دولة الرئيس أم رئيس الدولة هل نحتاج إلى اسم جديد لدولتنا

  صلاح إبراهيم عبي 

هنا في الغرب توقفت عجلة الولادة البيولوجية،والموانئ فتحت ثغورها لتلتهم المزيد من المهاجرين الموعودين بالحرية…
هنا في الغرب يقف الانسان أمام مرآة صافية في ظاهرها أما باطنها ف….
هنا التودد حق للجميع، لا التزلف
سقطت كل القيود، هنا الحرية التامة، هنا باسم تلك الحرية يحق لك التحيون بالرغم من أن الله خلقك في احسن تقويم
هنا سقطت كل القيود، وفُتحت علينا أبواب التذمر والتأفف، نحن نتذمر وهم يتأففون ، نمارس عاداتنا في التمخط دون منديل،وهم ينظرون إلينا باشمئزاز، نبصق السعوط على قارعة الطريق والسيجارة نرميها بتلذذ ،وأصواتنا عالية -بشكل طبيعي- أما علاقتنا باطفالنا فهي تقوم على الأمر والنهي وقليلون منا من يطلب منهم…
تعب الغربيون منا
واتعبتنا قوانينهم
لكننا التقينا في منتصف الطريق!!!
هم احتاجوا عضلاتنا
ونحن احتجنا حمايتهم من بطش سادتنا
وكان أن قرأوا قوانين قبائلنا، حفظوا قرآننا وأناجيلنا،فخلطوا هذه بحاجاتهم فكانت دساتيرهم التي أساسها إنسانية الإنسان، وتقدير الكل واحترام العامة ، وعدم الإسراف سواء في استخدام المياه أو تدليل الأطفال…
قوانينهم هي ذات قوانين قبائلنا، أما التعاليم الدينية السماوية فهي كما هي،إذن
أين اختلفنا؟
عند مربط الحرية!!
هم يؤكدون على المطلق
فيما نحن نجعل لها عقالا، وحدودا
مع من الحق!!! في ذلك فليتنافس المتنافسون.
ولكن عليهم الإجابة عن السؤال القبيح التالي
ما الفرق بين القرد أو الكلب الذي يلعق إست انثاه باستمتاع وبين إثنين من البشر يلعقان بعضهما أمام الآخرين؟
فإذا كانت الحيوانات تفعل ذلك أمام الجميع لأنها حيوانات، فلماذا يفعل ذلك بني البشر!!!أنا شخصيا على قناعة بأن ذلك يحدث نتيجة للتكوين الفيزيولوجي للمخلوقات. فكل مخلوقات الله -البعض ينسبها للطبيعة- لها خصوصيتها التي تميزها عن غيرها، ومن هنا يلجأ الانسان الطبيعي إلى تقبيل زوجته أو حبيبته في الخفاء أو على الأقل بحيث لا يراه الآخرون، ليس خوفا منهم بل تقديرا لما هم فيه على اختلاف أمزجتهم…
هنا أنت حر حتى الإختلاء بنفسك
حر وحر،وحر حتى ينال منك التفكير الذي سيقودك في لحظة من لحظات حياتك إلى الإقرار بضرورة التعاون مع الآخرين،كل الآخرين،فإذا كنت منتشيا بانتصار ما فإن ذلك يعني أن تحتفل ولن يحلو الإحتفال إلا بوجود آخر إلى جوارك،أيا كان ذلك الآخر،فإذا كان صديقا فإن القبلة ستكون حارة،وإن لم يكن كذلك فإن نظرة منك تكفي لإبلاغه بأنه غير مرغوب فيه،وعليه حينها اختيار رد الفعل الذي يتناسب مع قدرات الطرفين- الفاعل وراد الفعل- لتنشب معركة ما أو ينسحب الآخر تاركا المنتشي وحيدا ،وهو نوع متطور من التفاعل بين الخصوم…
والآن
نحن الإرتريين،
كيف ننفعل؟كيف نتفاعل؟وكيف ينظر الآخرون إلينا؟
هنا في الغرب ذهبوا بعيدا في تأطير الإنسان إلى حد التحكم في ردود الأفعال البشرية،خاصة تلك الأفعال التي تتصف بالعنف واضطهاد الآخرين-على الأقل على مستوى المكتوب من قوانيهم-.
ونحن ماذا أنجزنا في مجال تنظيم العلاقة بين الناس جميعا،بين شيخ القبيلة وعامتها بين تنظيمات المعارضة وأنصارها،بين الحاكم والمحكوم، ليس على المستوى الخاص بل على المستوى العام الذي يجعلني أنا العفري -مثلا-أهلل لهطول الأمطار في أقصى الغرب الإرتري إذا لم يصلني شيئ من حصاد الموسم الزراعي هناك؟أو ما الذي يدفعني أنا الكوناماوي لدفع أضعاف ما يدفعه المستهلك هناك في مصوع وعصب؟
عندما أطلق الشهيد حامد إدريس عواتي طلقته الأولى قبل نصف قرن من الزمان،فإنه إنما أطلقها من أجلنا جميعا-جميعا جميعا جميعا-والمقصود هو أن يصل لكل واحد منا حقه السليب،ولكن اليوم وبعد هذه الخمسين عاما من الكفاح الحقيقي،لا نزال نتسكع في شوارع ليست شوارعنا، ونتحدث بألسنة ليست ألسنتنا، بل إن الكثيرين منا أصبحوا أممين يحلمون بالعيش بسلام فقط وفي أي مكان من العالم…
هنا سمحوا لنا بالعيش بسلام
لكنا لن نستطيع الغناء لهذه ((الهنا))
وذلك ال((الهناك))حُرمنا منه
ونحن لن نقبل زوجاتنا على قارعة الطريق
ولن نغير قبلتنا
بل نجهد-لن أقول نجاهد وهي الأصح لغة-للصلاة في أرضناونحو قبلتنا،كيف ومتى ،هي أسئلة تجيب عليها القوى المستنيرة من شعبنا والتي تناضل من اجل وحدة حقيقية بين مكونات بلادنا، تلك القوى التي تعرف أنه ليس للحرية حدود، وهي حرية تبدأ من الفرد وتسير نحو رفاهيته-على الأقل الرفاهية النفسية والروحية-…
هنا
على المستوى الشخصي أصبحت ولأول مرة- وبعد خمسين عاما من الميلاد- أحمل صفة لاجئ، وهو أمر أشعرني بالفجيعة لأنني حملت هذا اللقب بعد عشرين عاما من رفع الراية الوطينة في قلب أسمرا،مما أوصلني إلى حد البحث عن إجابة لسؤال خاطئ يؤرقنا -نحن الأغلبية على ما اعتقد- ألا وهو ماذا يعني الوطن سوى مساحة كافية من الأرض والحرية بكل تفاصيلها الإجتماعية؟
تلك الحرية التي تمنعني من التزلف للسطان -أيا كان-، حرية تجعل من أرضي مزرعة وحديقة لأطفالي ،ومن لغتي أجمل لغات العالم،حرية تسمح لي العبورإلى أرض جاري دون أن يشك في أني أتيت لسلبها،حرية تتيح لي استقبال ضيوفي وتوديعهم وليس استقبالهم فيها والهروب منها، حرية تتيح لي ولغيري إفتراش سجادة الصلاة الجماعية لنؤدي صلاتنا ونحن نسمع أجراس الكنيسة دون أن ينتقص ذلك من الخشوع في ادائها،حرية تسمح لي ممارسة الحرية بشكل حر يراعي حرية الاخرين من المتحررين في ممارسة حريتهم…
عندها فقط يصبح الاسم الجديد لبلادي هو جمهورية الحرية، وليس دولة إرتريا، فهو اسم هلامي يحمل دلالة تابعيتها لفرد محدد أو جماعة معينة ومحدودة، وهي حقيقة تحدث في الواقع، فانظروا معي إلى الدول التي تحمل اسم دولة كاسم رسمي لها-الدومنيكان الفاتيكان اسرائيل قطر ارتريا الكويت-،أليست هي دول تعود ملكيتها لجماعة محددة، فقطر لآل حمد،واسرائيل لليهود، والفاتيكان للكاثوليك،والكويت لآل الصباح،وإرتريا !!!أليست هي بشكلها الحالي دولة للتغرنية!!!
تجرأت على قول ذلك؟
نعم.
قلت ما أرى.وأنت عليك أن تأتي بما ينسف تلك الخرافة،ولك علي الإعتذاربل والإنسحاب إلى بلدي الجديد!
قليلون هم من يتحدثون جهرا بما في قلوبهم وأذهانهم-وواحد منهم كاتب هذه السطور-أما الأغلبية فإن انتماءاتهم المختلفة تجبرهم على قول ذلك في لحظة صدق لا تتكرر، فيبتلعون أفكارهم ويزدردونها أعواما متتالية ويرحلون وهم آسفون على ما أضاعوه من سنوات في حب بلاد لم تعطهم شيئا ولن تعطي أبناءهم..
الاسم الرسمي للدولة الإرترية الحالية يجعلني أقف كثيرا لأسأل قيادات المعارضة عن الاسم المفترض لدولة المستقبل،وهل تذكروا أهمية تغييره،أم انهم سادرون في بحثهم عن أحلام جزئية حول قسمة الثروة والسلطة وتقزيم حجم البلاد عبر حق تقرير مصير القوميات!!!
الحرية عندي هي الانتماء للانسانية بشكلها الطبيعي ،أما الدول فهي الوعاء الحاضن للحريات،وهي الأماكن التي فيها خُلقنا، تناسلنا،واختلفنا فاحتربنا
واقتتلنا فانشققنا
واقتتلنا، ثم تراضينا بالقبلات، وفتحنا الحدود
فانصهرنا تجاريا وعقاريا
فخلقنا بيننا دولة أسميناها جنوب السودان
وغدا تأتي المزيد من الجماعات لتؤسس دولتها
وبعد غد تأتي الحاجة للتناسل من جديد بين تلك الدول الجزئية
فنتحد فيدراليا وكونفدراليا ومركزيا
ويبقى السؤال قائما
عن الحرية أسأل!!
كيف هي…
هي للجميع،ولا تعطى،وهما المبدآن اللذان يقودا قوى المعارضة-كل القوى-نحو المستقبل -إتفاقا واختلافا-دون أن يسقط أحدهم الوطنية عن أي طرف من أطرافها،أما الديموقراطية فهي كالزواج في مجتمعاتنا الأصلية تظل قسمة ونصيب، ولن تنفع وسائل الضغط في تعلمها، وإلا ستصبح كالفتاة التي أجبرها أهلها على الزواج من رجل وسيم وابن أصول وغني ، لكن عيبه الوحدي إنها لا تحبه بل تحب شخصا آخر…
هي كذلك عندي الحرية والديموقراطية، لم تجبرني عليها ديكتاتورية النظام أو فوضى المعارضة، وكلا الطرفين يرى في نفسه الممثل الشرعي الحقيقي لأحلام المواطنين خاصة ذلك الرجل الذي لن أصفه سوى بالعنطوز-ولا تسألوني عن المعنى- الذي يرى في نفسه انسانا خارقا للطبيعة اختاره الله لتحقيق طموحات الارتريين، أما المعارضة -حتى اللحظة-لا ترى في نفسها سوى أنها خصم للديكتاتور دون أن تفعل شيئا ملموسا يؤكد تلك الخصومة!!!والحرية لن تتوقف لتبحث عن نفسها لأن الشعوب تبحث عن تلك العروس اما العريس فموجود في زاوية من زوايا الوطن الذي انتمى إليه عواتي ورفاقه الذي دفعوا المهر مقدما لأهل العروس وذهبوا الى الخلد الدنيوي عبر نضالات الأبناء والأحفاد، الذين ليس عليهم سوى تجاوز السؤال عن من سيظفر بالعروس، بل عن كنهها ….

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=18148

نشرت بواسطة في أكتوبر 21 2011 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010