خطوات “سياتل” و “السويد” و “الدوحة”… رسالة واضحة الى قيادات قوى المعارضة
عمر ليلش- لاهاى
فى رسالتى الى الأستاذ محمد عوض تحت عنوان ” اقلام فى خدمة الأستبداد” ، كنت قد اشرت الى ان الساحة الأرتريه، فيها من الكفاءات المتميزة فى مجالات سياسية مختلفة مما يغذى فينا التفاؤل ويحفظ الأمل فى المستقبل. ولم يمضى على نشر تلك الرسالة بضع ساعات ، وإلاّ قد جاءتنا بشائر الخير بنبأ ثلاث احداث متزامنة، وكأنها ارادت ان تثبت القول بالعمل.
فالحدث الأول كان من قارة امريكا وبالتحديد من” سياتل” حيث موقع انعقاد المؤتمر العاشر” لجبهة التحرير الأرترية – المجلس الثورى – فرع “سياتل.
فليس انعقاد المؤتمر ولا الرقم “10” الذى كان يحمله المؤتمر هو الحدث فى حد ذاته ، حيث تعاقبت علينا المؤتمرات ربما بطريقة دورية او شبه سنوية من تنظيمات قوى المعارضة المختلفة ،ولكن التقييم الموضوعى لسلبيات المرحلة السابقة والتقارير التى تناولها هذا المؤتمر، ومن ثم طرحها علناً وبشجاعة لتكون فى متناول الجميع ، كان الحدث الذى يستحق الأشارة الية و الوقوف عنده . لأن ذلك المؤتمرتجاوز اساليب المؤتمرات التقليدية التى تحاول ذكر الأيجابيات او الأنجازات التى حققها التنظيم دون التطرق الى الأخفاقات.
هذا ادى الى ان ان يكون هذا المؤتمر حدثاً مميزاً عن سائر التجارب التقلدية المتبعة فى كل مؤتمرات قوى المعارضةالأرترية المختلفة بما فى ذلك التنظيم الذى ينتمى اليه هذا الفرع.
فقد قيم المؤتمر عمل معسكر المعارضة فى الفترة التى سبقت انعقاد المؤتمر تقييما ًموضوعياً ونقداً بناءاً ، حيث مارس المؤتمرون وبشجاعة ، النقد الذاتى اولاً ونقد الآخرين ثانيا ، حيث ورد فى التقرير ما يلى:
(هذا وقد تناول المؤتمر بالتقييم أوضاع المعارضة الوطنية بصفة عامة وفرع التنظيم بسياتل بصفة خاصة متوصلاً الي التقييمات الآتية) : ــ
1 – ما تزال المعارضة الوطنية غير قادرة علي فهم التباين الواضح بين أهدافها القريبة وتلك البعيدة ، وعلي العكس من ذلك يجري الخلط بين هاتين المجموعتين من الأهداف .
2 – لم يشهد العامان الماضيان أي مبادرات عمل مشترك أو جهود تنسيقية بين فرعنا وسائر قوي المعارضة المتواجدة بالمدينة .
3 – خلال العامين الماضيين لم يسجل أي تنظيم من تنظيمات المعارضة بالمدينة تطوراً يذكر في كسب عضوية جديدة .
4 – انهيار العلاقات الاجتماعية الطيبة التي نمت بين أعضاء قوى المعارضة الارترية بالمدينة خلال فترة العامين الماضيين .
5 – لم تجر جهود إعلامية أو سياسية تهدف الي إنقاذ شعبنا من الدكتاتورية الجاثمة علي صدره .
6 – أمضى معسكر المعارضة الوطنية بما في ذلك تنظيمنا جبهة التحرير الارترية ـ المجلس الثوري العامين المنصرمين من عمره فيما لا طائل وراءه من الخلافات العبثية وتبادل الاتهامات . ( راجع موقع حرنت لقراءةتفاصيل البيان).
ولذا يمكننا القول ايضاً ان النقد الذاتى العلنى الذى بادر به اعضاء مؤتمر”سياتل” والتركيز على السلبيات والأخفاقات التى صاحبت تلك المرحلة ،بهدف التصحيح والأصلاح و الأرتقاء بالعمل الى الأفضل يعد نقطة تحول اساسية فى ان نرى يوما منشودا تتلاحم فيه الكفاءات والقدرات وتنتظم فيه مؤسسات تخدم اهدافنا الوطنية. وتعد كذلك تجربة تستحق الرصد والمتابعة ومن ثم التبنى والتطوير.
اما الحدث الثانى كان من قارة اوروبا ، حيث اجتمع ممثلي قوى المعارضة الارترية بالسويد، ايذاناً بأعلان وحدة جماهيرية سبقت اعلان وحدة قيادات قوى المعارضة.
فالمشاركة الجماهيرية لعديد من قواعد التنظيمات المختلفة فى السويد والأتفاق فى توحيد الصف والعمل ، اضاف هذا الحدث الى ضمن اطار احداث الباشائر التى تلوح علينا فوق الأفق فى هذه الأيام الصعبة التى مازلنا نتابع ونراقب فيها نحن بالعين المجردة والقلب والمجهر سريان اعمال جلسات قيادات قوى المعارضة وكلنا امل فى ان نسمع ، إنتهاء جلساتها وقد تكللت وتوجت بنجاح كبير . فإن هذا العمل الوحدوى يعتبر فى حد ذاته تطورايجابى هام في مسيرة عمل المعارضة الارترية، حيث وحدة الجماهير سبقت وحدة القيادات، حيث كان من المألوف ان تتوحد القيادات اولاً والقواعد لاحقاً
وكخطوة اخرى على الطريق ، ابى شباب الدوحة من قارة آسيا، والاّ ان يتوجوا الأحداث ببشرى و حدث ثالث يستحق التفكير والتأمل ملياً والوقوف عنده طويلا، ليس فقط لأن العمل كان باسم جماعة اى “شباب الدوحة” فقط دون ذكر تنظيم او حزب انما شباب ارترى، القاسم المشترك الجامع بينهم هو انتماءهم ا الأرترى بغض النظر عن الأنتماءات الساسية والتنظيمية ، بل انما لأنهم لم يكتفوا فقط بتوجيه النداء الى قيادات قوى المعارضة ، بل ذهبوا الى ما هو ابعد من ذلك ، حيث طالبوا مقارعة النظام عبر انتفاضة شعبية موحدة ومنظمة ة واكدوا ذلك اولاً تحت شعار:( متى تنتفض الأغلبية الصامتة !!!.. ؟) ومن ثم بحثوا عن اسباب الداء قائلين:
(إذاً كيف يكون الخلاص ومتى ؟ .. وهل سنرى بقعة ضوء في نهاية نفقنا المظلم؟
واخيرا جاءوا بالدواء من خلال ذكرهم لمتطلبات المرحلة الراهنة قائلين:
(أما طرق ووسائل الخلاص فهي كثيرة وواضحة ولعلكم قراؤنا الأفاضل تعلموها جيداً وما نوده هو التذكير فقط . ):
1/ توحيد كافة قوى المعارضة تحت إطار واحد.
2/ اختيار قيادة تحمل صفة التميز في الوعي والثقافة وتكون قادرة على قيادة العمل بروح وطنية صادقة.
3/ (…… إفساح الساحة للشباب حتى يقودوا سفينة المعارضة برؤية جديدة وشفافة إلى شاطئ الأمان مع الاستفادة من تجارب وحكمة الحرس القديم من القيادات.
إذن اذا امعن النظر فيما سبق ذكره واعدنا قراءة تلك الأحداث الثلاث المتزامنة ، حيث النقد البناء الذى ورد فى تقييم مؤتمر “سايتل” والعمل الوحدى لجماهير شعبنا فى السويد والعمل الجماعى المنظم لشباب الدوحة ، فإننا سنرى ودون عناء ، نضوج وبروز مقومات التغيير فى عمل قوى المعارضة الأرترية الذى يتطلب وضع المصالح الوطنية فوق المصالح التنظيمية او الحزبية.
وهذا لدليل قاطع ، على ان جميع قواعدنا الأرترية وبمختلف انتماءتها التنظيمية والحزبية مصمة بأن تدفع بعجلة العمل الوطنى الى الأمام من خلال تحملها لمسئوليتها بوعى وصدق وامانة، وهذا يعتبر فى حد ذاته نقلة نوعية مميزة ، ويؤكد ان الجميع متفقون على تعزيز الوحدة الوطنية ووضع المصلحة العامة فوق جميع المصالح الذاتية الأخرى، وحرص الجميع على العمل معاً من اجل اداء افضل يقصر من عمر التعسف والدكتاتورية تليها مرحلة الأصلاح و بناء ارتريا الحرة الكريمة.
كما تدل المعطيات المذكوره اعلاه ان جميع ابناء هذا الشعب المغلوب على امره ، ومهما اختلفوا فى الأراء وتعددت الأتجاهات السياسية والأنتماءات التنظيمية ، سيلتزم بمصلحة الوطن ووقف شن الحملات من اجل ترتيب امورنا الداخلية وتحقيق الأمل المنشود، مع الأستمرار فى كشف عورات النظام او اى عضو معارضة يحاول استغلال هذا الألتزام من اجل مصالح ذاتية ضيقة او تحقيق مأرب شخصية او مكاسب مادية خاصة به.
فتلك كانت مواقف جماهيرية ناجحة من آسيا واوروبا وامريكيا الشمالية ، فهل ياترى ستقابلها نجاحات قيادية من افريقيا؟
فعلى العموم اتخذت الجماهير وقواعد التنظيمات طريق الوحدة، رضت ام ابت قياداتها ….. حيث اعلنت تلك القواعد بأنها لم تعد ولن تكون قطيع ينساق والاّ كان قد انساق بجبروت زمرة “اسياس” فى اسمرا. فهذه اذن رسالة واضحة من تلك القارات البعيدة الى قيادات المعارضة بالخرطوم، لتعى هذه الخطوات الجماهيرية من اجل تقريب المسافات بينها وبين جماهيرها بأتخاذ قرار الوحدة الذى لاخيار غيره.
واخيرا لايسعنى الأ ان اقول ان العمل الواعى الذى حدث وبكل مسئولية وشجاعة فى كل من الدوحة وسايتل والسويد ، امر يستحق التقدير والثناء والشكر، وبما اننى مازلت بصدد شكر ممارسة النقد والنقد الذاتى البناء ، اود على هامش هذه الأنجازات ان اشكر الأخ ” حسن ود الخليفة” فى نقده البناء لى، واقول له انه كان محقا فى نقده لى عبر الرسالة التى تم نشرها فى موقع “النهضة” الوطنى والحق يقال انه يعصب علي الأرترى الذى تربى وترعرع على انتماءات تنظيمية وخاصة اذا كان الأمر يتعلق بشخص تخرج من مدرسة جبهة التحرير الأرترية ، ان يتخلص من انتماءته التنظيمية “العاطفية” مهما طال الزمن ام قصر…. ولكن المثل يقول “العثرة تصلح المشية” فنقده البناء ونقد شباب ” سايتل” سيكونان بداية خطوة وصفحة جديدة لى فى الأبتعاد عن العواطف بقدر الأمكان .
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6584
أحدث النعليقات