ذكرى تحرير السجناء ربع قرن ومازالت حاضرة في الاذهان

الشهيد عبد القادر رمضان
الشهيدان سعيد صالح و حامد محمود

مرور ذكرى مضى عليها نصف قرن من الزمن ولا زالت حاضرة في الأذهان ملاحمها البطولية
يصادف [ 22 ] من شباط/ فبراير الجاري، الذكرى الخمسون لأكبر عملية فدائية تحريرية جريئة في تاريخنا الارتري الحديث:
إذ سجلت جبهة التحرير الارترية امجاد وبطولات عظيمة، سيظل يذكرها التاريخ على مر الأجيال، أن تلك العملية التي نفذتها جبهة التحرير الارترية في عمق العاصمة اسمرا مما لا شك فيه لقد ازعجت نظام الدرقِ بعد اطاحته بالامبراطور هيلي سلاسي، إذ خلقت فيه زعزعة كبيرة مشهودة في أوساط أجهزة الأمن وهو في مراحله الأولى بالإضافة إلى احراج دولي،
تم تنفيذ هذه العملية الجريئة بعد تخطيط جيد ودقه متناهية من قبل فرسان جيش التحرير الارتري البطل الذي صنع المعجزات في الساحة الارترية،
قام فدائيو الجبهة في مساء الثاني والعشرين من فبراير ( 1975 ) باقتحام اكبر السجون في كل من عدي خالاء واسمرا، وقد جاءت لحظة التنفيذ لتلك العملية بقيادة الفرسان الثالثة الذين لا تغيب ذكراهم العطرة عن وجدان الشعب الارتري،
وهم الشهداء الأشاوس عبدالقادر رمضان علي شيخ، وسعيد صالح محمد، وحامد محمود حامد، هؤلاء الذين ابدعوا في اقتحام السجنين المذكورين لتحرير جميع السجناء الإرتريين الذين زج بهم العدو في السجون خلال سنوات النصف الأول من الكفاح المسلح ( 1961 ) إلي تاريخ تحريرهم من السجون،
وعددهم يفوق الف معتقل من كافة الفئات العمرية ومن جميع التنظيمات الارترية والسواد الاعظم منهم مقاتلي جيش التحرير الارتري،
البعض منهم كان محكوماً عليهم بالسجن لمدى الحياة والبعض الاخر محكوم عليهم بسجون طويلة الأمد إلي ان تصل خمسة وعشرين عاماً،
وكانت هناك سجون انفرادية وجماعية وهذا طبعا،ً بدون وجه المقارنة بواقع المعتقلات الحالية في ظل حكم نظام هقدف الطاغية؟
تأتي هذه العملية لتؤكد مدى استعداد الشعب الارتري وثورته لمزيد من التضحيات من أجل تحقيق استرداد حقه المسلوب بالقوة مهما كلف الأمر وان هذه العملية اصابت دولة إثيوبيا بصدمة لم تكن تتوقعها في قلب المدن الكبرى وعلى وجه الخصوص في اسمرا ،
وقد سبقت عمليات قوية مماثلة هزت كيان دولة إثيوبيا التي كانت تدعي انها أقوي إمبراطورية وهكذا كانوا يعتقدونها جميع دول القارة السمراء !
ولكن بفضل الله إن الثورة الارترية اثبتت قوة ارادتها وعدالت قضيتها رغم إمكانياتها المتواضعة وإن العملية الاحترافية التي لا تشوبها أي قصور بل كانت في قمة النجاح من جميع النواحي و قد تم توجيه الهدف بكل إصرار وعزيمة والشجاعة أظهرت بوضوح ان الفدائيين الأبطال لا يستطيع احد إيقافهم اومنعهم باي شكل من الأشكال عندما يحددون هدفاً ما…

و ان الوقائع والمعطيات للعملية التي نفذها الرفاق في قلب العدو بعد إن تغلبوا على جميع أنواع العقبات وصولاً إلي قلب العاصمة اسمرا مثلت تحولاً كبيراً في الأداء عن جميع العمليات الثورة الارترية التي أبدى فيهآ الفدائيون نبل هدفهم وقد كانت هذه الواقعة حديث الساعة آنذاك ، ولكن للاسف لم تجد كما ينبغي إعلاماً محلياً أو دوليَاً يوظف انعكاسات هذه العملية وغيرها من الانتصارات البطولية التي غيرت ملامح عرش الإمبراطور هيلي سلاسي الكهنوتي و من بعده حكام الدرقِ الذين استعانوا بجميع دول المعسكر الشرقي وترسانة أسلحتها المتقدمة،
وكل هذا وذاك لم يفلح أمام صمود وتحدي الشعب الارتري الذي دفع أغلى ثمن من اجل الحرية والكرامة ومما يجب الإشارة إليه أن تنفيذ تلك العملية لم تكن من قبيل الصدفه كهجوم عفوي بل جاءت نتيجة تخطيط كانت تقف خلفه مقاومة وقوة فنية لأتقان الأداء ووضع دراسة ميدانية كاملة الجوانب وخٌطة مٌحكمة ومؤمنة بجميع البوابات المداخل منها والمخارج وذلك بتنسيق مع كافة المسؤولين والعاملين في بنايات السجون من البوليس وجنود الحراسات العامة المناوبين في تلك الليلة وجميع الذين تم تجنيدهم منذ فترة طويلة لهذا الغرض من قبل رجالات أمن الثورة المُختصين بتنفيذ العملية و إن هذه الخطوة التي تمت بارقي طريقة ذكية بدون استخدام إطلاقاً للنار واراقة للدماء لم نرى ولم نسمع لها مثيلاً في جميع عمليات حركات التحرر الأمر الذي أثير الدهشة لبعض الناس ممن لا يعرفون قدرات الثورة الارترية وقد دخل الفدائيون وهم متنكرين بزي شرطة السجون وقد شارك معهم العاملون في بوليس السجون المجندون الجُدد المناوبين، في نفس الليلة

وقد بدأوا الإجراء بنقل نزلاء السجون في غرف القريبة إلي تجاه الطريق تسهيلاً لتهريب السجناء عبرها بعد ان تم تجميعهم من زنازين الأنفرادية والمواقع المختلفة وكان المساجين لا يعلمون حتى اللحظات الأخيره من الخروج فكانوا يتسألون لماذا هذا التحرك وهذه الإجراءات يقول شاهد عيان عندما جمعونا في بعض الغرف وأخذوا معنا جميع مفارش السراير فوضعوها فوق بعضها البعض لصيقةً على حائط الغرف تحت النوافذ من الداخل والخارج للقفذ عندما تأتي الإشارة بالاتجاه المطلوب والمرسوم لنا والمؤمن للخروج على الشارع لمغادرة مدينة اسمرا إلي موقع تواجد القيادة المشرفه على العملية وذلك قبل ان يستيقظ العدو ويكتشف ما حدث له في تلك الليلة…..
ولم يستغرق وقتاً الانتقال بالسجناء إلي بر الأمان ثم التوجه بهم للحصول على خدمات صحية وعلاجية فترة النقاهة في الأراضي المحررة … وهكذا كانوا الأبطال ظلت ذكراهم./وستبقى خالدة في التاريخ …

بهذه المناسبة عندما طرقت باب الحديث عن هذه الذكرى استحضرني بيت شعر للقصيبي كلماتها تشبه بواقع حالنا
و العملية التي فقدنا ابطالها، رجال عُرفَ عنهم من الشجاعة والاقدام… يا له من الزمن هناك من يجهلون التاريخ والبعض يتجاهلون الحقائق …. وهنا مقطع القصيدة:
ياطارق الباب رفقاً حين تطرقه*
فإنهُ لم يُعدْ في الدار أصحابهُ*
تفرقوا في دروب الأرض فأنتثروا*
كأنهٌ لم يكن أنسُُ واحبابُ*
ارحم يديكَ فمأ في الدارِ من أحد*
لا ترج رداً فأهل الود قد رحلوا*
لترحم الدار لا توقظ مواجعها*
للدور روحُُ كما للناس ارواح *

أحمد هبتيس ملبورن استراليا …

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=47454

نشرت بواسطة في فبراير 22 2025 في صفحة التاريخية, المنبر الحر, مواقع تأريخية. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. يمكنك ترك رد او اقتفاء الردود بواسطة

رد على التعليق

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010