خواطر على متن طائرة لعضو ملتقى الحوار
(ليس من رأى كمن سمع)
عمر ليلش – لاهاى
يقولون ان التاريخ يعيد نفسه، وانا اقول ان احداث الفيلم عادت نفسها وانا على متن الطائرة عائدا من اديس ابابا الى مقر سكنى فى هولندا ، حيث غادرت مضطرا ولظروف خاصة مقر ملتقى الحوار الأرترى من اجل التغيير، وقد كان ينتابنى شعور مزدوج من السعادة والحزن.
فسعادتى كانت لسماح القدر لى فى ان احضر ذلك الحدث التاريخى الذى ستتناوله الأجيال جيل بعد جيل ….
نعم جيل بعد جيل ، حيث التقى جيل اليوم بجيل الأمس من اجل جيل الغد.
في الحقيقة تعجز الكلمات عن وصف هذا الحدث التاريخي الذى يعتبر نقطة التحول فى مسيرة النضال الأرترى ما بعد تحرير تراب الوطن من المستعمر… نعم انه حدث تاريخي يستحق منا وقفات للحديث عنه وكتابة الكلمات مهما كانت دون مستوى هذا الحدث …
اما الحزن الذى ينتابنى يعود الى عدم استطاعتى لتكملة مشوار الملتقى حتى يومه الأخير الذى سيعلن فيه نجاح الملتقى : كنتيجة طبيعية لذلك العمل الجبار الذى ساهم فيه كل من حضر الملتقى وهو حاملا لرأية التحدى والصمود امام كل الصعاب و مزودا بروح التفانى والمسئولية الوطنية ومؤمنا بأن بحتمية النصر بأذن الله.
هذه خواطر كانت تلازمنى طيلة الوقت وانا على متن الطائرة، حيث وجدت نفسى اغوص فى بحار احداث ملتقى الحوارو قد سيطرت احداثه على نسيج ذاكرتى وحبل افكارى.
فبدأت سفينة الذكريات تطوف بى حول العالم وكانت بداية الأنطلاقة كانت فى ال 28 من اغسطس وعلى تمام الساعة الثانية عشرة ظهرا حيث مطار امستردام العالمى الذى التقيت فيه بالوفد الممثل لهولندا برفقة المودعين من الأهل والأصدقاء …. فقد كنا ثمانية ( د. يوسف برهانو – اسقديت – احمد محمد صالح – ظيقى بسرات – احمد نقاش – جون – فسهايي وانا “العبد لله”)
بعد ساعة من المغادرة وصلنا مطار فرانكفورت حيث كانت فى انتظارنا قرابة السبع ساعات من الأنتظار فى صالة ” الترانزيت”. ونحن فى الأنتظار وجدنا فجأة ان الوقت قد مضى فى سرعة البرق ولم نحس بطول الأنتظار لسببين … اولهما اننا كنا قد افتتحنا جلسات ملتقى الحوار بطريقة تلقائية وغير رسمية، حيث بدأنا نناقش محتوى اجندة الحوار. اما السبب الثانى يعود الى وصل وفد المانياالى صالة الترانزيت بينما كنا نحن فى عمق النقاش والحوار…. وبوصولهم بدأ مشوار التعارف بشكل سريع لكسب الوقت واستأنفنا الحديث الذىازداد حلاوة وحرارة بمشاركة وفد المانيا فى النقاش والحوار الذى كان يدور.
ونحن فى تلك الأجواء الحوارية ، طلبت منا الخطوط الأثيوبية التوجه الى الطائرة …. وبعد رحلة طويلة وصلنا الى مطار ” بولى” فى اديس ابابا فى تمام الساعة السابعة والنصف صباحا وكلنا شوق للوصول الى مقر ملتقى الحوار.
بالمطار كانت الصفوف من اجل اتمام اجراءات الدخول طويلة، حتى كاد الملل ان ينال منا ، ولكن كل شئ تغير فى لمحة بصر وسرعان ما عمتنا مشاعر الفرح عندما شاهدنا قدوم وفد المملكة المتحدة وبدأنا نتبادل التحايا والعناق الأخوى وتحولت بذلك صالة المطار الى صالة افراح …. و نحن تحت تأثير تلك الأجواء الأخوية لم نجد انفسنا و الا داخل الحافلة التى ستغادر بنا الى مقر الملتقى.
بعد رحلة استغرقت قرابة الساعة وجدنا انفسنا فى المقر وكان فى انتظارنا ثلاثة اخوة من اعضاء اللجنة التحضيرية فى استقبالنا. وبعد ترحاب حافل بكلمات الود والأخاء بقدومنا، أٌحضر كل منا الى غرفته. بعد استراحة قصيرة توجهنا الى صالة الأكل لتناول وجبة الغذاء…. فكانت الصالة عامرة بوفود كل من استراليا ودول اسكندنافيا والشرق الأوسط.
فبدأ العناق وتبادل التحايا والتعارف من جديد واصبح الحلم ييتحول رويدا رويدا الى حقيقة بلقاء الأصدقاء ورفاق الدرب. وتجددت الفرحة وتعالت اصوات الزغاريد بوصول الحافلة التى كان على متنها وفد السودان الذى كان يتلألأ مشرقا لوجود ابطال الرعيل الأول وسطهم شامخا بكل اعتزاز وافتخار.
وبدأ العمل بالخطوة الأولى، حيث خرجنا فى مسيرة سلمية تعالت فيها الهتافات ورفعت الشعارت التى كان تعبر عن اصرارنا فى استمرارية نضالنا حتى النصر و ارساء العدالة والمساواة وبناء دولة السلام والحرية و المؤسسات ، وسقوط نظام اسمرة الدكتاتورى وبكل اللغات الأرترية.
وفى اليوم التالى دقت ساعة الصفر واعلنت اللجنة التحضيرية افتتاح الملتقى التاريخى ، الذى انتظرنا قدومه طويلا … فكانت الكلمة الأولى للمناضل بشير اسحاق – رئيس اللجنة التحضيرية ، ثم تلتها كلمات كانت محتويات كل منها اكثر من التى سبقتها …. فكانت كلها فى مجملها شديدة التأثير وحماسية تنادى بالمزيد من العمل وتضافر الجهود ورفع مستوى التحدى والأصرار والصمود من لأنجاح ملتقى الحوار من اجل التغيير الديمقراطى واسقاط النظام الدكتاتورى فى اسمرا.
فكان لتلك الكلمات صدى واسع يلوح فى الأفق …. ولما لا والحاضرون فى الملتقى كونوا باقة ورد وزهور متناسقة ، منسجمة وجميلة مكونة من كل شرائح المجتمع الأرترى ….. فكان هناك حضور قوى للمرأة والشباب والشيوخ ورجالات الدين من الديانتين الأسلامية والمسيحية ومن عامةالشعب والرعيل الأول ومنظمات المجتمع المدنى المختلفة والتنظيمات والأحزاب المنضوية تحت التحالف الديمقراطى الأرترى وخارجه…. والمثقفون والكتاب والأعلاميون وألأطباء والأمييون والعمال والفلاحون والمهندسون واللاجئون و و …. الخ.
كلمات كل منها اقوى من الأخرى …. نعم مازلت اذكر كلمات المرأة التى القتها كل من اسقديت وعائشة قعس ،الأخت صالحة بأسم اللاجئين المقيمين فى اثيوبيا و سميرة صقاى باسم اللاجئين المقيمين فى السودان و ايلسا الناشطة السياسية و محريت….
نعم مازلت سفينة الذكريات تطوف بى حول العالم وانا ما زلت اتذكر كل الكلمات … نعم …. كلمات كل من رجالات الدين التى كانت تدعوا الى التسامح والتعايش السلمى جنبا الى جنب دون النظر الى الفوارق فى المعتنق الدينى … نعم كلمات اكدوا فيها … ان التاريخ الأرترى لم يكتب ابدا فى الماضى عن حدوث اى نزاع فى ارتريا ذو طابع دينى بين المسلمين والمسيحين.
… نعم مازلت اتذكر تواضع افراد الرعيل الأول بالرغم من انهم صناع المستحيل …. فلا تراهم يزاودون على احد ولا يتعالون على احد بالرغم من انهم من اشعل الشرارة الأولى فى جبال آدال معلنين ثورة الأبطال والنصر الأكيد. … نعم فكانو آخر من يتحدث وان كان من حقهم ان يكونوا اول من يتحدث ولكن كان التواضع من شيمهم.
…. نعم مازلت اذكر عنصر الشباب الذى كان يتحرك فى وسط الجموع ليؤكد وجوده كرقم صعب لا يمكن تجاهله … بل رقم يجب الأعتماد عليه فى تحقيق الأهداف التى من اجلها التقينا فى هذا الملتقى …. نعم مازلت اذكر كلمة الشاب منتصر من استراليا وكلمة شريف محمد احمد عبده ابن الشهيد محمد احمد عبده …. نعم مازلت اتذكر محتوى تلك الكلمتين لهؤلاء الشابين التى اكدا فيها انها ثورة مستمرة حتى النصر وان النظام الدكتاتورى لا محال سيسقط ويرمى فى مزبلة التاريخ. نعم ما زلت اذكر نشاط الشاب جون من هولندا وهو يجول هنا وهناك الى جمع الشباب لتنسيق موقفهم وقول كلمتهم فى الملتقى بكل ثقة وثبات.
نعم ما زات اذكر واتذكر كلمات وفود امريكا واستراليا واوروبا والشرق الأوسط وملتقى اللاجئين.
نعم ما زلت اذكر كلمة الرعيل الأول التى القاها رمز الرعيل المناضل: حيوتى والتى افتتحها بلغة التغرى قائلا: قيل ليقستو قل ليقستو كمثل هيلى ومنغستو. نعم ما زلت اتذكر هذه العبارة التى رددها الحاضرين فى القاعة وخارجها قيما بعد كثيراًَ.
نعم مازلت اذكر النشاط الدؤؤب وسهر الليالىللأبطال و الجنود المجهولين محرروا المواقع الأرترية الوطنية علىشبكة الأنترنت لتغطية احداث الملتقى دون ملل او كلل …. نعم مازلت اذكرابطال مواقع تقوروبا وعونا وفرجت والنهضة وعنسبا واومال واسمرينو وقبيل وحركة الأصلاح ومركز الخليج ومركز القرن الأفريقى للدراسات.
….. نعم مازلت اذكرهم جميعا موقع … موقع…. وبموقع وحدث ثم تغطية.
نعم مازلت اذك فرحتى وسعادتى التى كانت تغمرنى بلقائى لأصحاب الأقلام الحرة الذين قرأت لهم كثيرا وكنت اتمنى لقائهم ذات يوم كلما قرأت لهم مادة كتبوها بأقلامهم الوطنية الحرة.،، نعم ما زلت اذكر مشاعر السعادة التى غمرتنى عندما التقيت بالأساتذة: عمر جابر – محمد طه توكل – كرار هيابو – احمد نقاش – ادريس همد- ادحنوم فتوى – عبده كنتيباى – عبد الوهاب – شيعِب وعبد العزيز والشباب الصاعد: رمضان وصلاح على من الأصلاح وغيرهم ( مع اعتذارى الى من تسعفنى الذاكرة لذكر اسمائهم)
نعم ما زلت اذكر فرحتى بلقائ ابناء شهداء ومقاتلى الرعيل الأول …. حامد عمر ازاز و محمد احمد حسين و رقية محمد سليمان وابوبكر سليمان و الشبل شريف محمد احمد عبده
نعم مازلت اذكر الهتافات الثورية التى كانت تٌردد فى القاعة بين حين وحين لكل من رقية ونصرا وجواهر وظقى واسقديت سميرة وسميرة ومحريت وعوضية ومحارى ويوهنس والطاهر وبشير شفراى وصلاح صباح واحمد “شبل استراليا” وكل الحاضرين .
مازلت اذكر التصفيق الحار عند تكريم اللجنة التحضيرية
… نعم ونعم ما زلت اذكر واتذكر حرارة الجلسات وخاصة جلسة اختيار السكرتارية التى كثرة فيها كلمات: توجيه وتوضيح واستفسار وسؤال و مد وجزب فى الكلام والقاء عبارات العتاب تارة والمجاملة تارة واللوم تارة والتوفيق اخيرا فى اختيار السكرتارية … نعم اخيرا واخيرااتفق الجمع ديمقراطيا … وبهذا الأتفاق والوفاق بدأ المشوار الأول فى تطبيق نهج الديمقراطية و تم التأكيد على وضع حجر اساس نجاح الملتقى ومناقشة اوراق اجندة الملتقى فى الجلسات التالية.
نعم ما زلت اذكر المحاضرات التى كانت تعقد على هامش الجلسات الرسمية للملتقى وحتى الساعات المتأخرة من الليل…. نعم ما زلت اذكر محاضرات المناضل حسن سلمان التى نالت وجذبة اهتمام الكثير من الحاضرينوخاصة النساء
مازلت اذكر وجود القيادات التاريخية بيننا وبكل تواضع … نعم ما زلت اذكر كل من المناضلين احمد محمد ناصر ودكتور بينى ودكتور يوسف وهبتى وحسين خليفة وحسن على اسد وحامد آدم سليمان وحورى تيلوبارى – حامد تركى وعامر خليل وتولدى عبدالله محمود وعثمان شوم وسفر وغيرهم.
مازلت اذكر اعضاء المجتمع المدنى ….نعم مازلت اذكر عبدارلزاق وتخلىسمبتو وفروينى و امها ومسفن واحمد محمد صالح، ونورى وجلال نعمان وووو الخ.
نعم مازلت اذكر جهود اعضاء اللجنة التحضيرية … نعم ما زلت اذكر واتذكر صالح اسماعيل وهارون ومحمد على وو … الخ
نعم مازلت اذكر الأحترام المتبادل بين الجميع والذى كان سيد الموقف فى حالة وموضع وموقع وحدث.، لدرجة انك ربما لا تستطيع ان تصدق ان الحضور فى الملتقى قد فاق ال 330 عضو.
.. مازلت اذكر المداخلات والمشاورات الجانبية لأعضاء الملتقى كل شريحة على حدا من اجل القدوم بأفكار واطروحات من شأنها انجاح الملتقى.
نعم مازلت اذكرهم جميعا … فلهم منى جميعا التحية
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=7363
أحدث النعليقات