ذكري فقيد الجالية/ حسن أناتي
ملبورن ـ أحمد محمود علي
السبت 25 فبراير 2006
أقيم مساء اليوم حفلاً تأبينياً وذكري أربعينية لفقيد الجالية المرحوم/ حسن محمد أبراهيم أناتي بدعوة مشتركة من الجالية الاريترية وجامعة “ديكن” الذي كان يحضر فيها الراحل رسالة الدكتوراه، وقد أجمع المتحدثون علي الصفات الحميدة والسجايا الرفيعة التي تميز بها الراحل وأستخلصوا عبراً كثيرة من مشوراه في محراب العلم بالرغم من معاناته وآلآمه مع رحلة المرض اللعين، وعلي مدي ساعتين استمع الحضور علي جوانب مختلفة من حياته منذ أن غادر اريتريا في رحلة لجوء شاقة رست به في استراليا عام 1992م، كما شاهدوا له في لوحة عرض خاصة صوراً تذكارية مع أصدقائه وأقربائه في عدة بلدان ومع أساتذته وزملائه في مختلف مراحل تعليمه وعرضت صوراً أيضاً ليوم تخرجه من جامعة “ديكن” وأخري لوثائق وشهادات صادرة له.
وقد افتتح حفل التأبين الدكتور/ برهان أحمد رئيس الجالية متحدثاً عن انطباعاته حول الراحل ومعدداًً ماكان يتميز به وقال أن التأبين يأتي وفاءً لذكراه وعرفاناً لما كان ينوي تقديمه للجالية من خلال اختياره في أطروحة الدكتوراه موضوعاً متعلقاً بها، وأضاف أن الراحل كان مثالاً للطالب المجتهد والمتفوق وانه نموذجاً تفتخر به جاليتنا.
وبدرها وجهت أسرة الفقيد الشكر للجالية وللجامعة علي التأبين، وألقت بنت شقيقه/ مرام صالح أناتي كلمة نيابةً عن الأسرة قرأت فيها تلاوة من الذكر الحكيم وتوجهت الي الخالق الكريم بأن يتقبل الفقيد في واسع جنانه.
ثم توالي أصدقائه وأساتذته الاستراليين الذين عاشروه عن قرب في إعطاء شهادات رائعة عنه وتأسفوا علي رحيله المبكر، وتحدث البروفيسور/ باسكولا أسقرو المشرف علي رسالة الدكتوراه للمرحوم مركزاً بالخصوص علي الأطروحة ومنوهاً علي أهمية موضوعها وعلي الجهد الذي بذل فيها، وذكر كثيراً من قدرات الراحل وتميزه الأكاديمي.
كما أشاد السيد/ كيفن مورفين من إدارة الجامعة بالراحل وعن حبه للعلم وتحديه للمرض، وتوقف علي خاصية إعتماده علي نفسه بالرغم من مشاكله الصحية العديدة، واجري بينه وهو مواطن أسترالي، وبين الفقيد المهاجر الجديد، عدة مقارنات ليخرج بنتيجة لصالح المرحوم.
وأعترفت السيدة/ شيرون دنبر من قسم الخدمات الاجتماعية بأن المرحوم/ حسن أناتي كان حافزاً لها للعودة الي تكملة دراستها وذلك منذ عرفته في عام 1992م وعبرت عن عمق أسفها وحزنها علي فقدانه، وقالت انها تأثرت برحلة المشاق والصعاب الذي عاناها منذ مغادرته بلده، وتأسفت علي رحيله في وقت ـ قالت فيه ـ أن وطنه الأم لازال غير آمن للمواطنين.
وفي مقابلة اجرتها اذاعة “صوت اريتريا” بملبورن مع ثلاثة من الحضور وهم طارق حق ومعروف رحمن وشفيق بك، اجمعوا علي قدرة الراحل العالية في الاستيعاب وتحدثوا بفخر عن علاقتهم به، وقالوا انهم زاروه في العناية المركزة وأعجبوا بقوة ايمانه وذكروا كثير من المواقف النبيلة المشتركة بينهم وبين الراحل.
وتحدث السيدان/ تواني فاروكيو مستشار في خدمات “تقديم المواساة للمفجوعين” ودافيد ماكيو محاضر في جامعة “ديكن” وهو الذي وصي الجامعة بإعطاء منحة لإبتعاث الفقيد الي امريكا لتلقي مزيد من الدروس في الاقتصاد التعليمي، وقال المحاضر ان الفقيد كان طالباً مجتهدا وكنت أجده دائماً في الصفوف الأمامية وكانت تشدني قوة ملاحظاته واسئلته. في حين تحدث المستشار عن مشاعر الفقيد ورهافة حسه، وأضاف ان من المفارقات التي أتذكرها حين قام بمواساتي في فقدان احد أقربائي مستخدماً عبارات رفيعة أدهشتني وأنا المختص في مواساة الآخرين وتخفيف الآلآم عنهم.
كما عبر الدكتور/ صلاح جمع عن عزيمة الراحل واصراره في تلقي التعليم متمكناً من هزيمة الامراض والآلآم، وقد شكر أساتذته علي الشهادات الطيبة التي أدلوا بها، وقال لا شك اننا فخورين به ونتمني أن نزود مجتمعنا الجديد بنماذج مثله، ثم لفت أنظار الحضور الي ان المعاناة بدأت بمرافقة الفقيد منذ صباه حين تم إغتيال والده علي يد القوات الاثيوبية التي كانت تستعمر البلاد.
وفي نهاية الحفل أعطت الجالية الاريترية شهادة دكتوراه فخرية للمرحوم تسلمها شقيقه الاخ/ صالح اناتي من البروفيسور/ باسكولا أسقرو، وقرأت تلاوة من الذكر الحكيم علي روح الفقيد.
يذكر ان الراحل/ حسن محمد ابراهيم أناتي ـ الذي أنتقل الي رحمة الله في 13 ديسمبر الماضي بمدينة ملبورن ـ من مواليد مدينة مصوع في عام 1965 ودرس الابتدائة في مدينة نقفة والمتوسط والثانوي في مدينة بورتسودان واخذ دورات في اللغة الانكليزية وعلم الحاسوب بالقاهرة، وفي أستراليا تحصل علي البكالريوس في علم الاقتصاد التعليمي بتفوق عال، وقطع شوطاً بعيداً في رسالة الدكتوراه عن الهجرة في العالم مع التركيز علي اللجوء في القرن الأفريقي عامة وحالة الاريتريين خاصةً، وقد أفرد في الاطروحة باباً خاصاً لهجرة الجالية الاريترية في ملبورن، وكان من المتوقع مناقشة الرسالة في نوفمبر القادم ثم طباعتها وتوزيعها للدوائر الاسترالية الرسمية، وأشترك المرحوم في 16 يوليو الماضي في العشاء الخيري الذي أقامه موقع (عونا) لصالح الجمعية الطبية الاريترية وألقي كلمة جامعة عن اللاجئين الاريتريين منذ عام 1967م وقام بتوزيع استمارة مسح للجالية الاريترية تتضمن 79 سؤالاً متعلقاً برسالة الدكتوراه قائلاً بأن “تحليل الأجوبة علي لوائح الأسئلة التي بين أيديكم سوف يساهم في موضوع أطروحتي العلمية التي سوف أنهيها بتقديم بعض التوصيات التي قد تطبق من قبل واضعي السياسات الخاصة باللاجئين واستقرارهم وذلك علي أمل أن تتحسن امكانيات التوظيف وظروفه وكذلك الرفاه الشخصي والمساهمات الاقتصادية لللاجئين الاريتريين في ملبورن”.
وكان ـ يرحمه الله ـ يهدف من إفراد قسم خاص للجالية في أطروحته الي “فهم أشمل واوضح عن حاجاتها ومتطلباتها بغية تزويد السلطات الاسترالية التي تقوم باتخاذ القرارات ورسم السياسات المستقبلية”. وقد تأكد الآن بأن جامعة “ديكن” ستصدر دراسة حول الرسالة التي كان يعدها الراحل مع ذكر نبذة عن تفوقه واجتهاده وستعطي منها نسخة للجالية الاريترية، وستقوم بتوزيعها الي وسائل الاعلام والي الدوائر المهتمة.
رحم الله الاخ/ حسن محمد أبراهيم أناتي.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=8659
أحدث النعليقات