رحيق المنابر ( 17 )
بسم الله الرحمن الرحيم
13- 08-2010
رحيق المنابر
((( 17 )))
إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَنْ يهده الله فلا مضلَّ له، ومَنْ يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةَ تحقيقٍ وإخلاصٍ، تُنجي برحمة الله من عذاب النار، وأشهد أن سيدنا ونبيَّنا محمدًا عبد الله ورسوله، جاء بالحنيفية السمحة؛ فرفع الأغلال والآصار. صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه وعلى آله الطيبين الأطهار، وأصحابه نجوم الإيمان، والتابعين ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا ما تعاقب الصيام والإفطار.
خطبتنا اليوم حول إحياء القيم الإسلامية :
والقيم هي المفردات التي نتداولها في بيوتنا وشوارعنا وكل مجالسنا ، مثل الشهامة ، والكرم ، والإحسان ، والصدق ، والوفاء ، والتسامح ، والتعاون ، ونحن في حاجة ماسة الى تحويل هذه المفردات المحببة للنفوس الى سلوكيات تظهر في عواطفنا ومشاعرنا وإراداتنا وتصرفاتنا واعمالنا، وقد رسَخ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه المفردات على نفوس أصحابه حتي اصبحت هيئات واعمال وسلوكيات يتعامل بها الصحابة فيما بينهم وبين غيرهم من الملل والنحل ، ولذلك اصبح ذلك المجتمع مجتمعا نورانيا ربانيا صغارهم قبل كبارهم وعامتهم قبل علمائهم ، لم يكونوا يقرؤون القرآن للتثقيف والتسلية ، ولكن للتنفيذ والتخلية، ولذلك كانوا يأخذون الآيات البسيطة ولا يتجاوزونها حتي يحفظونها ثم يعملون بها ، فقد كان التاجر المسلم يجوب البلدان بتجارته يبيع ويشتري ، ويعامل الناس بسلوك الإسلام، فيقبل الناس على اسلام ذلك التاجر حبا واعجابا، ورغبة وانجذابا.
نموذج يهز القلوب :
قيل في زمن سيدنا عمر بن الخطاب جاء ثلاثة شبان برجل قد قتل اباهم ، وطلبوا من امير المؤمنين اقامة الحد عليه ، فقال له عمر – رضي الله عنه – لم قتلته ؟ فقال اني راعي ابل وقد اكل جملي من ارض ابيهم فرماه ابوهم بحجر فقتله ، فرميته بنفس الحجر فمات ، فقال عمر: إذن تقتل ، قال يا أمير المؤمنين : امهلني ثلاثا فقد مات ابي وترك لي كنزا و اخ صغير ، فإن قتلتني الآن ضاع أخي وكنزي ، فقال عمر : ومن يضمنك ؟ فالتفت الى الناس وقد اطرق الجميع ، فقال ابو ذر : انا اضمنه يا امير المؤمنين ، فقال عمر : وما يدريك أنه يعود ؟ والله ان لم يعد اقمت عليك الحد ، فقال: انا ضمنته يا امير المؤمنين ، مضي الرجل الى اهله ومضت الثلاثة ايام ، فقال عمر: علي بأبي ذر اقيم عليه الحد ، فتضايق الناس وقالوا: مالذي حملك على هذا يا اباذر وانت لا تعرفه؟ فقال ضمنته حتى لا يقال ضاعت المروءة بين الناس !
فإذا بالرجل يصل مسرعا، فيتعجب سيدنا عمر ويقول له : كنت حرا طليقا في الصحراء ما الذي جاء بك ؟ فقال يا أمير المؤمنين: جئت حتي لا يقال ضاع الوفاء بين الناس! فقال أبناء القتيل : نحن أيضا عفونا عنه يا امير المؤمنين! فقال عمر : وما حملكم على العفوا ؟ فقالوا: حتي لا يقال ضاع العفو بين الناس !
أخي المؤمن احيي ولو قيمة واحدة تعرف بيها بين الناس :
انت ادري الناس بنفسك وربك ادري بك من نفسك ، فكل واحد منا يعرف الخلل الذي في نفسه، والذنوب التي ينوء بها كاهله ، ومساوئ الأخلاق التي تلطخ جماله ، وقد هيئ الله لنا هذا الموسم المبارك لنعالج فيه امراضنا ونشفي فيه نفوسنا .
اخي المؤمن لا تتوقع ولا تنتظر طبيبا يمكن أن يعالج لك امراض قلبك افضل من شهر الدواء والشفاء، و شهر القرآن والنور والضياء.
هل انت مصاب بعوارض الحساد ؟ عليك برمضان
هل انت مصاب بعوارض الحقد والبغضاء ؟ عليك برمضان
هل انت مصاب بعوارض النظر عما لايحل لك؟ عليك برمضان
هل انت مصاب بعوارض الغيبة والنميمة ؟ عليك برمضان
هل ؟ وهل ؟ وهل ؟ انه الدكتور رمضان ، عنده بإذن الله قارورة الشفاء.
الصديق همة تناطح الثريا:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( من أصبح اليوم منكم صائما ؟ قال أبو بكر أنا قال من تبع منكم اليوم جنازة قال أبو بكر أنا قال من أطعم اليوم منكم مسكينا قال أبو بكر أنا قال من عاد منكم اليوم مريضا قال أبو بكر: أنا فقال صلى الله عليه وسلم ( ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة) .
انا دعوت اخواني لإحياء قيمة واحدة او اثنتان خلال هذا الشهر ، ولكن انظر الى همة الصديق في يوم واحد صيام تطوع ، واتباع جنازة ، واطعام مسكين ، وعيادة المريض!!!!
بل الأعجب من هذا عندما قال النبي –عليه الصلاة والسلام – {إن للجنة أبواباً ثمانية فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الصيام، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد.. – إلى آخر تلك الأبواب- فيقول أبو بكر : يا رسول الله! هل يدعى أحد من أبواب الجنة الثمانية؟
ادعوك اخي المؤمن الى التأمل والتدبر في هذه المواقف ، ولا تطيل بل انهض وقم كقومة الصديق قاصدا الجنة ومتشوقا للقاء الرحمن ، جمعني الله واياكم في رياض الجنة
اخوكم / محمد جمعة ابو الرشيد .
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=8092
أحدث النعليقات