من أجل الاندماج والتكامل. وأعرب عن تقديره للأدوار المصرية البناءة في منطقة القرن الأفريقي.
وإلى نص الحوار…

• خلال زيارتك إلى القاهرة توجهت بمطلب إلى الدول العربية المطلة على البحر الأحمر بإيجاد آلية لمعالجة المسائل الأمنية… فما دوافعك وراء هذا المطلب؟
– أولاً، لابد أن ندرك أن قناة السويس هي منفذ بحري قد يكون الأهم في العالم بالنسبة للتجارة الدولية، وهذا المنفذ البحري له أهميته الاقتصادية والاستراتيجية المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بباب المندب، ومن هذا المنطلق لو أغلق باب المندب انتهت قناة السويس، والقراصنة بدأوا يهددون باب المندب.
• لكن القراصنة لم يصلوا إلى البحر الأحمر؟
– الآن لم تصل عمليات القراصنة إلى البحر الأحمر ولا تزال تقتصر على خليج عدن والمحيط الهندي، ولكن لابد من استباق الأمور، ولابد من أخذ الاحتياطات لكي نمنع عمليات القراصنة من الوصول إلى البحر الأحمر. وهناك دول عربية مطلة على البحر الأحمر مثل: السعودية والسودان ومصر وجيبوتي، فإذا لم توجد آلية لمشاركة تلك الدول في الجهود الدولية لمكافحة القرصنة فسوف نبعد أنفسنا كدول عربية لمعالجة آفات هذه القراصنة.
• وما الآلية التي تقترحها؟
– نحن نقترح في جيبوتي أن تكون هناك آلية، أولاً لوضع استراتيجية مشتركة للدول العربية في كيفية مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة، ثم إن هناك دولاً كثيرة أرسلت قوات بحرية إلى خليج عدن، والمحيط الهندي، فلماذا لا تتفق الدول العربية المطلة على البحر الأحمر على إرسال قوات بحرية عربية!
• نفهم من ذلك أن مقترحكم هو إرسال قوات عربية تؤمن باب المندب وتحمي البحر الأحمر من القراصنة؟
– هذا هو الأساس، ولكن بالطبع هناك مقدمات، وهي: أن نتفق على استراتيجية، وأن نتفق على قوام هذه القوة والسياسة التي ستمكننا من المشاركة في المجهود الدولي ثم وضع الخطوط العريضة لسياستنا العربية في حماية البحر الأحمر وخليج عدن ومكافحة القراصنة، هذا هو المطلب، وإذا ما تحركنا تجاه هذه الأهداف فأستطيع أن أؤكد أننا سنجد أنفسنا في مرحلة نعالج فيها فقط أعراض آثار ونتائج القراصنة في البحر الأحمر.
• منطقة القرن الأفريقي تعد إحدى أهم البقاع الاستراتيجية على الخريطة السياسية العالمية، ولكنها تتسم دوماً بعدم الاستقرار فما سبب ذلك، وما توصيف المشهد الراهن بين أركانه الأربعة: جيبوتي والصومال وإريتريا وإثيوبيا؟
– العلاقات أولاً بين هذه الدول: الصومال وجيبوتي وإثيوبيا علاقات طيبة ما عدا علاقة إريتريا بالدول الثلاث، فلديها مشاكل مع إثيوبيا وتحتل أراضي جيبوتية وتتدخل في الشؤون الداخلية الصومالية من خلال دعم الجماعات الإرهابية وتدريب عناصرها، وإرسال السلاح إلى الصومال. وبالطبع هذا الدور وهذا النطاق الإريتري التخريبي يصعّد ويؤجج الأمور في الصومال ويخلق نوعاً من التوتر بين جيبوتي وإريتريا، وأيضاً يزيد من التوتر بينها وبين إثيوبيا، الأوضاع الأمنية بشكل عام متردية خصوصا في الصومال ومستقرة في جيبوتي وإثيوبيا.
ولكن في الصومال نحن نشعر بقلق كبير لأن النطاق الذي لاحظناه في الآونة الأخيرة للمقاتلين الأجانب وتواجد عناصر تنتمي «للقاعدة»، والأساليب والتقنيات التي تستخدم والتفجيرات والأحزمة الناسفة والانتحاريين. كل تلك الأمور التي عرفت بها «القاعدة» بدأت تظهر على السطح في الصومال، والعمليات الإرهابية التي تشهدها الساحة الصومالية عمليات خطيرة للغاية لأنها تستهدف مقومات المجتمع. وكما ذكرت فإن التخطيط والأسلوب والتقنيات المستخدمة تذكرنا بأساليب وتقنيات «القاعدة» بشكل عام، ثم إن هؤلاء يرفعون علم «القاعدة» ذا اللون الأسود المعروف للجميع، وأيضاً شعاراتهم وتصريحاتهم كلها ولاء لـ «القاعدة» ولأسامة بن لادن. وهم بالطبع يسعون إلى إقامة إمارة أو دولة إسلامية ليس لها حدود، ويصرحون بأنهم سيحررون القدس وسيدعمون إخوانهم الجوبيين وكلام كثير من هذا السياق.
• معنى كلامك أن الصومال أصبحت مركزاً لتنظيم «القاعدة»؟
– عندما أحكم الخناق على العناصر الإرهابية في أفغانستان والعراق بدأت في البحث عن ملجأ وبؤرة أخرى تمارس فيها نشاطها الإرهابي. وفي بداية العام 2009، كان عددهم قليلاً جداً لحين استولت «جماعة الشباب» على مدينة كيثمايو الجنوبية الصومالية، وقتها كان اللافت للنظر ظهور عدد كبير من هؤلاء المقاتلين ببشرتهم وملامحهم غير الصومالية.
كنا نعتقد أن عددهم قليل ولكن اتضح أنهم يتجاوزون المئات وربما الآلاف في بعض المناطق، ويبدو من هذا المشهد أن مركز نشاط الجماعات الإرهابية، سواء كانت «القاعدة» أو غيرها، بدأ ينتقل من الشرق الأوسط إلى القرن الأفريقي لأن الصومال أصبحت الدولة المهيأة لذلك لأن النظام المؤسس غير موجود.
• ولكن الحكومة الصومالية موجودة؟
– الحكومة موجودة، لكن النظام المؤسس من الأمن والشرطة والجيش غير موجود. وتواجد هذه الجماعات في الصومال يثبت هذا.
• وهل ما يحدث في اليمن جاءت انطلاقته الحقيقية من الصومال؟
– ما يحدث في اليمن هو شأن داخلي بالدرجة الأولى… ما يسمى بالحراك الجنوبي أو تمرد الحوثيين شأن داخلي يمني، قد يسهم أو يضيف العامل الصومالي إليه لأن هناك تدفقاً هائلاً للاجئين من بعض الشواطئ الصومالية إلى اليمن.
وبالفعل ضبطت عناصر صومالية ضمن المقاتلين الحوثيين الشهر الماضي في صعدة بشمال اليمن، وقد تكون هناك صلة بين الحوثيين والجماعات الإرهابية في الصومال عن طريق تبادل الأسلحة أو شراء الأسلحة… هذا غير مستبعد، لكن لا نعتقد أن الأزمة الصومالية هي التي سببت الاضطراب في اليمن… هذا غير واقعي.
• أعود إلى القرن الأفريقي وللسلوك الإريتري الذي وصفته بالنطاق التخريبي… ما مصلحة إريتريا في ذلك، وهل يقف وراء هذا النطاق الإريتري التخريبي أطراف خارجية؟
– نحن نعتقد في جيبوتي أن إريتريا لا تزال تعيش في مرحلة الثورية أو النضالية التي عرفت بها قبل الاستقلال، وأن النظام الإريتري عجز عن إحداث نقلة نوعية في الحياة اليومية للشعب الإريتري فدخل في حرب ضروس مع إثيوبيا، وأيضا خاض حرباً مع اليمن بسبب جزر الحنين، وأيضا خاض حرباً مع السودان عندما أقام في أرضه ما سمي بجبهة الشرق، لذا فهذا النظام احترف خلق المشاكل لدول الجوار.
• لماذا؟
– ربما يريد أن يبعد النظر عن مشاكله الداخلية ويلفت أنظار الرأي العام والشعب الإريتري إلى تهديد خارجي كي لا يبدأ الشعب في الاهتمام بأموره الداخلية لأن الحكومة الإريترية عجزت عن التعامل مع المشاكل الاقتصادية والأمنية الداخلية لإريتريا، فاتجهت نحو إثارة البلبلة مع دول الجوار، حتى ينشغل الشعب الإريتري المغلوب على أمره بمشاكل خارجية إقليمية، وهذه استراتيجية مجربة عندما يعجز نظام أو حكومة عن معالجة، أو إيجاد حلول لمشاكلها الداخلية، تبدأ في إلقاء اللوم على دول الجوار.
وبدأت ذلك بحربها مع اليمن، واستمرت في حربها مع إثيوبيا بسبب الحدود، وأيضاً جاءت الآن إلى جيبوتي والصومال والسودان، وكل هذا ليس له أي تفسير عقلاني يستطيع أي مراقب أن يبني عليه أي محاولة فهم لتصرفات هذا النظام.
ونحن في تقديرنا أن السبب الأول والأخير يكمن في فشل الحكومة الإريترية في مساعدة شعبها للوصول إلى مراحل التنمية.
• من يقف خلفها؟
– نحن نعتقد أن النظام الإريتري قد تخلى عن المجهود الاقتصادي والتنموي لبلاده فيخصص ما يتوافر لديه من موارد لشراء الأسلحة والذخيرة لتصدير الفوضى إلى دول الجوار. ولك أن تتصور أنه ليست هناك ميزانية معروفة للحكومة الإريترية، وليست هناك اجتماعات في مجلس الوزراء، وليست هناك انتخابات، وجميع الصحافيين يعتبرهم النظام هناك عملاء لـ«السي آي إيه»، وكل من يعترض على النظام الإريتري في الداخل يعتبر خائناً، وذلك لأنه نظام شمولي ديكتاتوري يشبه كثيراً النظام الثوري الشمالي في غرب آسيا.
• وهل تتهم أطرافاً خارجية بمساعدة إريتريا؟
– نحن نتهم إريتريا أولاً لأنها تستخدم ما يتوافر لديها من إمكانات سواء أسلحة جمعتها بعد الحرب مع إثيوبيا لإثارة البلبلة في دول الجوار واحتلال أراضي جيبوتي، وإذا كان هناك من يدعم إريتريا في الخارج فلا نستطيع أن نثبت ذلك.
• اللاعبون على المسرح الأفريقي معروفون ما بين قوى كبرى تتمثل في الصين وأميركا وفرنسا، وبين أدوار أصيلة كما هي الحال بالنسبة لمصر، وبين أدوار دخيلة ممثلة في إيران وإسرائيل، من يقف خلف إريتريا من هؤلاء؟
– لا أستطيع أن أثبت ذلك، ولكن المؤكد ان إريتريا لها علاقات استراتيجية وعسكرية مع إيران، وهذا معروف، ولا أحد يستطيع أن ينكر ذلك، كما أن إريتريا كانت لها علاقات مع إسرائيل، وكانت هناك سفارة إسرائيلية في أسمرة وسفارة إريترية في تل أبيب. أكثر من ذلك أن الرئيس أفورقي عندما أصيب بوعكة صحية في منتصف التسعينات تم علاجه في إسرائيل.
أما عن سؤالك مَن مِن هذه الدول تمول النشاط الإريتري في القرن الأفريقي؟ بالنسبة لنا في جيبوتي لا نستطيع الرد على هذا السؤال، ولكن نحن نقول إن إريتريا تمول نفسها، وتستخدم تحويلات الجاليات الإريترية في الخارج من خلال الرسوم التي تفرضها على هذه التحويلات في إثارة البلبلة في منطقة القرن الأفريقي.
• بعد أيام تنطلق قمة أفريقية في أديس أبابا كيف تنظرون لها في ضوء الملفات المطروحة على أجندة اجتماعاتها؟
– مشاكل القارة الأفريقية كثيرة، ولكن القارة تقدمت كثيراً في إرسال آليات ومؤسسات قابلة للعمل، والاتحاد الأفريقي تمكن من وضع استراتيجية للدفاع المشترك الأفريقي من خلال ما يسمى بالقوات الأفريقية المتمركزة في خمسة أقاليم.
الاتحاد الأفريقي أسس قواعد الاندماج الاقتصادي والتجاري من خلال المجموعات الاقتصادية الإقليمية الثماني المعروفة، الاتحاد الأفريقي قطع شوطاً لا بأس به في مجال خلق شبكات طرق وسكك حديد وتكنولوجيا المعلومات، وينشط في مكافحة الأمراض المعدية مثل الإيدز… لذا فالاتحاد له إنجازاته، وكل قمة له تضعه خطوة للأمام.
• ما الفارق بين التكامل العربي والتكامل الأفريقي؟
– بصراحة التكامل الأفريقي أنجح من التكامل العربي رغم تواضع الإمكانات في أفريقيا مقارنة بالإمكانات العربية، ورغم التحديات الكثيرة والمتعددة التي تواجه الأفارقة. فالاندماج والتكامل العربي لايزال يراوح مكانه.
• وما السبب في رأيك؟
– لأسباب عديدة تاريخية أولاً، وسياسية ثانياً، وعدم توافر الإرادة السياسية الحقيقية في بعض الحكومات العربية للمضي قدما في هذا التكامل «العربي – العربي»، ورغم المشاكل التي تعاني منها أفريقيا لكن تتوافر لدى الأفارقة الإرادة للتكامل والاندماج.
• العلاقات بين مصر ومنطقة القرن الأفريقي نشأت منذ آلاف الأعوام، وكان الفراعنة أول من أدرك استراتيجية هذه المنطقة، وأنت تعود لبلادك بعد دورة ناجحة للجنة «المصرية – الجيبوتية» بعد توقف دام لأكثر من 12 عاماً… هل يعني ذلك صحوة مصرية تجاة القرن الأفريقي؟
– بالتأكيد مصر تدرك أن لها دوراً تاريخياً في تلك المنطقة، ولديها مصالح حيوية، وبحكم ذلك لا تستطيع أن تصرف النظر عنها أو عما يجري بها، والتاريخ يشهد لمصر أن دورها كان إيجابياً وبناء قبل الاستقلال وبعده، وخاصة في الصومال وجيبوتي، وأسهمت وساعدت جميع الشعوب الأفريقية لنيل حريتها من الاستعمار. ودليل هذا الإدراك المصري ليس فقط النجاح الذي شهدته اللجنة «المصرية – الجيبوتية» المشتركة، ولكن تضاف إليها الزيارة التي قام بها رئيس وزراء مصر لإثيوبيا وتبادل الزيارات مع دول منطقة البحيرات، فضلاً عن الجولة الأفريقية لوزير خارجية مصر أحمد أبوالغيط.

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=1486

نشرت بواسطة في فبراير 1 2010 في صفحة الأخبار. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010