دفاعا عن موداي
أثار موقع موداي الذي ظهر مؤخرا ردود أفعال متفاوتة في وسط الإريتريين . وبالرغم من أن الكثيرين قد نظروا إليه كظاهره إ يجابية يجب تشجيعها ، نظر إليه البعض كتظاهرة للتضامن مع النظام في سعيه لتكريس برنامجه التعليمي مايسمى بلغة الام. إن موقع موداي لاعلاقة له بكل هذا، إنما القصد من إنشاء ذلك الموقع وبلغة التجرى ماهي إلا محاولة للرجوع إلى الذات إلى الاصل والتزود من التراث الذاتي، والحفاظ على البقية الباقية من العادات والتقاليد قبل ان تختفي وإلى الابد .
يا إلهي! كم أنا حزين، لم أكن أدرك أن موقعي هذا سيجرني إلى الاستنتاج بأن ليلنا ونهارنا واحد، لقد تساوى الليل برمزيته الظلامية، بنهارنا ورمزيته التنويرية، أصبح النهار والليل سيان. نحن شعبا فقد الإحساس بالذات والهوية،الإحساس بان لنا ماضي عريق ، وبان فضاء لغة التجرى الجميلة يمتد من زولا إلى ام حجر ومن درفو ( 10كم خارج العاصمة اسمرا)
إلىسواكن ،وكان بالإمكان ان تصبح هي اللغة الرسمية لإريتريا . بيد إن الجهل والفقر والحروب التي دارت رحاها في ارضنا بالإضافة إلى التضحيات الجسيمة التي قدمها شعبنا من دون ان يقبض ثمنها، كل هذا اوصلتنا لما نحن عليه اليوم.
والغريب إن البعض من آنصاف المثقفين اعتقد بان الإهتمام بلغة التجرى هو على حساب اللغة العربية وإن التمسك بهذه اللغة ماهو إلا لمحاربة اللغة العربية . هذا إستنتاج خاطئ وليس في مكانه. إذا كان منطلق النطام في استخدم لغة التجرى في التدريس هو تكريس للغة التجرنية ، إلا ان منطلقاتنا عكس ذلك تماما. وهو الغيرة على لغتنا وتراثنا والحفاظ على ما يمكن المحافظة عليه من الإنهيار الكلي الذي بات وشيكا. اما إن اللغة العربية هي لغة متقدمة بمراحل عن التجرى ولا يمكن بحال من الاحوال الإستغناء عنها وهي بالنسبة لنا لغة إدارة وعلوم ولغة مشتركة توحد معظم الإريترين التجرى وغيرهم. هذا مفهوم . بيد ان في إريتريا اليوم ليس هناك مكان لا للعربية ولا حتى للتجرى .كما ان الديمغرافية التي كانت سائدة في الماضي لم تعد موجودة. تجد اليوم مستوطنين في كل حفرة ومغارة على امتداد ارض التجرى كان يلعب عليها اطفال التجرى في ما مضى. نحن ايها الاخوة اول من قام بثورة ضد نفسه ، لان حصيلة هذه الثورة كانت تدمير المدن والقرى والهجرة الجماعية إلى السودان وغيرها ، وبالتالي فقدان الارضية التحتية ومقومات وجود شعبنا وهي ثقافتنا وعلى رآسها لغتنا الجميلة .لقد اقتلعنا من جزورنا . ولذالك إن شعب التجرى اليوم اضعف ما يكون من اي وقت مضى . إذا نحن “خرجنا من مولدالثورة هذه بلا حمص”
. إن المسألة أعمق بكثير إذن من مسألة التشدق باللغة العربية ومكانتها في إريتريا. إن ما يتبادر إلى ذهن بعض أنصار محاربة ثقافة التجرى من أنه ليس وراء موقع موداي هذا سوى اعلاء مفهوم النظام بمايسمى بلغة القوميات ماهو إلا محاولة يائسة لآنصاف المثقفين الذين انفصلو ا عن الواقع الإريتري.
.كما إنها مسألة أكبر تتعلق بتشوش الوعي الوطني للتجرى انفسهم، وفصلهم الطويل والإشكالي بين الثقافة الذاتية بمضمونها الداخلي المرتبط باحترام التجرى كلغة وثقافة وعادات وتقاليد . ومضمونها الخارجي المرتبط بالدفاع عن الوحدة الوطنية بين القوميات الاخرى الغير ناطقة بلغة التجرنية واستقلال البلاد ومصالحهما السياسية. ولا يمكن ايجاد مخرج من هذا الاختلاط والتشوش من دون عودة إلى مسألة لغة التجرى نفسها وإعادة النظر في تحديداتها.
إن كتابة موقع موداي بالحروف الجئزية ليس لإرضاء النظام كما اعتقد البعض ، وهذا نابع عن جهل في كيفية تطور لغة التجرى وإصولها التاريخية. إن لغة التجرى هي اقدم لغة سبئية وهي الوريث الوحيد والشرعي للحروف الجئزية . كما ان جميع حروفها يتناسب ونطق التجرى. ولا بأس من استخدام الاخرين لحروفها.
هناك الان محاولة في موقع http://awkir.com لكتابة التجرى بالحروف اللاتينية .واتمنى ان تكلل بالنجاح. وآنا على يقين بإن إثبات الوجود ليس بالسفسطة السياسية والتحليلات العقيمة، إنما بالحفاظ على ثقافتنا الذاتية التي تعرضة للتهميش وللاسف من اهلها بالدرجة الاولى .
كتب الاخ برهان خيار داوش ضد موقع موداي مايلي “وفي الآونة الأخيرة ظهر موقع يسمى ( موداي) وبتبنيه أبا غير شرعي شرب ( شرب ماي عداي) فليراجع حساباته وليرجع إلى حضن أمه وأمته وإلا سيفطم إلى الأبد.” ولا ادري اي أم يعني ،غير إن عزائي الوحيد هو وضوح إسم الكاتب. لاتعليق!
و في الاخير اقول لاداعي في نكء جراحنا نحن المصابين بحنين هويتنا الاصلية. إن ما نقوم به هو لإسترجاع ولو جزء يسير من الكرامة ، والحلم بمستقبل افضل.
ومرحبا باوكير في اوكير .
ود كرن
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6998
أحدث النعليقات