رحيل أحد الرموز الوطنية والقيادات الاسلامية بأفريقيا – الرجل الامة حامد صالح تركي
إبراهيم صالح
قال تعالى (إنا لله وانا اليه راجعون ) الآية .
تملأ القلب اطمئنانا والنفس قوة وعزيمة برغم الخطب الجلل والفقد الكبير للساحة السياسية الإرتيرية والعربية والافريقية والاسلامية لرجل عرفته كل هذه السوح المحلية والاقليمية بعطائه الكبير وجهاده الذي ما عرف التوقف او الاستراحة في سبيل إعادة الحق الى اهله ووضع الامور على نصابها .
رحل الرجل الذي كتب بأوضح العبارات بان القضية الإرتيرية سرقت وان الطريق الى الحرية والانعتاق لا زال طويلا وان الارض التي دفعت دونها الدماء قد تحررت لكن لازالت الحرية لإنسانها تحتاج الى المزيد من العطاء والتضحيات والفداء .
هكذا ظل ينادي الشهيد الشيخ حامد صالح تركي الذي انتقل الى جوار ربه مساء أمس الاربعاء 8-10-2014 بعد أكثر من سبعين عاما ظل فيها متقدا ينادي بالحق ويتصدى للباطل بالحكمة والموعظة الحسنة ألا رحمك الله ايها الشيخ الذي علمنا بان السير في طريق القضايا طويل وان السلاح الاقوى لهذا الهدف النبيل لا يتأتى الا بالأيمان بالقضية والصبر على مرارات التجربة .
الشهيد الشيخ ابو ماجد احد رموز النضال الوطني الإرتيري ومؤسسي العمل الاسلامي بأفريقيا في اطار الفكر الاسلامي الحديث المبني على التربية للقيم الاسلامية الفاضلة التي تحفظ كل الحقوق لكل المجتمعات والشرائح وفق الشمولية والوسطية التي تعتبر احدى اهم ركائز العمل الاسلامي من اجل اسعاد البشرية . نعم انتقل هذا الرمز بعد عطاء كبير لا تسعه مساحات الكتابة بل لا تفيه حقه منذ ان بشرت اسرته في شمال قندع باقليم سمهر الإرتيري بميلاد طفل سيكون له في ارض الصدق ومأوى الهجرتين شأن كبير. وقد كان لتبدا حياته المتميزة بكل تفاصيلها الدقيقة حياة رجل اختاره الله بان يكون في طريق الحق وفيا مخلصا صادقا انتظرته الساحة الإرتيرية وقتها بجبهة التحرير الإرتيرية لينضم الى ركب الثورة والنضال من أجل قضايا امته ولم نقل اهله لأنه كان رجل من اجل الجميع وطنا وشعبا .
وتدرج في دراسته لأنه كان يؤمن بان العلم هو أمضى سلاح لتحرير الارض والانسان حيث بدأ تعليمه بإريتريا فالسودان ثم الازهر الشريف بمصر ليلتحق بعدها بالعراق في كلية الحقوق هكذا كانت خياراته حتى في التعليم عرف كيف يختار المجال المناسب مع قضايا الوطن وبرز خلال تلك الفترة رمزا طلابيا في اتحاد طلبة اريتريا بالقاهرة وبقداد لينتقل بعدها الى الميدان حتى تاريخ اعتقاله في 1978الى 1981 م بتهمة العمل بإنشاء خلايا سرية للعمل الاسلامي داخل الجبهة (المجلس الثوري ) . ليتم الافراج عنه من قبل الجبهة الشعبية التي كانت تعمل وقتها في تصفية جبهة التحرير الإرتيرية ليخرج بعدها أقوى عزيمة وأكثر اصرارا نحو غايته من أجل تحرير الارض والانسان الإرتيري ونجح في تكوين منظمة الرواد المسلمين مع اخرين .
وظل يعمل في هذا الاتجاه حتي تكوين حركة الجهاد الاسلامي الإرتيري ثم الخلاص وحتى الحزب الاسلامي للعدالة والتنمية الذي تقلد به عدد من المناصب .
وكان أكثر ما يميز الشهيد حامد تركي الصدق والاخلاص للعمل . والصبر والثبات امام التحديات . والحكمة والموضوعية في الطرح . والجرأة والاقدام في الرأي دون أقصاء للأخر بل كان يحمل الحب لمن يناظره الراي كل هذه الصفات تدثر بها الشيخ تركي من خلال عمله السياسي نحو تغير المفاهيم وتصحيح حركة العمل السياسي لتحرير الانسان الإرتيري .
كتب الكثير من المقالات والرسائل التي تدعو الى الوحدة والعمل الموحد بشفافية وموضوعية وكان يقول بكل ادب وتواضع لرجل صقلته التجارب وكسته الحكمة (بان ما يكتبه هي ملاحظات عابرة علينا ان نتقبلها في اطار الشفافية والوضوح فيما بيننا وما يهمنا هو التأكيد على اهمية الادوار النضالية للجميع ومع كل الوان طيفها السياسي والفكري وضرورة تنافسها وتفاعلها وتعايشها بشرف وبغير القبول بهذا الفهم لن نستطيع اقامة ديمقراطية حقيقية وبالتالي لن تنعم اريتريا بسلام حقيقي)
. انها كلماته التي اوردها في معرض حديثه لمكونات الحوار الوطني الإرتيري اليس هذا بفقد كبير ولكن يظل عزائنا بان الفكرة لا تذهب مع صاحبها وانما تبقى نبراسا للأجيال ومعالم في الطريق ستظل بقوتها وصدقها الارث الاقوى والمنطلق الاوضح في طريق النصر بإذن الله .
وكان في ما قاله في ذلك اللقاء أن ملتقى الحوار الوطني لكي ينجح ويرى النور وتكون له ثمرة في حياة الشعب الإرتيري لابد له من ان ينطلق من فهم واقع الشعب الإرتيري وقيامه على دعامتين (الهوية الثنائية ) والاعتراف الكامل بكل مستحقاتها الحقوقية والوطنية على كافة الاصعدة والمستويات في مرافق الدولة والحياة العامة وانشطتها المتنوعة .
بهذه الروح الوثابة والنفس الزكية للعمل من اجل احلال السلام وانزال الديمقراطية بمعانيها الصحيحة في ارتيريا خاطب الجميع بمختلف افكارهم واتجاهاتهم السياسية يتوق لوطن يسع الجميع ويتساوى فيه ابنائه في الحقوق والواجبات .
وقال يومها الشيخ حامد تركي الذي جاء يحمل روح الابوة للشباب في ذلك الملتقى والاخوة الصادقة للكبار ينبغي ان نأخذ في الاعتبار ان الاسلام والمسيحية واللغة والثقافة العربية واللغة والثقافة التجرينية هما اقرب للتعايش الايجابي اكثر من أي اطروحات وتنظيرات تحلق بعيدا عن (الهوية الثنائية ) للشعب الإرتيري ويتفرع عن ذلك اعتبار اريتريا دولة عربية افريقية باعتبار ان العروبة انتماء قديم وحديث للمسلمين والمسيحيين واعتبار الافريقية انتماء جغرافي للجميع الى جانب تفاعلات حركة التاريخ للشعب الارتيري في المصاهرات والانصهار مع الاصول الحامية والافريقية.
هكذا ظل ينادي ويطالب ويناشد الجهات والقيادات بالعمل السياسي الأريتيري ويدعو وينصح الشباب بالعمل وفق العلم والمعرفة ومتابعة حركة التاريخ بوعي وادراك يعين على دراسة الواقع واستخراج واستنتاج المعاني والقيم التي تسهم في حركة التغير المرجوة بالمنطلقات والقيم الحضارية للعيش معا بسلام ووئام وهو ما كان يطلق عليه بفهم الواقع للشعب الارتيري . ألا رحم الله الشيخ حامد صالح تركي رحمة واسعة وتقبله مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيق .
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=31672
رحمه الله رحمة واسعة