رحيل احد رموز الحركة الوطنية الإرتيرية
بقلم محمد طه توكل
أنتقل يوم أمس الاثنين؛ احد رموز الحركة الوطنية الإرتيرية وروادها وأحد مؤسسي حركة التحرير الإرتيرية وقوات التحرير الشعبية بالسودان الا وهو المناضل يسن محمد صالح عمر عقدة الذي وافته المنية بالسعودية بعيدا عن وطنه الذي افنى له زهرة شبابه ورغم ذلك لم يجد شبرا يدفن فيه كغيره من الرموز الوطنية التي دفنت خارج الوطن .
أنه الرمز ” ياسين عقدة ” من مواليد منطقة ( زولا ) عام ١٩٣٣م ودرس الاولية بحرقيقيو وفي ريعان شبابه انتقل الى اسمرا وترعرع فيها مع والده رجل الاعمال المشهور باسمرا والذي استقر به المقام هناك بعد ان تزوج من الساحل ورزق بالراحل ” ياسين ” وأيضاً تزوج باخري من سراي .
وكان والد يسين محمد صالح من رواد العمل السياسي الوطني الإرتيري وتأثر ” ياسين ” بهذا الجو السياسي الذي نشأ فيه حتى انخرط في العمل السياسي مبكرا حيث كان احد مؤسسي ( حركة تحرير اريتريا عام ١٩٥٩م ببورتسودان مع رفقائه ” محمود اسماعيل ” و “محمد برهان ” و ” محمد سعيد ناود ” .. ثم عاد مع زميله المناضل صالح احمد إياي ( رحمه الله ) الى ارض الوطن وكون اول فرع لحركة تحرير اريتريا باسمرا . و قبض عليه في اسمرا وتعرض لأبشع انواع التعذيب من قبل ( الأمن الثيوبي ) ولكنه مع ذلك صمد في وجه المحن وسياط الجلادين ! ثم افرج عنه ولكن وضع تحت المراقبة ! ومع ذلك تمكن من تكوين الخلايا السرية ، بهيكل قيادي كان يرأسه بنفسه ، وتمددت هذه الخلايا بسرعة البرق وسط الشباب الإرتيري في جميع الأقاليم.
وفي ١٩٦٢م تمكن من الإفلات والخروج من اريتريا عبر قندع وذلك اثر محاولة لإلقاء القبض عليه من قبل عصابات ( هيلي سلاسي ) حيث عاد الى السودان وواصل نشاطه … ولم ينج في المهجر من المضايقات الكثيرة من عدد من الجهات. وفي مطلع الستينيات وفي اطار العلاقات التي تمت بين اثيوبيا والسودان في عهد عبود كان ياسين ضمن المطلوبين الذين تم تسليمهم الى النظام في اثيوبيا الا انه افلت بأعجوبة من خلال علاقاته الممتدة في بورتسودان ولم يتم العثور عليه رقم انه كان ضمن القائمة المطلوبة .
وبعد التحرير استقر في ( جدة ) بالمملكة العربية السعودية حتى تاريخ وفاته أمس الاثنين الموافق 11 مايو الجاري .
ولد الراحل في اسرة عاشت في المدنية بأعلى مستوياتها وظلت مضيافة تستقبل كل ابنائها القادمين من المدن الاخرى الى اسمرا اسرة عرفت بالكرم واستضافة كل قادم اليها وكان الفقيد يمثل صورة حقيقية للأسرة كرما وحبا للأخرين عرف بحبه وكرمه لكل قادم اليه وطالب مساعدته حاملا هموم الوطن ، وكان ابا كريما محبا لجميع ابناء وطنه ، ساعيا لخدمتهم وإرشادهم وتوجيههم ، وظل يحدث الأجيال على الارتباط بالوطن والعمل له وعدم الذوبان في المجتمعات الاخرى كان رمزا وطنيا انتمى الى حركة التحرير الإرتيرية ومنها الى قوات التحرير الشعبية . ورغم انتمائه لهذا التنظيم ظل يقدم للأخرين كل ما باستطاعته من خدمة دون من أو اذى .
اتحدث عن الراحل لمعرفتي وارتباطي به فهو رجل متسامح وبشوش ومحب للجميع تحرر ياسين من عصبية الجهوية التي وقع فيها الكثيرين من جيله وربما يرجع السبب لتكوينه حيث بدأ حياته بحرقيقو ووامه من الساحل عاش باسمرا وتزوج من احدى اقارب زوجة ابيه من سرايي في حماسين ورزق منها بثلاثة بنات وولد . وهذا الارتباط المتنوع والمتعدد جعل منه رجلا متحررا من عصبية القبيلة والمكان .
ومن مواقفه الجميلة والتي تؤكد على أحاسنه للأخرين دون أي انتماءات تنظيمية موقفه مع الاخ صالح جوهر ” حيث طلب من الراحل خدمة استخراج جواز لانه وجد فيزا للكويت ووافق على ذلك ولما وجد الفرصة اقدم على الاجراء دون الرجوع اليه واستخرج له جواز سفر باسم ” صالح قاضي ” وكان الراحل وقتها لايعرف اسم والد صالح جوهر . ومن يومها لأكثر من 40 عاما اصبح صالح مشهورا بصالح قاضي وهذا يدل على بساطة الرجل الذي كان يحمل قيم ومثل نضالات الثورة الإرترية.والغريب في الامر ان ” ياسين عقدة ” من قوات التحرير الشعبية بينما ” صالح قاضي ” من جبهة التحرير الإريترية الا ان ذلك لم يؤثر في ان يقدم الراحل خدم لأخيه من التنظيم المناوي برغم العداء المعروف بين التنظيمين في ذلك الوقت .
وبهذا نودع واحدا من جيل العمالقة والثورة والنضال وبكل اسف يدفن خارج وطنه الذي احبه وقدم له الغالي والنفيس والكثيرون من المناضلين افنوا زهرة حياتهم من اجل الوطن ولم يجدوا فيه متسعا لقبر بسبب الطغيان الجاسم على صدره
رحم الله المناضل “يسين محمد صالح “.. واسال الله ان يتقبله ويجعل مثواه الجنة بقدر ما اعطى وقدم لوطنه وشعبه ونتقدم بالتعازي الحارة لأسرته ومحبيه وجميع ابناء الوطن .
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=34495
فعلا كان العم ياسين رجلا بقامة وطن وكم هو مؤسف ان لا يجدو هؤلاء الابطال شبرا يدفنون فيها بينما
ابناء الجواسيس والعملاء يحكمون البلد حقيقة مرة يجب ان نتاملها مليا والا سوف لن تكون لن قائمة علينا
ان تستدرك وان نكون كما كان اسلفنا ابطال لا يهبون العدو واخوان متحابين فيما بينهم الا رحم الله المناضل
المؤسس ياسين عقده وتقبله مع الشهداء والصديقين وحسن اولئك رفيقا.