رحل القائد الذي كان يهابه افورقي
بسم الله الرحمن الرحيم
رحل عن دنيانا الفانية القائد والرمز وأحد أبطال التحرير الوطني الذي افنى حياته من أجل قضية وطنه العادلة ، كان احد اصغر القادة الأرتريين الذين التحق بالقائد عواتي وذلك منذوا نعومة أظفاره ، وصبِغَتْ الثورةُ في شرايينهِ ، وتشربتها نفسه الأبية ، وأصبحت همه الوحيد وحلمه المتجدد ، عاش لها وعاشت به ، عندما كنت ازوره في القاهرة كان يحدثني عن دور الطلاب ومكانتهم في النضال ، واعطاني كتيب صغير يحتوي على رؤية الجبهة لجكم ارتريا وطلب منى ابداء الراي حوله ، وكان يوصيني بأبنائه حتى اهتم بهم من الناحية الدينية رحمه الله رحمة واسعة .
تشرفت محافظة اغردات بمولده في منطقة ( شلاب ) في يوم 18/ مارس م 1944م ، ولد من اسرة متواضعة ، وكان والده ادريس محمد سليمان رجلا شهما كريما ، وقد ورث من بيئته الرجولة والشهامة . قد تلقي الغلام الصفير تعليمه بدءا من الخلوة ، وانتهائا بالدراسة في المعاهد الأزهرية وفي ريعان شبابه وتحديدا في شهر اكتوبر 1965 التحق بالثورة الأرترية ، وسرعان ما برز نجمه بين الثوار ، حيث ابدى شجاعة وحنكة اهلته ليكون قائد السرية الأولى وصاحب النفوذ الكبير في المنطقة الخامسة ، وتدرج بكل تأهيل الى ان تبوء منصب رئيس المكتب العسكري وعضواللجنة التنفيذية والمجلس الثوري ، وقد تم انتخابه رئيس جبهة التحرير الأرترية في المؤتمر الوطني الثالث ، والذي انعقد في ديسمبر 1982 ، ويعتبر أحد المؤتمرات الشائكة التي مرت على جبهة التحرير حيث انفض الأتباع وقل الأصحاب وجفت المصادر ، وتغيرت خريطة التحالفات ، وانتفش ريش افورقي وبدءت تطول يده الى كل زقاق، وعينه تراقب كل حركة ، ولم يتورع أن يوجه رشاش جواسيسه الى صدور الأحرار ، وكان للقائد عبد الله ادريس النصيب الوافر من الملاحقات ومحاولات القتل والخطف ، ولكن الرجل ظل صامدا امام كل تلك الأعاصير ، وحتى عندما تهافتت التنظيمات ركضا الى افورقي بعد التحرير صمد الرجل هو وأطياف الحركة الإسلامية من الخضوع لأفورقي الذي كان كل همه تمريغ انف الشرفاء في التراب ، والنيل منهم ومن تاريخهم ، وارجوا الا تنسي الأجيال الحاضرة بأن أفورقي قد الف قصصا ونسج حكايات وارغى وازبد وركب كل مركب لتشويه تاريخ الجبهة وعبد الله ادريس ( رحمه الله ) وكان عبد الله ادريس يشعر بالمرارة في حلقه لتصديق بعض الناس أباطيل افورقي وخزعبلاته .
مناقب القائد :
تميز رحمه الله بالتواضع ، والشجاعة ، والغيرة ، والكرم ، ويكفي ان أنقل لكم هذه الشهادة التى اوردها العم المناضل / محمد على ادريس ابو رجيلا ، وهي شهادة مهمة تنبئك عن معدن عبد الله ادريس رحمه الله ، وهذه الشهادة مهمة أيضا لأنها كانت في لحظات انكسار ويأس بل في لحظات فرار لكثير من قادة الثورة ، يقول ابو رجيلا رحمه الله سمعت بوجوده في منطقة ( القدين ) وعندما التقيا دار بينهما حديثا حول الوضع الحاصل آنذاك وكان هو رحمه الله منهمكا بإخفاء الأسلحة في المنطقة ، يقول ابو رجيلا : ( كان عبد الله ادريس وجهه في تلك اللحظة تبان عليه علامات الغضب والحنق وحاول أن يبدو طبيعياً إلا أنه لم يستطيع ، فالحدث كان كبيراً وقاسياً ويصعب تصديقه أو إحتماله أو بلعه ، شاركت معهم في المهمة وأخذ الاحتقان في الوجه وبطئ الحركة يزدادان عليه ، فقلت له عبد الله عليك أخذ قليل من الراحة بهذا الشكل لن نستطيع الاستمرار وضعك لا يعجني كما أرجو أن تغادر هذه المنطقة فالعدو حولنا وهو ليس بعيد عنا وقد تتسرب إليه معلومة عن وجودك وعندها سوف يركز كل قوته للبحث عنا وقتلنا أو أسرنا ، سيقلب هذه المنطقة عاليها سافلها والتضحية في هذه الوقت لا معنى لها ونحن سنكمل المهة ، ضحك بشيئ من اللامبالاة وقال لي عم محمدعلي ماذا بقى لنا نخشى عليه ؟ ولماذا نتمسك بالحياة أصلاً ؟ وياريت الشعبية تعرف بأمرنا وترانا وتقاتلنا وعندها فسوف لن تستلم الا جثث مذقها الرصاص ولن نستسلم مهما كان الثمن وهذه أغلى أمنية بالنسبة لي يا عم ، وإذا بقينا أحياء وخرجنا من هذا المأزق فبأي وجه سنقابل عوائل الشهداء ؟ بل وحتى مناضلينا بل وماذا سنقول لمواطنينا الذين دفعوا أرواح أبنائهم وأموالهم تعرضوا للمذابح والتشريد واللجوء قدموا كل شيئ وهم يرون كد سنوات نضالهم وشقائهم يتبخر هكذا بعد أن لاحت تباشير التحرير والانتصارات التي لمسوها لمس اليد ، يتبدد هكذا وماذا يقولون لأنفسهم ولأبنائهم وهم يرون ألوف المقاتلين منكسرين منهارين فاقدي المعنويات يزحفون بالألوف نحوالأراضي السودانية شباب لم يمسسهم شيئ وقادة منكسرين يهيمون على وجهوههم على هذه الأرض المفتوحة التي تعرفها ، لهذا يا عم محمد على ليس أمامنا إلا خيار الترتيب هذا لأيام قادمة إذا قدر الله لنا أن نحيا ، ليس أمامنا إلا متابعة النضال حتى نستعيد حقوقنا المشروعة وهي حقوق لن نحيد عنها مهما كان الثمن أوطال الطريق وهو حتما قاسي للغاية كما أتخيله بعد هذا التطور، لهذا علينا الترتيب مهما كان الثمن حتى لو أستشهدنا ونحن نحاول فهذا شرف عظيم وحلم نبيل أتمنى حدوثه الآن ، وعندها سأكون حيث يجب أن يكون من هو مثلي ومثلك ، سيعرف شعبنا في إرتريا عاجلاً أم آجلاً أي مصيبة حلت عليهم بحلول الشعبية ، أما نحن وما دمنا مؤمنين بصحة هدفنا فعلينا أن نؤدي واجبنا حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا نموت أو ننتصر).
الحلقة 24 المنشورة في موقع اومال .
لا اريد أن استطرد في الكتابة عن شخص لست اهلا للكتابة عنه ، ولكن اردت فقط ان اعزي رفاق دربه وأبنائه في جبهة التحرير الأرترية و شعبنا الأرتري وجميع المناضليين الأحرار في العالم ، وكما اعزي اسرته الصغيرة إبراهيم وحافظ وحاتم وحازم وحسام ومحمد وادريس وبناته وأخيه محمد ادريس محمد سليمان ولجميع افراد عائلته المناضلة الصابرة .
لقد رحلت عنا يا أبا إبراهيم في وقت كنا احوج ما نكون اليك ، وكم تمنيت لو دفنت اليوم في ثرى بلدك الذي افنيت حياتك من اجله ، ولكن عزاؤك أنك تركت جنودا على درب الحق سائرون ولمصلحة بلدهم عاملون .
أسال الله أن يتقبلك في الصالحين ويلحقك بالشهداء والنبيين .
محمد جمعة ابو الرشيد
30-04-2011
–
ملف خاص : رحيل القائد عبد الله ادريس
.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=13351
أحدث النعليقات