خيارات الكونفدرالية، الاتجاه شمالاً وشرقا

خالد عثمان

yarranile@hotmail.com

www.yarranile.com

العلاقات الشعبية بين مصر والسودان

أبعدت سلطات الاحتلال الانجليزي  الامام محمد ماضي أبو العزائم استاذ الشريعة الاسلامية بكلية غردون التذكارية عن السودان بعد أن تأمرت عليه قوى طائفية نافذة ، وكان يرى أن أهم وظائف الرجل الدينى الإرشاد والنصيحة للحاكمين، بل لعامة الناس، والتحذير من الوقوع فى حبائل الاستعمار فأقصاه الحاكم العام الإنجليزى من وظيفته فى يوم الأحد 19 رمضان سنة 1333 هـ الموافق 1/8/1915م.

غادر الامام السودان بعد أن ترك أرثأ علميا عظيماً لازالت فوائده تترى. الأمام أبو العزائم يمثل نموذجاً مضيئاً لنوع العلاقات الايجابية بين شعبي وادي النيل، وهناك أمثلة كثيرة  للتعاون وعلاقات المودة والايثار بين الشعبين، فالسودان بحدودة الحالية كان لمصر العثمانية والانجليزية دوراً مفصلياً في رسم حدوده المعاصرة.

فالسودان قد تم رسم حدوده الحالية على عجل ، وكان تناجا لصفقة إستعمارية إنجليزية فرنسية تقاسم بموجبها الحلفاء في الحرب العالمية الثانية القارة الافريقية بدون إعتبار للعوامل الاخرى، مما أدي الي فشل جميع محاولات خلق الهوية وفرض الانسجام.

الامام أبو العزائم والذي تنبأ في كتابه الجفر بظاهرة الاحتباس الحراري وذوبان الثلوج في القطبين قبل ان يتطرق اليها العلماء بشر بوحدة السودان ومصر حين قال:

مِصْر هَبَّت سَوْف يَأْتِيْهَا الْفَتَى يَجْمَع الْأَمْر بِهَا ثُم الْسُّوْدَان

من هو الفتى بعد إنهيار حكم المخابرات المصرية؟

على مدى السنوات ال 30 الماضية ، سيطر الرئيس المصري حسن مبارك على  مقاليد السلطة لنفسه والحزب الوطني الديمقراطي ، من خلال تنسمه لوظائف القائد العام للقوات المسلحة ، رئيس مجلس الأمن القومي ، أمين المجلس الأعلى للاقتصاد ، ورئيس أكبر حزب سياسي.الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم ،الذي  يتمتع بأغلبية المقاعد في البرلمان ، ووحسب الدستور المصري من المستحيل إنتخاب الرئيس في مصر دون الحصول على موافقة 250 عضوا من مجلسي الشورى و مجلس الشعب.

النظام المصري هو إمتداد لثورة 23 يوليو التي قام بها الضباط الاحرار عام 1952، ومن ذلك الزمن كانت المخابرات المصرية هي الحاكم الفعلي لمصر، ولازالت أساليبها وكوادرها تدير مصر، وترأس مصر في خلال 49 عاماً 4 رؤساء ، فمحمد نجيب، جمال عبد الناصر، أنور السادات وحسنى مبارك كلهم من المؤسسة العسكرية المتفاهمة مع المخابرات.

هنالك عدة إقتراحات طرحت لمرحلة مابعد مبارك ،أهمهما على الاطلاق ما طرحة محمد حسنين هيكل والقاضي بتكوين مجلس خبراء يقوم بتعديل الدستور ، والجدير بالذكر ان المادة 76 من الدستور هي المستهدفة (تنص على ان المرشح لرئاسة الجمهورية يجب ان يحصل على تزكية من 250 نائب برلماني ، او ان يكون قد ترأس حزب سياسي قانوني لأكثر من 5أعوام).

وفي إنتظار تعديل الدستور واذا لم تؤول الرئاسة لعمر سليمان أو جمال مبارك ، يبقى الأمل للبرادعي ، زويل ، أيمن نور ، عمرو موسى ،  عاصم الريان.إن رحيل مبارك المفاجيء سيؤدى بدون شك الي صراع بين الصفوة والطبقة الوسطى من ناحية، الاقباط وكذلك المؤسسة العسكرية من ناحية أخرى.

القلق الاسرائيلي السوداني !!!

اسرائيل تخشى من حدوث فراغ قد يؤدي الي إضطرابات في مصر تسمح للاخوان المسلمين بالسيطرة على الحكم، لذلك قامت بوضع خططها ونشر قواتها في حدودها الغربية  للتدخل إذا لزم الأمر.

السودان من ناحية أخرى وبرغم عدم ثقة النظام المصري في حكامه على خلفية محاولة اغتيال الرئيس المصري دائما ما يلجاء الي مصر عند الملمات، فمصر برغم تراجع دورها الاستراتيجي الا انها لازالت تمسك بيدها الكثير من المفاتيح.

الكونفدرالية مع مصر ، الحزب الوطني الاتحادي والقوميين العرب

يظل خيار الكونفدرالية مع مصر هو الاقرب الي قلوب أهل الشمال  لاسباب كثير ، ولأن الكثيرون آمنوا به وفي طليعة المؤمنين تأتي الاحزاب الاتحادية ومنها من تكّون في مصر مثل الحزب الوطني الاتحادي تحت رعاية مجلس قيادة ثورة 23 يوليو. الحزب الوطني الاتحادي هو الاقرب الي القوميين العرب والي الشخصية السودانية الشمالية، وبقليل من الجهد تحت إدارة راشدة قد يمثل الحزب الوحيد القادر على مقارعة المؤتمر الوطني وإزاحته عن السلطة، وفي رأي هو الخيار الانجع، فالجبهة الوطنية العريضة  للمعارضة التي تكونت مؤخراً تمثل تحالفاً مؤقتاً يهدف الي إزالة السلطة، في حين ان وجود حزب سوداني ديمقراطي لديه برامج واضح يوافق المزاج العام، ويكون قادراً على تكوين حكومة ظل قادرة على ملء الفراغ ، هو الاجدى والانفع.

إذا ولأن الكيانات الضيعفة تتأكل ولأن العالم يتجه للتكتل والتوحد لابد من الاتجاه شمالاً نحو خيار الكونفدرالية مع مصر، وبهذا يمكن ان تتسارع عجلة التنمية ويتمكن السودان من النهوض.

القرن الأفريقي ، أرتريا ، أثيوبيا خيار مثالي أيضاً

أولا مع أرتريا للأستقرار النسبي الذي تشهده ، لتسامح الجغرافيا ولعلاقات الدم والتاريخ المشترك، ولأن  دول القرن الافريقي ، تتمتع  بميزات لاتتوفر للولايات المتحدة الامريكية الا وهي وحدة الشعوب الاثنية ووحدة التاريخ المشترك والتداخل الانثروبولوجي فالولايات المتحدة قامت على اكتاف المغامرين البيض الذين اندفعوا نحو مناجم الذهب وداسوا على قبائل الهنود الحمر ، على تاريخهم وثقافاتهم ولم تتشكل الولايات المتحدة الامريكية الابعد استقلالها عن بريطانيا العظمى في عام  1776  بينما نجد ان دولة القرن الافريقي كانت موجودة منذ الآف السنين وشملت كل حود دول القرن الافرقي بل أمتد تأثيرها الي شبه الجزيرة العربية بعد ضمها لليمن في القرن الثالث الميلادي. وتمتع دول القرن الافريقي بثروات هائلة أهمها على الاطلاق المياة التي يوفرها نهر النيل والانهار المنحدرة من الهضبة الاثيوبية وجبال البحر الاحمر الذي يمثل منطقة استراتيجية استفاد منه الاكسوميين من قبل عندما استخدموه  في تأسيس مملكتهم في عام 500 قبل الميلاد بسيطرتهم على التجارة بين الممالك المروية ومملكة سبأ اليمنية.

الكونفدرالية هي أفضل الخيارات، والوطني الاتحادي هو الحل

حتى وان ذهب الجنوب يظل خيار الكونفدرالية مطروحاً، ولكن لقساوة التجربة  من المستحيل ان يتوحد الشمال والجنوب مرة أخرى، وعلى الشعب السوداني ان ينظر بحصافة  الي كل ما يدور في حدوده الشمالية والشرقية استعدادأ للتعاون الاستراتيجي مع مصر ، أرتريا وأثيوبيا في المرحلة الأخيرة.

وعلى كل الاتحاديين  وفي مقدمتهم الاستاذ على محمود حسنين تركيز جل طاقتهم وخبراتهم في إعادة بناء الحزب الوطني الاتحادي لاستيعاب كل الوطنيين، الديمقراطيين الوحدويين.

خاص بمعهد أبحاث الديموقراطية والدراسات الاستراتيجية

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=9729

نشرت بواسطة في نوفمبر 15 2010 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010